للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


معاهدة الصلح
(١)
وضع رؤساء وزراء الحلفاء مع الدكتور ولسن رئيس الولايات المتحدة
شروط صلح بينهم وبين الحكومة الألمانية في مجلد ضخم، ونشرت خلاصتها
شركة روتر في برقية وردت من لندن في ٧ مايو، وهذه ترجمتها العربية:
هذه خلاصة رسمية لمعاهدة الصلح، وهي تتألف من مقدمة وصفية،
وديباجة وخمسة عشر فصلاً:
المقدمة الوصفية للخلاصة
إن نص معاهدة الصلح الذي سلم إلى الألمان الآن، يراد به أولاً: تبيان
الشروط التي بها وحدها يقبل الحلفاء والدول المشتركة معهم أن يعقدوا الصلح مع
ألمانيا , وثانيًا: إيجاد التدابير الدولية التي ابتكرها الحلفاء لمنع وقوع الحروب في
المستقبل وتسوية أمور البشر، ولهذا السبب الأخير أدمج في المعاهدة عهد جمعية الأمم
والاتفاق الدولي الخاص بالعمل والعمال.
على أن المعاهدة لا تبحث إلا نادرًا في المشاكل الناشئة عن تصفية
الإمبراطورية النمسوية، ولا في أملاك الدولتين المعاديتين: التركية والبلغارية، إلا
في ما يقيد ألمانية بقبول التسويات المقبلة التي يستقر عليها قرار الحلفاء فيما يتعلق
بهاتين الدولتين.
وتقسم المعاهدة إلى ١٥ فصلاً، فالفصل الأول يحتوي على عهد جمعية الأمم
التي عينت لها وظائف في مواضع شتى من المعاهدة، والفصل الثاني يصف حدود
ألمانية الجغرافية ابتداءً من المنطقة الشمالية الشرقية من حدود البلجيك الحالية.
ويتألف الفصل الثالث من ١٢ مادة يشترط فيها على الألمان قبول التغيير
السياسي الذي تقضي به المعاهدة في أوربا، وهذا الفصل يقضي بإنشاء دولتين
جديدتين: دولة التشك والسلوفاك، ودولة بولندة. وينص على الاعتراف بهما،
وينقِّح قاعدة سيادة البلجيك ويغير حدودها، وينص على إنشاء أنظمة جديدة من الحكم
في لكسمبرج ووادي السار، ويرد الإلزاس واللورين إلى فرنسة، ويقضي باحتمال
إضافة أملاك إلى الدنمرك، ويجبر ألمانية على الاعتراف باستقلال النمسة
الجرمانية , وقبول الشروط التي توضع للدول والحكومات التي نشأت منذ الثورة
الروسية.
ويبحث الفصل الرابع في التعديل السياسي للبلدان الواقعة في خارج أوربة ,
والتي تأثر مركزها بالحرب، وفيه تنازل عام في ألمانية عن أملاكها وحقوقها في
الخارج، وأن تسلم إلى الحلفاء مستعمراتها والحقوق التي اكتسبتها في أفريقية
بالاتفاقات الدولية المختلفة، ولا سيما عقد برلين سنة ١٨٨٥، وعقد بروكسل سنة
١٨٩٥ التي عينت نصيب كل من الدول الأوربية في قلب أفريقية، ويتضمن هذا
الفصل اعتراف الدول بالحماية البريطانية على القطر المصري، وينقض عقد
الجزيرة الذي كان خطوةً من خطوات سياسة الاعتداء الألمانية التي أوصلت إلى
الحرب.
ويتضمن الفصل الخامس شروط الصلح العسكرية البرية والبحرية
والجوية، وتحديد جيش ألمانية وأسطولها، ويقضي بإلغاء التجنيد الإجباري في
ألمانية توطئةً لجعل هذا الإلغاء عامًّا.
وينص الفصل السادس على أنه يجب على جميع الدول الموقعة للمعاهدة أن
تصون قبور قتلى الحرب، ويتضمن بيان كيفية إعادة أسرى الحرب إلى أوطانهم.
والفصل السابع خاص بأمور التبعة والعقاب، وهو ينص على محاكمة
الإمبراطور ولهلم.
