على ما نقل من كلامهم في كتبهم المعروفة الكاشفة عن اعتقاداتهم في مراتب أصول العقائد. (ففي مرتبة معرفة الذّات) قالوا (إن الذّات ذاتان) ذات غيبية باطنية لا اسم لها ولا رسم لها، ولا تسمى ولا توصف، ولا تكليف على العباد بمعرفتها وتوحيدها وعبادتها. وذات ظاهرة تسمى، وتوصف، وفي هذا القسم من الذات قالوا: إن المعرفة فرع إدراك المعروف، والعبادة فرع إدراك المعبود، فيجب أن يكون المعبود في صقع العارف والعابد، حتى يعبد بجسمه جسم المعبود وبنفسه نفس المعبود، وبعقله عقل المعبود، وبفؤاده فؤاد المعبود. فهناك ذات ظاهرة معرفتها تسمى بمعرفة البيان، وهي المتعلقة بها المعرفة والعبادة، وهي في مقام النبوة نبيّ، وفي مقام الإمامة إمام، وفي مقام الركنية ركن رابع، ولذا قالوا: إن الخطاب في (إياك نعبد وإياك نستعين) إلى النبي والإمام. والركن الرابع صرّح به الشيخ أحمد بن صقر المشهور بزين الدين واغر الإحسائي في رسالته الخطابية المطبوعة في جوامعه، والسيد كاظم الرشتي في شرح الخطبة، والحاج كريم خان في موارد من إرشاده المعروف المطبوع في عصره، وهذه المقالة دعتهم إلى مصاحبتهم لصور مشايخهم، وجعْلها في محالّ سجودهم، وقد اشتهروا بذلك بحيث لا يتمكنون من إنكاره. (وفي مرتبة معرفة الصفات) قالوا: إن الأسماء والصفات للذات الظاهرة: النبي والإمام والركن الرابع، وهي معرفتهم بالمعاني. وقالوا: إن الصفات كلها حادثة، فالله عالم بالأشياء بعلم حادث، وقادر بقدرة حادثة، وهكذا. وقالوا: إن الصفات متحدة في المفهوم كما هي متحدة في المصداق، وقالوا: نسبة الخلق والرزق إليه تعالى كفر. قال الخان الكرماني في إرشاده بالفارسية: (بس هركه بكويد ذات خداي تعالى خالق اشياء است باجماع مسلمانان از ضرورت دين بيرون رفته) . وصرّح بتمام ذلك ابن صقر في شرح العرشية، والرسالة العلمية، وشرح الزيارة، والسيد الرشتي في شرح الخطبة. (وفي مرتبة معرفة الأسماء) قالوا: إن الذات لا اسم لها ولا رسم لها. ويقولون في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} (الأعراف: ١٨٠) يعني الربوبية الثانية في الذات الظاهرة. قال سيدهم في شرح الخطبة: إن الربوبية لها ستة مقامات: (أحدها) : رتبة الذات البحت التي لا اسم لها ولا رسم. (الثانية) : رتبة الذات الظاهرة التي هي مظهرة تلك الذات البحت. (والثالثة) : رتبة الذات في مقام يعبر عنها بـ (هُوَ) . (والرابعة) : رتبة يعبر عنها بإله. (والخامسة) : رتبة يعبر عنها بسائر الأسماء. (والسادسة) : هي الرتبة الربوبية، السارية في العبودية. وخمسها شيخه، وكثرها الخان الكرماني بغير حساب. قال في الإرشاد: (من نميكوم انخذائيكه سابق مي برستند باطل بوده بلكه ميكويم او حق بوده وعبادتش درست بوده ولكن امروز جون شعور شمازيادشده بايدبدابندكه ان خدانبوده بلكه بنده بوده واينكه امروز ميكويم اين خدا است وبعد از اين شعورها زياد يمشودميد ايندكه اين خدا نيست بلكه بنده ايست از بند كان خدا وخدا ديكريست) . وقال الشيخ أحمد في شرح الزيادة في تفسير الدعاء: أنت الله عماد السماوات - يعني الحسن بن علي، وقالوا: أنت الله قوام الأرضين - يعني الحسين بن علي، وقالوا: إن الضمائر له في القرآن من الغيبة والخطاب والتكلم راجعة إلى النبي والإمام والركن الرابع في مرتبة