دروس سنن الكائنات محاضرات علمية طبية إسلامية للدكتور محمد توفيق صدقي (٩)
الراحة والتعب النوم والرياضة الجثمانية النوم: جميع أعضاء الجسم تحتاج للراحة بعد العمل، وذلك بأن المواد الضرورية لحياتها تقل شيئًا فشيئًا بسبب العمل، وكذلك تتراكم فيها فضلات الاحتراق، فبالراحة تجمع من الدم مواد أخرى صالحة لتغذيتها، وتخرج إليه تلك الفضلات المؤذية، وأعظم أنواع الراحة، وأشدها نفعًا للجسم النوم، ففيه يبطل عمل المخ إلا فيما ندر (كالأحلام) ، ويقل ورود الدم إليه، وتقل مرات التنفس، والنبض فتستريح الرئتان والقلب، وكذلك يقل إفراز جميع الأعضاء الأخرى كالبول مثلاً وترتخي جميع العضلات؛ وبذلك تحصل الراحة لها، ولجميع الأعصاب والأعضاء؛ فتتجدد قوى الجسم وينتعش بسببه. قال بعض العلماء: إن المخ في أثناء النوم يكون محتقنًا بالدم، ولكن هذا غير صحيح فإن الدم إنما يكثر وروده إلى الأعضاء وقت العمل، وأما في زمن النوم فيقل الدم من المخ وغيره، ويهرب السائل الذي تحت العنكبوتية إلى القناة الفقرية. وإذا أريد جلب النوم لشخص مصاب بالأرق فأحسن طريقة له أن يجتهد الإنسان في تحويل الدم عن المخ، بأن يترك الشخص التفكير، ويصب الماء البارد على دماغه، ويغسل جسمه بالماء الساخن، أو يضع قدميه فيه، أو يتعب نفسه بمثل المشي وغيره؛ فإن ذلك يجذب الدم إلى العضلات والأطراف، ولمثل هذا السبب يميل الشخص إلى النوم عادة بعد الأكل بسبب ذهاب الدم إلى المعدة. ومدة النوم تختلف بحسب السن ففي الأطفال المولودين حديثًا تستغرق اليوم كله تقريبًا، وفي الغلمان قد تمتد إلى ١٢ ساعة، وفي الفتيان تكون نحو ٩ ساعات، وفي الشبان من ٧ إلى ٨ ساعات، وفي الشيوخ تكون من ٥ إلى ٦ ساعات وأحسن وقت للنوم هو الليل بين ذهاب الشفق وطلوع الفجر، أي بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الفجر فإن هذا الوقت تكون الظلمة فيه أشد، والسكون شاملاً للبلاد فلا ينبه المخ بمنبه يقلق راحته، ولا يحتاج الإنسان للنوم في النهار إلا في زمن الصيف؛ وذلك لقصر الليل، وطول النهار، واشتداد الحر فيه؛ فيتوارد بسبب ذلك الدم إلى الجلد؛ ولذلك يميل الإنسان إلى النعاس في الحر، ويستحسن أيضًا أن يكون هذا النوم بعد الظهر في مكان بعيد عن الضوضاء، وأن يوجد الإنسان فيه ظلمة بقدر الإمكان بإرخاء ستائره مثلاً، وهذا النوم هو ما يسمى بالقيلولة. وفي التبكير في القيام فوائد عظيمة، منها فوائد اقتصادية كمزاولة الأعمال المختلفة قبل فوات الوقت بسبب قصر النهار في الشتاء، أو فواته بسبب اشتداد الحر في الصيف، وعدم تمكن الإنسان من العمل، ومنها فوائد صحية أهمها الخروج من المكان الذي بات فيه الإنسان إلى هواء أصح؛ فينتعش جسمه بشم نسيم السحر، ومن ذلك تجدون أن فرائض الشريعة الإسلامية في الصلاة موافقة لمصالح الناس الاقتصادية والصحية، على فوائدها الروحية التهذيبية. ويجب أن تكون غرفة النوم خالية من الأثاث بقدر الإمكان، وأن تكون أرضها خشبية، وطلاؤها بالجير فقط، وتكون بعيدة عن الروائح الكريهة، وتدخلها الشمس بالنهار، وكذلك الهواء ليلاً ونهارًا، ولا يصح طلاؤها بغير الجير أو نحوه؛ فإن المواد الأخرى البيضاء، أو ذوات الألوان تشتمل عادة على الرصاص، أو الزرنيخ والنحاس، وهذه المواد تنتشر في هواء الغرفة فتسمم جسم الإنسان، وباستمرار استنشاقها تحدث له أعراض قد تكون خطرة، ويجب أيضًا أن تكون الغرفة جافة؛ فإن استنشاق هواء الغرف الرطبة يؤدي إلى اعتلال الصحة حتى قد تصاب الأطفال بالدفتيريا؛ إذا سكنت في بيوت حديثة البناء حديثة الطلاء، فيجب اتقاء السكنى في هذه المنازل إلا بعد تمام جفافها. هذا ولا يخفى أن الهواء الذي يُستعمل في التنفس، أو في الاحتراق هو أخف لسخونته من الهواء الذي لم يُستعمل فلذا يصعد إلى أعلى الحجرات؛ ولذلك كان من الواجب أن تفتح بعض النوافذ بقرب السقف والتجربة المشهورة المُثْبِتة