للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


كتاب الإسلام [*]
للكونت هنري دي كاستري

يعلم مَن له وقوف على التاريخ الحديث أن الحروب الصليبية هي مبدأ جميع
المشاكل بين المسلمين وبين أوروبا، بل بين هذه وبين جميع الشرق، ولقد كان مبدأ
تلك الحروب تحمسًا وغلوًا في الدين وتعصبًا من أوروبا على الإسلام، وما كانت
لتهب تلك الأمم كلها وتندفع على الممالك الإسلامية وتعمل على إبادة الإسلام وهي
تعتقد أنه دين قيم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحفظ العهد والذمة، ويقيم
القسط في بلاد كان له السلطان عليها، إذ لا يجوز اتفاق أمم كثيرة على حب الشر
وكراهة الخير، والرغبة في محوه واصطلامه وإن جاز أن يجنح إلى ذلك أفراد أو
جماعات من الناس نشئوا على الشرور، وتربوا على الفساد، أو أعمتهم الحظوظ
وشهوات النفوس من حب الرياسة وغيره، وإنما طوح بأمم أوروبا إلى ذلك أن قوماً
من أرباب الهواء مثلوا لهم الديانة الإسلامية بتمثال مشوه، اجتمعت فيه المعايب
والرذائل المتفرقة في العالم كله، وزايلته جميع المحامد والفضائل والمحاسن إلى ما
لا محل لشرحه هنا.
تفجر طوفان تلك الفتن، فجرف ما جرف، وفاضت بحار الانتقام، فغشي
الناس من اليم ما غشيهم، أعقب ذلك الجزر إلى أجل مسمى، ثم فاض نائب تلك
البحار باسم جديد، وتلون بألوان المدنية الحديثة المدهشة ببهاء منظرها وغرابة
مخبرها، مدنية روحها الثروة، وجسدها الثروة، قرب طلاب الكسب فيها الأبعاد،
وخالطوا جميع الأمم حتى كادت الأرض تكون مدينة واحدة.
بهذا أمكن لأهل أوروبا الوقوف على حالة المسلمين في سيرتهم الدينية، ولكن
بعدما (دب إليهم داء الأمم السابقين) و (اتبعوا سَنَن من قبلهم شبرًا بشبر وذراعًا
بذراع) ، فكان لمن رآهم بعين السخط دليل من أنفسهم على ما رماهم به الطاعنون،
حتى بما يسمونه (عبادة القديسين) ، كما هو منصوص في كتبهم، ومسموع من
كلمهم، ومنهم من نظر بعين الإنصاف، فرأى من أعمالهم حسناً وقبيحاً، وتبين له
أن قومه مفرطون في ذمهم للإسلام، وغالون في تحزبهم وغمطهم للمسلمين.
ومن هؤلاء من ذهب به حب اكتشاف الحقيقة إلى النظر في القرآن وغيره من
كتب الدين، حتى أدى به البحث إلى الإعجاب به، ثم اعتناقه أو الثناء عليه.
ومن المثنين على الإسلام في مصنفاتهم (الكونت هنري دي كاستري) كتب
كتابًا سماه: (الإسلام خواطر وسوانح) ، بحث فيه عن صدق سيدنا محمد صلى
الله تعالى عليه وسلم في نبوته، ففند مزاعم قومه فيه، لا سيما أصحاب (أغاني
الإشارات) ، التي كانت السبب في الحروب الصليبية، وتكلم على الإسلام في زمن
الفتح وما بعده، وعلى القضاء والقدر، وغير ذلك من المسائل التي يطعن بها أهل
أوروبا على الإسلام، وتكثر المباحث بها في هذه الأيام، لا سيما من المستشرقين
في أوروبا، ويستشهد في كلامه بالقرآن العزيز ويحتج بآياته.