المعاني. وقال الشيخ أحمد: كما أن له الأسماء الحسنى كذلك له الأسماء السوءى، لكن أمرنا بدعوته بالحسنى دون السوءى، وقال: إن معنى قولك: (الله عالم قادر بصير) الله الله الله لاتحادها في المفاهيم اللغوية كاتحادها في المصداق الوجودي. (وفي مرتبة معرفة الأفعال) قالوا: لا فعل لله تعالى، ولا انتسب إليه الفعل، ولا يطلق على الذات اسم الخالق والفاعل وأمثالهما؛ لأنها يجب أن يكون مقارنة للفعل، والذات لا يقارن شيئًا. واستدلوا بقوله: إن الإرادة لا تكون إلا والمراد معها. ولا يفهمون أن معية المراد مع الإرادة حادثة هي لا مع المريد الذي هو القديم تعالى. و (في مرتبة العدل) قالوا: لا خصوصية للعدل في حق معرفته من الأصول دون سائر الصفات؛ ولذلك جعلوا أصول دينهم أربعة: (أحدها) : معرفة الله، و (الثانية) : معرفة النبي، و (الثالثة) : معرفة الإمام، و (الرابعة) : معرفة الركن. وعليه بنى الإرشاد الخان الكرماني. و (في معرفة النبوة) قالوا لكل نوع من الموجودات نبي من نوعهم، فللجماد نبي من الجمادات، وللبنات هكذا، وللحيوان أيضًا وقالوا إن الصفات المقررة في أنبياء بني آدم مقررة لها من كونها طاهرة مطهرة، عاقلة عاملة، قابلة للوحي والإلهام، معصومة فيّاضة على ما تحتها من أمتها. ولها أئمة من بعدها حافظة لشرائعها ونقباء ونجباء. صرّح به الشيخ أحمد في جوامعه، والخان في إرشاده، وزاد أشياء أخرى فقال: إن محمد تنزل وتطور في كل مقام في صورة كل نوع فينبئ فيها ويبلغها، فإنهم قد يظهرون في صور الجماعات والنباتات والحيوانات، وصور بني آدم سعيدهم وشقيهم. وبه قال الشيخ أحمد في موارد من كتبه، منها ما ذكر في شرح الزيارة في تفسير (وأجسادكم في الأجساد) ، وقال إن الأئمة قد يظهرون في أحسن صورة لأوليائهم، وفي أوحش صورة لأعدائهم. ثم ذكر حديث جابر بن عبد الله في قول طلحة، وقال في الاستشهاد لهذا الحديث: حيث ظهر أمير المؤمنين عليه السلام في صورة قبيحة هي صورة مروان بن الحكم ورمى طلحة بسهم وقتله للاتفاق على أن طلحة قتل برمي مروان، لكن طلحة لمّا عاين الموت وكشف عنه غطاؤه رأى عليًّا عليه السلام في صورة مروان بن الحكم، انتهى. وصرّح به الخان في إرشاده. والعجب من هذه المقالة بأنه كيف عرف طلحة ورأى عليًّا في صورة مروان، ولم يعرفه الحسن بن علي حيث قال في مجلس معاوية لمروان: أنت الذي وقفت بين الصفين ورميت طلحة وقتلته؟ و (في مرتبة الختمية) قالوا: إن للخاتم صلى الله عليه وسلم اسمين (يعني ظهورين) اسم سماوي وهو أحمد، واسم أرضي وهو محمد. وقد ظهر باسمه الأرضي منذ بعث في رأس كل مائة لترويج ظاهر شريعته، حتى مضت عليه وعلى شريعته ستة مائة ستة مائة فكانت اثني عشر مائة [١] وانتهت الدورة الأولى لترويج ظاهر الشريعة، وأتت الدورة الثانية لترويج باطن الشريعة، وانقضت دورة ظاهر الشريعة، فظهرت تلك الحقيقة المحمدية باسمها السماوي وهو أحمد في الشيخ أحمد لترويج باطن الشريعة. وهذه المقالة عين ما قاله السيد كاظم الرشتي في شرح قصيدة عبد الباقي، مذكورة في عشرين ورقًا [٢] مِن أواخر الكتاب. وللخان في هذا الميدان جولان، حيث شبه الإيمان بالإنسان. وقال: إنه كان نطفة في زمن آدم عليه السلام، ثم صار علقة في زمن نوح عليه السلام، ومضغة في زمن إبراهيم عليه السلام، وعظامًا