لصحة هذه النظرية أن يأتي الإنسان بشمعة مشتعلة، ويمسكها بيده، ويقف على باب الغرفة المسكونة، ويضعها عند الباب بقرب الأرض؛ فيجد أن الشعلة تندفع إلى داخل الغرفة بسبب دخول الهواء من هذا المكان، فإذا أمسك الشمعة في أعلى الباب وجد أن الشعلة تندفع إلى الخارج بسبب خروج الهواء من الغرفة، وإذا أمسك بها في منتصف الباب وجد أن الشعلة تثبت في مكانها. ومن ذلك يُعْلَم أن الهواء يدور في الغرف من أعلاها كما قلنا، وينبغي أن لا ينام الإنسان في تيار الهواء أمام النافذة التي يدخل منها؛ فإن ذلك يُحْدِث برودة عظيمة في الجسم تؤدي إلى بعض الأمراض، ويستحسن أن تكون النوافذ التي يدخل منها الهواء أعلى من رأس الإنسان، أي على علو نحو تسع أقدام، وأن تكون نوافذ التصريف ملاصقة للسقف. وينبغي أن لا يبقى أحد في غرفة النوم نهارًا لئلا يفسد هواؤها، وأن تُترك نوافذها مفتحة ليدخل منها الهواء والشمس، ولا يجوز أن يوضع فيها ليلاً أزهار ولا أشجار، وكذلك لا يجوز أن تكون محاطة بحدائق غناء، فإن النبات من نجم وشجر - وإن كان ينقي الهواء في النهار - يتنفس في الليل تنفس الحيوان فيمتص أكسجين الهواء، ويفرز ثاني أكسيد الفحم؛ وبذلك يفسد الهواء، ويجب عدم وضع حيوانات في غرفة النوم؛ فإنها أيضًا تفسد الهواء بتنفسها، وقد تنقل إلى الإنسان بعض الأمراض كالقرَع والأَرَضَة الجلدية؛ فإنهما يصيبان القطط والكلاب، والدفتيريا تصيب القطط كثيرًا، وفي بعض الكلاب ديدان تُخْرِج بيضًا إذا وصل شيء منها إلى بطن الإنسان أحدث عنده أكياسًا عظيمة في الكبد وغيره. ومن أوجب الواجبات أن يُطفأ السراج وقت النوم كما وصى بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن النار من أشد ما يفسد الهواء، بل قد تقتل الشخص بالاختناق، على أنها قد تحدث الحريق، وفي إيقادها إسراف وضرر؛ فإن مجرد وجود النور في الغرفة مما يقلق راحة المخ. أما النور الكهربائي الصادر من بعض المصابيح، وهي المغلقة إغلاقًا تامًّا؛ فإنه لا يحدث أي إفساد للهواء، وهو أيضًا أبعد عن إحداث الحريق من سائر أنواع النور، إلا أن في الاستضاءة به إسرافًا كبيرًا، وهو يقلق راحة النائم أيضًا. ومن القواعد الصحية أن لا ينام الإنسان إلا على الأَسِرَّة، وحكمة ذلك أن يكون أبعد عن الرطوبة، والأقذار، وعن الدواب المؤذية كالعقارب، وكذا عن استنشاق الهواء الفاسد؛ فإن غاز ثاني أكسيد الفحم الذي يتولد من الاحتراق والتنفس، هو أثقل من الهواء؛ ولذلك يكثر بقرب الأرض، وينبغي أن يحيط بالأَسِرّة ما يسمى عندنا بالناموسية (الكلَّة) ؛ وذلك لمنع البعوض فإنه يذهب النوم عن الإنسان، وقد ينقل إليه الملاريا - كما سبق - ولا بد أن يكون الفِرَاش نظيفًا جدًّا خاليًا من جميع الحشرات لما سبق بيانه في باب النظافة. وللإنسان أن ينام على أي جنب شاء بحسب راحته؛ ولكن التزام جانب واحد قد يؤدي إلى ضرر، فإذا التزم الإنسان الجانب الأيمن مثلاً حصل احتقان في أجزاء الجسم اليمنى؛ فتختل الموازنة التي بين جهتيه، وتتعب الرئة اليسرى وتكون الجهة اليمنى من الدماغ عرضة للاحتقان، وربما أدى ذلك إلى الفالج إذا كان الشخص مستعدًّا له، كأن كان كبيرًا وشرايينه متصلبة، وكذلك الحال إذا التزم النوم على الجهة اليسرى، فالأحسن أن يتقلب الإنسان في الفراش، ولكن يفضل الإكثار من النوم على الجهة اليمنى خصوصًا إذا كان في المعدة طعام؛ فإن ضغط الكبد والمعدة على الحجاب الحاجز، وعلى القلب يعوق حركة التنفس، ويضايق الإنسان، ويتعسر أيضًا خروج الطعام من المعدة؛ لأن البواب في جهتها اليمنى، والنوم على الظهر يسبب الشخير والاحتلام فالأولى تركه إلا قليلاً، ولا يجوز النوم على الوجه؛ فإن ذلك يسبب ضغطًا على الأحشاء يضر الإنسان ويضايقه، ولا بد من وضع الرأس على شيء عالٍ كالمخدة بحيث تكون في محاذاة الجسم لمنع احتقان الدماغ. وكذلك ينبغي للإنسان أن لا ينام