وفي الفصل الثامن بيان كيفية التعويض المطلوب من ألمانية، وفيه نصوص
خصوصية عن الأوراق، ومفاخر الحرب التي أخذها الألمان في الحروب السابقة.
ويتضمن الفصل التاسع المواد المالية، وهي تختص بتنفيذ ما اشترط في
الفصل السابق.
والفصل العاشر طويل جدًّا كثير الوجوه، وهو يحتوي على النصوص
الاقتصادية ويؤيد المعاهدات والاتفاقات الدولية المختلفة التي ليست بذات صبغة
سياسية كالمعاهدات الخاصة بالبوستة والتلغراف والقوانين الصحية، وبالإجمال
جميع الاتفاقات التي تقيدت بها الدول المتمدنة قبل الحرب، وقد أضيف إلى هذا
الفصل نصوص خاصة للتحكم في تجارة الأفيون والعقاقير التي تماثله.
وأما الفصل الحادي عشر فخاص بالملاحة الجوية.
وفي الفصل الثاني عشر مواد تبحث في المراقبة الدولية على الموانئ،
والترع والأنهار وسكك الحديد، وفيه نصوص خاصة على قنال كيال.
والفصل الثالث عشر يتضمن الاتفاق الدولي الخاص بالعمل والعمال.
وأما الفصل الرابع عشر فيحتوي على الضمانات اللازمة لتنفيذ المعاهدة.
والفصل الخامس عشر عبارة عن مجموعات من المواد المختلفة، منها
الاعتراف بما يعقد بعد هذه المعاهدة من معاهدات الصلح، وتأييد أحكام محاكم
الغنائم.
والمواد الأخيرة تبحث في إبرام المعاهدة وموعد الشروع في تنفيذها، وقد
جاء فيها أن النص الفرنسوي والنص الإنكليزي للمعاهدة يعدان رسميين يعول
عليهما.
ديباجة المعاهدة
في الديباجة بيان وجيز لأصل الحرب، وطلب ألمانية للهدنة، ويلي ذلك أسماء
الدول الموقعة للمعاهدة، والتي تمثلها الدول الخمس العظمى، أي: ولايات أميركا
المتحدة والإمبراطورية البريطانية وفرنسة وإيطالية واليابان ومعها البلجيك وبوليفية
والبرازيل والصين وكوبا وإكوادور واليونان وغواتيمالا وهايتي والحجاز وهندوراس
وليبريا ونكارغوى وبناما وبيرو وبولندا والبورتغال ورومانية وسربية وسيام والتشك
سلوفاكيا وإرغواي من إحدى الجهتين وألمانية من الجهة الأخرى.
ويلي ذلك أسماء المندوبين عن هذه الدول، وبعدها هذه العبارة: (وبعد ما
تبادل هؤلاء المندوبون أوراق اعتمادهم المعلمة لسلطتهم، ووجدت هذه الأوراق
وافيةً اتفقوا على ما يأتي:
تنتهي الحرب في الساعة التي يبدأ فيها بتنفيذ هذه المعاهدة، وتستأنف
العلاقات النهائية بحسب أحكام هذه المعاهدة مع ألمانيا، ومع كل دولة من دولها من
جانب الحلفاء والدول المشتركة معهم) .
الفصل الأول
في جمعية الأمم [١]
العضوية: يكون أعضاء الجمعية من الدول الموقعة لهذا العهد، وسائر الدول
التي تدعى إلى الانضمام إليه، وعلى هذه الدول أن ترسل طلب انضمامها من
غير قيد ولا شرط في خلال شهرين، ويجوز قبول أي دولة أو مستعمرة مستقلة،
أو كانت مستعمرة إذا وافق على قبولها ثلث أعضاء هيئة الجمعية، ويجوز لأية
دولة كانت أن تنسحب من الجمعية إذا أعلنت عزمها على ذلك قبل الانسحاب
بسنتين، وكانت قد قامت بجميع عهودها الدولية.
كتابة السر: تنشأ هيئة دائمة لكتابة سر (سكرتارية) الجمعية في مركزها
الذي سيكون مدينة جنيف.
هيئة الجمعية: تتألف هيئة الجمعية من مندوبي أعضاء الجمعية، وتجتمع
هذه الهيئة في مواعيد معينة، ويكون الاقتراع بالدول (أي: لا بعدد المندوبين)
ولكل دولة من أعضاء الجمعية صوت واحد، ولا يجوز أن يتجاوز عدد مندوبيها
ثلاثةً.