كل هذا وعلماء المسلمين لا يدرون في الغالب ماذا يقال في دينهم مدحاً ولا ذمأ،
بل تركوا الأمر لأهل أوروبا يفتاتون عليهم بما يشاؤون، وكيف يدرون، وهم لا
يعرفون لغات القوم، ويذمون في الأكثر من يتعلمها، ويختبر حالة أهلها، وينظر
في كتبهم، وربما طعنوا في دينه من جراء ذلك، حتى كادت الطبقة العارفة بلغات
أوروبا والناظرة في فنونها تكون منفصلة عن الطبقة المشتغلة بعلوم الدين انفصالاً
تامًا. ولا مجال هنا لبيان الضرر في ذلك على الأمة الإسلامية، وإنما نقول: إنه
يوجد في علماء الدين من يعلم وجه حاجتنا إلى علوم أوروبا حق العلم، ويوجد في
العارفين بعض لغات الأوروبيين والناظرين في فنونهم من يحب خدمة الملة والدين
بعلمه، ومن هذا الفريق العالم القانوني الفاضل عزتلو أحمد فتحي بك زغلول رئيس
محكمة مصر الابتدائية، فإنه يختلس الفرص من أشغاله القضائية الكثيرة لترجمة
الكتب النافعة، ولقد ترجم غير كتاب، ولا يزال يدأب في هذه الخدمة. وآخر كتاب
نقله للعربية وطبعه كتاب: (الإسلام) للكونت دي كاستري المشار إليه آنفاً.
أحب القاضي الفاضل أن يعرف قومه ماذا يقال عنهم، رجاء أن تنهض هممهم
للمدافعة عن أنفسهم بالاستدلال وإصلاح الحال، فإننا إذا أقنعنا أوروبا بأن ديننا دين
علم وتهذيب (وهو الواقع) يوشك أن يتغير فيها الرأي العام فينا، ولنا في ذلك من
المنافع العلمية والسياسية ما لا يجهل.
وقد أحببت أن أتحف قراء المنار بمقدمة حضرة المترجم؛ لما فيها من الفائدة،
والتنبيه لما ينبغي أن تتوجه إليه أفكار المسلمين، لا سيما العلماء منهم، فإننا نحن
المسلمين نعتقد أن القرآن هو أول كتاب سماوي أَلَّفَ بين الدين والعقل، وجمع بين
مصالح الدنيا والآخرة بالعدل، وأن نبينا عليه الصلاة والسلام إنما بعث ليتمم مكارم
الأخلاق، ويضع حدود الفضائل والآداب، وأوروبا ترمينا نقيض ذلك كله، ونحن
نكاد نصدقها بأعمالنا وأحوالنا، حيث نعرض عن الفنون العصرية، ولا نكذبها
بأقوالنا، حتى قام منها من يدافع عنا، فكان أولى بنا منا، ولو كنا نحن المناضلين
عن أنفسنا لكانت الفائدة أتم، والمنفعة أعم، فعسى أن يلتفت إلى هذا الأمر الجليل
أهل الرشاد، كيلا نكون مع مناظرينا كالنعامة مع الصياد.
