جاء في (ص١١٨) من الجزء الثاني عشر من كتاب (صبح الأعشى) في بيان ما يكتب من الطبقة الأولى من أمراء عربان الشام ما نصه: تقليد بإمرة آل فضل وهذه نسخة تقليد بإمرة آل فضل [١] كتب به للأمير شجاع الدين فضل بن عيسى عوضًا عن أخيه مهنا، عندما خرج أخوه المذكور مع (قراسنقر الأفرم) ومن معهما من المنسحبين، وأقام (هو) بأطراف البلاد، ولم يفارق الخدمة، في شهور سنة اثنتي عشرة وسبعمائة من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي , وهو: الحمد لله الذي منح آل فضل في أيامنا الزاهرة بحسن الطاعة فضلاً، وقدم عليهم بتقديم الإخلاص في الولاء من أنفسهم شجاعًا، يجمع لهم على الخدمة ألفةً، وينظم لهم على المخالصة شملاً، وحفظ عليهم من إعزاز مكان بيتهم لدينا مكانةً، لا تنقض لها الأيام حكمًا، ولا تنقض لها الحوادث ظلاًّ. نحمده على نعمه التي شملت ببرنا الحضر والبدو، وألهجت بشكرنا ألسنة العجم في الشدو والعرب في الحدو، وأعملت في الجهاد بين يدينا من اليعملات ما يباري بالنص، والعنق الصافنات في الخبب والعدو، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة ندرأ بها الأمور العظام، ونقلد بيمنها ما أهم من مصالح الإسلام لمن يجري بتدبيره على أحسن نظام، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث من أعلى ذوائب العرب وأشرفها، المرجو الشفاعة العظمى يوم طول عرض الأمم وهول موقفها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كرمت بالوفاء أنسابهم، وأضاءت بتقوى الله وجوههم وأحسابهم، صلاةً لا تزال الألسن تقيم نداءها، والأقلام ترقم رداءها، وسلم تسليمًا كثيرًا. وبعد فإن أولى من أجنته الطاعة ثمرة إخلاصه، ورفعته المخالصة إلى أسنى رتب تقريبه واختصاصه، وألف بمبادرته إلى الخدمة الشريفة قلوب القبائل وجمع شملها، وقلده حسن الوفاء من أمر قومه، وإمرتهم ما يستشهد فيه بقول الله تعالى: {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} (الفتح: ٢٦) من ارتقى إلى أسنى رتب دنياه بحفظه دينه، ودل تمسكه بأيمانه على صحة إيمانه وقوة يقينه، ولاحظته عيون السعادة فكان في حزب الله الغالب وهو حزبنا، وقابلته وجوه الإقبال فأرته أن المغبون من فاته تقريبنا وقربنا، ورأى إحساننا إليه بعين لم يطرفها الجحود، ولم يطرقها إعراض السعود، فسلك جادة الوفاء، وهي من أيمن الطرق طريقًا، واقتدى في الطاعة والولاء بمن قال فيهم بمثل قوله: {وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً} (النساء: ٦٩) . ولما كان المجلس العالي ... هو الذي حاز من سعادة الدنيا والآخرة بحسن الطاعة ما حاز، وفاز من برنا وشكرنا بجميل المبادرة إلى الخدمة بما فاز، وعلم مواقع إحساننا إليه، فعمل على استدامة وبلها واستزادة فضلها، والارتواء من معروفها الذي باء بالحرمان (منه) من خرج عن ظلها، مع ما أضاف إلى ذلك من شجاعة تبيت منها أعداء الدين على وجل، ومهابة تسري إلى قلوب من بعد من أهل الكُفر سوى ما قرب من الأجل - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نمد