هو نص كتاب خاص أرسله الأستاذ -رحمه الله تعالى - إلى أحد خواص العلماء من أعضاء الجمعية السياسية الإسلامية التي كانت تصدر جريدة العروة الوثقى في باريس عقب احتلال الإنكليز لمصر. وهو من أجلّ كتبه الدينية الإصلاحية، بل من أبلغ ما قال أو كتب أئمة الدين وعرفاء الصدِّيقين، من المواعظ والنُّذر، والآيات والعبر التي تنير البصائر وتطهر السرائر وتُزيِّل بين المؤمن والكافر، وتفرّق بين البر والفاجر، فهي ميزان الإيمان، ومسبار العرفان، وهذا نصه منقولاً من الطبعة الثانية للجزء الثاني من تاريخه رحمه الله. لا إله إلا الله وحده لا شريك له وبه الحول والقوة سرني ما نقل إلي كتابك أنك استجبت لربك فيما دعا إليه عموم خلقه بقوله: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ} (الأنعام: ١١) وإنما يستجيب إليه أهل الرغبة فيه، ولقد حمدت الله أنك لم تجعل سيرك سير الغافلين، ولم تمر على ما لاقاك مرور الذاهلين، بل استعملت بصيرتك ونظرت فيما قام لك من أحوال الناس، لتعلم ماذا أبقت الحوادث فيهم من الاستعداد لقبول الحق والميل للرجوع إليه، وما أظنه ذهب عليك أيام كنت تقلب عين اعتبارك في أطوار أولئك المحجوبين، إن ما هم فيه لا تختلف عن عواقب المكذبين، الذين يأمرنا الله بالنظر كيف كان عاقبة أمرهم، وما أحل الله بدارهم من بوار، وما ألحق بعمرانهم من دمار، وما ألصق بذكرهم من عار وشنار، وكيف يختلف الحال عن الحال، وإنما التكذيب أثر غين يُغشي عين القلب، فيواري عنها وجه الحقيقة، فتعمه ظلمة أشبه بظلمة الخسوف تعلو وجه القمر، فإذا أظلم القلب وهو مستودع السر الذي به كان الإنسان إنسانًا فقد أظلم الإنسان كله، وذهبت قواه تخبط في أفاعيلها على غير هدي، وتعسر عليها أن تلزم طريق الحق والصراط المستقيم. وهذه الحال كما تراها فيمن ينكر الحق بلسانه، ويكذب الداعي إليه بإنكار بيانه. تراها بعينها في هؤلاء المخدوعين الذين يزعمون أنهم آمنوا بالله وبرسوله وبكتابه، ثم هم في أعمالهم وآمالهم أبعد الناس عن سننه، وأشدهم التواء على أمره ونهيه، وقد علمت أن الله لم ينظر إلى قوم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، وأن اليهود لم ينفعهم أن آمنوا بموسى وخلفائه من الأنبياء، وبما جاءوا به من الوحي الإلهي إيماناً يحاكي ما يدعيه المسلمون في هذه الأوقات: كان اليهود يعرفون موسى نبيًّا لهم، والتوراة وكتب الأنبياء هدايات من الله لعقولهم، كما يعرف المسلمون ذلك في كتاب الله تعالى، ولكن الله نعى إلينا أحوالهم في مزاعمهم فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الجمعة: ٥) . فقد جعل تأويلهم التوراة وصرفهم لألفاظها إلى غير ما أراد الله بها وحَيَدَانهم عن العمل بما دعت إليه تكذيباً بآيات الله، وجعل نقضهم لما حُمِّلوا من أحكامها مروقًا منها حيث قال (لم يحلموها) وجعل تصديقهم بها على هذا الوجه بمنزلة احتمال حمار لأسفار، فهو في عناء من ثقلها، على بعد من فائدة ما أودع فيها. أفليس هذا النبأ بعينه يحدث عن أحوال المنتحلين اسم الإسلام في هذه الأيام، وأنهم حملوا القرآن الكريم ثم لم يحملوه، إلى آخر الآية؟ ألم يكن في ظلم أهل هذا العنوان وجمودهم عن حدود الله ما يستحقون به تسجيل الضلالة عليهم كما سجلت على اليهود في قوله (والله لا يهدي القوم الظالمين) ؟ وأشد الظلم ظلم النفس بعدولها عن سنن الحق. ألا يصدق عليهم أنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون؟ ألا ينعي حالهم {بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} (الحشر: ١٤) ، ألا يحكي جهلهم {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} (البقرة: ٧٨) أي أنهم لا يعلمون منه إلا أن يتلوه تلاوة بغير فهم، فإن طلبوا شيئًا من المعنى لم يكونوا فيه على بصيرة أن يظنون إلا ظنًّا. إني أستلفتك إلى أولئك الذين يتناولون مصاحف القرآن الكريم بأيديهم خصوصاً في شهر رمضان، ثم يطفقون يلوكونه بألسنتهم ويزعمون أنهم يتقربون إلى الله بترنمهم، ويصعدون إلى منازل القرب عنده بنغماتهم ورنين أصواتهم، ويجعلون كل همهم في هز رؤوسهم، والتوفيق بين الهزات وتموج النغمات وما شاكل ذلك من لواحق الصور والهيئات، مما قد يعجب له عرفاء الدين، ويستغرب حدوثه في المسلمين أهل اليقين لبعد النسبة بينه وبين دينهم، والمنافرة الثابتة بينه وبين مقتضى إيمانهم، حتى إذا انصرف أولئك القارئون والتمسوا من قلوبهم عبرة مما قرأوا أو عظة مما سمعوا، لم يجدوا من ذلك قليلاً ولا كثيرًا، بل رجع كل منهم إلى هواه، وأوى إلى قعيدة نواه، وما كان قد انصرف عن وساوسه، ولا انقطع عما استحكم سلطانه في نفسه من شياطين أهوائه، إلا في ظاهر ما يرى للناظر، وإذا سئل أحدهم عن شيء من معنى ما قرأه التجأ إلى الجهل، أو خبط في مضلة من الوهم، وإذا قيس عمله إلى أحكام ما يقرأه، وجدت تبايناً كما بين الإسلام والكفر، فبالله إلا ما أجبتني: هل تجد فرقًا بينهم وبين اليهود فيما قص الله عنهم في قوله (ومنم أميون) ؟ إلخ. ألا تجد الوصول إلى الفرق نزر الوسائل، متعذر الذرائع، ولو سردت من أحوال اليهود والنصارى والمشركين التي قص الله علينا تحذيراً لنا من التدنس بمثلها ووضعتها مع أحوال المسلمين في كفتي ميزان ألا ترجح أحوال المسلمين سوءًا على أحوال أولئك الضالين؟ أصبح المسلم في هذه الأيام حجة للكافر على كفره، وفتنة له يضل بها عما أقام الحق من أعلامه، فإذا قيل إن الإسلام خير الأديان بل هو دين الله الذي أخذ به الأمم السابقة فضلوا فضربهم بأنواع من عذابه في الدنيا، واستبقى لهم ما لا نهاية له من الشقاء في الآخرة، ظهر فيهم بصور مختلفة، ثم جاء في أكمل صورة ببعثة خاتم الأنبياء، مستتمًّا لنوره مكملاً لأمره، لتقوم به الحجة، وتتضح به المحجة، وأصحب هذا القول بألف دليل كلها أوضح من الشمس، وأنفى للشك من ضوء البدر لظلام الليل - رأيت علة واحدة تهدم كل ما بني من الأدلة وهي: لو كان الإسلام دينًا صحيحًا ما وجدنا أهله المستمسكين به (في زعمهم) على ما نرى من فساد الأخلاق وسقوط الهمم، وضلال العقول، هكذا أيها الحبيب أصبحنا فتنة للذين كفروا، والله ينبهنا على ما صرنا إليه بتعليمه إيانا كيف ندعوه إذ يقول {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا} (الممتحنة: ٥) وما كان تعليمه الدعاء إلا لنتوسل بالعمل إلى ما نطلب منه، ثم ندعوه المعونة على ما نقصد من موافقة رضاه، فلو فقه المسلم لابتعد جهده عما يجعله فتنة للكافر، وجعل ورده ليله ونهاره {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا} (الممتحنة: ٥) ولكان همه في أن يكون بكماله قذى في عين