مقدمة المترجم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه
ومن والاه، أما بعد: فإنى عثرت على كتاب فرنساوي ألفه حضرة الكونت هنري
دي كستري في الدين الإسلامي سنة ١٨٩٦ ميلادية، ولما فرغت من قراءته
وجدتني منساقًا إلى ترجمته، فلم يدركني ملل ولا نصب حتى أتيت على آخر
الكتاب، وعدت فراجعت الترجمة فإذا هي تكاد أن تكون حرفاً بحرف، ثم توجهت
الفكرة إلى طبع هذه الترجمة ونشرها على الناطقين بالعربية، فاعترضني بعض
الأصدقاء بعد أن أريته شذرات من الترجمة، وكان من رأيه عدم النشر بالطبع،
واحتج بأن الكتاب غاية في التدقيق قاصدًا نهاية التحقيق غير أنه اضطر إلى ذكر ما
كان وإن كان يعتقده أو يتوهمه مسيحيو العصر الخالية في الدين الإسلامي من
الشناعات والسباب، وذكر مثل هذه الأشياء وإن كان على سبيل الرد عليه ربما
اشمأزت له النفوس، ووقع من المطلعين عليه موقع الاعتراض وعدم القبول، فهو لا
يروق من هذه الجهة جماعة المسلمين، وإنني لم يكن ليخطر ببالي مثل هذا
الخاطر، ولم يدر في خلدي أن يعترض واحد على ذكر هذه الأشياء في الكتاب،
وهي لم تذكر من المؤلف وهو مسيحي على أنها حقائق، بل أوردها على أنها أوهام
علقت بأذهان المسيحيين من تلك الأعصر، وترتب عليها ارتسام المسلمين في
مخيلاتهم بالصور الشنعاء، وأراد المؤلف محو هذه الصور من مخيلات
الأجيال الحاضرة، فبرهن وأقنع واستدل بالحجة القاطعة على أن تلك موهومات
لا نصيب لها من الحقيقة، وذكر أسباب إيجادها في النفوس، ورغب إلى قومه
أن يستبدلوا تلك الصور المشوهة بصورة الإسلام الحقيقي، وما يدعو إليه من خير
وإصلاح، فلذلك لم أعول على استشارة ذلك الصديق في التأخر في الطبع، إلا
أنه أوجب عندي استشارة غيري وغيره، فرأيت أمام الصديق المعارض
أصدقاء موافقين وغيرهم مستحسنين وغيرهم آمرين، وبالطبع غلب رأي
الأكثرين رأي الواحد، خصوصًا وأنه لم يستند إلا على شيء قال: ربما يحصل،
ونحن نقول: ربما لا يحصل، وإن حصل فهو من عدد قليل، وأنه لو لم يذكر
المؤلف ما ذكره من تلك الموهومات ونبه على فساده وبرهن على خلافه، لبقي
مركوزاً في أذهان قومه، وبقينا ونبينا عندهم على ما توهمه السابقون منهم، أما وقد
فعل فلا شبهة في أنه خدم ما استطاع، ووجب علينا شكره ما استطعنا، ومن تمام
شكره إعلام قومنا بكتابه، ولكنا لم نرد أن نأخذه بدون إذنه واستمنحناه الإذن فيه،
فتفضل بالإجابة وكان له بذلك الشكر والامتنان.
على أن إمكان اشمئزاز البعض مما جاء في هذه الكتاب من الأقوال التي ردها
المؤلف ودل على خطئها بالبرهان، لا يقابل الفائدة التي نراها من نشره، والذي
يقصد الفائدة ويتحرى مآخذها لا ينبغي له أن يلتفت إلى ما عساه يكون من تقزز
بعض القراء، فإنهم لو أنصفوا لما نفروا.
هذا وإن قومي لعلى علم تام من أن مقصد مثلي حسن، وغرضي إنما هو
التنبيه على أنه قد وجد من غيرنا من قام للدفاع عنا بذكر الحقائق، وسرد الوقائع
التاريخية الصادقة، فسفه رأي قومه فينا، وأبان لهم وجهي الخطأ والصواب، ومن
الواجب علينا أن نعرف ما قيل، وما دفع به الدافعون وليتهم كانوا منا، وأن نتعرف
صاحبي الرأيين، فنعرف المخطئ، ولا ندع له باباً آخر للطعن علينا، ونعرف
لذي الصنيعة صنعه الجميل، فنزيده اعتقاداً باستحقاقنا لما صنع. وفينا كتاب الله
أعظم مرشد لهذا السبيل، فقد حكى بعض المذاهب بنصها وفصها، ورد عليها بغاية
الإيضاح والتبيين، وعندنا كتب سادتنا الأولين في علوم الأصول والكلام، وكأنها
تحكي المذاهب الباطلة مفصلة، وترد عليها، ومن علمائنا السابقين من يوجب
حكاية المذهب الفاسد، ليتمكن المطلع من الرد عليه بالدليل، فإذا كان هذا هو الحال
في المذاهب التي قررها أصحابها، ويخشى حقيقة من انتشارها؛ لأنها مبرهنة بنوع
من البرهان، وإن كان فاسد المقدمات، فما الظن بما حكاه الغير عنا على وجهه،
إما غلطاً أو قصداً لغرض مخصوص. أظن أنه لا يختلف اثنان في أنه من ألزم
الواجبات حكاية ما حكوه، وإشهار ما قالوه، وإذا كان الغرض في القسم الأول هو
الرد عليه، فليكن الغرض من هذ القسم معرفة ما رمينا به، وهذا بلا ريب ينتج
الرسوخ في العقيدة عندنا، وينتج أيضًا اقتناع الواهمين بضد ما توهموه، وهذه
النتيجة تقصد لكبار العقلاء، ويحبها أفاضل العلماء.