على أطراف الممالك المحروسة منه سورًا مصفحًا بصفاحه، مشرفًا بأسنة رماحه. فرسم بالأمر الشريف العالي لا زال يقلد وليه فضلاً، ويملأ ممالكه إحسانًا وعدلاً، أن يفوض إليه كيت وكيت، لما تقدم من أسباب تقديمه، وأومئ إليه من عنايتنا بهذا البيت الذي هو سر حديثه وقديمه، ولعلمنا بأولويته التي قطبها الشجاعة وفلكها الطاعة ومادتها الديانة والتقى وجادتها الأمانة التي لا تستزلها الأهواء ولا تستفزها الرقى. وليكن لأخبار العدو مطالعًا، ولنجوى حركاتهم وسكناتهم على البعد سامعًا، ولديارهم كل وقت مصبحًا، حتى يظنوه من كل ثنية عليهم طالعًا، وليُدم التأهب حتى لا تفوته من العدو غارة ولا غِرة، ويلزم أصحابه بالتيقظ لإدامة الجهاد الذي جرب الأعداء (منه) مواقع سيوفهم غير مرة، وقد خبرنا من شجاعته وإقدامه وسياسته في نقض كل أمر وإبرامه، ما يغني عن الوصايا التي ملاكها تقوى الله تعالى، وهي من سجاياه التي وصفت وخصائصه التي ألفت وعرفت، فليجعلها مرآة ذكره وفاتحة فكره، والله تعالى يؤيده في سره وجهره بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى. *** مرسوم بإمرة آل فضل وهذه نسخة مرسوم شريف بإمرة آل فضل، كتب بها للأمير حسام الدين (مهنا بن عيسى) من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي، وهي: الحمد لله الذي أرهف حسام الدين في طاعتنا بيد من يمضي مضاربه بيديه، وأعاد أمر القبائل وإمرتهم إلى ما لا يصلح أمر العرب إلا عليه، وحفظ رتبة آل عيسى باستقرارها لمن لا يزال الوفاء والشجاعة والطاعة في سائر الأحوال منسوبات إليه، وجعل حسن العقبى بعنايتنا لمن لم يتطرق العدو إلى أطراف البلاد المحروسة إلا ورده الله تعالى بنصرنا وشجاعته على عقبيه. نحمده على نعمه التي ما زالت مستحقةً لمن لم يزل المقدم في ضميرنا، المعوَّل عليه في أمور الإسلام وأمورنا، المعين فيما تنطوي عليه أثناء سرائرنا، ومطاوي صدورنا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً توجب على قائلها حسن التمسك بأسبابها، وتقتضي للمخلص فيها بذل النفوس والنفائس في المحافظة على مصالح أربابها، وتكون للمحافظ عليها ذخيرةً يوم تتقدم النفوس بطاعتها وإيمانها وأنسابها، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث من أشرف ذوائب العرب أصلاً وفرعًا، المفروضة طاعته على سائر الأمم دينًا وشرعًا، المخصوص بالأئمة الذين بثوا دعوته في الآفاق على سعتها، ولم يَضِيقوا لجهاد أعداء الله وأعدائه ذرعًا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حازوا بصحبته الرتب الفاخرة، وحصلوا بطاعة الله وطاعته على سعادة الدنيا والآخرة، وعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، فلم يزحزحهم عن ظلها الركون إلى الدنيا الساحرة، صلاةً تقطع الفلوات ركائبها، وتسري بسالكي طرق النجاة نجائبها، وتنتصر بإقامتها كتائب الإسلام ومواكبها، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد، فإن أولى من تلقته رتبته التي توهم إعراضها بأيمن وجه الرضا، واستقبلته مكانته التي