للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: شيخ بن أحمد الهادي


المنار الإسلامي واللواء الوطني

بين المنار الإسلامي، وجريدة اللواء الوطنية تضاد فيما يسمونه (المبدأ)
فالمنار يدعو إلى الإصلاح الإسلامي، وثبت أن المسلمين لا يرتقون إلا بترك البدع
ورجوعهم في الدين إلى ما كان عليه السلف، وبأخذهم بوسائل القوة والمدنية
العصرية في أمر الدنيا.
ويدخل في الأول أن كل مسلم أخ لكل مسلم، وفي الثاني أن أهل كل قطر من
الأقطار ينبغي لهم التعاون على عمرانه لا يفرق بينهم في ذلك دين ولا مذهب.
وجريدة اللواء لا رأي لها في الدين والإصلاح يسقطها، ولكن لها وطنية عمياء من
معناها أنه يجب على كل مصري مسلم أن لا يتعصب على كل من يقيم في مصر من
غير أهلها الأقدمين وإن كان مسلمًا، وعلى كل مصري مسلم أن يتعصب على كل
مصري ليس بمسلم، وهذا مما ينقضه المنار، ولذلك ترى جريدة اللواء تقدح في
المنار، وقلما نطلع على شيء من طعنها، وقد صارت في هذه السنة تسند الطعن
إلى بعض الأقطار إما اختلاقًا، وإما لأن مثل أحمد المنوفي كتب إليها بذلك - هذا
الرجل من باعة الكتب كالذين يطوفون بالأزبكية، وسافر إلى كلكته فصار إمام
مسجد بها - فتسمي ذلك صوت اللواء في الهند! ! وقد يجيئها ما يفند مطاعنها فلا
تنشره، كما ترى في الرسالة الآتية التي كتب إلينا مرسلها من سنغافورة صورتها،
وكلفنا نشرها إن لم تنشر في اللواء، وهي:
عن سنغافورة في ٢٧ جماد أول سنة ١٣٢٣ إلى مصر القاهرة.
حضرة الفاضل سعادتلو أفندم صاحب اللواء دام علاه
بعد السلام قد اطلعت على ما كتبه في جريدتكم الغراء في العدد ١٧٥ حضرة
الفاضل الهندي المولوي عبد المجيد المراد آبادي أحد مدرسي العلم الشريف بكلكتا
فتأسفت كثيرًا؛ لأني لم أكن طالعت شيئًا من أفكار علماء الهند قبل في هذا
الموضوع، وظننت حينئذ أنهم في جمود وخمود لا كما كنت أظن وأسمع؛ حتى
رأيت ما كتبتموه من كلام حضرة المِفضال النواب محسن الملك كثر الله أمثاله
وحفظه، فسرى عني ذلك الأسف وحل محله الرجاء، وقد أعجبني كثيرًا مما كتبتم
على كتابه الأخير. فجزى الله أحسن الجزاء كل داع إلى الهدى نابذ للتعصب
الأعمى.
اللهم إلا أنه وقع عندى موقع الاستغراب جهل المولوى انتشار المنار بالهند
وخصوصًا في كلكته؛ إذ حضر لدي وقت قراءتي تلك الرسالة أحد أهل كلكته ممن
يقرأ المنار منذ سنين من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ويعرفون الرجال
بالحق لا بالعكس، وقد أفادني أن للمنار هناك سمعة حسنة ولكثير من الجرائد
والمجلات العربية والمصرية.
أما حصر المولوي ما وجد في المنار في نبذ المذاهب الأربعة فشيء اختص هو
به، فليعد النظر إن لم يعمه تعصبه؛ ليعلم أن المنار يدعو إلى نبذ نحو قولهم:
(إذا زنى الرجل بأمه أو بنته بعد أن يعقد عليها صارت له فراشاً ولا حد عليهما)
وأمثال ذلك، وصاحب المنار ومن على شاكلته هم المتبعون للأئمة عليهم الرضوان؛
لأن الأئمة لم يكونوا مقلدين جامدين، بل أفنوا أعمارهم في اقتباس العلم من الكتاب
والسنة.
وتنظيره بالخوارج مما دلنا على كمال عقله وعلمه بالدين والتاريخ؛ فلا نطيل
الكلام مع من كان أعمى أو يتعامى، لكننا ننصح لذوي الشأن في المدارس بأن لا
يثقوا بمن هذا علمه وعقله، وغالب الظن أن ذلك الكاتب لا عالم ولا متعلم بل
متعصب متخبط أراد التضليل فنسب نفسه إلى العلم والتدريس وإلا فليكتب لنا
العبارة المنتقدة بنصها ثم ليرد عليها بالدليل لا بقال وقيل. وأنى له ولأمثاله ذلك
فيقال له: (ليس بعشك فادرجي) ولسنا ممن يعتقد العصمة للمنار، ولكنا نعلم أن
المتعصبين لا ينكرون الأمر الحق. وأما تربصه الدوائر لمن ينفي تحريف المبطلين
وانتحال الغالين عن هذا الدين؛ فنقول له ولشيعته: تربصوا فإنا معكم متربصون،
والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وسلام على المرسلين، والحمد لله
رب العالمين، أفندم.
... ... ... ... ... ... ... ... شيخ بن أحمد الهادي