وفوق هذا فإنا بذكرنا ما قالوه قدحاً علينا أو طعناً في ديننا أو صاحبه عليه
الصلاة والسلام نرجع إلى أنفسنا، ونبحث عما إذا كان لأقوالهم من إهمالنا منتزع أم
لا، فإن كان لهم منها منتزع علمنا كما هو الصواب أنه ليس من أصل الدين، فلا
نلبث أن نتباعد عنه، ونرجع لأصل الدين القويم، ولا نحيد عن العمل به في أي
حال من الأحوال، وإن لم يكن لهم من أعمالنا منتزع أدركنا أن لهم غرضاً
مخصوصاً، وعملنا على ما يزيل هذا الوهم من أنفسهم، أو يدفع بهم إلى تغيير
غرضهم فينا، وهم لا شك مجتنبوه إذا رأوا منا ذلك المنهج المعتدل، والسير على
الصراط المستقيم، فإن مقاومة الوهم بمثله لا تفيد.
ثم إنه لا ينكر أن في همتنا قصوراً عن البحث فيما يعتقده الناس فينا، فإذا
قيض الله لنا من بحث بدلنا ورد الشبه عنا فما أجدرنا بقبول عمله وإظهار الرضا به،
وما أولانا بنشر تحقيقاته بيننا، حتى تعم فائدتها جميعاً، وربما جرنا هذا إلى
الاشتغال بأنفسنا، فإنه ما حك جسمك مثل ظفرك، ولا أحسن من أن يتولى الإنسان
مصالحه بيده مع حفظه حق مرشديه وعدم إنكار صنيعهم الجميل.
ولقد رأيت للمؤلف من التثبت في العقل والاعتدال في الحكم واستعمال الذوق
في الرد وإعمال العقل في النقد وطريقه والاستشهاد بالوقائع التاريخية، ما فاق به
سواه من مؤلفي زمانه، فبان لي أن غرضه الحقيقة أيًّا كانت، ولا أؤاخذه في بعض
مواضع كتابه، مما لم يطابق نقله الأحكام الشرعية، إذ ربما اعتمد فيه على قول
بعض النقلة، وربما كان نقله صحيحًا على بعض المذاهب التي لم أقف أنا عليها،
ولذا لم ألاحظ عليه في الهامش ملاحظات مستقلة، وفضلاً عن هذا فإنني رأيت أن
تكون الترجمة نقلا للأصل برُمّته؛ ليعلم ماذا قصد وماذا كتب، ويكفينا منه أنه
طالب للحق، وإن جاء في بعض آرائه ما عساه يحمل على الخطأ، مثل الذي له
في التأويل والحكاية عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعماله واعتقاداته،
على أنه لا يفوت قراء الترجمة أن الكتاب كتب لينشر بين قوم المؤلف، وكان لابد
له من ملاحظة أفكار المكتوب إليهم وأحوالهم، وربما اضطر في ذلك إلى إبراز
بعض الحقائق الثابتة عنده في صورة الاحتمال والإمكان، كما يشير إليه كتابه إليَّ
إيذانًا بنشر ترجمته، كذلك لم أشأ أن أكون معه من المجادلين، لئلا تضيع الحقيقة
أو ينجر الأمر إلى الإنكار على صاحب مقصد حميد.
