للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


أهم ما يؤرخ من الأنباء في باب الأخبار والآراء

(الدولة العلية والإنكليز. الخلاف والوفاق والأسطول والمالية)
نقرأ في الجرائد آنًا بعد آن اهتمام الدولة بإنشاء أسطول عظيم، وقد علمنا أن
إنكلترا هي التي تحث الدولة وتدعُّها إليه، ولما زار أميرال أسطول البحر المتوسط
الإنكليزي سلطاننا بالغ السلطان في إكرامه كأنه من بيت الملك وتكلما في ذلك وأكد
الأميرال للسلطان الوعد بأن إنكلترا تساعده على تقوية البحرية حتى بالمال بشرط
أن يهتم بإصلاح المالية فيعزل ناظرها الذي كان يومئذ يولي مكانه الناظر الحاضر
ويؤلف لجنة الإصلاح المالي.
وبعد أن سمعنا هذا رأينا السلطان فعل ذلك. ومع هذا نرى الدولتين مختلفتين
على حدود عدن ونرى إنكلترا لا تنفك تسعى في تقوية نفوذها في الكويت وبلاد
العرب والسبب في هذا وذاك الخوف على زقاق البوسفور من روسيا وعلى الخليج
الفارسي منها ومن ألمانيا وتتمنى لو تقدر الدولة بقوتها على حفظ الخليجين.
* * *
(ألمانيا في شرقي أفريقية وتنصيرها المسلمين)
كتب إلينا أن ألمانيا تلزم الناس في مستعمرتها هناك بالتعلم وبالتنصر إلزامًا
وتعني بالإيقاع بين العرب المقيمين في المستعمرة وبين الأهالي الأصليين لأن
العرب أنور وأشد تمسكًا بالإسلام وجذبًا إليه وإن كانوا جاهلين. والإكراه على
الدين لم يعرف في تاريخ البشر إلا عن الأوربيين، ومن العجب أن تجترحه دولة
كألمانيا في علمها ومدنيتها اتباعًا للأثرة والإفراط في حب الذات اللذين رباها بسمرك
عليهما. وهذه الجريمة السوءى ترشد الشرق والإسلام إلى تفضيل الإنكليز على
جميع الشعوب الأوربية في كل صلة من صلاتهم بأوروبا الظالمة المتعصبة.
* * *
(الدولة العلية وفتنة نجد)
تواترت الأخبار بانتصار ابن سعود الذي اجتمعت عليه كلمة القبائل على ابن
الرشيد وقد علمنا من الأخبار الخصوصية التي جاءتنا من بلاد العرب أن ابن سعود
يتمنى الخضوع للدولة، وأنه حاول أو يحاول إرسال الوفود لمخاطبتها بذلك، ولكن
دسائس ابن الرشيد وأعوانه لدى الحكام في الحجاز والشام والعراق تحول دون
وصول هذه الوفود، وعسى أن تظهر الحقيقة للدولة لتعلم أن استمرار انتصارها
لابن الرشيد خطر عظيم وأن السياسة المثلى في إعادة نجد إلى آل سعود كما كانت
فهم أقدر على حفظها تحت رايتها وحمايتها وبذلك تأمن على الكويت أيضا ولعلها
تفعل إن شاء الله تعالى.
* * *
(إحياء جزيرة العراق)
دعت الدولة العلية السرويلكوكس المهندس الإنكليزي الشهير صاحب مشروع
خزان النيل لاختبار جزيرة العراق ووضع تقرير لكيفية إحيائها بمياه الدجلة
والفرات فلبى الدعوة وزار قبل سفره من هنا مختار باشا الغازي فأرشده هذا إلى
الوديان التي يمكن أن توضع فيها السدود وتنشأ الخزانات لأجل الري الصيفي فإن
المياه تقل هناك في الصيف حيث الحاجة إليها شديدة بعكس مياه النيل في مصر
فسُر المهندس بهذا الإرشاد وعند السفر كتب إلى الغازي كتابًا يشكر له فيه ذلك.
* * *
(القضاء الشرعي والحكومة المصرية)
أنذر قاضي مصر الحكومة بتوقيف الأحكام الشرعية إذا لم ينفذ القرار الذي
صدر من المحكمة الكبرى بالحيلولة بين الشيخ علي يوسف وصفية السادات في
القضية المعلومة فلم تنفذه ولكن جاملت القاضي ووقعت الحيلولة بالرضا. ثم إن
القاضي نشر إعلانًا في الجريدة الرسمية يطلب فيه محاسبة نظار الأوقاف الخيرية
لأن ذلك من حقوقه الشرعية فاتفق النظار مع الأمير بعد استشارة عميد الاحتلال
على منع القاضي من هذا الحق وجعله للأمير وكان صدر أمر عال لديوان الأوقاف
على أنه حق للخديوي. وقد تم هذا بكل سكون ولو لم يكن الأمير راضيا لقامت
قيامة الجرائد والعلماء بدعوى الغيرة على الشرع وحقوق السلطان....
وقد عزل الشيخ بخيت من المحكمة العليا تمهيدًا للإصلاح.