على طعام كثير؛ فإن النوم يعوق حركة الهضم، وإفراز العصير المعدي، ويتعب المعدة في وقت يجب أن تستريح فيه جميع الأعضاء، وهذا فضلاً عن كون ضغط المعدة، وهي ممتلئة بالطعام على الحجاب الحاجز يحدث ضيقًا يتسبب عنه الكابوس، والأحلام المزعجة، أو الاستيقاظ فجأة كأن الإنسان يخاف من الموت العاجل، ولا سيما إذا كان مصابًا بالربو (ضيق النفس) ، أو بمرض في القلب أو الرئتين، والأحسن أن يكون النوم بعد تمام الهضم في المعدة أي بعد نحو أربع ساعات. وينبغي أن يكون الرأس مغطى بغطاء خفيف لمنع توارد الدم بكثرة إلى المخ، ويرى بعض الناس أن الأحسن كشفه، ولا يجوز بحال من الأحوال أن يغطى الوجه، أما الجسم والأقدام فيجب أن تدفأ جيدًا؛ فإن ذلك يمنع تأثير البرد الضار، ويجلب النوم أيضًا. وإذا عرق النائم وجب عليه تغيير ملابسه بغيرها عقب الاستيقاظ مباشرة، ولا بأس من وضع إناء في حجرة النوم للتبول فيه (مبولة) كما كان يفعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن القيام إلى مكان بعيد لأجل البول قد يحدث أرقًا، ويعرض الإنسان لضرر البرد وغيره؛ وذلك الضرر لا شك أعظم من استنشاق بعض تلك الرائحة التي تنبعث من البول. ومن المستحسن أن يبيت الإنسان في فراش وحده لما تقدم بيانه، وأيضًا فإن المبيت مع الزوجة في فراش واحد يحرك الشهوة؛ فيضطر الإنسان إلى الإسراف في الجماع، وفي ذلك ضرر عظيم. هذا ومن الناس من يقوم ويمشي في أثناء نومه، ويأتي بأعمال عديدة لا يقدر أن يأتيها في اليقظة كالمشي على حائط مرتفع، وهذه الحالة قلما تحدث إلا للمصابين ببعض الأمراض العصبية كالمرض المسمى بالهستيريا [١] ، ويسمى هذا النوع من النوم (بالجولان النومي) (somnambulism) . الأحلام وعلم الغيب: الأحلام معروفة، والظاهر من الكتب المقدسة خصوصًا القرآن أن ما يراه الإنسان في النوم قد يكون مطابقًا للواقع، أو لما سيقع كما يستفاد من سورة يوسف مثلاً، وورد في حديث أن الأحلام ثلاثة: (١) هواجس النفس، و (٢) وسوسة الشيطان، و (٣) الرؤيا الحق، وقال صلى الله عليه وسلم: (رؤيا الرجل الصالح جزء من ست وأربعين جزءًا من النبوة) أي فهي تشبه أن تكون جزءًا من الوحي. وسبب الأحلام الفسيولوجي هو بقاء بعض خلايا المخ يقظة في أثناء النوم. هذا واعلم أن الغيب حقيقي وإضافي، فالحقيقي هو ما ليس له وجود في الكون مطلقًا، ولا يمكن الاستدلال عليه بشيء موجود، وهذا الغيب الحقيقي هو الذي استأثر بعلمه الله تعالى فلا يعلمه أحد إلا بإعلام من الله، وليس كل ما غاب عنك وهو موجود يعتبر غيبًا حقيقيًّا؛ فإن الإنسان خصوصًا في الأعصر الأخيرة أمكنه العلم بأشياء غير واقعة تحت حواسه، ومن أمثلة ذلك تلغراف ماركوني [٢] (Marconi) أو التلغراف اللاسلكي، وهو مبني على نظرية شهيرة في العلم الطبيعي، وهي أن هذا العالم مملوء بالأثير، ولولا وجود هذا الأثير ما أمكن الجسم أن يؤثر في جسم آخر بعيد عنه، ففي هذا الأثير تحصل تموجات عديدة ينشأ منها النور، والكهرباء، والأخرى تتأثر به مهما بعدت عنها فإن هذا التأثير الكهربائي يسري في الأثير. وكذلك عُرفت الآن أشياء تخترق حجب المادة الكثيفة، وتصل إلى باطنها بواسطة الأثير أيضًا مثال ذلك أشعة الراديو وأشعة رونتجن Rontgen، وهو عالم ألماني من مدينة ورزبرج wurrzburg اكتشفها في سنة ١٨٩٥ م، وهي عبارة عن أشعة لم يُعرف كُنْهها تنبعث من القطب السالب إذا مرت الكهرباء في أنبوبة مفرغة، وهي لا تضيء فلا ترى؛ ولكنها تخترق كثيرًا من الأجسام؛ فترتسم صورها على حائل يوضع خلفها، وهذا الحائل مصنوع من لوح زجاجي مغطى بمادة كيماوية هي بلاتينو - سينور- الباريوم Platino - of Barium أو البوتاسيوم بدل الباريوم أو غيره، وفوقها غطاء من الورق يوضع عليه الجسم المراد رؤيته، ومن خواص هذه المادة أنها تضيء إذا مرت فيها تلك الأشعة المظلمة، فإذا وضعت اليد مثلاً أمام هذه الأنبوبة