الفصل السبعون [أ١] (١) انصرف يسوع من أورشليم بعد الفصح، ودخل حدود قيصرية فيلبس [١] . (٢) فسأل تلاميذه بعد أن أنذره الملاك جبريل بالشغب الذي نجم بين العامة، قائلاً: (ماذا يقول الناس عني؟) . (٣) أجابوا: (يقول البعض: إنك إيليا، وآخرون إرميا، وآخرون أحد الأنبياء) . (٤) أجاب يسوع: (وما قولكم أنتم في؟) . (٥) أجاب بطرس: (إنك المسيح ابن الله) . (٦) فغضب حينئذ يسوع، وانتهره بغضب، قائلاً: (اذهب وانصرف عني [٢] لأنك أنت الشيطان، وتحاول أن تسيء إلي) . (٧) ثم هدد الأحد عشر قائلاً: (ويل لكم إذا صدقتم هذا؛ لأني ظفرت بلعنة كبيرة من الله على كل من يصدق هذا) . (٨) وأراد أن يطرد بطرس. (٩) فتضرع حينئذ الأحد عشر إلى يسوع لأجله، فلم يطرده. (١٠) ولكنه انتهره أيضًا قائلاً: (حذار أن تقول مثل هذا الكلام مرة أخرى؛ لأن الله يلعنك) . (١١) فبكى بطرس وقال: (يا سيد، تكلمت بغباوة فاضرع إلى الله أن يغفر لي) . (١٢) ثم قال يسوع: (إذا كان إلهنا لم يرد أن يظهر نفسه لموسى عبده، ولا لإيليا الذي أحبه كثيرًا، ولا لنبي ما، أتظنون أن الله يظهر نفسه لهذا الجيل الفاقد الإيمان؟ (١٣) بل، ألا تعلمون أن الله قد خلق بكلمة [أ٢] واحدة كل شيء من العدم، وأن منشأ البشر جميعهم من كتلة طين؟ . (١٤) فكيف إذًا يكون الله شبيهًا بالإنسان؟ (١٥) ويل للذين يدعون الشيطان يخدعهم) . (١٦) ولما قال يسوع هذا ضرع إلى الله لأجل بطرس، والأحد عشر وبطرس يبكون ويقولون: (ليكن كذلك، أيها الرب المبارك إلهنا [ب١] ) . (١٧) وانصرف يسوع بعد هذا، وذهب إلى الجليل إخمادًا لهذا الرأي الباطل الذي ابتدأ أن يعلق بالعامة في شأنه. *** الفصل الحادي والسبعون [ت١] (١) ولما بلغ يسوع بلاده [٣] ذاع في جهة الجليل كلها أن يسوع النبي قد جاء إلى الناصرة [٣أ] . (٢) فتفقدوا عندئذ المرضى بجد، وأحضروهم إليه متوسلين إليه أن يلمسهم بيديه [٣ب] . (٣) وكان الجمع غفيرًا جدًّا حتى أن غنيًّا مصابًا بالشلل لما لم يمكن إدخاله في الباب، حُمِل إلى سطح البيت الذي كان فيه يسوع، وأمر القوم برفع السقف ودلي على ملاء أمام يسوع. (٤) فتردد يسوع دقيقة ثم قال: (لا تخف أيها الأخ؛ لأن خطاياك قد غفرت لك) . (٥) فاستاء كل أحد لسماع هذا وقالوا: (من هذا الذي يغفر الخطايا) . (٦) فقال حينئذ يسوع: (لعمر الله، إني لست بقادر على غفران الخطايا ولا أحد آخر. ولكن الله وحده يغفر [أ٣] . (٧) ولكن كخادم لله، أقدر أن أتوسل إليه لأجل خطايا الآخرين. (٨) لهذا توسلت إليه لأجل هذا المريض، وإني موقن بأن الله قد استجاب دعائي. (٩) ولكي تعلموا الحق، أقول لهذا الإنسان: (باسم إله [ب٢] آبائنا إبراهيم وأبنائه قم مُعافى) . (١٠) ولما قال يسوع هذا قام المريض معافى، ومجَّد الله. (١١) حينئذ توسل العامة إلى يسوع ليتوسل إلى الله لأجل المرضى الذين كانوا خارجًا. (١٢) فخرج حينئذ يسوع إليهم ثم رفع يديه، وقال: (١٣) (يا أيها الرب إله الجنود، الإله الحي، الإله الحقيقي، الإلة