مجلس الجمعية: يتألف مجلس الجمعية من مندوبي الدول الخمس العظمى
(إنكلترة وفرنسة وإيطالية والولايات المتحدة الأمريكية واليابان) مع مندوبي أربع
دول أخرى من الدول الداخلة في الجمعية، وتختارهم هيئة الجمعية من وقت إلى
وقت. ويجوز للمجلس أن يُشرك دولاً أخرى معه بالانتخاب، ويجتمع مرةً واحدةً
في السنة على الأقل، وأما الدول الداخلة في الجمعية والتي ليس لها مندوبون في
المجلس، فتُدعى إلى إرسال مندوب عنها متى بحث المجلس في أمور تهم مصالحها،
ويكون الاقتراع في هذا المجلس بالدول، ولكل دولة صوت واحد ومندوب واحد،
ويجب أن تكون قرارات الهيئة والمجلس بالإجماع إلا فيما يختص بطرق العمل
والتنفيذ، وبعض أمور أخرى نص عليها في عهد الجمعية وفي معاهدة الصلح،
ففي هذه تكون القرارات بالأكثرية.
التسليح: يصوغ المجلس الخطط الخاصة باتفاق السلاح؛ لتوضع موضع
البحث والنظر والقبول، وتنقح هذه الخطط مرةً كل عشر سنوات، ومتى تم
الاتفاق عليها لا يجوز لدولة تكون عضوًا في الجمعية أن تتجاوز قدر السلاح المعين
لها من غير موافقة المجلس، ويتبادل الأعضاء المعلومات الوافية عن السلاح
والتسلح والبيانات العسكرية، وتكون للمجلس لجنة دائمة تمده بالمشورة في الأمور
العسكرية البرية، والبحرية.
منع وقوع الحرب: إذا وقعت حرب أو بما خطر من وقوع حرب، فالمجلس
يجتمع للبحث في ما يجب اتخاذه من العمل المشترك، ويتعهد أعضاء جمعية الأمم
بأن يعرضوا مسائل النزاع بينهم للتحكيم أو التحقيق، وأن لا يلجئوا إلى الحرب إلا
بعد صدور الحكم بثلاثة أشهر، ثم إن الأعضاء متفقون على تنفيذ حكم التحكيم،
وعلى عدم محاربة الخصم الذي يذعن له من الفريقين المتنازعين، فإذا أبى أحد
الأعضاء (الدول) تنفيذ الحكم، فالمجلس يعرض التدابير التي يلزم اتخاذها.
ويضع المجلس الخطط لإنشاء محكمة دولية، والمحكمة تحكم في المنازعات
بين الدول وتقدم المشورة، فالأعضاء (الدول) الذين لا يريدون عرض قضاياهم
على التحكيم يجب أن يقبلوا حكم المجلس أو الهيئة، فإذا اتفق أعضاء المجلس -
ما عدا مندوبي الفريقين المتنازعين - اتفاقًا إجماعيًّا على حقوق أحد الفريقين،
فالأعضاء (الدول) يسلمون بأنهم لا يحاربون الفريق المنازع الذي يذعن لما يشير
المجلس به، وفي هذه الحالة يكون لمشورة الهيئة باتفاق جميع أعضائها (الدول)
الممثلين في المجلس، وبأكثرية بسيطة من الباقين (أي: من الدول الصغرى
التي لها ٤ مندوبين في المجلس) - ما عدا الفريقين المتنازعين - قوة القرار
الإجماعي من المجلس، وفي كلتا الحالتين إذا لم يتيسر الوصول إلى الاتفاق
المطلوب فالأعضاء يحفظون لأنفسهم الحق في فعل ما يرونه لازمًا لصون الحق
والعدل.
والأعضاء (الدول) الذي يلجأون إلى الحرب غير مكترثين للعهد، يحرمون
كل اتصال وعلاقة بسائر الأعضاء (الدول) وفي هذه الأحوال يبحث المجلس
في الأعمال العسكرية البرية والبحرية التي يمكن للجمعية أن تعملها لحماية العهد،
ويقدم التسهيلات للأعضاء (الدول) التي تعاون في هذه المهمة.