المفزعة خرجت الأشعة منها، واخترقت اللحم والشحم وغيره؛ فيرتسم ظل العظم على الوجه الزجاجي للحائل؛ لأن العظم يقاوم مرور الأشعة فيه أكثر من غيره من الأنسجة الرخوة فيظهر مظلمًا، ويمكن طبع الظل وحفظه بطريقة التصوير الفوتوغرافي حتى بدون واسطة الحائل المذكور، ومثل هذه الأشعة في تأثيرها أشعة الراديوم، وهو عنصر اكتشف حديثًا تنبعث منه أشعة متنوعة كالكهرباء، والحرارة، والنور، وأشعة تخترق الحجب كاختراق أشعة رونتجن، ولجهل مكتشف هذه الأشعة الأخيرة بحقيقتها سماها أشعة X، أو الأشعة المجهولة كما نقول في اللغة العربية لكمية الحساب المجهولة في بعض المسائل الرياضية الكمية (س) . إذا علم ذلك أمكننا الآن أن نشبه مخ الإنسان بآلة كهربائية تنبعث منها في أثناء العمل تموجات مخصوصة كتموجات تلغراف مركوني، وهذه التموجات قد تتلقاها مخاخ بعض الناس بعد أن تنفذ إلى باطن جماجمهم، ومن المعلوم في علم الفسيولوجيا أن جميع أعمال الجسم الكبيرة والصغيرة ليست إلا حركات متنوعة في ذراته وفي جواهره الفردة، ففي أثناء النوم إذا انقطع عن الإنسان ما يشغله مما يوجد في هذا العالم، واستراح مخه كان حينئذ صالحًا لتلقي بعض تموجات أثيرية مما ينشأ من حوادث هذا العالم، فرؤية شخص لشخص يمشي في مكان خطر أو يسقط في البحر مثلاً قد تكون مطابقة للواقع ونفس الأمر، هذا في الأشياء الحاصلة في العالم، وقد يستدل من بعضها المخ على البعض الآخر الذي لم يوجد فيخيل له أنه واقع بالفعل فيراه، ولكن كل ذلك لا يدل على أنه علم الغيب بمقتضى التعريف السابق. أما حوادث العلم في المنام بالغيب الحقيقي فلا يمكن تعليلها بهذا التعليل السابق؛ وإنما هي من إلهام الله لبعض النفوس الصافية؛ فإن الغيب الحقيقي لا يعلمه إلا الله كما نص على ذلك القرآن، وهو الذي يطلع من يشاء من عباده على ما يشاء فلا يعلمه أحد من ذاته بل بإعلام الله، ومثل ذلك الوحي والنبوة (اقرأ آخر سورة الجن) . والأحلام منها ما يحدث بسبب وداعية، ومنها ما يحدث بغير سبب معروف، والسبب إما أن يكون كثرة اشتغال العقل بشيء في اليقظة، وإما أن يكون شيئًا طرأ على الإنسان في نومه، كأن توضع شمعة مشتعلة أمام عين النائم؛ فإنه ربما يحلم بحريق، أو رعد، أو برق، أو نحو ذلك. ويؤيد ما قلناه في الأحلام، وما تنبئ به من الغيب مسألة التنويم المغنطيسي.
التنويم المغنطيسي: يحدث هذا التنويم لأنواع الحيوانات المختلفة إذا انحصر فكرها في شيء واحد مخصوص، وأطاعت النفس شعورها بالميل لهذا النوع من النوم، فإذا حصر الإنسان أو غيره فكره في جسم مضيء مثلاً حصل له هذا النوم، وكذلك يمكن تنويم مثل الديكة والخيل وغيرهما، ويُنوم الديك برسم خط طويل أمام عينيه ويوضع منقاره عليه، ويمسك برأسه في هذا الوضع مدة فإنه ينام نومًا مغنطيسيًا. ويمكن أحيانًا تنويم الأطفال الرضع بإلقائهم على ظهورهم. والنائم هذا النوم يمكن إيذاؤه بأشياء كثيرة، وهو لا يشعر بها حتى قد تعمل له بعض العمليات الجراحية وهو لا يدري. وهذا النوم له درجات ست (وقسمها بعضهم إلى ثلاث فقط) وآخرها من أغرب ما يكون، فإن النائم يرى فيها البعيد كما يرى القريب، ويسمي الإفرنج تلك الحالة (Clairvoyance) ومعناها الحرفي " الرؤيا الواضحة "، وفيها يشعر الإنسان أيضًا بالأشياء، وإن كانت عيناه مغمضتين، بل يمكنه القراءة بأي جزء من جسمه، فقد حدث في محاكم مصر بتاريخ ٣ ديسمبر سنة ١٩١٣ أن نُومت فتاة قبطية نومًا مغنطيسيًّا، فكانت تقرأ الساعة بمعدتها أمام القضاة، وكانت ترى من خلفها، ورأت ما بيد أحد المحامين، وأعينها معصوبة ويد المحامي مقبوضة. ومن فوائد هذا التنويم أنه قد يُستعمل لشفاء بعض الأمراض، فمثلاً إذا أُصيب الإنسان بمرض جلد عميرة (الاستمناء باليد) حتى أنه لم يقدر على كبح جماح نفسه، ونوّم، وأمر أن لا يأتيه؛ فإنه يُشفى من ذلك شفاء تامًّا، وكذلك من تعود التدخين أو تعاطي