للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


أسئلة من الشيخ محمد علي اليماني في بيروت
وكان مجاورًا في الأزهر الشريف
مقرونة بأجوبتها

(س ١٦ - ٢٩)
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة صاحب الفضل والفضيلة سيدنا ومولانا العالم العلامة الأستاذ الجليل السيد محمد رشيد أفندي رضا صاحب مجلة المنار الغراء حفظه الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وبعد، فإني أرفع لفضيلتكم ما يأتي راجيًا
التكرم بالإجابة عليه.
(١) هل يجوز للمرأة أن تظهر صوتها ووجهها ويديها وغيرها أمام الرجال
الأجانب والأطباء وغيرهم أم لا؟
(الجواب) يجوز للحاجة المشروعة بقدرها كالتطبب والشهادة والعقود التي
تصح منها، ويجب كشف الوجه والكفين في الإحرام بالحج أو العمرة، ويحرم عند
توقع الفتنة، ويباح فيما وراء ذلك.
٢- هل يجوز للمسلمين أن يرسلوا أولادهم إلى المدارس الأجنبية مع وجود
مدارس إسلامية نظامية مستعدة لتعليم أبناء الأمة حسب مبادئ الدين الإسلامي
الحنيف أم لا؟
(الجواب) لا يجوز إلا لطالب راشد متمكن من عقائد الإسلام وهدايته؛ لأن
هذه المدارس الأجنبية تفسد عقائد الأحداث والجاهلين.
٣- ما قولكم - دام فضلكم - فيمن يرى عدم لزوم تدريس العقائد والعبادات
وغيرها في المدارس الابتدائية وغيرها، ويرى تدريس الحكايات والقصص
كقصص الأنبياء وأخلاقهم وغيرها فقط، هل هو مصيب أم لا؟
(الجواب) لا، فإن قصص الأنبياء ولا سيما السيرة المحمدية مفيدة جدًّا
ولكنها لا تغني عن معرفة أصل الإسلام وهو عقائده وعباداته وحكمه وآدابه.
٤- أي الكتب الدينية الإسلامية أكثر فائدة في التفقه في المسائل الشرعية
الدينية كالعقائد والعبادات وغيرها، مع ملاحظة الشكل التام وسهولة اللفظ والمعنى
لتلاميذ المدارس الابتدائية وغيرها؟
(الجواب) لا أدري فإن الحكم بهذا التفضيل يتوقف على الاطلاع على ما
ذكر وقلما رأيت منها شيئاً وأحسن ما أعرفه منها (خلاصة السيرة المحمدية) إلخ
وكتاب (الدين الإسلامي) لطلاب المدارس الثانوية، وقد طبع الجزء الأول منه،
وكتاب (التعريف بالنبي والقرآن الشريف) المقتبس أكثره منه.
٥- هل يجوز تحكيم العقل في المسائل الشرعية الدينية المنصوص عليها في
الكتاب والسنة والإجماع والقياس المعتبرين؟ لأن كثيراً من الناس يحاولون تحكيم
العقل في المسائل الدينية فيقبلون منها ما يوافق عقولهم وينبذون ما يخالفها، ولو
كان في ذلك نص أو إجماع أو قياس، فهل هذا يجوز أم لا؟
(الجواب) لا يجوز تحكيم العقل في النصوص القطعية، وإنما وظيفة العقل
فهم العقائد وإقامة دلائلها، والآداب الشرعية ومنافعها، والترجيح بين الأدلة في
الأحكام الاجتهادية التي ليس فيها نصوص قطعية عند المستعد لذلك.
٦- هل يجوز حمل ساعة الجيب واليد وغيرها لأجل ضبط أوقات الصلاة
والاشتغال كالمدارس والتجارة وغيرها أم لا؟
(الجواب) يجوز بلا شبهة والسؤال عنه مستغرب.
٧- هل يجوز اعتقاد عمل المندل وضرب الرمل وتعليق التمائم وكشف
الضمائر وقراءة الكف وعمل السيمار جميع أنواع السحر من أعمال الطلاسم
وغيرها أم لا؟
(الجواب) لا يجوز شيء من ذلك؛ لأنها خرافات ومفاسد.
٨- هل يجوز التنويم المغناطيسي وتحضير الأرواح ومخاطبتها شفاهيًّا أو
كتابيًّا؟ وهل هذا ثابت أم لا؟
(الجواب) يجوز إذا لم يكن فيه ضرر ولا معصية ولا خداع لأحد كما يفعل
كثير من الممارسين لذلك، والتنويم ثابت لا مراء فيه. وأما تحضير الأرواح أو
مخاطبتها فله أصل ثابت، وأكثر ما يقال فيه خداع باطل.