تخيل صدودها بأحسن مواقع القبول التي تضمنت الاعتداد من الحسنات بكل ما سلف، والإغضاء من الهفوات عما مضى، وآلت إليه إمرته التي خافت العطل منه، وهي به خالية، وعادت منزلته إلى ما ألِفته لدينا من مكانة مكينة، وعرفته عندنا من رتبة عالية، مَن أمنت شمس سعادته في أيامنا من الغروب والزوال، ووثقت أسباب نعمه بأن لا يروع مريرها في دولتنا بالانتقاص ولا ظلالها بالانتقال، وأغنته سوابق طاعته المحفوظة لدينا عن توسط الوسائل، واحتجت له مواقع خدمه التي لا تجحد مواقفها في نكاية الأعداء، ولا تنكر شهرتها في القبائل، وكفل له حسن رأينا فيه بما حقق مطالبه وأحمد عواقبه وحفظ له وعليه مكانته ومراتبه، فما توهم الأعداء أن برقه خبا حتى لمع، ولا ظنوا أن ودقه أقلع حتى همى وهمع، ولا تخيلوا أن حسامه نبا حتى أرهفته عنايتنا، فحيثما حل من أوصالهم قطع، وكيف يضاع مثله وهو من أركان الإسلام التي لا تنزل الأهواء ولا ترتقي الأطماع متونها، ولا تستقر [٢] الأعداء عند جهادها، واجتهادها، في مصالح الإسلام حسبها ودينها. ولما كان المجلس العالي ... هو الذي لا يحول اعتقادنا في ولائه، ولا يزول اعتمادنا على نفاذه في مصالحنا ومضائه، ولا يتغير وثوقنا به عما في خواطرنا من كمال دينه وصحة يقينه، وأنه ما رفعت بين يدينا راية جهاد إلا تلقاها عرابة عزمه بيمينه، فهو الولي الذي حسنت عليه آثار نعمنا، والصفي الذي نشأ في خدمة أسلافنا، ونشأ بنوه في خدمتنا، والتقي الذي يأبى دينه إلا حفظ جانب الله في الجهاد بين يدي عزيمتنا وأمام هممنا - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نصرح له من الإحسان بما هو في مكنون سرائرنا ومضمون ضمائرنا، ونعلن بأن رتبته عندنا بمكان لا تتطاول إليه يد الحوادث، وتبين أن أعظم أسباب التقدم ما كان عليه من عنايتنا وامتناننا أكرم بواعث. فلذلك رسم أن يعاد إلى الإمرة على أمراء آل فضل ومشايخهم ومقدميهم، وسائر عربانهم، ومن هو مضاف لهم ومنسوب إليهم على عادته وقاعدته. فليجر في ذلك على عادته التي لا مزيد على كمالها، ولا محيد عن مبدئها في مصالح الإسلام ومآلها، آخذًا للجهاد أهبته من جمع الكلمة واتحادها، واتخاذ القوة وإعدادها، وتضافر الهمم التي ما زال الظفر من موادها والنصر من أمدادها، وإلزام أمراء العربان بتكميل أصحابهم، وحفظ مراكزهم التي لا تسد أبوابها إلا بهم، والتيقظ لمكايد عدوهم، والتنبه لكشف أحوالهم في أرواحهم وغدوهم، وحفظ الأطراف التي هم سورها من أن تسورها مكايد العدا، وتخطف من يتطرق إلى الثغور من قبل أن يرفع إلى أفقها طرفًا، أو يمد على البعد إلى جهتها المصونة يدًا، وليبث في الأعداء من مكايد مهابته ما يمنعهم من القرار ويحسن لهم الفرار، ويحول بينهم وبين الكرى لاشتراك اسم النوم وحد سيفه في مسمى الغرار. وأما ما يتعلق بهذه الرتبة من وصايا قد ألفت من خلاله وعرفت من كماله، فهو ابن بجدتها وفارس نجدتها وجهينة أخبارها وحلبة غايتها ومضمارها، فيفعل من ذلك كله ما شكر من سيرته وحمد من إعلانه وسريرته، وقد جعلنا في ذلك وغيره من مصالح