للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الجامع الأزهر

وقفنا على مقالة ضافية في جريدة (بيسه أخبار) الهندية الإسلامية كان بعثها
صاحب هذه الجريدة الفاضل من مصر عندما جاءها في سياحته التي تكلمنا عنها في
جزء مضى. يصف فيها مصر وصفًا تاريخيًّا سياسيًّا أدبيًّا علميًّا جاء فيه بالفتيل
والنقير: وتكلم حتى عن راكبي الحمير. وشبه الحكومة المصرية بالشطرنج يلعب
به اللورد كرومر.. . وأطال الكلام على الجامع الأزهر فنلخص من كلامه فيه ما
يأتي:
قال: دخلت الجامع الأزهر الذي هو أشهر المساجد في العالم من حيث التعليم
وأما من حيث السعة والزخرف فيوجد ما يفضله في القاهرة وغيرها - ثم تكلم
بالمناسبة على جامع القلعة وغيره وقال - أنا أدع الكلام على هذه المساجد العظيمة
كجامع السلطان حسن وابن طولون والمؤيد والغوري وأتكلم على الأزهر لأن كل
المسلمين يعرفون اسمه ولا سيما قراء جريدتنا.
هو أكبر المدارس الجامعة في الدنيا وقد جئته مرات متعددة في أوقات مختلفة
من ليل وصباح وظهيرة ومساء من نهار وهو مخصوص للتعليم لا للصلاة فلا
يجيئه الناس من الخارج للصلاة , ومتى أذّن المؤذن من مناراته الأربع (هي خمس)
يقوم بعض طلاب العلم فيه وفي أروقته للصلاة. ولكنهم يصلون متفرقين.. .
وبعضهم يبقى مشغولاً بالقراءة والمطالعة وبعضهم بالأكل والاضطجاع.. .
(قدرت الذين يتعلمون فيه بزهاء عشرة آلاف، والأساتذة بمائة، أو يزيدون
(الصواب أنهم مئات) وسن الطلاب يبتدىء من ٧ سنين إلى سبعين سنة.. .)
ثم تكلم عن الرواتب وأنها قليلة جدًّا إلا راتب شيخ الجامع فإنه كثير جدًّا
وتكلم عن الجراية وعن الإدام ما هو , وكيف يكون الأكل , وعن الأروقة وتعدد
الأمم والشعوب فيه بما لا حاجة لنقله إلا قوله (والتعليم فيه يبتدئ من قراءة
القرآن للأطفال إلى أعلى العلوم الإسلامية , ويقرأ بعض الأستاذين لطالب واحد
وبعضهم لجماعة كثيرة) ثم قال ما ترجمته بالحرف:
(أنا أبدي رأيي في الأزهر وإن تألم له كل مسلم يراه وهو أن معرفتي بهذا
المكان الذي هو دار العلوم الإسلامية الكبرى ما أورثني إلا التأسف. قلما يخرج من
هذه المدرسة عالم ينفع الملة والأمة , وإن المتخرج منها يأخذ عمامة الفضيلة (يريد
درجة التدريس) بعد دراسة ١٢ سنة إلى ٢٤ سنة.
أصحاب الجرائد الإسلامية يمدحون طريقة إصلاح التعليم الجديدة في الأزهر
ويذهبون إلى أنها ضرورية لا بد منها , ولكن علماء الأزهر (أي بعضهم) يقولون:
إنها بدعة وإن الطريقة القديمة خير منها.
سألت لطيف باشا سليم عن علماء الأزهر النابغين فأجابني بما رجعت معه
يائسًا وهو أن قال: إنه لم يتخرج من الأزهر عالم يستحق أن يخرج اسمه من
مصر ويطوف البلاد الأخرى.
يريد علماء المسلمين أن يكونوا كأنبياء بني إسرائيل , ولكن هؤلاء العلماء لم
يصلوا في الحقيقة إلى مرتبة العلماء فكيف يعرجون إلى أفق الأنبياء؟ ! ترى من
العلماء من يأمر بالمعروف ولا يأتمر , ويَنْهَى عن المنكر ولا ينتهي) , وهنا ذكر
الكاتب بيتين من الشعر الفارسي معناهما أن الخطيب على المنبر يقرع الأسماع
بزواجر الوعظ في الجلوة ويعمل بخلاف ذلك في الخلوة. يأمرون الناس بالتوبة
ولكنهم هم لا يتوبون فهلا وعظوهم بأفعالهم كما يعظونهم بأقوالهم فإن العمل أقوى
تأثيرًا. اهـ المراد منه.
***
تعيين أمين
علمنا أن مجلس إدارة الأزهر قد اختار الأستاذ النزيه الشيخ أمين أفندي
السحيمي وكيلاً لرواق الأتراك لعجز شيخه بالمرض والكبر عن النظر في شؤونه ,
وهو تعيين أصاب أهله ووقع موقعه؛ لأن هذا الفاضل يرجى أن يصلح به حال
الرواق ويرتقي أحسن ارتقاء , فنهنئ صديقنا الشيخ أمين أفندي بهذه الخدمة الجليلة
ونرجو له التوفيق بالقيام بشئونها خير قيام.