٩- هل يجوز التقليد والتلفيق من مذاهب الأئمة الأربعة وغيرها في العقائد
والمعاملات والعبادات وغيرها كالوضوء والغسل والصلاة وغيرها أم لا؟
(الجواب) إن جمع الأقوال الملفقة من المذاهب المختلفة للعمل بها تقليدًا
لأهلها عبث بالدين واتباع للهوى، ولكن الذي يتبع قوة الدليل إذا وافق استدلاله بعض
الأئمة في بعض الأقوال، ومن يخالفه منهم في قول آخر ولو في موضوع واحد - لا
يعد ملفقًا ولا مقلدًا.
١٠- ما الأدلة النقلية والعقلية على افتقار الطبيعة الكونية إلى صانع مختار؟
وما الطبيعة؟ لأن كثيراً من المسلمين تجردوا من الدين واعتقدوها.
(الجواب) الطبيعة الخلقية وهي مؤلفة من مواد ذات خواص وقوى، وفيها
من السنن والنظام الدقيق ما يدل دلالة ظاهرة على أن لها خالقًا قادرًا عليمًا حكيمًا
أزلاً، يمكن أن يكون ما ذكر قد وجد بالمصادفة، ولذلك اتفق جميع البشر ومنهم
العلماء والحكماء من الشعوب القديمة والحديثة على وجود خالق للخلق، وإنما شك
أو شكك في ذلك أفراد من الماديين بضروب من الشبهات والجدل وحسبك من الأدلة
قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (الأنبياء: ٢٢) فهو أصح النقل
وموافق لأصح براهين العقل.
١١- ما الروح وما أدلة وجودها النقلية والعقلية؟
(الجواب) الروح من عالم الغيب لا تُعْرَف إلا بآثارها وبأخبار الرسل عنها.
وأقوى الأدلة العلمية العصرية عليها أن جسم الإنسان ومنه دماغه يفنى مراراً ثم
يتركب من مواد جديدة ومع هذا تظل معلوماته ووجداناته الكثيرة التي أدركها قبل هذا
الانحلال والفناء المكرر محفوظة ثابتة في نفسه، فلو كان الإدراك من وظائف
الدماغ كما يزعم الماديون لزال بزواله في كل مرة ما كان انطبع فيه. ومستحضرو
الأرواح ومدركوها من أفراد البشر قد أدركوا من آثارها ما لا يدركه غيرهم، وقد
كثروا في هذا العصر والمصدقون لهم يزدادون في كل يوم بحيث يقل المنكرون إلى
أن يضمحلوا.
١٢- ما الدليل على وجود الجنة والنار والثواب والعقاب والبعث الجسماني
نقلاً وعقلاً؟
(الجواب) العقل لا يمكنه أن يستدل على وجود هذه الأشياء وكلها من عالم
الغيب إلا من طريق كونها مما يقتضيها عدل الله وحكمه بين عباده وحكمته في
خلقهم مستعدين لحياة أبدية. وأما أدلتها النقلية فهي النصوص الكثيرة في كتاب الله
تعالى.
١٣- ما حكم من استخف واستهزأ بالعبادات كالصلاة والمصلين ولو على
سبيل المزاح؟
(الجواب) الاستخفاف والاستهزاء بالعبادات القطعية كالصلاة لا يكون له
سبب في الغالب إلا عدم الإيمان بها، فحكم فاعله - إن كان مسلمًا في الأصل -
حكم المرتدين، ولكن بعض المزاح في ذلك لا يقصد به الاستخفاف والاستهزاء.
والعبرة في الحكم المذكور قصد فاعله، وأقل ما يقال في المزاح المشتبه: إنه مكروه
أو حرام.
١٤- المرجو بيان أسماء الكتب التي خصصت في بيان حكمة التشريع
الإسلامي مما يناسب عصرنا الحاضر لا سيما في معترك الضلالات والزيوغ،
وتفضلوا بالجواب
(الجواب) لم أطلع على كتاب يعجبني في ذلك مما يوافق حاجة هذا العصر،
ولكن في المنار وتفسيره الشيء الكثير من ذلك، ولعلنا نوفق لجمعه، أو تأليف
كتاب مستقل طالما فكرنا فيه.