هذا وإني تارك هنا ما نحن عليه من وقوف حركة النظر، ومن تعطيل قوة
البحث في العلوم، ومن ترك ما دعينا للعمل به من قواعد الدين، ومن الابتداع فيه
وعدم العمل بزواجره واجتناب نواهيه، ومن إغفال ما حثنا عليه من العلوم النافعة
والتربية الناجعة، فإن ذلك وإن كان له مساس بما نحن بصدده إلا أنه يقتضي الشرح
الطويل مما لا يحتمله هذا المقام، لكننا نقول قولة مجملة بأن الإسلام يأمر بالمعروف
وينهى عن المنكر، ولا يرضى منا بالغفلة عن المنافع والمصالح، ويطالبنا بدفع
المفسدة، ويحثنا على مكارم الأخلاق، ويبين لنا أن كل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة
في النار، وأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وأن العلم يطلب ولو في
الصين، وأن لا شيء من العلم بضار، ولا شيء من الجهل بمفيد، وأن من أحدث
في الدين ما ليس منه فهو رد عليه. هذه هي تعاليم الإسلام إلا أن الأعصر الحاضرة
قد خرجت بالدين إلى ما ليس منه، فعطلت شعائره الحقيقية، ودخلت فيه البدع،
وتغلبت المعتقدات الفاسدة على القواعد الصحيحة، وتمسك الناس بالبدع وتركوا
الفروض والواجبات، وكاد القرآن يتلى مع الآلات المطربة، والصلاة تؤدى في
الحانات، واندثر العلم وانحلت العزائم، وقعدنا عن تحصيل القليل من ضرورياتنا،
وتأخرت التربية، ففسدت الأخلاق، وتناكرت النفوس، فاختلفت المساعي،
وتعاكست المقاصد فتفرقت المنافع، وانحل عقد نظام المسلمين فأصبحوا أشتاتًا،
يمقتهم الناس ويرمونهم بالانحطاط ويعيرونهم بما تنزه عنه شرعهم، ولكنهم ألفوه
وبالغوا في التمسك به، حتى تبدلت الأحوال، وصار كما قال صحاب المنار:
الجبر توحيدًا، وإنكار الأسباب إيمانًا، وترك الأعمال المفيدة توكلاً، ومعرفة
الحقائق كفرًا وإلحادًا، وإيذاء المخالف في المذهب دينًا، والجهل بالفنون والتسليم
بالخرافات صلاحاً، واختبال العقل وسفاهة الرأي ولاية وعرفانًا، والذلة والمهانة
تواضعًا، والخضوع للذل والاستبسال للضيم رضى وتسليمًا، والتقليد الأعمى لكل
متقدم علمًا وإتقانًا، نعم، كان هذا كله وأكثر منه مما نمسك عنه، وإنما سقنا ما
ذكرناه معذرة لمن يفهم من الأجانب أن سوء حالنا آتٍ من جهة ديننا، وأن رضوخنا
للجهالة إحدى دعائمه، كما يتبين من عرض أفكارهم في هذا الكتاب، والدين براء
منه. وكيف نطلب منهم حسن الاعتقاد في الإسلام وهم يرون المسلمين يأتون من
الأعمال ما لا ينطبق على عقل، ولم يقل به شرع، اللهم إلا إذا كان كما فهموه منا.
إنهم في الحقيقة معذورون إذا نسبوا أعمالنا هذه إلى الدين، فإنهم لا يفرقون بين ما
هو منه وما هو بعيد عنه، وليس لهم إلا أن يعتقدوا بأن عملنا مأمور به لا منهي
عنه.
إلى هنا نمسك القلم ونترك القول للمؤلف، سائلين أن يستصحب القارئ معه
في قراءة هذه الترجمة ما قدمنا من الملاحظات، وبالله الاستعانة وعليه الاتكال في
صلاح الأعمال. اهـ.