للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريظ المطبوعات الجديدة

(مجموعة الرسائل)
أهدانا الشيخ محيي الدين صبري الكردي الكانيمشكاني أكثر من ثلاثين رسالة،
انتقاها وطبعها في مجموعة بلغت صفحاتها ٦٣٣ صفحة، من قطع رسالة التوحيد،
وأكثر هذه الرسائل لابن سينا الفيلسوف وللغزالي ولمحيي الدين بن عربي
وباقيها لبعض المشهورين مثلهم كابن تيمية والسيد الجرجاني والفخر الرازي
وغيرهم، وهي في الفلسفة والأخلاق والآداب والعقائد والتصوف، منها أصول
الكلام للرازي والرسالة البعلبكية لابن تيمية، وهي التي يثبت فيها أن القرآن كلام
الله ليس للنبي ولا لجبريل ولا غيرهما شيء منه، وإن القارئ كثيرًا ما يجد في
رسائل أمثال هؤلاء العلماء الأعلام ما لا يجده في كتبهم الكبيرة من التحقيق والفائدة،
وقد تصفحت كثيرًا من رسائل هذه المجموعة، فرأيتها مفيدة للجمهور إلا بعض
رسائل ابن عربي. منها:
كتاب المؤمل، للرد إلى الأمر الأول:
هذا الكتاب الوجيز لعبد الرحمن المشهور بابن أبي شامة الفقيه الشافعي
المتوفى سنة ٦٦٥، وهو مختصر في رسالة جعلت أول هذه الرسائل في المجموعة،
وإنما أخرت ذكره للتنويه بأهم وأنفس مسائله وفوائده؛ وهي مسألة الاجتهاد
والتقليد المقصودة بالذات منه، فهو يريد بالرد إلى الأمر الأول رد الدين إلى الكتاب
والسنة، وقد بدأ كلامه بذكر ضعف العلم في زمنه واندراسه، وبمدح الله ورسوله
للعلم وأهله، ثم بذكر الأئمة المجتهدين الذين نشروا علوم الاجتهاد في جميع الآفاق
من شرعية ولغوية، قال: وهم في ذلك متفاضون، فمنهم المحكم لعلم الكتاب،
ومنهم القائم بأمر السنة، ومنهم المبرز في العربية، ومنهم الممعن في استنباط
الأحكام، وقل من اجتمع فيه القيام بجميع ذلك، فكان من أجمعهم وأقومهم به إمامنا
أبو عبد الله القرشي الطلبي الشافعي رضي الله عنه، وذكر جملة صالحة من
فضائله وما قاله علماء عصره فيه، ثم تكلم في صفة العلماء وفائدة علم الدين،
وانتقل من ذلك إلى الاجتهاد واستنباط الأحكام، وجعل ذلك خاصًّا بالحكام وهذا هو
الذي كنا حققناه في (محاورات المصلح والمقلد) ثم عقد فصولاً لبحث الاجتهاد
والتقليد، نقلنا بعضها في غير هذا الموضع من هذا الجزء، تحت عنوان (بحث
الاجتهاد والتقليد) .
***
(كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية، وسنن العرب في كلامها)
هذا الكتاب من تصنيف الشيخ أبي الحسين أحمد (ابن فارس) أحد أئمة اللغة
المشهورين المتوفى في القرن الرابع، وسمّاه الصاحبي نسبة إلى الصاحب ابن عباد
الوزير، واسم هذا الكتاب يدل على موضوعه، وهو بمعنى ما يعبرون عنه اليوم
بفلسفة اللغة.
من مباحث الكتاب: هل اللغة العربية توقيف أو اصطلاح؟ ، وبحث كون
اللغات لا تجيء جملة واحدة في زمن واحد، وبحث الخط، وعلم العربية وفنونها،
وفضلها وسعتها، والقرآن وإعجازه واستحالة ترجمته، وخصائص اللغة العربية
في القلب والاختلاس والإدغام والحذف والإضمار والترادف. واختلاف لغات
العرب في الهمز والتليين والتقديم والتأخير.. وفصاحة قريش وما يعاب من لغات
العرب، وما لا تتكلم به إلا للضرورة، والقبائل التي نزل القرآن بلغاتها، وبحث
القياس في العربية.
