(تابع المعارف) إن مدارس طائفة الأرمن الكاثوليك على قلتها لقلة عدد أفراد هذه الطائفة، حسنة النظام معتنى بإدارتها , ومما يستحق أن يخص بالذكر منها هنا مدارس طائفة الملكية التي أصلها في مدينة البندقية ومدينة ويانا ومدرسة البطركخانة ومدرسة هيماز قياتز , وللراهبات الأرمنيات مدرسة يتعلم فيها البنات التعليم الابتدائي. ويلي المدارس اليونانية والأرمنية في الدرجة المدارس الإسرائيلية التي كلها مؤسسة ومدارة على نفقة بعض سراة اليهود أو جمعية الاتحاد الإسرائيلي العام , وفي أوائل سنة ١٨٩٠ مسيحية كان يوجد من هذه المدارس في جميع بلاد الدولة العثمانية سبع عشرة للذكور يتعلم فيها منهم ٢٩٣٥ طالبًا وثلاث عشرة للإناث يتعلم فيها ٢٣٠٩ طالبة وزيادة عن ذلك توجد مدرسة مختلطة للذكور والإناث فيها ١٦١ تلميذًا وتلميذة , والدروس التي تلقى في هذه المدارس تكاد تكون هي نفس ما يلقى في المدارس الرشدية للحكومة فهي تشمل: اللغة العبرية , وتاريخ اليهود , والتاريخ الحديث , والجغرافية , والحساب , والقيد في الدفاتر , والكيميا , والتاريخ الطبيعي , واللغات التركية والعربية واليونانية والتليانية والأسبانية بحسب مقتضيات الجهات المختلفة المؤسسة بها هذه المدارس. أما التعليم العالي فلا توجد له مدارس في الطائفة الإسرائيلية , ولكن يوجد لهذه الطائفة غير ما تقدم من المدارس عشر مدارس صناعية للذكور وتسع للإناث تحتوي الأولى على مائتين وأربعين متعلمًا والثانية على مائتين وخمس عشرة متعلمة. ولم يضيق كرم الحكومة العثمانية الواسع عن قبولها تأسيس الأوربيين معاهد للتعليم العام في بلادها سواء في ذلك العاصمة والولايات , فجميع الطلبات التي تقدم من الأجانب استئذانًا في فتح مدارس تصادف دائمًا من حكومة جلالة السلطان أحسن قبول , وهذا هو السبب فيما يراه الإنسان بجميع أنحاء المملكة العثمانية من المدارس الفرنساوية والتليانية والإنكليزية والنمساوية والألمانية والأمريكية التي تنجح وتترقى في الكنف الواقي لجلالة السلطان الذي وجدت فيه الآداب والعلوم والصنائع أقدر كفل , ففي القسطنطينية وحدها واحد وعشرون معهدًا من معاهد التربية والتعيم بين مدارس وملاجئ أيتام وكليات يديرها اللازاريون وإخوة المدارس المسيحية وأخوات الإحسان , وغيرهم من الطوائف الدينية الكاثوليكية وعدد المتعلمين في هذه المحال يزيد عن ٢٥٠٠ تلميذ بين ذكور وإناث , وفوق ذلك يوجد خمس مدارس بروتستانتية يديرها المبعوثون الدينيون من الإنجليز الأموريكيين , ومدرسة يونانية كاثوليكية , وست مدارس للقسيسين العالميين تعلم فيها العلوم الابتدائية والثانوية والعالية. وقد أسس أحد أغنياء الأميركيين المدرسة الشهيرة بكلية روبرت التي امتازت بحسن تعليمها العالي , وللمبعوثين الأمريكيين فوق ما تقدم مدرسة اشتهرت جدًّا بتربية البنات. ويوجد في بيروت مدرسة طبية حرة فائدتها لا تقدر بالنسبة للبلاد التي يُتكلم فيها باللغة العربية. ويوجد أيضًا في أدرنة وسالونيك وجنينا وأزمير وطرابزون وعنتاب والموصل وغيرها مدارس أجنبية تساعد المدارس العثمانية في ترقية التعليم العام. يخصص جلالة السلطان في كل سنة مبالغ طائلة ينفقها من جيبه الخاص لنشر التعليم العام , وليست جلالته تقتصر على منح النقود اللازمة لإنشاء مكاتب الصبيان والمدارس الابتدائية للذكور والإناث في الجهات التي تعوزها النقود بل إنها على الدوام تساعد المدارس إما بالنفقات المالية التي تجود بها عليها بسخاء لا يعهد إلا في أعاظم الملوك , أو بالهدايا المختلفة الأنواع والجوائز المعدة للتلامذة حثًّا لهم على الجد , وتحريكًا لغيرتهم في تحصيل العلم , وجميع هذه المساعدات المالية وغيرها يوزعها جلالة السلطان على جميع رعاياه بدون نظر إلى اختلافهم في الدين فجميع الرعايا كما قلنا متساوون لأنهم أبناء وطن واحد , ولذلك ترى أن جلالته لما تخرج في كل سنة إلى إستانبول في احتفال الخرقة الشريفة تحييها التلامذة والمعلمون غير المسلمين تحية حماسية , وهم مصطفون في شوارع المدينة التي يمر بها الركب السلطاني. وهذه التحية هي: (بادشاه مزجوق يشا) لتعش جلالة سلطاننا كثيرًا , وليست هي إلا عنوانًا صغيرًا لما تكنه صدور الأمة لحاكمها من الشكر الكثير والولاء المتين. (لها بقية) ((يتبع بمقال تالٍ))