الأفيون مثلاً. وفي التنويم المغنطيسي يمكن للإنسان أن يخاطب غيره إذا كان نائمًا مثله على بعد شاسع، ويسمى ذلك بالتلغراف الإنساني، أو انتقال الأفكار، وتسميه الإفرنج (Telepathy) ومعناه الحرفي (الشعور على بُعْد) وهذا التأثير على البعد قد يحصل حتى للأيقاظ، فإذا اتفق شخصان على التخاطب على بعد في وقت ومكان معينين أمكن ذلك بالمزاولة، والرياضة الطويلة، وقد يؤثر الشخص في شخص آخر بعيد عنه بدون اتفاق بينهما أيضًا؛ ولكن ذلك نادر جدًّا. وهذه المسألة تفهمنا تأثير العين [٣] الذي ورد فيه بعض الأحاديث النبوية وتواترت روايات أمم العالمين على حصوله، وإن أنكره بعض المتأخرين، على أن إنكار تأثير العين مطلقًا مكابرة، فمن ذا الذي ينكر تأثير نظرة الرضا، والحقد، أو المحبة، والبغض في النفوس، وتأثير النظر إلى الجميل والقبيح، أو الفَرِح أو الحزين، وإلى النشيط والكسلان المتثائب، إلى غير ذلك مما هو معروف، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - (العين حق) ، وأما ما زاد عن ذلك القدر من الحديث، فإما أنه لم يثبت عنه عليه السلام، أو أنه يراد به تأكيد ما للعين من التأثير في النفس، أو المبالغة فيه. ومثل التأثير على البعد أيضًا بعض أنواع السحر كالنوع المسمى بمصر (بالشبشبة) . ومن النوادر التاريخية التي لا تبعد صحتها ما روي أن عمر رضي الله عنه كان يخطب بالمدينة فصاح في أثناء خطبته (يا سارية الجبل، يا سارية الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم) ثم عاد إلى الخطبة حتى قال فيه بعض الصحابة: إنه جُنَّ، ولما سئل رضي الله عنه عن ذلك أجاب بأنه رأى جيوش المسلمين تكاد تفتك بها الأعاجم على أبواب (نهاوند) فصاح بقائدهم - ولم يتمالك نفسه - ليتحصن بالجبل، وبعد ذلك جاءت الأخبار بأن المسلمين كادوا ينهزمون، لولا أن سارية القائد سمع مع بعضهم هاتفًا يرشدهم إلى الجبل، فدهش الناس لذلك، وعلموا منه مقدار نفس عمر وكبر روحه، وهذه من أعظم مناقبه رضي الله عنه. واعلم أن جميع هذه التأثيرات تصل بين النفوس بعضها ببعض بواسطة الأثير - كما سبق- والظاهر أن جميع المخلوقات ليس فيها شيء آخر سوى المادة الكثيفة أو اللطيفة، وهي التي تأتي بكل ما في هذا العالم من المشاهد العجيبة. أما اعتقاد عامتنا، وبعض خاصة المليين بأن في الإنسان، أو في هذا العالم شيئًا آخر مخلوقًا يغاير مادة الكون، فأرى أنه بعيد عن الصواب بعيد عن القرآن، فإن هذا الكتاب الشريف لم يثبت وجود شيء ما يغاير مادة الكون سوى الله (٢: ١١٤) حتى أنه نص على أن بعض ما يسمونه بالأرواح كالجن مخلوق من مارج النار، وهو من مادة هذا الكون [٤] . وإذا لاحظنا أنه نص على أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم، ثم استثنى الشيطان أمكننا الاستدلال بذلك على أن الشيطان كان أحد الملائكة، وقد نص في آية أخرى (١٨: ٥٠) على أنه كان من الجن؛ فيستنتج من ذلك أن لفظ الجن كان يُطلق على جميع ما استتر من هذه العوالم؛ فإن مادته تطلق على كل ما خفي كالجنين مثلاً، ومما يؤيد كون الملائكة من الجن قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَباً} (الصافات: ١٥٨) ، وقوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الجِنّ} (الأنعام: ١٠٠) مع أن العرب أشركت بالله الملائكة، فلولا أن لفظ الجن يُطلق عليهم أيضًا لما صح هذا التعبير في الآيتين السابقتين. ولا ينافي ذلك نسبة الذرية للشيطان مع العلم بأن الملائكة لا توصف بالذكورة ولا بالأنوثة (٤٣: ١٩) فإن الذرية قد تكون بغير اجتماع الذكر بالأنثى، كما سيأتي بيانه في علم الميكروبات. نعم إن لفظ الجن إذا أطلق انصرف غالبًا إلى عالم مخصوص معروف في الذهن غير الملائكة، كما في قوله تعالى عن لسان الملائكة: {بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجِنّ} (سبأ: ٤١) الآية. أما مسألة استحضار