أعدائه، لا أن يكون حقيرًا في أعينهم، ضحكة لهم في محافلهم. ولقد حدث في هذه الأيام الأخيرة أن قسيسًا إنكليزيًّا [١] هداه البحث إلى شيء من محاسن دين الإسلام فأخذ يبث ما علم في الجرائد الإنجليزية وفي المحافل الدينية في إنكلترا، إلا أنه يصعب عليه أن يعلن إسلامه، ويصرح بحقيقة إيمانه لأنه يخاف أن تطول إليه أيدي الاعتداء من قومه وهو يدعو إلى الإسلام تحت حجاب أنه لا يخالف المسيحية الحقيقية بل هو متمم لها، وله فيما يدعو إليه شيعة تنمو في لندرا، وبيننا وبينه مخاطبات لتشجيعه وتقريبه من حقيقة الإيمان، ولا نعلم اليوم ماذا يكون من نهاية أمره، وله معارضون كثيرون من الإنكليز وغيرهم، وإذا تقصيت البحث في جميع حججهم لا تجد في مقدماتها إلا ما يكون راجعًا إلى ما عليه المسلمون الآن من الأخلاق والعوائد والأفكار، وكلما جاء الرجل لهم بشيء من أحكام كتاب الله أو بأثر من آثار المسلمين الأولين. رأيت أولئك الجاحدين يقابلونه بأحكام يعدها المسلمون من حدود دينهم، يعولون عليها في أعمالهم، وهي مقصية لهم عن الكمال، ساقطة بهم عن أدنى مراتب الرجال، فكلما ردهم إلى الله ورسوله ردوه إلى أحوال المنتسبين إلى هذا الدين القويم، وهم عاره، وبهم يهدم مناره، وتخفي آثاره، لو بقى في أيديهم أمره، غير أني أرى الله سيحول أمر دينه عن هؤلاء الذين لبسوا على أنفسهم، وانقلبوا فتنة لغيرهم، ثم ينتقم منهم بأيدي الظالمين والصالحين {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} (الأنعام: ٨٩) - {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (محمد: ٣٨) فهنيئاً لمن أعد نفسه، وسبق تعسة، فشحذ همته، وطهر نيته وقوم إرادته واستجمع عزيمته، للقاء ركب الله الذي سيفد عليه، فيكون إما راجلاً في مشاته، أو فارساً من كماته، أو خادمًا في حاجاته، أو سيدًا في رياساته، ولا يكون شيئًا من ذلك حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من نفسه، وحتى يكون كتاب الله أصدق الشاهدين له لا عليه، وحاشا كتاب الله أن يشهد إلا لمن لبّى دعوته، وقبل شهادته، ونصبه إماماً في محراب الوجود يتبعه بصره، ويحذوه في سيره، يقوم إذا قام ويقعد إذا قعد يعظم ما عظم ويحقر ما حقر ويطلق ما أطلق ويقيد ما قيد، ثم أقام له من زواجره خطيبًا إلى قلبه، وواعظًا يصدع بأمر ربه على منبر لبه، يعلمه إذا جهل، ويوقظه إذا غفل، ويذكره إذا ذهل، ويحثه إذا كسل، ويسرع به إذا أبطأ، وينهضه إذا تلكأ ويستلفته إلى الصواب إذا أخطأ، يهديه إذا تحير، ولا يعدو به الخير إذا تخير، يرد جماحه إذا جمح، ويكف من غربه إذا طمح، حتى يقيمه على الصراط السوي ويصعد به إلى المقام العلي، وكيف يستعمر القرآن قلبًا تشغله الأهواء الباطلة وتستوكره الرغائب الزائلة؟ إن القرآن طاهر لا يجاور إلا طاهرًا، وقويم يأبى أن يساكن جائرًا، زكي لا يأنس للأرجاس عليّ يأنف من مقاربة الأدناس، فلا عجب إذا استوبل المقام في هذه القلوب المحتشية بالعيوب وتركها وشياطين الوساوس تخبط بها في مخاري الدنيا ومهالك الآخرة. يا عجبًا لمن يدعي الإسلام، وهو يعرف من نفسه أن أمرًا لو جاءه من أصغر الحكام عليه بلغة غير لغته لما قرت له راحة، ولا اطمأنت به نفس، حتى يقف على ترجمته. ولا يكتفي بمترجم واحد حتى تكون ثقته به كثقته بنفسه وإلا راجع