صحة المعاهدات: جميع المعاهدات أو العهود الدولية التي تبرم بعد إنشاء
جمعية الأمم يجب أن تسجل في كتابة السر (السكرتارية) وتنشر، ويجوز لهيئة
الجمعية أن تشير على أعضائها (دولها) من حين إلى حين بإعادة النظر في
المعاهدات التي لم تعد صالحةً للعمل، أو التي يكون في تطبيقها خطر على السلام،
والعهد يقضي بنقض جميع المعاهدات التي تعقد بين الدول الموقعة له، والتي
تناقض نصوصه، ولكن ليس في العهد ما يمس صحة المعاهدات الدولية،
كمعاهدات التحكيم أو الاتفاقات المحلية، كمذهب (منرو) لأجل صون السلام
وتوطيد أركانه.
نظام التوكيل: إن الوصاية على الشعوب التي لا تستطيع حتى الآن الوقوف وحدها
يعهد فيها إلى الأمم الراقية التي هي أصلح من سواها للقيام بشؤون هذه الوصاية،
والعهد يعترف بثلاث درجات من الارتقاء تقتضي أنواعًا مختلفةً من التوكيل وهي:
(ا) : الشعوب التي من قبيل شعوب السلطنة التركية، وهي التي يمكن أن
يعترف باستقلالها مؤقتًا بشرط أن تستمد المشورة والمساعدة من دولة موكلة يسمح
لتلك الشعوب بأن يكون لها صوت في اختيارها [٢] .
(ب) : الشعوب التي هي من قبيل أهل أفريقية الوسطى، وهذه تدار
أمورها بواسطة دول موكلة بشروط يوافق عليها أعضاء جمعية الأمم بالإجمال، وفي
بلاد هذه الشعوب يتساوى جميع أعضاء الجمعية في التجارة، ويحظر فيها بعض
المساوئ، كالنخاسة وبيع السلاح والمسكرات، ويمنع إنشاء القواعد العسكرية البرية
والبحرية والخدمة العسكرية الإجبارية.
(ج) : الشعوب الأخرى التي من قبيل سكان القسم الجنوبي الغربي من
أفريقية وجزائر الباسفيك الجنوبي، فهذه تدار أمورها أحسن إدارة بقوانين الدول التي
توكل بها كما لو كانت أجزاءً من أملاك تلك الدول غير قابلة للانفصال عنها، وفي
جميع الأحوال المتقدمة يتعين على الدول الموكلة أن تقدم تقريرًا سنويًّا، والجمعية
تعين لها درجة سلطتها.
نصوص دولية عامة: تهتم الدول أعضاء الجمعية بالإجمال، وتسعى
بواسطة جمعية دولية يؤلفها مؤتمر العمال للمحافظة على شروط الإنصاف مع
العمال من الرجال والنساء والأولاد، في بلدانهم وسائر البلدان، وتتعهد أيضًا
بأن تعدل مع معاملة الأهالي الوطنيين في البلاد التي تحت سيادتها، وكل ذلك طبقًا
لنصوص الاتفاقات الدولية الموجودة أو التي يتفق عليها فيما بعد، وهذه الدول
تعطي الجمعية حق المراقبة العامة على تنفيذ الاتفاقات الخاصة بمنع الاتجار بالنساء
والأولاد، أو تشغيلهم إلخ، ومراقبة تجارة السلاح والذخيرة في البلاد التي
يجب فيها هذه المراقبة، ثم إن هذه الدول تتخذ ما يلزم من التدابير لحرية
المواصلات والنقل والمساواة في معاملة متاجر جميع أعضاء الجمعية مع
المراعاة الخاصة لحاجات البلاد التي خربت في أثناء الحرب، وتسعى لاتخاذ
التدابير والاحتياطات اللازمة لمنع انتشار الأمراض ومراقبتها بالاتحاد الدولي،
وجميع المكاتب واللجان الدولية الموجودة الآن توضع تحت تصرف جمعية الأمم،
وكذلك اللجان والمكاتب التي تنشأ في المستقبل.
تعديل العهد وتنقيحه: ينفذ كل تعديل يعدل به العهد متى وافق عليه المجلس
وأكثر المندوبين في هيئة الجمعية.