الأرواح فكثير من العلماء إلى الآن يشكون فيها، وهي إذا صحت لا تنافي ما ذهبنا إليه؛ الأرواح التي تستحضر لم تخرج عن كونها من عالم الأثير باعتراف مستحضريها أنفسهم، حتى زعم بعضهم إمكان تصويرها بالآلة الفوتوغرافية، بل حاولوا ذلك فعلاً، وقد رأيت بنفسي هذه الصورة في بعض المجلات العلمية. والأرواح التي تستحضر منها ما هو للبشر، ومنها ما هو من العوالم الأخرى كالشياطين. ومسألة استحضار الأرواح - إذا صحت أيضًا - كانت دليلاً على صحة ما ورد في القرآن الشريف، وصحة الأخبار، والآثار عن الكهانة، فإن الكاهن العربي، أو غيره كان يسعى في إحداث علاقة بينه وبين الشياطين فيخبرونه عن بعض أشياء غيبية، أو يعملون له بعض الأعاجيب، كأن يحضروا له شيئًا بعيدًا عنه. ويؤيد ذلك أيضًا ما ورد في أسفار موسى - صلى الله عليه وسلم - كما في سفر التثنية (١١: ١٨) وكذلك القصة الواردة في سفر صموئيل الأول (٢٨:١١و ١٢) فكل هذه الأشياء تضافرت على القول بإمكان الاتصال بذاك العالم الأثيري، وليس ثَمَّ مانع في العلم الحقيقي منه واعلم أن الأثير هو مادة العالم الأصلية التي خلقت منها العناصر، والأكوان وهي لا شك حادثة، كما سيأتي إثباته - إن شاء الله تعالى - في الجزء الثالث. الرياضة البدنية: من قوانين الكون أن العضو المستعمل ينمو ويحسن حاله، والعضو الذي يُهمل يضمر شيئًا فشيئًا، حتى قد يزول من النسل بعد حين من الدهر، لذلك كانت الرياضة البدنية من أوجب الواجبات لبقاء الجسم في الصحة والعافية، حتى أن الأطفال يجدون أنفسهم مدفوعين بإلهام إلهي إلى كثرة اللعب، لما في ذلك من الرياضة لأبدانهم. وتأثير الرياضة أنها تسرع في دورة الدم فيقوى القلب والعروق، وتكثر تغذية جميع الأعضاء، ويتم الاحتراق بها، وتذهب عنها الفضلات الضارة التي يكثر إفرازها في البول، والعرق، وفي الهواء الخارج من الرئتين؛ ولذلك يحتاج الإنسان إلى الإكثار من الطعام، والشراب، واستنشاق أكسجين الهواء، وتقوى جميع عضلات الجسم، وتسمن، ويزول التشحم الذي قد يتراكم على القلب حتى يضعفه بل قد يكون سببًا في الموت الفجائي بالسكتة القلبية. وتمام الاحتراق الذي يحصل بالرياضة يمنع تراكم حامض البوليك في الدم، وهذا الحامض هو الذي يسبب أعراض المرض المسمى بالنقرس، وقد يرسب في بعض الأعضاء كالكُليتين؛ فيتكون فيهما حصيات ضارة جدًّا، وكثيرًا ما تؤدي إلى الهلاك. وبالجملة فإن الرياضة تقوي جميع أعضاء الجسم، وتُذْهِب عنها المواد الضارة؛ فتصح، ويجب أن تكون الرياضة في الهواء النقي، وإلا لاستنشق الإنسان ما يضره من العفونات. ولا يصح أن تعمل في وقت الحر الشديد؛ فإن الحر كثيرًا ما يقتل الإنسان، ولا يجوز أن يتعرض الإنسان بعد الرياضة وكثرة العرق للهواء؛ فإن ذلك من أعظم الأسباب لإحداث التهاب الأعضاء، والنزلات المتنوعة، كذلك لا يجوز شرب الماء البارد عقبها؛ فإن من الناس من مات بسبب ذلك لحصول سكتة قلبية له. وإذا أحس الإنسان بتعب منها فالواجب أن لا يأكل بعد الراحة؛ فإن المعدة تشترك مع الجسم في التعب، فإذا وُضِع فيها الطعام حينئذ؛ فإنها لا تقدر على الهضم، وكثيرًا ما يحصل القيء بسبب ذلك، وإن لم يتقايأ الشخص نزل الطعام الفاسد إلى الأمعاء؛ فأحدث فيها تهيجًا من آثاره المغص والإسهال. ومن الخطأ الكبير الجماع أيضًا عقب الرياضة مباشرة؛ فإن ذلك يزيد في إنهاك قوى الجسم، فالواجب أن يتبع الرياضة الراحة، أو النوم فإن ذلك نافع جدًّا ولا يجوز عمل الرياضة الشاقة عقب الأكل مباشرة كما سبق بيانه. والاعتدال في الرياضة ضروري جدًّا - كما في سائر الأشياء - ومدتها للشبان الأصحاء نحو من ساعة في اليوم نصف في أوائل النهار، ونصف في آخره، هذا إذا كانت بالمشي السريع، أما إذا كان المشي معتدلاً فتكون ساعتين ومن الأمراض ما لا توافقه الرياضة كأمراض صمامات القلب. وأنواع الرياضة عديدة منها المشي، ومنها العدو، ومنها