للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: عناية الله أحمدي


أحوال مسلمي الصين
(مسلمو مدينة نانكين في الصين)
نانكين مدينة من كبريات المدن الصينية المشهورة بتجارتها، سكان هذه
المدينة زهاء مليون نسمة، والمسلمون منهم مقدار مسلمي بكين في الكثرة،
ومنهم أناس أولو ثروة طائلة وتجارة كبيرة، وهم أرقى مسلمي الصين على
الإطلاق في دنياهم؛ إذ أكثر الموظفين في دوائر الحكومة منهم، وكذلك منهم
أكثر المعلمين في المدارس، ويعد المسلمون في هذه الولاية أرقى علمًا وفكرًا
من سائر أهلها، ولكن لبعدهم عن العاصمة (مدينة بكين) التي هي مركزهم
الإسلامي لا يعرفون من الإسلام غير كلمة التوحيد والسلام، والمستنيرون
منهم قد عرفوا أخيرًا أي: بعد حصولهم على الحرية - وجوب تربية أولادهم
على روح الإسلام، فأسسوا في مدنية نانكين جمعية باسم: جمعية نشر
الإسلام والمعارف.
لهذه الجمعية مقاصد أحدها: بيان حقيقة الجمهورية للمسلمين والدلالة على
طرق الاستفادة منها، ولذلك يطبعون رسائل مختصرة في لغة الصين وينشرونها
بين المسلمين في البلاد والقرى ويخطبون بذلك في المجامع، وأكثر ما يهتمون
به هو شئون الانتخابات، يجتهدون كثيرًا في انتخاب نواب الولاية من الذين يحبون
الإسلام ويسعون لخير المسلمين.
ثانيها: افتتاح المكاتب الابتدائية والرشدية في أحياء المسلمين كلها، ونشر
لسان العرب وبيان حقيقة الإسلام للأهالي، وتكثير سواد المسلمين الحقيقيين.
ثالثها: الاجتهاد في محو العادات والأخلاق الفاسدة المتمكنة من المسلمين،
وافتتاح المكاتب الصناعية لإزالة الكسل والفقر منهم. ومسلمو الصين لجهلهم
وتعصبهم المفرط لعوائدهم لا يشتغلون بما يشتغل به الوثنيون من الصناعات
فيستنكف أحدهم أن يكون حدادًا أو خياطًا أو ساعاتيًّا مصلحًا للساعات؛ لأن
الوثنيين يشتغلون بهذه الصناعات وينفرون ممن هذه صناعته من المسلمين.
فبجهلهم هذا وتعصبهم الزائد صارت منزلتهم في التجارة والصناعة
متأخرة جدًّا بالنسبة إلى غيرهم، وبلغوا نهاية قصوى من الفقر، وبسعي هذه
الجمعية أخذوا يتعلمون في المدارس الصناعية ويشتغلون ببعض الصناعات
كالخياطة.
ومن مقاصد الجمعية أيضًا السعي في انتخاب العلماء لمنصب الإمامة في
المساجد من الذين يستحقونها.
والحاصل أن مقصد الجمعية السعي في ترقية المسلمين وإزالة أسباب الفقر
وفساد الأخلاق من بينهم، وإنقاذهم من المهانة في الدنيا والخسار في الآخرة،
والجمعية تفتح أيضًا شُعبًا لها في ولايات خانقو شانغاي، وسيجوان، وأرسلت نور
الدين أفندي وثلاثة آخرين من زعمائها إلى تلك البلاد للتشاور بينها وبين مسلميها
واختيار أعضاء منهم للجمعية، ولها الآن أكثر من عشرة آلاف عضو في مدينة
نانكين وولايتها.
فإذا اجتهد مسلمو الصين على هذه الكيفية من غير فتور يرجى أن يرتقوا
في مدة يسيرة.
... ... ... ... ... ... ... (ع. أحمدي)
... ... ... ... ... (مترجم من جريدة (وقت) عدد ١٠٥٠)