للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد إنشاء الله


مدافعة صاحب جريدة (وطن) عن نفسه

حضرة العلامة الحكيم السيد محمد رشيد رضا أدام الله فضلكم، ونفعنا بعلومكم
آمين.
أما بعد السلام والاحترام: أثني عليكم ثناء جميلاً؛ لحسن ظنكم بهذا العاجز
ومعاناة الرد على شبهاتي العديدة بالحسنى، ودفع التهم الموجهة إليّ من جرائد
الآستانة الآخذة بالظن والغير المبالية بالحقائق، وأشكر فضلكم.
إن أقوال جريدة (يني غزته) وغيرها في اتهامي بالطمع بإحراز المال
والجاه، وتوقع الإنعامات الحميدة؛ لا أجد حاجة لتفنيدها، وكل من يرجع إلى
وجدانه الصحيح يرى بطلانها عيانًا؛ لأن الدولة التي أجدها محتاجة لإعانة المسلمين،
وكنت أجتهد جهد طاقتي في جمع الإعانات المالية لهاحينًا بعد آخر، وآخذ من أهل
البر من المسلمين من بضعة أعشار القرش إلى القرش فصاعدًا وأحفظها عندي،
ومتى اجتمع مبلغ من المال أرسله إلى الآستانة، لا يعقل إنسان أني كنت أؤمل من
مثل تلك الدولة منفعة مالية؛ لأن ذلك الأمل يجب أن يكون من الغني لا من المعوز!
وعدا ذلك فإني لو كنت أنوي الفوز بالوسامات والأنماط من الدولة العلية، وكاتبت
بهذا الأمر رجال المابين، لما كنت أجد جسارة في ذم القابضين على زمام الاقتدار
فيه ورجاله المشهورين مثل عزت أفندي العابد وغيرهم، ومدح الحكومة
الدستورية في تأليفي (تاريخ السكة الحجازية) ?
والحاصل أني لم أكتب قط إلى المابين كتابًا، أنَّى لمثلي أن يكاتبه ويجد منه
أذنًا صاغية، ويتشرف بالرد الجميل منه. اللهم إني كتبت مرة إلى سعادة السيد
مصطفى ذهني باشا ناظر النافعة الأسبق؛ لكونه مشرفًا على إدارة السكة الشريفة
حوالي موعد الاحتفال بافتتاح السكة الكريمة إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم؛
بأسماء بضعة من أكابر الملة الإسلامية وأصحاب الجرائد؛ لدعوتهم إلى حضور
الاحتفال رسميًّا ودعوة رجل أو رجلين من صحافيِّي الإنكليز أيضًا لذلك الغرض،
ولا أذكر الآن؛ هل كان اسمي أيضًا في تلك القائمة أم لا؟ وكان ذلك الكتاب
كمشورة نافعة لجمع الإعانات للسكة الحجازية من مسلمي الهند وغيرها من الأقطار
الإسلامية؛ لأن الكبراء والصحافيين الذين يدعون إلى الاحتفال ويشتركون فيه، لا
شك في أنهم يصيرون بعد العودة من الاحتفال ساعين في بني قومهم بترغيبهم
وحثهم على إعانة ذلك المشروع الإسلامي العظيم، وتستفيد الدولة بحصول حبهم
الخالص أيضًا، ولا أظن أنكم ترون في مشورتي هذه غير الإخلاص والحب
الصادق لدولة إسلامية عظيمة، وكثيرًا ما كنت أقترح على سعادة الباشا الممدوح ما
أراه مفيدًا من أسباب توفير الإعانة والإصلاحات الضرورية لهذه السكة المباركة.
وأما أمر الوسام والنيشانات، فأكرر قولي في ذلك الباب كما قلت لكم قبلاً
بأني لم أؤمل قط حصولها، بل لما أرسل إليّ سعادة مصطفى ذهني باشا النيشان
العثماني من الطبقة الرابعة، كتبت إلى سعادته (لو كنتم أخذتم رأيي في ذلك الباب
قبل إرسال النيشان، فلم أكن أقبله. وأما الآن وقد أرسلتموه إلي فأرى رده من سوء
الأدب) .
وأرجو من كرمكم نشر كتابي هذا في (المنار) الأغر وإلفات رصيفاتنا الجرائد
التركية وبالأخص جريدة (يني غزته) إلى نشر كتابي الذي وجد في المابين،
والذي بنت هذه الجريدة قولها عليه بنصه مع الترجمة باللغة التركية؛ لينصف العالم
هل أنها صادقة أم لا، وإلا فالواجب الصحافي والإسلامي يحتم عليها نفي قولها
الغير الصادق باتهامي بما لست فاعله أبدًا.
والرجاء من غيرتهن الإسلامية قبول دعوتي هذه؛ ليثبتن طهارة ذمتهن
بتبرئة البريء من التهم الباطلة الموجهة إليه، وإلا فلا أكون مخطئًا في ظني
بحزب تركيا الفتاة أنه بعيد عن الإنصاف والحق كل البعد؛ ولذلك أرسل نسخة من
كتابي هذا إلى رصيفي المؤيد أيضًا أرجو منها نشره.
هذا، واقبلوا فائق احتراماتي أفندم، ودمتم سالمين
... ... ... ... ... ... ... ... كاتبه المخلص
... ... ... ... ... ... ... محمد إنشاء الله
... ... ... ... ... ... ... صاحب جريدة (وطن) الهندية
... ... ... ... ... ... ... لاهور - بنجاب (الهند)