الكلمة الأولى وهي سياسية: نواحي الحياة كثيرة والمسلمون مهددون من كل ناحية منها، والخطر عليهم في مغرب بلادهم أشد منه في مشرقها؛ فإن مستعبديهم لم يقنعوا بسلب ثروتهم وحريتهم العلمية والمدنية وحقوقهم السياسية، بل شرعوا بتحويلهم عن دينهم بطريقة علمية نظامية، فوجب عليهم بذل النفس والنفيس لتأمين حرية دينهم وإعادة ما سُلب من ملكهم بالوسائل الممكنة، ولا يمكن أن يصيبهم من الضرر في هذا الجهاد أكثر مما هو واقع بهم والمتوقع مع الاستسلام أعظم {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ} (العنكبوت: ٦٩) . ... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد رشيد رضا
الكلمة الثانية في اختيار الكتب والصحف: كثرت في هذا العصر الصحف والكتب في الأدب والسياسة وعلم الاجتماع ومرجت فيها الآراء، وتناوحت الأهواء، فهي بين أهلها فوضى، والناس في أمر مريج منها، فعلى العاقل الحريص على عمره أن يتفقه في ترقية مداركه وتزكية نفسه، وإعلاء كلمة ملته وبناء مجد أمته، عليه أن يختار لنفسه من أمثل الصحف والكتب ما يضيء له سبيل العمل، ويبصِّره بمعاثر الزلل، وأن يجتنب ما يجذبه إليه اللهو وتستهويه فيه اللذة؛ وإنما آفة العقل الهوى، والسلام على من اتبع الهدى. وكتب في القاهرة بتاريخ شوال سنة ١٣٥٠ ... ... ... ... ... ... ... ... محمد رشيد رضا