الفصل الثاني
في حدود ألمانية
وصفت حدود ألمانيا في مادتين، إحداهما خاصة بألمانية نفسها، والأخرى
بروسية الشرقية , وقد وصفت الحدود بين دولة بولندة الجديدة وألمانية، وبين
بولندة وبروسية الشرقية، والحد الجديد بين بروسية الشرقية ولتوانية وصفًا مفصلاً
في كل ما لم يترك الحكم النهائي فيه للجان التحديد التي أرسلت إلى هناك، أما الحد
الفاصل بين ألمانية والبلجيك فيتبع خطًّا وُصف في فصل آخر عن البلجيك، وأما
الحد الفاصل بين ألمانية ولكسمبرج، وبين ألمانية وسويسرة فهو عين الحد الذي
كان في أغسطس سنة ١٩١٤، وأما الحد الفاصل بين ألمانية وفرنسة فهو الحد الذي
كان بينهما في ١٨ يوليو ١٨٧٠ مع قيد خاص بوادي السار، والحد الذي يفصل
بين ألمانية والنمسة هو الحد الذي كان بينهما في أغسطس ١٩١٤ إلى الموضع
الذي تبدأ منه دولة التشك والسلوفاك الجديدة، ويسير حد هذه الدولة الجديدة على
الحد القديم بين ألمانية والنمسة إلى حيث تبدأ بلاد دولة بولندة الجديدة، وأما التخوم
بين ألمانية والدانمرك وجزء من التخوم بين روسية الشرقية وبولندة، فهذه يحكم
فيها في ما بعد بحسب نتيجة الاستفتاء في الحالين.
الفصل الثالث
في المواد السياسية في أوربة
البلجيك: تقبل ألمانية نقض معاهدة سنة ١٨٣٩ التي قضت بأن تكون البلجيك
محايدةً، وعينت حدودها إلخ، وتوافق سلفًا على أي عهد يتفق الحلفاء على استبداله
بها، وعلى ألمانية أن تعترف بسيادة (ملكية) البلجيك التامة على بلاد
(مورصناه) المختلف عليها، وجزء من بلاد مورصناه البروسية، وأن تتنازل
البلجيك عن جميع حقوقها على (أوبن وتمليدي) وإنما يحق لسكانهما أن يحتجوا
بعد ستة أشهر [٣] على هذا التغيير كله أو بعضه، ويكون الحكم النهائي في المسألة
لجمعية الأمم، ويعهد في تسوية تفاصيل الحدود إلى لجنة.
ويتضمن هذا الفصل قوانين شتى عن تغيير الأفراد لرعويتهم، وتكون البلاد
التي تأخذها البلجيك خالصةً من جميع الديون والأعباء.
لكسمبرج: تتنازل ألمانية عن معاهداتها واتفاقاتها المختلفة مع (غرندوقية
لكسمبرج) وتعترف بأنها لم تعد داخلةً في النظام الجمركي الألماني ابتداءً من أول
يناير الماضي، وتتنازل عن كل حقوقها في استغلال سكك الحديد فيها، وتسلم
بإلغاء حيادها، وتقبل سلفًا الاتفاقات الدولية التي يبرمها بشأنها الحلفاء والدول
المشتركة معهم.
ضفة (الرين) اليسرى: يجب على ألمانيا - طبقًا لما نص عليه في الفصل
العسكري التالي - أن لا تُبقي حصونًا ولا معاقل (استحكامات) في مواضع تبعد
عن ضفة نهر الرين الشرقية أكثر من خمسين كيلوا مترًا، ولا تنشئ في تلك
المواضع معاقل جديدة، ولا يجوز لها أن تبقي في الشقة المذكورة قوات مسلحةً
دائمةً أو وقتية، ولا تجري مناورات عسكريةً، ولا تكون لها مبان أو معامل
تسهل تعبئة الجيش، فإذا خرقت نصوص هذه المادة عدت مرتكبةً عملاً عدائيًّا ضد
الدول الموقعة لهذه المعاهدة، واعتبر ذلك منها عزمًا على تكدير صفاء السلم في
العالم، وعليها بحكم هذه المعاهدة أن تلبي كل استيضاح يرسله إليها مجلس جمعية
الأمم.
