للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


وفيات الأعيان

(الشيخ عبد الفتاح الزعبي الجيلاني)
توفي في هذا الصيف، ولم أعلم بوفاته في وقتها فكتبت إلى أكبر أنجاله
(الشيخ محمد والشيخ علي) تعزية سألتهما في كتابها عن تاريخ الوفاة وسببها،
وعن مسائل أخرى أحب ذكرها في ترجمته، فمضى زُهَاء شهرين ولم يرجع إليَّ
الجواب.
السيد عبد الفتاح هو نقيب السادة الأشراف في طرابلس الشام والخطيب
المدرس للجامع الكبير المنصوري فيها، وسيد كبرائها وأعيانها، وشيخ الطريقة
القادرية، من أسرة الزعبية التي تقيم في قرية مشحة وحصن الأكراد من ملحقات
طرابلس وينتهي نسبهم إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني الحسني أكبر أئمة الصوفية
وأقطابهم في عصره. طلب العلم في طرابلس على شيخ الشيوخ العلامة الشيخ
محمود نشابة، ولم أسمع منه أنه أدرك جده الشيخ نجيب الزعبي وكان من كبار
العلماء، وممن أخذ عنه العلامتان الشيخ عبد الغني الرافعي والشيخ أحمد أفندي
سلطان، وكان السيد عبد الفتاح من أذكى الأذكياء، وأفصح الفصحاء، له شعر
كثير، وديوان خطب جمعية خرجت له أحاديثه، وكان الحكام يهابونه لجرأته على
النقد.
كان رحمه الله تعالى من أصدق أصدقائنا وبين بيتهم وبيتنا مصاهرة فقد كانت
عمته زوج عم والدي السيد أحمد أبي كمال، خطبها إلى جده الشيخ نجيب أكبر
وجهاء طرابلس وأغنيائها فأبى؛ لأنهم لم يكونوا شرفاء النسب، وكان كبار الشرفاء
إلى عهده يحافظون على هذا، وأقدر أنه أتم في العقد التاسع من عمره أو كاد وقد
تزوج في شيخوخته عذراء وله منها أطفال. وآخر ما كتبه إليَّ تقريظ للجزء
العاشر من تفسير المنار، تمنى فيه أن يجد قوة لقراءة هذا التفسير درسًا في الجامع
الكبير، رحمه الله رحمة واسعة، وأحسن عزاء أنجاله وسائر أسرته الشريفة.
***
(الشيخ محمود خطاب السبكي)
بعد صلاة الجمعة ١٤ من شهرنا هذا (ربيع الأول) فجأت المنية هذا الأستاذ
الكبير، والعلم الشهير، وقد كان إمامًا في الهداية إلى العبادة والتقوى والنهي عن البدع
والمعاصي يتبعه ألوف كثيرة منتشرون في القطر المصري كله ينسبون إليه، وكان
مواظبًا على التدريس وله مصنفات كثيرة مطبوعة آخرها شرح لسنن أبي داود صدر
منه خمسة أجزاء، ولم أطلع على شيء منها، فرحمه الله تعالى، وجزاه أفضل
الجزاء.