ثانياً وثالثاً طلباً لدقائق المعاني لا يفوته شيء مما حواه أمر آمره فيقع في مخالفته إلى غير هواه، وكلما عظم مكان الأمر أشتد الحرص على استجلاء مراده، خشية الوقوع في حداده، أو ما يبعث الظن إلى التحرش بعناده، وقد يكون الأمر مما يضره ولا ينفعه، ويخفضه ولا يرفعه، كل ذلك للبعد عن مساخطه والارتياح إلى مراضيه - هذا وهو يزعم الاعتقاد بأن القابض على ناصية أمره هو الله سبحانه وتعالى وهو المقلب لقلبه والآخذ بعنان إرداته. ثم هذا أمر سام ورد له من عليّ متعال، رب الأرباب ومخضع الرقاب، قهار السماوات والأرض، الذي لا ترد مشيئته، ولا تخالف إرادته. الكتاب المجيد يتجلى به في منازل الرحمة، ويستفيض من ديم النعمة، ويقيم به على السعادة أعلامًا، ويضع لاجتناء ثمر الكرامة أحكامًا، ويعد المستجيبين لأمره هذا - وهو القادر على كل شيء - أن يمكن لهم في الأرض، ويخدمهم أهلها، ويجعلهم الأعلين فيها، وأن تكون عزتهم مقرونة بعزة الله ورسوله، وأن لايبيد سلطانهم، ما ثبت إيمانهم، ولم يَشُبْه كفرانهم، كما قال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} (النور: ٥٥) . وليس في المواعيد السماوية أصرح مما وعد الله في كتابه المبين، ولا أقطع للشبهة منه. ثم زادهم على ذلك نعيمًا أبديًّا، وأوعدهم في المخالفة خزيًا دنيويًّا، وشقاء سرمديًّا، والذين يكفرون، وسجل عليهم أنهم الفاسقون، هم الذين تبطرهم النعم فتستزلهم عن مقامات الشكر. ثم تنتابهم الغفلة فيعدلون عن سبيل الذكر الحكيم، ومن فسق عن أمره أحل به غضبه وأنفذ فيه عامل انتقامه وسلبه ملابس إنعامه، إما بشقي مثله أو ولي من أهله. ثم ضاعف له العذاب يوم القيامة، وأخلده فيها مهانًا، إلا أن يتوب فيغفر له ما قد سلف. ويعلم المخدوع أن صاحب هذا الأمر العلي مطلع على السرائر، بادية لعلمه صفحات الضمائر. ومع هذا وذاك لا يتفهم أحكامه، ولا يتبع أعلامه، وينبذه وراء ظهره، كأن لا علم له بنهيه وأمره، ويمني نفسه أن ينال ما ادخر الله لأوليائه إذ قصرت همته عن نيل سعادة الدنيا ليتنعم به في الآخرة، شهوة تحول دونها أعماله، وأحلاماً تنافي صدقها أحواله. وما أعجب حال من يزعم الإيمان بالله ولا تفنى أهواؤه في إرادته، ولا تضمحل نشزات طبعه لمهابته، ولا تتضاءل عزائم نفسه لعظمته، ولا يجعل القسم الأعظم من حياته للسعي في مرضاته، ولا يبذل من نفسه وماله ما لا يخسره في مآله. حدثتني عن اليائسين من علية (ق) - وأشباههم فهؤلاء لم ييأسوا من الله، حتى ساء به ظنهم، وما ساء ظنهم حتى انتقض إيمانهم، فحالهم حال القائلين {مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً} (الأحزاب: ١٢) ورويت لي عن أهل النفرة سكنة (س) فهؤلاء بقيت فيهم بقية لابد أن يؤيدوها بالعمل، ولا مكمل لما بقي فيهم إلا رجوعهم إلى الله ورسوله، ولن يرجعوا إليه حتى يكون مزاج وحدتهم، وحبل اعتصامهم كتاب الله، يهزون به هممهم، ويلمون به شعثهم، ويشهدون الله أنهم نصروه في الأحوال والأعمال، فينصرهم في مواطن الجلاد ومواقع الجدال. إن كنت وثقت بشيخ الإسلام الذي ذكرته فخذ العهد عليه، وسق إليه ببعض كتابي هذا أو بكله إن رأيت ذلك ملائمًا لحاله، وإلا فزدني فيه بصيرة فاكتب إليه بما يلهمه الله. وافِني بكتبك بما أمكن من السرعة، ولا تبطئ عليّ بعد الآن والسلام.