السار: تتنازل ألمانية لفرنسة عن الملكية التامة لمناجم الفحم في حوض السار
مع كل ما يتبع هذه المناجم من الأدوات والمهمات والوسائل، ويعد هذا تعويضًا
لفرنسة عن مناجم الفحم التي خربها الألمان في شمال بلادها، وجزءًا من الأموال
التي يتعين على ألمانية دفعها على حساب التعويض، وتقدر قيمة هذه المناجم لجنة
التعويض، وتقيد لألمانية في الحساب، وتكون الحقوق الفرنسوية في هذا الحوض
خاضعةً للقوانين الألمانية التي كانت نافذةً عند عقد الهدنة إلا فيما يختص بالتشريع
الحربي، وتحل فرنسة محل أصحاب المناجم الحاليين، وهؤلاء يأخذون العوض
من ألمانية، وتقدم فرنسة المقادير اللازمة من الفحم لسد الحاجات المحلية،
وتدفع نصيبها الحق من الرسوم والضرائب المحلية، ويمتد هذا الحوض من حدود
اللورين كما أعيدت إلى فرنسة ويسير شمالاً إلى (سان فندل) فيشمل من الغرب
وادي السار إلى (سارهولز) ومن الشرق مدينة (هومبرج) لكي تضمن للأهالي
حقوقهم ورفاهيتهم. ولفرنسة الحرية التامة في استغلال المناجم وتتولى حكم الحوض
المذكور لجنة تعينها جمعية الأمم، وتتألف من خمسة أعضاء، أحدهم فرنسوي والآخر
من أهل السار، والثلاثة الباقون ينوبون عن ثلاث بلدان مختلفة غير فرنسة،
وألمانية، وتعين جمعية الأمم أحد أعضاء اللجنة رئيسًا لها، ويكون صاحب السلطة
التنفيذية فيها، وتكون لهذه اللجنة جميع سلطات الحكم الذاتي التي كانت قبلاً
للإمبراطورية الألمانية وبروسية وبلغارية، وتدير سكك الحديد وسواها من المصالح
العمومية، ويكون لها السلطة التامة في تغيير مواد المعاهدة. وتستمر المحاكم
المحلية، ولكنها تكون خاضعةً للجنة، وتظل الشرائع الألمانية الحالية قاعدةً
للقانون، ولكن يجوز للجنة أن تعدلها بعد استشارة مجلس نيابي محلي تؤلفه، وتكون
للَّجنة سلطة فرض الرسوم للأغراض المحلية فقط، ويجب الحصول على
موافقة هذا المجلس المحلي على فرض رسوم جديدة.
وفي كل قانون يسن للعمل والعمال، تُراعى مشيئة جمعية العمال المحلية،
وبيان جمعية الأمم الخاص بالعمال، ويجوز استخدام العمال الفرنسويين وسواهم
بلا قيد ما، ويجوز أن يكون العمال الفرنسيون الذين يستخدمون في العمل تابعين
لنقابات العمال الفرنسية، ولا يكون في بلاد السار خدمةً عسكريةً، وإنما تؤلف فيها
شرطة محلية لحفظ النظام، ويحفظ الأهالي ما لهم من المجالس المحلية وحرية
الأديان والمدارس واللغة، ولكن لا يقترعون إلا للمجالس المحلية، وتبقى لهم
جنسيتهم الحالية إلا حيث يريد الأفراد منهم تغييرها.
والأهالي الذين يرغبون في مغادرة بلاد السار يمنحون كل تسهيل في ما
يختص بأملاكهم، وتكون البلاد داخلةً في النظام الجمركي الفرنسي، ولا تجبى
ضريبة على ما يصدر من فحمها ومعادنها إلى ألمانية، ولا على المحاصيل
والمواد الألمانية التي يؤتي بها إلى الوادي، ولا تجبى رسوم الواردات على ما
يرسل من السار إلى ألمانية، ولا على ما يأتي من ألمانية إلى السار للمقطوعية
المحلية، وذلك لمدة خمس سنوات، ويجوز تداول النقود الفرنسية بلا قيد ولا
تحديد.