في زمن موسى عليه السلام، ونفخ فيه الروح في زمن عيسى عليه السلام، وتولد في زمن محمد صلى الله عليه وسلم، فارتضع من ثدي ولاية الأئمة عليهم السلام ولمّا كان أوان فطامه غاب عنه المرتضعة [٣] فودوعه [٤] لدى المربيات وهم الفقهاء، وصار مراهقًا في زمن شيخنا، فأخذناه من الإماء المربيات لنعلمه الآداب والسنن. وجال في المقام، وأطال في الكلام، ولعب بذنبه والسبال، حتى آلَ الحال إلى مقالة قرة العين القزوينية راقصة بالغنج والدلال، أنكحت وزوجت قد فر من الميدان! ! وقال الخان أيضًا في إرشاده: إن بعث الأنبياء والرسل ونصب الحجج وإنزال الكتب كلها لإثبات الركن الرابع، وهو بمنزلة أصل الكعبة في مسجد الإمامة في حرم النبوة في عالم أرض التوحيد. فعلى الإسلام السلام بعد هذه المقالة. وقالوا بكفر من أنكر الركن الرابع، وأنهم ناصبين! ! وطهارتهم للتَّقِيَّة. وأيضًا قال في أول المجلد الرابع من إرشاده ما هذا لفظه: من جكونه بادست قاصر ونفس ضعيف أين مطلب وابكردان اين خلق منكوس بكذارم كه هزاروده سأل است كه درجاهليت غيبت كرفتارند. وتاريخ كتابه في ست وستين فيكون من أول ولادة الحجة داخلاً في الجاهلية إلى أن بلغ قلمه موضعه من الكتاب. وقال: كتابي هذا - يعني الإرشاد - مطابق لما هو مسطور في اللّوح المحفوظ حرفًا بحرف، والسواد مطابق للأصل. وقال قراءة كتابي هذا واجبة وقراءة القرآن مستحبة. وقال مَن قرأ خمسة أوراق من كتابي فكأنما قرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وما أتى به الأنبياء من عند الله. ولا تقتصر عباداته عن عبادة السيد ميرزا علي محمد ابن السيد رضا الشيرازي في بيانه النازل إليه من السماء بزعمهم: أن لو اجتمعت الجن والإنس على أن يأتوا بحرف من حروف البيان إذًا لا يأتون بحرف منه أبدًا. و (في مرتبة الوحي) قالوا: إن الوحي عبارة عن توجه خيال النبي صلى الله عليه وسلم إلى نفسه، ونفسه إلى عقله، وإنزال عقله المعاني إلى نفسه، ونفسه إلى خياله، والعقل هو جبريل النازل عليه. صرّح به الخان في إرشاده في المقصد الثالث في النبوة. وقال هناك: إن النبي مهما كان متوجهًا إلى مسألة علمية كان غافلاً عن سائر المسائل، فيتدرج له العلم شيئًا بعد شيء في الدنيا والبرزخ. وقال: كثيرًا ما يسأل عن الأئمة من الأحكام الشرعية [٥] ولم يكن لهم جواب حتى يلقى إليهم من عقلهم، فيقصر زمان الإلقاء ويطول. فإن قيل: فكيف يرمون هؤلاء بالغلو في حقهم - عليهم السلام - مع هذه المقالة؟ يقال: إن التناقض في كلماتهم غير معدود ولا محدود، ويقولون بجواز اجتماع النقيضين لاسيّما في ذات الواجب، ويستدلون بوجود ملك نصفه من النار ونصفه من الثلج. وهذا معروف منهم. و (في مرتبة العصمة) قالوا: يجوز الكبائر والصغائر عليهم عمدًا وسهوًا قبل البعثة وبعدها. صرّح بالسهو شيخهم في (جوامع الكلم) وقال: يغيب عنهم الملك المسدد. وقال الخان في الإرشاد: بس اكر خداوند مصلحت داند دربقاء دين ان بيغمبر كه از دنيا ميرود البتة قائم مقامي از براي ان بيغمبر قرار دهدكه اقلاّ در حفظ شريعت معصوم بوده باشدا كرجه درجاهاي ديكر معصوم بناشد. وإن كان في مبحث العصمة أثبتها لهم وقد قسّمها بعصمة عقلية، وعصمة نفسية ووجودية، وقسّمها الشيخ في شرح الزيارة بعصمة ذاتية؛ وقال بها لنبينا