(جميع الكتب النافعة) إن علامة اللغة والأدب الأستاذ الشيخ محمد محمود ابن التلاميد التركزي الشنقيطي الشهير قد جمع في رحلاته وأسفاره في الأقطار كتبًا نفيسة، منها ما هو نادر الوجود , وقد وقفها على عامة أهل العلم في بلاده شنقيط ونظم في هذه الأيام قصيدة غراء ينافس فيها بهذه الكتب , ويحض فتى من قومه على الرحلة إليه لكسب العلم وأخذ هذه الكتب قبل وفاته , وصدَّرها بالحماسة لتعرض بعض من يدعي العلم , وقد طبعت وأهديت إلينا نسخة منها فرأينا أن ننشرها بشرحها المفيد وهي:
بسم الله الرحمن الرحيم إظهار بعض الحسب المذخور لردع كل متعرض مفخور يا من تعرض لي بالعلم والأدب ... وهب [١] يسألني عن مقتضى حسبي عُض الأنامل من غيظ ومت كمدًا ... وكلْ جنى الجهل واشرب قهوة الغضب أنا الذي لا أزال الدهر ذا طرب ... سرًّا وجهرًا لتسياري ومضطربي لضبط علم وكتب أبتغي بهما ... وجه الإله وفوزي بعد منقلبي أنا الذي لا أزال الدهر ذا شغف ... بنقدي الكتب أبدي خافي الكذب أنا الذي لا أزال الدهر ذا فرح ... بما أنميه من علمي ومن كتبي تجول بي همتى في الأرض مجتهدًا ... في جمعها من بلاد العجم والعرب تسرني غربتي في الناس منفردًا لكسبها لا لكسب المال والنشب [٢] وما سررت بشيء قد ظفرت به ... مسرتي بكتاب نلته عربي ألهو به طول ليلي والنهار معًا ... مجانبًا لهو خود [٣] عذبة الشنب [٤] بيضاء بهكنة [٥] ... هيفاء خرعبة [٦] ريا المخلخل لا تدنو من الريب فدونكم معشري كتبًا مهذبة ... من حسن ما قد حوت لا ينقضي عجبي كفيتكم جمعها مستبشرًا جذلاً ... بشق نفسي بالإيغال في الطلب يود ذو العلم والفهم الأصيل قوى ... تصونها فيه بين اللحم والعصب يحوي معانقها طول الزمان غنى ... يغني عن الفضة البيضاء والذهب وحلو طعم معانيها على ظمأ ... أحلى من البرد الممزوج بالضرب قد قيدتني بأرض غير أرضكم ... تقييد عانٍ بلا كبلٍ ولا سبب وسركم سنكم [٧] إبلاً مؤبلة ... سن المعيدي [٨] في السعدان [٩] والربب [١٠] أليس منكم فتى بالرشد متصف ... يفري الفريّ [١١] ويأتي أعجب العجب ينمي القتود [١٢] على عيرانة [١٣] أجد [١٤] ... تقوى على الوخد والتخويد والخبب يطوي المفاوز قد ضمت جوانحه قلب السليك عدا في الدرع واليلب حتى ينيخ ببابي غير مكترث ... لما يلاقيه من هول ومن نصب فعل الأمين أخي ضوى [١٥] الذي سبقت له العناية أنضى العيس [١٦] في طلبي حث النجائب لا يلوي علي أحد منكم يثبطه عن نيله رُتبي جاب البراري ثم البحر منصلتًا [١٧] على ركائب لا تخشى وجى [١٨] النقب [١٩] حتى أناخ لدى البيت الحرام لديّ ... فحاز ما يبتغي من مرتضى الأرب قضى المناسك حجا عمرة [٢٠] تفثًا [٢١] ... مناسكًا هن حقًّا أصعب القرب [٢٢] قفاهما حججًا تقتافها عمر [٢٣] ... في سعيها راحة تنسي أذى التعب فقرت العين بالجمع الصحيح به ... وجد في العلم كل الجد بالأدب وطابت أنفسنا مستمتعين بذا ... ونال مني يقين العلم من كثب غذاؤنا العلم صرفًا لا مزاج له ... من الأغاليط والتمويه والشغب عشنا معا عيشة في (طيبة) رغدًا ... وفي البقيع ثوى في أطيب الترب وسرت منها إلى مصر البلاد وقد ... صارت لي الآن ملقى الرحل والقتب كابني نويرة كنا قبلنا وصلا ... حبل الأخوة بالأشعار والخطب كمالك وعقيل مالك ومتمم ... أخو مالك من صحب خير نبي فقطع الموت حبل الوصل بينهما ... فلا تواصل يرجى غابر الحقب هذا وإن لسان الحال ينشدني ... أبيات مكتسب للكتب محتسب (إني لما أنا فيه من منافستي ... فيما شغفت به من هذه الكتب) (لقد علمت بأن الموت يدركني ... من قبل أن ينقضي من جمعها أربي) (ولا أؤمل زادًا للمعاد سوى ... علم عملت به أو رأفتي بأبي)