وبعد انقضاء خمس عشرة سنةً تستفتى قوى البلاد للوقوف على رغبة أهلها
وهل يفضلون استمرار النظام المنصوص عليه هنا تحت حماية جمعية الأمم، أو
يريدون الانضمام إلى فرنسة، أو الانضمام إلى ألمانية، ويكون الاقتراع حقًّا لجميع
من كان من السكان فوق العشرين من العمر إذا كانوا مقيمين في البلاد عند إمضاء
هذه المعاهدة، ومتى أفتى أهل البلاد وظهر رأيهم، فجمعية الأمم تحكم في
تابعيتها، فإذا أعيد قسم منها إلى ألمانية وجب على الحكومة الألمانية أن تشتري
المناجم الفرنسوية فيه بثمن يقدره الخبيرون، فإذا لم يدفع الثمن بعد ذلك بستة أشهر
فإن هذا القسم يصير ملكًا لفرنسة، وإذا ابتاعت ألمانية المناجم فجمعية الأمم
تعين مقدار الفحم الذي يرسل منها إلى فرنسة.
الإلزاس واللورين: بعدما تعترف ألمانية بالواجب الأدبي المفروض عليها،
وهو تلافي الضرر الذي ألحقته سنة ١٨٧١ بفرنسة وشعب الإلزاس واللورين، فإن
الأملاك التي أعطيت لألمانية بموجب معاهدة فرنكفورت ترد إلى فرنسة الآن،
وتكون حدودها كما كانت قبل سنة ١٨٧١، ويعتبر تاريخ ذلك من يوم توقيع الهدنة
وتكون هذه البلاد المردودة خالصةً من الديون العمومية، أما الرعوية فيها فتنظم
بنصوص مفصلة يميز فيها بين الذين يعادون حالاً إلى الرعوية الفرنسية الكاملة،
والذين يجب عليهم أن يطلبوا هذه الرعوية رسميًّا، والذين يفتح لهم باب التجنس
بالجنسية الفرنسية بعد ثلاث سنوات، والفريق الأخير يشمل السكان الألمان في
الإلزاس واللورين تمييزًا لهم عن الذين ينالون حقوق أهل البلاد كما عينت في
المعاهدة، وتنتقل ملكية جميع الحكومة، وأملاك عواهل (أمبراطرة) ألمانية
السابقين في الإلزاس واللورين إلى فرنسة من غير أن تدفع ثمنها، وتحل فرنسة
محل ألمانية في ملكيتها سكك الحديد والحقوق التي لها على امتيازات الترمواي،
وتنتقل ملكية كباري الرين إلى فرنسة، وعليها أن تعنى بصونها، وتظل
مصنوعات الإلزاس واللورين تدخل ألمانية من غير أن تدفع رسومًا لمدة خمس
سنوات بحيث لا يتجاوز المجموع السنوي مما يدخل منها كذلك المتوسط السنوي
في السنوات الثلاث السابقة للحرب، ويجوز استيراد مواد النسج من ألمانية إلى
الألزاس واللورين، وإعادة إصدارها معفاةً من الرسوم، وتجب المحافظة على
العقود الخاصة بالتيار الكهربائي من الضفة اليمنى للرين عشر سنوات، وتكون
إدارة مينائي (كال وستراسبرج) لمدة سبع سنوات ويجوز مدها إلى عشر
سنوات - في يد مدير فرنسي تعينه لجنة الرين المركزية وتراقب أعماله.
وتضمن حقوق الملكية في الميناءين، والمساواة في المعاملة في كل ما يتعلق
بالنقل لسفن الأمم وبضائعها، وتبقى العقود المبرمة بين أهل الألزاس واللورين
والألمان مرعيةً، إلا أن لفرنسة حقًّا في نقضها بحجة المصلحة العامة، وتبقى أحكام
المحاكم نافذةً في بعض القضايا، أما في غيرها فلا بد من مرجع قضائي يعيد النظر
فيها، وأحكام العقوبات السياسية التي صدرت في أثناء الحرب تعد ملغاةً، ويفرض
حق تسديد غرامات الحرب، كما هي الحالة في سائر بلدان الحلفاء.
وفي هذا الباب نصوص عامة في المعاهدة تتعلق بأحوال الألزاس واللورين
الخصوصية، وقد تركت بعض أمور التنفيذ إلى اتفاقات تعقد بين فرنسة وألمانية.