والأئمة. وعصمة عرضية؛ وقال بها في سائر الأنبياء. ولا يفهم مراده. وقال الخان بعصمة الركن الرابع الذي يسميه إمام الزمان، حيث يقول في إرشاده غير مرّة: بس امام غائب بكارمر در نميخودر ومردم امام حي حاضر معصوم ميخواهند. (وفي مرتبة الإذعان بالمعراج) قالوا بما هو لفظ الشيخ في رسالته المسماة بالقطيفية: قال إنه تعالى لما أراد العروج ألقى في كل كرة ما منها فألقى ترابه في التراب، وماءه في الماء، وهواءه في الهواء، وناره في النار. وكل قبضة! في تلك السماء، ثُم لمّا رجع أخذ من كل كرة ما ألقى فيها. وصرح عليه في جميع كتبه. ومن بيانه تشبيه المعراج بأكل الغذاء وتحليله وإخراج تفله، إلى أن يحصل الروح البخاري في القلب، ثم يصعد إلى الدماغ، وقد صعدها الخان في معراج الغذاء المأكول إلى أن جعلها نفسًا وعقلاً وفؤادًا. (وفي مرتبة الإمامة) قالوا: إن إمام الزمان غير الأئمة الاثني عشر: ولا بد في كل زمان عن إمام غيرهم، وهذا صريح كلماتهم. وقال الخان في إرشاده: بس جنانجه بخداي ناديده اكتفا نميتوانيد نمود بامام غائب هم اكتفا نميتوانيد نمود. وقال في موضع آخر: سار غائب جكوند تريت شاكرد ميتواند نمود. (وفي مرتبة المعاد) قالوا: إن الجسم جسمان، والجسد جسدان: جسد عنصري دنيوي وهو مخلوق من عناصر هذه الدنيا التي تحت فلك القمر، وهذه تفنى ويلحق كل شيء إلى أصله، ويعود إليه عود ممازجة واستهلاك، فيعود ماؤه إلى الماء وهواءه إلى الهواء، وناره إلى النار، وترابه إلى التراب، ولا يرجع ولا يعود لأنه كالثوب يلقى من الشخص. والثاني جسد أصلي من عناصر (هورقليا) وهو كامن في هذا المحسوس، وهو مركب الروح، فيقوم للحساب، وهو الجسد الذي يتألم ويتنعم وهو الباقي، وبه يدخل الجنة والنار. وقالوا: السؤال عن الروح والجسد الهورقليائي يسنون البرزخي. وقالوا: إن الصراط والميزان والوسيلة كلها مؤولة معنوية غير جسمانية. و (في مرتبة تكليف الناس في زمان الغيبة) قالوا: لا بد في كل زمان من إمام زمان غير الأئمة الاثني عشر، ولهم في هذا المقام متناقضات شتى، فتارة يعبرون بالشيعة، وتارة بالنقباء والنجباء، وتارة بالركن الرابع، وتارة يفرقون بينهم، وجعلوا معرفة الركن الرابع أصلاً من أصول الدين، ونسبوا منكره إلى الناصبية، وتناقضوا في القول، فقالوا: هذا الركن من الإيمان كان مخفيًّا حتى أظهره الشيخ أحمد ثم السيد كاظم ثم كريم خان، فمَن لم يعرفهم ولم يحبهم مات ميتة جاهلية، وميتة كفر ونفاق، ثم تفرّقت كلماتهم من بعدهم على أشخاص كثيرين فتفرقوا أيادي سَبَا، كلما دخلت أمة أمنت أخرى، إلا أن أكثرهم اجتمعوا على محمد خان حسب ما وصى إليه أبوه، وقالوا: في صفات الركن الرابع ما لا يقصر عن صفات الرسل والأئمة، قال رحيم خان أخو محمد خان في منظومته: قدر تشان قدرت يزدان بود. وقال لهم السلطنة على العالم والقدرة الإلهية على التصرف فيما يشاءون، وأمثال ذلك. ويقولون صريحًا بوجود الباب للإمام، وإن كانوا ينفونه على السيد ميرزا علي محمد الشيرازي، فالنزاع في الموضوع دون الحكم. ومحصل كلامهم أن التصديق في مراتب التوحيد لا يكمل إلا بالتصديق بالنبوة، والتصديق بالنبوة ومعرفتها لا يكمل إلا بالتصديق بالإمامة ومعرفتها، والتصديق بالإمامة ومعرفتها لا يكمل إلا بالتصديق بالركن الرابع ومعرفته، فالعلة