السباحة وركوب الخيل، وغير ذلك، ولا يتوهم أحد أن المشي لا يكفي، وكيف لا يكفي وبه تتحرك جميع العضلات تقريبًا، ويسرع القلب والتنفس. *** النبذة الرابعة في علم الأنسجة أو التشريح الدقيق الهستولوجيا Histology الهستولوجيا كلمة يونانية، ومعناها (علم الأنسجة) وبعبارة أخرى علم التشريح الدقيق للجسم، وقد سبق ذكر أشياء كثيرة منه في النبذة الثالثة وهذا العلم لا يمكن دراسته إلا بالمجهر المسمى بالميكروسكوب، أي المنظار الدقيق ليتيسر للإنسان الوقوف على جميع دقائق الجسم. أما المجهر فهو مبني على الحقيقة الطبيعية الآتية، وهي أن الجسم إذا وضع على بعد مخصوص من العدسة المحدبة تجمعت الأشعة المنبعثة منه، ورُسم كبيرًا في الجهة الأخرى، وهذه الصورة الكبيرة تمكن رؤيتها بالعين المجردة، وقد تُرى بعدسة أخرى؛ فتزداد كبرًا؛ لذلك كان الميكروسكوب عبارة عن أنبوبة معدنية في طرفها عدسة محدبة، وكذلك في الطرف الآخر، إلا أن الغالب أن تكون العدسة التي في الطرف الأول محدبة من الجانبين، وفي الطرف الثاني محدبة من الجهة الداخلية فقط. وتكون العدستان على أبعاد مخصوصة معروفة في علم الطبيعة، فإذا أُريد رؤية أي جزء من أجزاء الجسم قُطِعَت منه طبقات رقيقة بآلة كالموسى، وتُوضَع القطعة منها على لوح من الزجاج بعد أن تلون بألوان مخصوصة أو بدون تلوين. ثم يُوضع هذا اللوح على حامل في المجهر له ثقب مستدير في وسطه، وتحت هذا الثقب مرآة لعكس الأشعة لتنفذ خلال القطعة الرقيقة التي فوق اللوح الزجاجي؛ فتكبر صورتها العدسة الأولى، ثم تكبر هذه الصورة العدسة الثانية فيراها الإنسان كبيرة جدًّا. وبهذه الآلة أمكن الوقوف على دقائق عالمي الحيوان والنبات، وبها اُكْتِشَفَتْ الميكروبات، فلها الفضل الأكبر في علم الطب الحديث. فإذا نُظِرَ بالمجهر إلى أجزاء الجسم المختلفة وُجد أنها تتركب من الأنسجة الآتية: (١) إبيثيليوم (Epithelium) : وهذه كلمة يونانية معناها الغطاء؛ لأن هذا المنسوج يغطي جميع أجزاء الجسم من الظاهر والباطن كما في الجلد، وفي قناة الهضم، وغير ذلك. (٢) المنسوج الضام: وهو الذي يربط أجزاء الجسم بعضها ببعض. (٣) المنسوج العضلي: وهو الذي تحصل به الحركة، كما سبق. (٤) المنسوج العصبي: وهو المخ والنخاع وسائر الأعصاب. وكما أن جميع المنسوجات كالأقمشة مثلاً تتركب من أجزاء دقيقة جدًّا، وهي الخيوط، كذلك هذه الأنسجة تتركب من خيوط تسمى الألياف، ومن كتل صغيرة جدًّا تسمى الخلايا، وبينهما مواد تربط الواحد منهما بالآخر، وأصل جميع ما في الجسم من الألياف وغيرها ناشئ من الخلايا، فالخلايا في الحقيقة هي عنصر الأجسام الحية نباتية كانت أو حيوانية، إذ من الثابت أن الإنسان يتكون من بيضة واحدة وهي في الحقيقة خلية حية. ففي بعض أجزاء الجسم نجد أن هذه الخلايا منضودة صفوفًا بعضها فوق بعض، ويتكون منها الإبيثيليوم المذكور، وفي الأجزاء الأخرى تمتط هذه الخلايا فيتكون منها العضلات، أو الأعصاب، أو المنسوج الضام بتغيرات مختلفة تحصل فيها، وقد يتكون في داخلها مواد دهنية؛ فينشأ من ذلك منسوج الشحم. ومن الناس من يعتقد أن ألياف المنسوج الضام كانت خلايا فامتطت - كما قلنا- ومنهم من يرى أنها إفرازات من الخلايا ترسب فيما بينها، كما ترسب بعض الأملاح في السوائل، والقول بأنها رواسب هو الراجح الآن عند العلماء. أما الخلية فهي الأصل لجميع الأحياء - كما سبق - وتتركب من البروتبلازم [٥] Protoplasm، وهو مادة يدخل في تركيبها جميع ما ذكرناه سابقًا من العناصر التي في جسم الإنسان، فهي كإنسان صغير، ففيها الماء، والزلال، والدهن، والمواد الكربوهيدراتية، وأملاح عديدة، وغير ذلك، ولها جميع خواص الحياة، وهي التنفس، والتغذي، والإفراز، والحركة، وجميع هذه الأعمال يمكن لكل جزء من أجزاء جسمها أن يقوم بها على حد سواء، فمثلاً التغذي يحصل بجميع جسمها، وفي حركتها ترسل من أي جزء