للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقاريظ

(التبر المسبوك في نصيحة الملوك)
كتاب وجيز وضعه الإمام أبو حامد الغزالي للملك العادل السلطان محمد ابن ملك
شاه، كتبه باللغة الفارسية ونقله إلى العربية بعض تلامذته وهو مشتمل على الحكم
البالغة والنصائح الرائعة والحكايات التي تشتمل على العظة وتدعو إلى الاعتبار ,
ولكنه على فضل واضعه وتحقيقه لا يخلو مما يُنتقَد على كتب الوعظ وهو كثير ,
منه: الغلو في التزهيد , والنهي عن العناية بعمارة الدنيا ككلامه في (بيان العينين
اللتين هما مشرب شجرة الإيمان) ويعني بهما معرفة الدنيا , ولِمَ وجد الإنسان فيها ,
ومعرفة النفس الأخير على أن الكتاب لا يخلو عما يخالف ذلك من الحث على عمارة
البلاد , وبيان أن الدين لا يقوم إلا بعمارة الدنيا كقوله:
واعلم أن أولئك الملوك القدماء كانت همتهم واجتهادهم في عمارة ولاياتهم
بعدهم , روي أنه كلما كانت الولاية أعمر كانت الرعية أوفى وأشكر , وكانوا يعلمون
أن الذي قالته العلماء ونطقت به الحكماء صحيح لا ريب فيه، وهو قولهم: إن الدين
بالملك , والملك بالجند , والجند بالمال , والمال بعمارة البلاد , وعمارة البلاد بالعدل
في العباد. فما كانوا يوافقون أحدًا على الجور والظلم , ولا يرضون لحشمهم بالخرق
والغشم , علمًا منهم أن الرعية لا تثبت على الجور , وأن الأماكن تخرب إذا استولى
عليها الظالمون , ويتفرق أهل الولايات , ويهربون في ولايات غيرها , ويقع النقص
في الملك ويقل في البلاد الدخل , وتخلو الخزائن من الأموال , ويتكدر عيش الرعايا
لأنهم لا يحبون جائرًا , ولا يزال دعاؤهم عليه متواترًا , فلا يتمتع بمملكته , وتسرع
إليه دواعي هلكته اهـ.
ومن أحسن ما جاء فيه خبر قال الامام الغزالي: إنه يستفيد منه القارئ
والسامع وهو: سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: لأي
شيء لا تنفع الموعظة هؤلاء الخلق؟ , فقال: الخبر معروف - أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما أوصى عند وفاته أشار بأصابعه الثلاث , وقال: (لا
تسألوني عن حال أولئك) فقال قوم من الصحابة: أشار إلى ثلاثة أشهر ,
وقال قوم: إلى ثلاث سنين , وقال قوم: إلى ثلاثين سنة , وقال قوم: ثلاثمائة
سنة , يعني إذا مضت ثلاثمائة سنة فلا تسألوني عن حال أولئك الرجال , فإذا
قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسألوني عن حال أولئك فكيف ينفع الوعظ
فيهم؟
وسئل عن هذا السؤال , فقال: كان الناس في ذلك الوقت نيامًا , وكان
العلماء أيقاظًا , واليوم العلماء نيام , والخلق موتى , فأي نفع لكلام النائم مع
الميت (قال الغزالي) : أما زماننا هذا فهو الذي هلك فيه الخلائق جميعهم وقد
خبثت أعمال الناس ونياتهم اهـ.
(المنار)
وجه الفائدة في الكلام أن المسلمين قد انحرفوا عن صراط دينهم بعد النبي
صلى الله عليه وسلم بزمن قليل - انحرف العامة أولاً وبعدهم العلماء - وليس
في الكلام دليل على أنهم لا يعودون إلى الاستقامة على ذلك الصراط المستقيم,
فقد ورد في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ترك فينا الثقلين إن تمسكنا بهما
لن نضل أبدًا , وهما كتاب الله تعالى وسنته عليه الصلاة والسلام فما علينا إلا
الاستمساك بهما وترك الأهواء والبدع التي روج سوقها فينا قال فلان وفعل
علان.
(الدليل الصادق على وجود الخالق , وبطلان مذهب الفلاسفة ومنكري
الخوارق)
كتاب مطول في العقائد لمؤلفه العالم الفاضل الشيخ عبد العزيز بن عبد
الرحمن جاب الله , وقد أتم الجزء الأول منه تأليفًا , وطبع في مطبعة الآداب
والمؤيد، وهو يدخل في نحو ٤٠٠ صفحة جمع فيها صاحبه كثيرًا من مباحث
المتقدمين والمتأخرين , وسار كغيره من المتأخرين علي طريقة السنوسي في
تقسيم الصفات , وأورد الأبحاث التي أوردها الذين كتبوا على عقائد السنوسي
الشروح والحواشي , ولم تسمح لنا الفرص بمطالعته لننتقده ونوفيه حقه من
التقريظ , وغاية ما نقول فيه: إنه جمع من الفوائد والنقول ما لا يكاد يوجد في
غيره فنحث أهل العلم على الاطلاع عليه.
(سبيل الهدى)
مجلة علمية لصاحبها الأديب اللوذعي أحمد سعيد أفندي البغدادي، ويسرنا
أن المجلات الأدبية قد كثرت , ووجد منها ما يناسب كل طبقة من الناس،
ونرجو أن تحول أفكارهم عن كثرة الاشتغال بالسياسة التي لا تفيدهم، ونرجو
لهذه المجلة بخصوصها الإقبال لا سيما عند تلامذة المدارس لأن صاحبها على
معرفة تامة بأذواقهم ومشاربهم , وإننا نقرظها الآن وليس في يدنا عدد منها
لننبه على أهم مباحثه وهي تطلب من حضرة صاحبها في مصر.