ورد علينا هذا الخطاب من حضرة كاتبه الفاضل، ولأهمية الموضوع سنوالي الكتابة فيه ابتداء من العدد القادم، إن شاء الله. حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الفاضل رئيس تحرير مجلة المنار: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فلقد سرنا وسر المسلمين كثيرًا أن توليتم إصدار مجلة المنار بعد أن توقفت حينًا بوفاة منشئها المرحوم السيد محمد رشيد رضا، ولا مشاحة في أنه لا غنى للمسلمين عن هذه المجلة التي ناضلت أعظم نضال عن دين الله تعالى، وأزاحت عن وجهه المنير حجبًا كثيفة من بدع وخرافات وأوهام وجهالات وتقاليد وعادات لا تمت به بصلة قريبة أو بعيدة، وإعادة إصدارها على يد فضيلتكم جعلنا نرقب عودة ذلك العهد الذي ازدهرت فيه أيما ازدهار، فجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. والآن أوجه نظر فضيلتكم إلى مسألة اجتماعية خطيرة أصاب منها المسلمين شر عظيم، تلك هي: علاقة الرجل بالمرأة؛ فلقد ترتب على جهل الكثيرين من كل من الجنسين حقوقه وواجباته قِبل الآخر أن وقعنا في هذه الفوضى التي كادت تقضي على كيان الأسر، وتوقع البلاد في شر مستطير. ومن لا يبكي ويتحسر عندما يرى بوجه عام الرجال يقضون أوقات فراغهم في المقاهي وفي غشيان أمكنة اللهو والفجور، وقد هجروا منازلهم فلا يكادون يعودون إليها إلا للنوم، والنساء وقد أطلقن لأنفسهن العنان في إبداء زينتهن للرجال الأجانب فلا حجاب ولا حياء، وقد نسين واجباتهن نحو أزواجهن وأولادهن وبيوتهن، وصار القول قولهن في كل شيء والأمر أمرهن، قد يكون لكثير من الرجال والنساء بعض العذر لجهلهم أوامر دينهم، خصوصًا وقد انتشرت بين الناس آراء وأفكار في علاقة الرجل بالمرأة صادرة عن الملحدين، ينكرها الدين ويمجها العقل السليم. فأنا أدعوكم باسم الدين أن تبينوا للناس في أول عدد يصدر من مجلة المنار الغراء واجبات كل من الرجل والمرأة قِبل الآخر، وحقوق كل منهما بيانًا تفصيليًّا لا لبس فيه ولا خفاء، وبذلك تكونون أصبتم غرضين، أحدهما وضع حد للملحدين من هذه الناحية الدقيقة والوقوف في تيار دعايتهم الذي كاد يجرف الأخلاق والدين، وثانيهما تعريف المستعدين للإصلاح بواجبات دينهم وإقامة الحجة على الآخرين. إن الأمر جد خطير، ومن أحق من فضيلتكم - وقد تصديتم للدعوة إلى الدين- من بيان أوامر الله ورسوله في علاقة كل من الرجل والمرأة بالآخر؛ فقد ضج العقلاء بالشكوى من هذه الحال ولا مجيب، واستفحل الداء ولا طبيب، وعسى أن يساعد هذا البيان العقول والقلوب على حل مشكلة إحجام الشبان عن الزواج، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. والسلام عليكم ورحمة الله. ... ... ... ... ... ... ... محمد المهدي ... ... ... موظف متقاعد - شارع مدرسة ولي العهد بالعباسية