القدوس الذي لا يموت [ت٢] ألا فارحمهم. (١٤) فأجاب كل أحد (آمين) . (١٥) وبعد أن قيل هذا وضع يسوع يديه على المرضى، فنالوا جميعهم صحتهم. (١٦) فحينئذ مجدوا الله قائلين: (لقد افتقدنا الله بنبيه، فإن الله أرسل لنا نبيًّا عظيمًا) . *** الفصل الثاني والسبعون [أ٤] (١) وفي الليل تكلم يسوع سرًّا مع تلاميذه قائلاً: (٢) الحق أقول لكم، إن الشيطان يريد أن يغربلكم كالحنطة [٤] . (٣) ولكني توسلت إلى الله لأجلكم، فلا يهلك منكم إلا الذي يلقي الحبائل لي. (٤) وهو إنما قال هذا عن يهوذا؛ لأن الملاك جبريل قال له كيف كانت ليهوذا يد مع الكهنة، وأخبرهم بكل ما تكلم به يسوع. (٥) فاقترب الذي يكتب هذا إلى يسوع بدموع قائلاً: (يا معلم قل لي، من هو الذي يسلمك؟) . (٦) فأجاب يسوع، قائلاً: (يا برنابا، ليست هذه الساعة هي التي تعرفه فيها. ولكن يعلن الشرير نفسه قريبًا؛ لأني سأنصرف عن العالم) . (٧) فبكى حينئذ الرسل قائلين: (يا معلم، لماذا تتركنا؟ لأن الأحرى بنا أن نموت من أن تتركنا) . (٨) أجاب يسوع: (لا تضطرب قلوبكم ولا تخافوا) [٥] . (٩) لأني لست أنا الذي خلقكم، بل الله الذي خلقكم يحميكم [ب٣] . (١٠) أما من خصوصي؛ فإني قد أتيت لأهيئ الطريق لرسول الله [ت٣] الذي سيأتي بخلاص للعالم. (١١) ولكن احذروا أن تُغشوا؛ لأنه سيأتي أنبياء كذبة [٦] كثيرون، يأخذون كلامي وينجسون إنجيلي. (١٢) حينئذ قال اندراوس: (يا معلم اذكر لنا علامة لنعرفه) . (١٣) أجاب يسوع: (إنه لا يأتي في زمنكم، بل يأتي بعدكم بعدة سنين، حينما يبطل، ولا يكاد يوجد ثلاثون مؤمنًا. (١٤) في ذلك الوقت يرحم الله العالم فيرسل [أ٥] رسوله الذي تستقر على رأسه غمامة بيضاء، يعرفه أحد مختاري الله وهو سيظهره للعالم. (١٥) وسيأتي بقوة عظيمة على الفجار، ويبيد عبادة الأصنام من العالم. ... (١٦) وإني أسر بذلك؛ لأنه بواسطته سيعلن ويمجد الله، ويظهر صدقي. (١٧) وسينتقم من الذين سيقولون أني أكبر من إنسان. (١٨) الحق أقول لكم: إن القمر سيعطيه رقادًا في صباه، ومتى كبر هو أخذه [٧] بكفيه. (١٩) فليحذر العالم أن ينبذه لأنه سيفتك بعبدة الأصنام. (٢٠) فإن موسى عبد الله [ب٤] قتل أكثر من ذلك كثيرًا، ولم يبق يوشع على المدن التي أحرقوها، وقتلوا الأطفال. (٢١) لأن القرحة المزمنة يستعمل لها الكي. (٢٢) وسيجيء بحقٍّ أجلى من سائر الأنبياء، وسيوبخ من لا يحسن السلوك في العالم. (٢٣) وستحيي طربًا أبراج مدينة آبائنا بعضها بعضًا. (٢٤) فمتى شوهد سقوط عبادة الأصنام إلى الأرض، واعترف بأني بشر كسائر البشر، فالحق أقول لكم: إن نبي الله [ب] حينئذ يأتي. (المنار) وفي موضع آخر من هذا الإنجيل، بيان سبب تسمية سيدنا عيسى إلهًا وابن الله وهو أن الرومانيين الذين كانوا يحكمون اليهود يومئذ، رأوا آياته عليه السلام في إبراء البرص وغيرهم من المرضى، فقالوا: هذا إله إسرائيل قد افتقد شعبه، كعادتهم في إطلاق اسم الإله على كثير من المخلوقات ... إلخ. ((يتبع بمقال تالٍ))