الغائبة من المعرفة في معرفة أصول الدين والعقائد معرفة الركن الأخير. على أن الدين والإيمان مركب من أربعة أركان، ولا يتم معرفة الأول إلا بالثاني، ولا يتم هو إلا بالثالث، ولا يتم هو إلا بالرابع، فمعرفته أصل ومعرفة المثلث الأول من باب المقدمة، كما يفهم عن عبارات الخان في إرشاده؛ ولذا قالوا: إن معرفة الركن الرابع ومحبته وموالاته من ضروريات الدين، ومَن أنكرها أنكر أصلاً مِن أصوله، وقد عبّر الشيخ في كتبه عن هذا الأصل بالشيعة الخاص، وبعض آخر منهم بالنائب الخاص في زمن الغيبة الكبرى، في مقابلة الإمامية من قولهم أن الأحكام الشرعية والحوادث الواقعة في زمن الغيبة الكبرى راجعة إلى النائب العام، وهو الفقيه الجامع للشرائط، حتى آل الأمر بالخان فعبّر عنها بالركن الرابع، وزاد في الطنبور نغمات أخر لا فائدة في ذكرها. والعجب كل العجب من الفتنة الحادثة بعده، فإن ابنه محمد رحيم خان قال بوحدة الناطق؛ أي الركنية الشخصية، وقال بأن الركن الرابع للدين في كل عصر من الأعصار شخص واحد يجب لكل مكلّف في ذلك العصر متابعته في الأحكام الصادرة عنه، وإرجاع أموره التكليفية إليه، ومعرفته وموالاته ومحبته، بناء على أن هذه المعرفة بهذه الصفة مِن ضروريات الدين. وخالفه في هذه المقالة تلميذه الخان السيد ميرزا محمد باقر الهمداني. وقال بكثرة الناطق أي الركنية النوعية، وقال إن الركن الرابع في كل عصر يمكن أن يكون متعددًا متمسكًا بالتوقيع الصادر عن الإمام القائم المنتظر عليه السلام. وأما الحوادث الواقعة فارجعوا إلى رواة أحاديثنا، وكون محل الرجوع رواة يدل على تعدد الركن لا التشخص، ولكل منهما كتب متعددة ممهدة لإثبات مدعاه. ولذا صارت الشيخية بعد الخان المعهود طائفتين، وبقي الأمر كذلك إلى زماننا هذا. والأصبهانيون منهم مِن الطائفة الهمدانية. وأمّا الطائفة الأولى أي تبعة الكرماني فهم متفرقون في سائر البلاد والأغلب منهم ساكنون في طهران وكرمان. وكلهم متفقون في جواز التقليد من الميت، والعمل بكل خبر ولو كان ضعيفًا. ولذا يعدون مِن الإخباريين مع إعمالهم نبذة من قواعد أصول الفقه في مباني فتاويهم، انتهى. *** (المنار) : ما أفسد دين الشيخ أحمد الأحسائي وأصحابه وأثار في أدمغتهم هذه الخيالات إلا التشبع بما أثروه عن فرق الباطنية، وما رأوه من إقرار الناس لبعض زعماء الباطنية بالإمامة ولبعضهم بالألوهية، وعلمهم بأن أهل زمنهم أجدر من المتقدمين بالتقليد، للإعراض عن القرآن والسنة والجهل بهما وبلغتهما، ولما كان قبل من التمهيد. والظاهر أن كلا من الإحسائي والرشتي والكرماني كان يطمع أن يكون في شيعة العراق والفرس، كإمام بل إله الإسماعيلية في الهند، ولكن كان منتهى شوط أباطيلهم التمهيد للباب ثم للبهاء، اللذين كانا دونهم في الفلسفة والفصاحة والذكاء، وما سبب رواج كفر الباطنية وشركهم المخترع - على اختلاف فرقهم من إسماعيلية ودروز ونصيرية وبكداشية وبابية وبهائية - إلا الغلو في تعظيم آل البيت (وكذا غيرهم من العلماء والصالحين) ، والتقليد في الدين، فهذان السببان هما اللذان أعدا الأذهان لقبول هذا الكفر والطغيان، ولما كانت فرقة الشيعة الإمامية أشد غلوًّا من سائر فرق المسلمين في تعظيم آل البيت جعلها واضعو هذه الأضاليل مباءة لها، وسلمًا لمقاصدهم منها.