النمسة الجرمانية: تعترف ألمانية بالاستقلال التام للنمسة الجرمانية بلاد
التشك والسلوفاك - تعترف ألمانيا بالاستقلال التام لدولة التشك والسلوفاك وهذا
يشمل بلاد (الروذينيين) المستقلين جنوبي جبال كرباتية، وتقبل أن تكون حدود
هذه الدولة كما ستعين، أما الحدود التي تفصلها عن ألمانية فتتبع حد بوهيميا القديم
كما كان سنة ١٩١٤ , ويلي ذلك الشروط المعتادة الخاصة بنيل الرعوية وتغييرها.
بولندة: تتنازل ألمانية لبولندة عن الجانب الأكبر من (سيابزيا) العليا
و (بوزن) وولاية (بروسية) الغربية على الضفة اليسرى من نهر الفستولا ,
وبعد عقد الصلح بخمسة عشر يومًا تؤلف لجنة تحديد من سبعة أعضاء: خمسة
منهم ينوبون عن دول الحلفاء، والدول المشتركة معهم، وواحد لبولندة، وواحد
عن ألمانية؛ لتعيين الحدود، والنصوص الخصوصية اللازمة لحماية الأقليات
القومية أو الدينية توضع في معاهدة تالية تبرم بين الحلفاء وبولندة.
(المنار)
حذفنا من هنا حدود بروسية الشرقية ودنتزج والدنمرك.
هليجرلند: تدمر الاستحكامات والمباني العسكرية والموانئ في جزيرتي
(هليجرلند) وفي الكثيب، ويكون هدمها تحت مراقبة الحلفاء بواسطة عمال ألمان
وعلى نفقة ألمانية، ولا يجوز أن يعاد بناؤها، ولا يسمح بإنشاء استحكامات أو
مبانٍ أخرى مماثلة لها في المستقبل.
روسية: تعترف ألمانيا بالاستقلال التام لجميع البلدان التي كانت جزءًا من
إمبراطورية روسية السابقة، وتحترم هذا الاستقلال، وتقبل ألمانية نهائيًّا إلغاء
معاهدة برست لتوفسك , وجميع المعاهدات والاتفاقات المختلفة التي أبرمتها
ألمانية منذ الثورة في نوفمبر ١٩١٧ مع جميع الحكومات أو الجماعات السياسية
في بلاد إمبراطورية روسية السابقة، ويحفظ الحلفاء لأنفسهم بالنيابة عن روسية
حق التعويض والترضي اللذين يطلبان من ألمانية عملاً بمبادئ المعاهدة الحالية.
(لها بقية)
(المنار)
في أوائل هذا الشهر وصل مندوبو الألمان للنظر في شروط الصلح في
باريس , وعددهم مع المساعدين والمترجمين مائة وخمسون نسمةً، واجتمعوا
بمندوبي الحلفاء بقصر (فرسايل) في ٤ من الشهر، وفي ٧ منه عقد الاجتماع
الرسمي الأول لمؤتمر الصلح فافتتحه الرئيس (كلمنصو) بخطبة وجيزة ذكر فيها
أن دول الحلفاء أُكرهت على الحرب، وأن ساعة الحساب الرهيبة دنت، قال: وهذه
شروط الصلح أقدمها لمندوبي الألمان، فإذا كان لهم اعتراض عليها فليقدموه مكتوبًا
في مدة خمسة عشر يومًا فقط، وناول كاتب سر المؤتمر كتاب معاهدة الصلح -
وهو مجلد ضخم فيه أكثر من ألف مادة - للكونت (بروخدورف هنتز) رئيس
مندوبي الألمان فتناوله وخطب خطبةً معتدلةً وهو قاعد، ثم ترجمت خطبته بالفرنسية
والإنكليزية، وأهم ما ذكره فيها الاعتراف بفشلهم في الحرب، أو خسارتهم لها، وبأن
تبعة الحرب ليست عليهم وحدهم، وأنه مستعد للاعتراف بما ارتكبته دولته في
الحرب، ويعيد ما قاله في مجلس النواب سنة ١٩١٤ في شأن الاعتداء على البلجيك،
وأن الألمان مستعدون للتعويض، ونوه برضاء الجميع ببناء شروط الصلح على
قواعد الرئيس (ولسون) ووجوب انضمام ألمانية وجميع الدول إلى جمعية الأمم،
وبأنهم سيفحصون شروط الصلح بحسن النية.
((يتبع بمقال تالٍ))