للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


مجلة المنار سنة ٣٣

نشرنا هذا البيان في بعض الصحف في شهر شوال الموافق شهر فبراير
(شباط)
سيصدر الجزء الأول من مجلد المنار الثالث والثلاثين في أول مارس من سنة
١٩٣٣ والجزء العاشر في نهاية هذه السنة الميلادية بجعل شهري التعطيل في أولها
بدلاً من أثنائها المعتاد أو آخرها. وتعوض المشتركين عن جزئي هذين الشهرين
فترسل إلى كل من أدى قيمة الاشتراك تامة كاملة قبل انتهاء السنة ما هو بقدر
قيمتهما أو يزيد عليها من الكتب أو الرسائل المفيدة.
وسيقرؤون في الأجزاء الأولى من هذه السنة تتمة بحث (إثبات الوحي
المحمدي) بالأدلة العلمية العقلية وبيان أنواع مقاصد القرآن وعلومه في إصلاح
البشر الديني والاجتماعي والسياسي والمالي والحربي مما لم يسبق له نظير قط في
بيان كون الإسلام هو الدين العام الأخير للبشر، وأنه لا منجاة لمدنية الغرب
الحاضرة من تعادي الشعوب والملل المنذر لهم بالهلاك بدون هدايته، وهو يتضمن
دحض شبهة الماديين القائلين بأن وحي الأنبياء نفسي أي فائض من استعدادهم
النفسي لا إلهي من عالم الغيب، وفيه بيان لما أخطأ به موسيو درمنغام في كتابه
(حياة محمد) من تصوير هذا الوحي ومقدماته.
ويلي هذا البحث في عظمة موضوعه وطرافته بحث إثبات قوله تعالى حكاية
عن المسيح عليه السلام: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (الصف:
٦) والشواهد عليه من كتب العهدين القديم والجديد المؤيدة باللغات الآرامية
والسريانية والعبرية واليونانية لقسيس من علماء الآشوريين هداه الله إلى الإسلام في
القرن الماضي، وكذا بحث الخطر على الإسلام من الداخل والخارج وأنواعه
والمخرج منه الذي شخصناه في خطابنا الأخير في المؤتمر الإسلامي العام في
القدس الشريف. إلى غير ذلك من الحقائق والفتاوى في المشكلات التي لا توجد في
غير المنار.
ونذكر قراء المنار والراغبين في قراءته في عامه الجديد أن خسارتنا المالية
في إصداره كانت عظيمة في السنة الماضية لقلة الذين أدوا إلينا حقه بعذر العسرة
المالية، عسى أن يتفكروا فيتذكروا أن اشتراك كل واحد منهم في هذه الخدمة للملة
والأمة بجنيه واحد في السنة أيسر من بذل القائم بها وحده مئات من الجنيهات مع
بذل علمه وعقله وعمره في تحريرها وتصحيحها.
شر المشتركين في الصحف من ينوي ألا يؤدي حقها وهو قليل، ويليه
المماطل بالوفاء. وفي الحديث النبوي المتفق عليه: (مطل الغني ظلم) والغني:
الذي يجد القيمة. وفي حديث صحيح آخر: (لَيُّ الواجد يُحِلُّ عرضه وعقوبته)
أي أن مطله يبيح ذمه باللسان والقلم، وعقوبته لدى الحكام في الدنيا قبل عقاب الله
تعالى في الآخرة.
وليفرض الماطل الظالم أن كل المشتركين مثله؛ إذ لا يرضى أحد لنفسه أن
يكون أظلم الناس، فكيف يمكن لصاحب الصحيفة في هذه الحالة أن يصدرها؟
نذكرهم بذلك لقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ} (الذاريات:
٥٥) وقوله عز وجل: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى} (الأعلى: ٩-١٠) وقوله سبحانه: {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ} (غافر: ١٣) .