ومنها الكلام في مراتب الكلام في وضوحه وإشكاله ومصادر الإشكال، وآداب
اللغة العربية قبل الإسلام وبعده، والاصطلاحات الدينية فيها، ومنها أقسام الكلام
وحدود الأسماء والأفعال والحروف وأجناسها وأقسامها، وفي هذه الأبواب مسائل
مهمة كوضع الأسماء للمجاورة، والسبب وكيفية وقوعها على المسميات،
والمشترك والترادف، ومنها الكلام على حروف المعاني بالتفصيل، وعلى حروف
المعجم وما يزاد في الأسماء والأفعال منها.
وأهم من هذه المباحث اللفظية ما جاء أبواب معاني الكلام؛ من مباحث الخبر
والاستخبار، والأمر والنهي والدعاء، والطلب والعرض والتحضيض، والتمني
والتعجب، والخطاب على اختلاف المخاطبين في الذكورة والأنوثة والعدد، وما
خالف الأصل في ذلك، ومباحث العدد والجمع والتثنية، وطرق الإفهام والفهم،
والمعنى والتفسير والتأويل، والمطلق والمقيد، والحقيقة والمجاز، والاتفاق
والافتراق، والقلب والإبدال، والاستعارة والحذف، والاختصار والزيادة والتكرار،
والعموم والخصوص، وإضافة الفعل إلى غير الفاعل في الحقيقة، وتحويل
الخطاب من الشاهد إلى الغائب والعكس.
ومن مباحث الكتاب الممتعة: مباحث معاني أبنية الأفعال وأسماء الصفات،
ومبحث التوهم والإيهام، والقبض والمحاذاة، وإضمار الأسماء والأفعال والحروف
والتعويض أي إقامة كلمة مقام أخرى تكون عوضاً عنها لنكتة.
وأعلى من ذلك كله ما عقده من الأبواب لنظم القرآن، وذكر منه عدة نظوم،
وكذلك أبواب الإضافة والتقديم والتأخير والاعتراض والإيماء، وتنزيل بعض
المخلوقات منزلة بني آدم في التعبير عنها بضمير العقلاء، ومباحث التهكم والهزء
والكف أو الاكتفاء والإعارة، وباب أفعل في غير التفضيل، والشرط والكناية
والاستطراد والاتباع والنحت والإشباع والتأكيد، وغير ذلك.
ما ضعفت اللغة فينا إلا بتركنا مدارسة أمثال هذه الكتب التي تبين لنا سنن
العرب في كلامها؛ بالشواهد والأمثلة في أمثال هذه الأبواب التي ذكرناها،
واقتصارنا على درس قواعد النحو والصرف والبيان بالأسلوب الفني الضعيف، مع
قلة الشواهد وعدم بيان طرق الاستعمال، ويا حبذا لو قرر تدريس هذا الكتاب في
الأزهر ومدرستي القضاء الشرعي ودار العلوم، وينبغي أن يطالعه الأدباء والكتاب
ولا سيما المصنفين ومحرري الجرائد، وأن يستعين به مدرسو أدب اللغة وتاريخها
على دروسهم، والكتاب يطلب من مكتبة المنار بشارع عبد العزيز وثمنه سبعة
قروش صحيحة.
***
(السعادة والسلام)
كتاب في الأخلاق وفلسفة الآداب، وبيان سعادة الحياة، من تأليف حكيم
غربي ذاق لذة العلم والحكمة، وأمير إنكليزي ذاق جميع لذات الدنيا، فهو جدير
بصحة الحكم في مثل هذا الأمر، هذا المؤلف هو (لورد أفبري) صاحب الكتب
المتعددة فيما يقارب معنى هذا الكتاب؛ (منها معنى الحياة، ومسرات الحياة،
ومحاسن الطبيعة) وقد ترجم كتابه هذا بالعربية وديع أفندي البستاني فأحسن
الاختيار، وقدمه للناشئتين المصرية والسورية بعبارة جميلة قال:
(إليكم إخواني في الشبيبة حديثًا فلسفيًّا شعريًّا الحياة وسعادتها وسلامها،
وسائر أحوال أيامها وأعوامها، يبسطه شيخ جليل، وعالم كبير، قطع من مراحل
الحياة ما لم تقطع، واختبر فيها مال لم نختبر، حديثًا موجهًا للعقل والقلب والنفس
جميعا) .
عبارة المؤلف في الترجمة فيها سلاسة وسهولة، تشوبها أغلاط أكثرها في
الأسلوب والتركيب؛ وسببها فيما يظهر قراءة الكتب المسيحية وما كتب على
أسلوبها.