إمرته أمره من أمرنا، فيعتمد فيه ما يرضي الله تعالى ورسوله، ويبلغ به من جهاد الأعداء أمله وسوله، والله الموفق بمنه وكرمه والاعتماد. *** مرسوم شريف بإمرة آل علي ثم جاء في (ص١٢٤) مما يكتب إلى المرتبة الأولى من الطبقة الثانية ما نصه: وهذه نسخة مرسوم شريف بإمرة آل علي، كتب به للأمير عز الدين (جماز) بعد وفاة والده محمد بن أبي بكر، من إنشاء المقر الشهابي ابن فضل الله، وهي: الحمد لله الذي أنجح بنا كل وسيلة، وأحسن بنا الخلف عمن قضى في طاعتنا الشريفة سبيله، ومضى وخلي ولده رسيله، وأمسك به دمعة السيوف في خدودها الأسيلة، وأمضى به كل سيف لا يرد مضاء مضاربه بحيلة، وأرضى بتقليده كل عنق وجمّل كل جميله. نحمده على كل نعمة جزيلة وموهبة جميلة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً ترشد من اتخذ فيها نجوم الأسنة دليلة، وتجعل أعداء الله بعز الدين ذليلة، وأن محمدًا عبده ورسوله الذي أكرم قبيله، وشرَّف به كل قبيلة، وأظهر به العرب على العجم، وأخمد من نارهم كل فتيلة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاةً بكل خير كفيلة، وسلم تسليمًا كثيرًا. وبعد، فإن دولتنا الشريفة لما خفق على المشرق والمغرب جناحها، وشمل البدو والحضر سماحها، ودخل في طاعتها الشريفة كل راجل ومقيم في الأقطار وكل ساكن خيمة وجدار، ترعى النعم بإبقائها في أهلها وإلقائها في محلها، مع ما تقدم من رعاية توجب التقديم، وتودع بها الصنائع في بيت قديم، وتزين بها المواكب إذا تعارضت جحافلها وتعارفت شعوبها وقبائلها، واستولت جيادها على الأمد وقد سبقت أصائلها، وتداعت فرسانها وقد اشتبهت مناسبها ومناصبها ومناصلها، وكانت قبائل العربان ممن تعمهم دعوتنا الشريفة وتضمهم طاعتنا التي هي لهم أكمل وظيفة، ولهم النجدة في كل بادية وحضر وإقامة وسفر وشام وحجاز وإنجاد وإنجاز، ولم يزل (لآل علي) فيهم أعلى مكانة، وما منهم إلا من توسد سيفه وافترش حصانه، وهم من دمشق المحروسة رديف أسوارها وفريد سوارها، والنازلون من أرضها في أقرب مكان، والنازحون ولهم إلى الدار بها أقطار [٣] وأوطان، قد أحسنوا حول البلاد الشامية مقامهم، واستغنوا عن المقارعة على الضيفان لما نصبوا بقارعة الطريق خيامهم [٤] وباهوا كل قبيلة بقوم كاثر النجومَ عديدُهم، وأوقدوا لهم في اليفاع نارًا إذا همى القطر شبتها عبيدهم [٥] ، هم من آل فضل حيث كان عليٌّها وحديثه في المسامع حديثها. فلما انتهت الإمرة إلى الأمير المرحوم شمس الدين محمد بن أبي بكر - رحمه الله - جمعهم على دولتنا القاهرة، وأقام فيهم يبتغي بطاعتنا الشريفة رضا الله والدار الآخرة، ثم أمده الله من ولده بمن ألقى إليه همه، وأمضى به عزمه ونفذ به حكمه ونفَّل قسمه. وكان الذي يتحمل دونه مشقات أمورهم، ويتلقى شكاوى آمرهم ومأمورهم، ويرد إلى أبوابنا العالية مستمطرًا لهم سحائب نعمنا التي أخصب بها مرادهم، وساروا في الآفاق ومن جدواها راحلتهم وزادهم، وتفرد بما جمعه من أبوته وإبائه، وركز في كل أرض مناخ مطيه ومرسى خبائه، وضاهى في المهاجرة إلى أبوابنا