للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


طريقة الشاذلية الدرقاوية

س ٢٢ من السيد مصطفى منصور في (السلمية: دسوق)
حضرة الأستاذ الجليل السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فأرجوك أن تفيدنا عن الفتوى الآتية:
انتشر عندنا في أنحاء البلاد طريق من طرق الصوفية وسمي طريقة الشاذلية
الدرقاوية نسبة إلى مولاي العربي الدرقاوي وهذه الطريقة من شعائرها الاجتماع
صباحًا ومساء على تلاوة الأوراد والأذكار إلا أن من أعمالهم في حال الذكر من قيام،
التأوه بقولهم (آه آه) معتقدين أن هذه الكلمة اسم من أسماء الله تعالى.
وقد رفع هذا السؤال إلى حضرة الشيخ عبد العزيز جاويش، فأنكر ذلك في
لواء يوم١٥ذي القعدة سنة ١٣٢٧ قائلاً بأنه ليس من أسماء الله تعالى ولم يرد في
كتاب ولا في سنة صحيحة وأسماء الله توقيفية وليس لله إلا الأسماء الحسنى وسفّه
رأي القائلين بأنه من أسماء الله.
فرد عليه أحد شيوخ تلك الطريقة الأستاذ الشيخ محمود حجاري بقوله: (إنه
من أسماء الله تعالى مستندًا في ذلك على حديث وارد في الجامع الصغير في حرف
الدال (خ) للبخاري (ت) للترمذي عن أبي هريرة قال الشارح الغريزي وكذا
رواه مسلم) (دعوه) أي المريض (يئن) أي يقول (آه) (فإن الأنين اسم من
أسماء الله تعالى يستريح إليه العليل) وسبب هذا الحديث كما في الكبير عن
عائشة رضي الله عنها قالت (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا
مريض يئن فقلنا له اسكت فقال: دعوه) ... إلخ، رواه الرافعي في تاريخ قزوين
عن عائشة وهذا الحديث مرتبته الحسن كما قال بذلك سيدي محمد السعراني الشهير
بالواعظ ومستندًا في ذلك أيضًا بما كتبه الباجوري والأمير كلاهما على (جوهرة
اللقاني) عند قوله: (حتى الأنين في المرض) كما نقل، وقال وأما دعوى الشيخ
جاويش بأنه ليس لله إلا الأسماء الحسنى فمردود بإجماع المسلمين على أن لله أسماء
كثيرة غيرها منها الرب وهو وارد في القرآن في مواضع كثيرة ومنها (مليك)
وهو وراد في القرآن عند قوله تعالى {عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} (القمر: ٥٥) ومنها
الحنان المنان، وستار وسيد، وكلها ثابتة بالسنة وما يؤخذ من حديث (إن لله تسعًا
وتسعين اسمًا) لا يفيد الحصر وحيث إننا في حاجة إلى بيان ما عليه هذه الطائفة
فنلتمس منكم الفتوى الشرعية في ذلك جعلكم الله منارًا للحق ونبراسًا للهدى.
ج- ظهرت الطريقة الدرقاوية في أوائل هذا القرن في بلاد سورية أخذها خلق
كثير عن شيخ مغربي كان في عكا اسمه الشيخ علي نور الدين فقامت عليه وعليهم
قيامة العلماء ونسبوا إليهم القول بالحلول والاتحاد، وبعض المنكرات العملية كالجمع
بين النساء والرجال، بل قيل إن بعضهم مرقوا من الدين وصاروا إباحيين،
وجعلوا شيخهم علي نور الدين اليشرطي مثار هذه الضلالات كلها، ولكنني رأيت
بعض الشيوخ الصالحين يثني على شيخه ويقول (إنه بريء من كل ما خالفوا
الشرع فيه ومن هؤلاء المبرئين له شيخان الشيخ محمد القاوقجي الشهير وقد نشر هذه
الطريقة في طرابلس الشام الشيخ نجيب الحفار أحد علمائها المشهورين فلم نر من
تلاميذه من الفسق ولم نسمع عنه أو عنهم القول بالحلول والاتحاد، فالظاهر أن هذه
الطريقة كغيرها من الطرائق المشهورة يتبع تأثيرها حال المشايخ الذين يتصدون
لنشرها فإن كان جاهلين ضالين أضلوا العامة بها وإن كان على علم وهدى نفعوا من
ينتمي إليهم بقدر ما يصل إليه علمهم وإخلاصهم، وقلما تسلم طريقة في هذا العصر
من البدع، وبعض الشر أهون من بعض، والشيوخ هم العمدة، والذكر بالأسماء
المفرد لم يرد في الشرع الأمر به ولا العمل كما بينا ذلك من قبل، على أن
الخطب فيه سهل.