بل رأيت فيه من ضروب الخطأ والضعف في التعبير ما لم أر مثله في غيره
كقوله في ص٨: (لكانت هي الحياة محتملة لولا ملاهيها (وصواب التركيب)
لولا ملاهي الحياة لكانت كذا) وانظر هل كلمة محتملة ههنا واقعة في محلها؟
ومن الشواهد على ما ذكرنا قوله في ص٣: (ونظريًّا إن لم يكن الجميع فالسواد
الأعظم متفقون على أن السعادة والطمأنينة من أعظم البركات، أما فعليًّا فكثير من
يبيعهما مغبونًا) ... إلخ، وكان ينبغي أن يقول: السواد الأعظم في الناس - إن لم
يكونوا كلهم - متفقون) اتفاقًا (نظريًّا على كذا) أو يقول: جل الناس أو كلهم
متفقون نظريًا على كذا؛ ولكن كثيرًا منهم يبيعها بالفعل مغبونًا ... إلخ ومنها قوله:
(وحتى أعلم العلماء والأطباء قليل ما يعلمون عما في أجسامنا، ومنها قوله عقب
هذه الجملة) ، وهو من المقرر المسلم به أنه إذا تكلمنا أو قرأنا أو تفكرنا ... إلخ،
وكان الصواب أن يقول: ومن المقرر المسلم أننا إذا تكلمنا أو قرأنا أو تفكرنا ...
إلخ.
والكتاب يطلب من مكتبتي المنار والمعارف.
***
(كتاب زراعة القطن ومقاومة آفاته وتحسين أنواعه)
إن القطر المصري يعد من أغنى الأقطار بزراعته، ولا يزال أهل العلم
والعمل يبحثون في وسائل زيادة إتقانه ومقاومة آفاته، وينشرون في ذلك الفصول
والمقالات والرسائل والكتب، ومن أحسن ما كتب في ذلك وأنفعه هذا الكتاب الذي
ترى عنوانه في أول هذه السطور؛ وهو من تأليف أحمد أفندي الألفي أحد
الموظفين في مزارع الأمير عمر باشا طوسون، قال المؤلف:
جريت منذ اشتغلت بالفلاحة على كتابة مشاهداتي فيها ومطالعاتي عنها في
مذكرات، كنت أنتهز الفرص لتهذيبها واستخلاصها؛ كمؤلف في الزراعة العملية
على الأصول الحديثة.
(وهذا كتاب القطن قسم من ذلك، أودعت فيه أفضل ما يعرف إلى الآن عن
زراعته ومقاومة آفاته وتحسين أنواعه، وأثبت ضمنه تقرير لجنة القطن الأخير
لمكانه من الأهمية والفائدة) .
(وإني لأرجو أن يكون كتابي هذا خير تذكرة للزارع المستنير، وأفضل
مرشد للفلاح المستفيد، فقد استقصيت في اجتناء الفوائد، والتقاط الفرائد، وإيداعها
فيه إيداعا مهذبًا عن تجربة واختبار، وبحث واستبصار) .
ومن المزايا التي كان بها هذا الكتاب من أحسن الكتب في موضوعه سهولة
عبارته، بحيث يسهل على الفلاحين أن يستفيدوا منه ما لا يستفيدون من غيره،
وثمن النسخة منه ثمانية قروش، ويطلب من مكتبة المنار.
***
(كتاب منتخبات البيان والتبيين)
كتاب البيان والتبيين للجاحظ هو أحد دواوين الأدب التي كانت عمدة العلماء
والأدباء؛ في تحصيل ملكة البلاغة وصناعة الإنشاء منذ القرن الثالث الذي ألف فيه
الكتاب، إلى أن نزل قضاء الله تعالى بهذه اللغة وعلومها وآدابها بعد زوال الدولة
العربية، فصارت الكتب النافعة الممتعة تهجر رويدًا رويدًا وتؤثر عليها كتب
الأعجمين المعقدة، ولما انتعشت هذه اللغة الشريفة بعض الانتعاش في هذا العصر،
طفق الناس يبحثون عن تلك الكتب المهجورة، ويصلون حبلهم بحبلها، فطبع
كتاب البيان والتبيين منذ سنين، ولكن طبعًا غير جيد ولا مصحح، وطبع في هذا
العام منتخباته في رسالة صغيرة تناهز جزءًا من أجزاء المنار، فيها من غرر
الكلام وعقائله ما يصدق عليه قول الشاعر:
تزين معانيه ألفاظه ... وألفاظه زائنات المعاني
فأحث طلاب الإنشاء ومحبي الحكمة والأدب أن يقرءوا هذه المنتخبات المرة
بعد المرة مع التأمل في معانيها، والتفطن لأساليبها ومناحيها، وتوطين النفس على
احتذاء مثالها. وهي تطلب من مكتبة المنار.