الشريفة النجوم في السماء، وحافظ على مراضينا الشريفة فما انفك من نار الحرب إلا إلى نار القرى. وورد عليه مرسومنا الشريف فكان أسرع من السهم في مضائه، كم له من مناقب لا يغطي عليها ذهب الأصيل تمويهًا! وكم تنقل من كور إلى سرج، ومن سرج إلى كور، فتمنى الهلال أن يكون لها شبيهًا، كم أجمل من قومه سيره، وكم جمل سريره، كم أثمر لها أملاً، كم أحسن عملاً، كم سد خللاً، كم جمع من مهماتنا الشريفة كل من امتطى فرسًا وركب جملاً، كم صفوف به تقدمت وسيوف أقدمت حمائم الحمام، وحتوف بها على الأعداء ترنمت. وكان المجلس السامي الأميري الأجلي الكبيري المجاهدي المؤيدي العضدي النصيري الأوحدي المقدمي الذخري الظهيري الأصلي، مجد الإسلام والمسلمين، شرف الأمراء في العالمين، همام الدولة حسام الملة، ركن القبائل ذخر العشائر، نصرة الأمراء والمجاهدين، عضد الدولة والسلاطين جماز بن محمد - أدام الله نعمته - هو المراد بما تقدم، والأحق بأن يتقدم، والذي لو أن الصباح صوارم، والظلام جحافل لتقدم، فلما مات والده - رحمه الله - نحا إلى أبوابنا العالية، ونور ولائه يسعى بين يديه، ووقف بها، وصدقاتنا الشريفة ترفرف عليه، فرأينا أنه بقية قومه الذين سلفوا، وخلف آبائه الذين عن زجر الخيل ما عزفوا، وكبيرهم الذي يعترف له والدهم ووليدهم، وأميرهم الذي ترعى به عهودهم، وشجرتهم التي تلتف عليه من أنسابهم فروعها، وفريدهم الذي تجتمع عليه من جحافلهم جموعها. فرسم بالأمر الشريف أن تفوض إليه إمرة آل علي تامةً عامةً، كاملةً شاملةً، يتصرف في أمورهم، وآمرهم ومأمورهم، قربًا وبعدًا، وغورًا ونجدًا، وظعنًا وإقامةً، وعراقًا وتهامةً، وفي كل حقير وجليل، وفي كل صاحب رغاء وثغاء وصرير وصليل، على أكمل عوائد أمراء كل قبيلة، وفي كل أمورهم الكثيرة والقليلة. ونحن نأمر بتقوى الله، فبها صلاح كل فريق، وإصلاح كل رفيق، ونجاح كل سالك في طريق، والحكم فليكن بما يوافق الشرع الشريف، والحقوق فخلصها على وجه الحق من القوي والضعيف، والرفق بمن وليته من هذا الجم الغفير والجمع الكبير، وإلزام قومك بما يلزمهم من طاعتنا الشريفة التي هي من الفروض اللازمة عليهم، والقيام في مهماتنا الشريفة التي تبرز بها مراسمنا المطاعة إليك وإليهم، وحفظ أطراف البلاد، والذب عن الرعايا من كل طارق يطرقهم إلا بخير، والمسارعة إلى ما يرسم لهم به ما دامت الأسفار في عصاها سير، والإفراج لعزتك لا تسمح به إلا لمن له حقيقة وجود، وله في الخدمة أثر موجود، ومنعهم، فلا يكون إلا إذا توجه منعهم، أو توانت عزائمهم وقل نفعهم، والمهابة، فانشرها كسمعتك في الآفاق، ودع بوارق سيوفها تشام بالشام، وديمها تراق بالعراق، وخيول التقادم، فارتد منها كل سابق وسابقة تهف منهما الرياح، ويحسدهما الطير إذا طار بغير جناح، ولا تتخذ دوننا لك بطانةً ولا وليجةً، ولا تقطع عنا أخبارك البهيجة، وليعرف قومه له حقه، ويوقره من التعظيم مستحقه فإنه أميرهم، وأمره من أمرنا المطاع فمن نازع فقد خالف النص والإجماع، والله تعالى يوفقه ما استطاع، بمنه وكرمه، والخط الشريف.