أعلن مجلس إدارة الجمعية في (المؤيد) الأغرّ بأنها أرجأت الاجتماع الأسبوعي العام إلى أجل غير مسمى، وقد تأخر نشر الإعلان عن يوم الأحد، فجاء الناس ليلة الإثنين، فوجدوا الباب مقفلاً، ويتساءل أفراد الجمعية وغيرهم عن السبب في ذلك، ولابد أن يسمع بعضهم أجوبة صحيحة، فرأينا أن نبين لهم الأمر بالإيجاز {وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (فاطر: ١٤) . إن السبب الصحيح هو توقع شغب كان ينتظر من أفراد يسعون في إبطال الجمعية، ومجمل الخبر من أوله أن الشيخ أحمد أبا الفضل أحد المستخدمين في المسجد الزينبي كان دخل الجمعية، وكان لسعادة الرئيس حُسن ظن به رقّاه إلى أمانة الصندوق، وقد كان أقرّ منذ أشهر قبل انفصاله من تلك الأمانة في مجلس إدارة الجمعية بأنه جاءه ليلاً رجل (جاسوس) غريب، وأسرّ إليه بأنه يحب أن يستعين به على إبطال هذه الجمعية بحجة أنها ضد مولانا السلطان الأعظم - أعزه الله تعالى- وأنه يتعهد له براتب من الأستانة قدره ٢٠ جنيهًا عثمانيًّا في الشهر، فرأى الشيخ أحمد أن أمانة الصندوق خير له، ولم يثق بكلام الجاسوس مع علمه بأنه عاجز عن إبطال الجمعية (وكانت لجنة واحدة، وهي اليوم نحو ٢٠ لجنة) ثم دخل في الجمعية حضرة محمد أفندي فتحي، وهو شاب ذكي، فأتيح له النظر في دفاترها مع بعض الأذكياء منها، وكان من وراء ذلك أن انفصل الشيخ أحمد من أمانة الصندوق مع الكاتب، وتعين محمد أفندي فتحي أمينًا للصندوق، ثم من شهرين ظهر من أمين الصندوق الجديد الميل إلى تغيير قانون الجمعية، وصرح بأن ضميره يحدثه بأنها مخالفة للشرع، وصار يتكلم بهذا في المجتمعات العمومية والخصوصية، فاجتمع مجلس الإدارة وقرر إخراج محمد أفندي من الجمعية؛ لأنه لا يجوز له البقاء فيها، وهو يسيئ بها الظن، ولا يجوز لها إبقاؤه وهو يطعن بها وبدين أصحابها، لا سيما وقد كان هذا الرجل جاء في الاجتماع العمومي عند إرادة الشروع في درس التوحيد وطلب إبطاله، فقامت قيامة الناس عليه، وقالوا: كيف نبطل درس التوحيد ونكون مسلمين وجمعيتنا إسلامية؟ وكان قبل إخراجه استقال من أمانة الصندوق واستقال الكاتب إبراهيم أفندي حسن من كتابة المجلس، وسلم سعادة الرئيس الدفاتر لكاتب هذه السطور المقيم في مركز الإدارة، ثم اجتمع أمينا الصندوق السابقين مع عضوين آخرين من الجمعية وطلبوا اجتماع لجنة الإدارة، وجاءوا معهم بمن ليس منها، بل وبمن أخرج من الجمعية من بضعة أشهر كالشيخ محمد السملوطي واجتمعوا في غرفة مكتب هذا الفقير ما عدا محمد أفندي فتحي، فإنه بقي خارجًا، فطلبوا أولاً العفو عن محمد أفندي فتحي، وهو يرجع عن كل ما قاله، وقد أحضروه فرجع ثم تذاكروا في مسألة، فظهر من بعض الدخلاء الحاضرين أمارات سوء القصد، فخرج سعادة الرئيس، وبعد خروجه أظهر الشيخ محمد السملوطي بحدته مقاصد الذين جاءوا به فقال: أنا رئيس الجمعية، وهذا الرئيس لا يصلح لها، وأخذ دفتر القرارات، وطلب جماعته مني سائر الدفاتر، فأبيت عليهم، فقال لهم الشيخ السملوطي بحدة وغضب: (أنا ثوروي اكسروا الخزانة وخذوا الدفاتر بالقوة) فلما رأيت هذا منهم خرجت لإحضار بوليس يخرجهم، وبعدما نزلت نزلوا في أثري، وأخذ الشيخ الثوروي دفتر القرارات، وعلمنا أنهم يريدون الحضور في ليلة الاجتماع العمومي لإحداث شغب وفتنة تفضي إلى مداخلة الحكومة لفض الاجتماع؛ لتكتب الجرائد ذلك وتقول: مُنعت جمعية (شمس الإسلام) من قبل الحكومة، فاتخذت لجنة الإدارة الاحتياط، ومنعت الاجتماع العمومي، وأعلنت ذلك، ولما رأوا ذلك اجتمعوا في دار أحدهم، وكتبوا ورقة بأنهم رفضوا رئاسة مؤسس الجمعية ورئيسها العام، وخطيبها كاتب هذه السطور، وجعلوا الشيخ السملوطي رئيسًا عليهم، ومحمد أفندي فتحي أمين صندوق، وكتبوا بما عملوا رسالة لجريدة (اللواء) فنشرتها من غير تردد تشفيًا من هذا الفقير الذي جرح صاحبها بانتقاده السابق، وكانوا خدعوا بضعة نفر من الجمعية، فوقعوا على الورقة، ثم ظهر لهم سوء القصد فأحضروا الورقة وسلموها للرئيس العام معتذرين، ولم يبق من شيعة الفتنة إلا تسعة رهط، بعضهم سيئ القصد، وبعضهم مغشوش يوشك أن يظهر لهم ما ظهر لغيرهم فيتوبون، وبلغنا أنه بعد ما وقع الفشل فيهم عزموا على تأليف جمعية مخصوصة، ولا أراهم ينجحون، والله يعلم ما يسرون وما يعلنون، أما الجمعية فهي ثابتة على حالها، سائرة في طريق كمالها، وسَتُعَين لجنة إدارتها في هذا الأسبوع ليلة الاجتماع العمومي للأعضاء، وتبلغهم إياه، والله ولي المتقين.