***
(ابن تيمية)
كتب الشيخ رضاء الدين أفندي محرر مجلة (شورا) التي تصدر بلغة التتر
في أرنبورغ من روسية ترجمة حافلة لشيخ الإسلام أحمد تقي الدين بن تيمية،
وطبعها في كتاب على حدته، فنحث أهل اللغة على قراءتها؛ لما نعلم من حسن
اختيار الكاتب لما ينفع الناس.
***
(الدعوة إلى الإصلاح)
قد عرف قراء المنار من قبل اسم الشيخ محمد بن الخضر المدرس في جامع
الزيتونة، وفي المدرسة الصادقية بتونس، وعرفوا أنه من العلماء المصلحين بما
كتبناه عن مسامرته (الحرية في الإسلام) بين فيها وجه الحاجة إلى الدعوة،
والدعوة في نظر الإسلام، وشرائط الدعوة والإخلاص فيها وآدابها، وآثار السكوت
عنها، والإذن في السكوت وأسباب إهمالها، وما يدعى إلى إصلاحه.
وقد بحث في هذه الفصول كلها بحث البصير المستقل، فنسأل الله أن ينفع به
ويكثر في تلك البلاد وغيرها من أمثاله، ولعلنا ننقل بعض فصول رسالته في جزء
آخر.
***
(صحف جديدة)
(مجلة الطلبة المصريين) أنشأ هذه المجلة إبراهيم صبحي أفندي أحد الطلبة
الأذكياء منذ ثلاث سنين، فلم تصادف من الرواج ما كان ينتظر، فاضطر إلى ترك
إصدارها، ثم اتفق مع طائفة من إخوانه على تأسيس شركة تتولى أمرها فأنفذوا
ذلك، وقد صدر الجزء الأول من المجلة في طورها الجديد في أول جمادى الآخرة
باسم صاحب الامتياز محمود بك سالم رئيس شركة مجلة الطلبة المصريين والمدير
المسئول، ورئيس التحرير عبد الحميد حمدي أفندي، والمجلة شهرية، صفحات
الجزء منها ٥٦ وقيمة الاشتراك فيها للمساهمين في شركتها ٢٠ قرشًا في السنة،
ولغير المساهمين من الطلبة ٣٠، ولسائر الناس ٤٠، وقد نقلنا عنها في الجزء
الماضي مقالة له في عددها الثاني عنوانها: السياحة المقيدة والعلم وأهله، ونحث
أهل الفضل على الإقبال على هذه المجلة؛ تنشيطًا لنابتة البلاد وتقوية لعزيمتهم
على هذا العمل النافع؛ ونشرًا لفوائد المجلة في البلاد.
(الوطنية) جريدة أسبوعية أصدرها في بيروت الشيخ محمد القلقيلي ثم
نقلها إلى مصر، وأذنت له الحكومة بنشرها فيها، وما عرفنا الرجل إلا معتدلاً
حسن النية، وقد كتب في الجرائد المصرية عدة سنين وفي الجرائد السورية سنتين،
فصار له خبرة بأحوال القطرين، وهو معروف بالأمانة، فهو جدير بأن يوثق به
وتروج جريدته، وهذا ما نتمناه له، وفقنا الله تعالى وإياه.
(البلاغ) جريدة أسبوعية صدرت في بيروت مشربها النداء بالجامعة
الإسلامية، أصدرها محمد أفندي الباقر ونصوحي أفندي بكداش، وهذا المشرب
الذي اختاره هو المشرب الذي يستعذبه الكثيرون، فعسى أن يوفق هذان الشابان
الذكيان إلى كل ما يجعل صحيفتهما في مكان الثقة التي تليق بموضوعها الجليل
الدقيق لتبقَى وتفيد.
(المحامي) جريدة أسبوعية، أصدرها في طرابلس الشام أحمد أفندي
سلطان المحامي الذائع الصيت في اللواء بل في الولاية وما جاورها، وستكون
جريدته ممتازة بين أخواتها من جرائد الوطن؛ بأهم ما يهتم به القراء من إبراز
الأخبار والآراء في قوالب من أحكام الشرع ومواد القانون تزيد الثقة بها والأمن
عليها من أحكام المحاكم. وقيمة الاشتراك السنوي فيها بمصر والبلاد الأجنبية ١٠
فرنكات، فنتمنى لها النجاح والبقاء.