من جسمها أذنابًا تتحرك بها كالمجاديف وكلما ارتقت الحيوانات تخصصت بعض هذه الخلايا بعمل مخصوص كما نرى في الإنسان، فمثلا نرى أن الحركة في الإنسان خُصت بها أعضاء، وكذلك القول في التغذية، إلا أن الخواص المذكورة للحياة تبقى لكل خلية، وإن لم تظهر فيها ظهورًا بينًا، بمعنى أن بعض الوظائف قد يبقى كامنًا في الخلايا، وتظهر بعض الخواص الأخرى ظهورًا بينًا كالإحساس مثلاً؛ فإن جميع الخلايا الحية تحس إلا أن الإحساس في المجموع العصبي أظهر بكثير مما هو في المنسوج الضام مثلاً. وأول الأحياء كانت قطعًا بروتوبلازمية مجردة من كل شيء آخر، وفي الأحياء التي أرقى من ذلك يتكون في وسط الخلية بقعة قاتمة تسمى (النواة) ، وهي تغاير في تركيبها بعض التغاير لمواد البروتوبلازم، ويصير لهذه النواة التأثير في تغذية الخلايا، وفي انقسامها فلا يُبْتَدَأُ الانقسام في الخلية إلا إذا انقسمت نواتها، وإذا فُصل جزء منها عن النواة أصابه الفساد، وفي وسط هذه النواة نواة صغرى تسمى النُّوَيَّة. ويتصلب الجزء الذي على سطح البروتوبلازم، حتى يصير كحائط للخلية. والخلايا تتكاثر بالانقسام، وهذا الانقسام يبدأ بانقسام النواة، ثم ينقسم البروتوبلازم؛ فتصير الخلية الواحدة خليتين، والخلايا التي لا نواة لها لا يكون جزء منها مسيطرًا على الباقي. ومن الخلايا ما ينقسم داخل الغشاء الكاذب المحيط بالخلية، ومنها ما ينقسم مع نفس هذا الغشاء، فمثال الأول جنين الإنسان؛ فإن البويضة تنقسم بدون انقسام الغلاف، ومثال الثاني الحيوان المسمى (الأميبا [٦] ) ، وهو مركب من خلية واحدة تنقسم كلها؛ فيصير الواحد اثنين، ثم أكثر فأكثر، وهو يوجد في بعض المياه الآسنة. والفرق بين أبسط النباتات، وأبسط الحيوانات هو عسر التحديد، إلا أنه يمكن أن يقال فيه ما يأتي: (١) إن خلايا النباتات محاطة بطبقة من مادة السللولوز، وهي المادة التي يتركب منها الخشب، وتشبه في تركيبها الكيماوي النشاء، ولكن من الحيوانات ما فيه هذه المادة أيضًا. (٢) في خلايا النباتات الراقية مادة خضراء تسمى (الكلوروفيل) ، وهي كلمة يونانية معناها (خضرة الورق) . (٣) إن الخلايا النباتية تكوِّن - بواسطة الكلوروفيل مع تأثير أشعة الشمس - من بعض العناصر البسيطة أجسامًا عجيبة التركيب مثل السكر الذي تُولِّده النباتات من غاز ثاني أكسيد الفحم الموجود في الهواء، والنباتات تُولِّد أيضًا من الأملاح النيتروجينية البسيطة- مثل نترات الصوديوم - مواد زلالية معقدة التركيب، أما الحيوانات فلا يمكنها هذا العمل، وهي تعتمد في غذائها بالمواد الزلالية، وغيرها كل الاعتماد على النباتات التي لولاها لهلكت جميع الحيوانات. هذا وقد سبق أن الجسم الإنساني كله مُولَّد من البويضة بانقسام نواتها وبروتوبلازمها كله، ومن الحيوانات كالدجاج مثلاً ما يتولد بانقسام النواة مع جزء صغير مما يحيط بها من البروتوبلازم، وتتغذى بالباقي منه. والإبثيليوم مركب - كما قلنا - من خلايا مرصوص بعضها بجانب بعض، وقد يتكون منها عدة طبقات أو طبقة واحدة، كما في إبثيليوم البريتون، وفي الجلد طبقات عديدة منه، وفي غشاء المثانة تكون الطبقات أقل من طبقات الجلد، وفي بعض أعضاء الجسم يكون لخلايا الطبقة العليا منه أهداب تتحرك بنفسها، وهي عبارة عن زوائد ممتدة من نفس البروتوبلازم - كما تقدم - أما المنسوج الضام فيراد به أشياء كثيرة، منها أربطة المفاصل، وأوتار العضلات، والعظام، والغضاريف، والشحم، ومن الناس من يعد الدم من المنسوج الضام أيضًا، وأعظم ما يتميز به العظم عن غيره رسوب مواد جيرية في المادة التي بين خلاياه. وأما المنسوج العضلي - وهو اللحم - والمنسوج العصبي فقد سبق الكلام عليهما فلا حاجة إلى التكرار، وتبارك الله الذي خلق الخلق في هذه الأطوار. (انتهى الجزء الأول) *** الجزء الثاني بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة، ومعلم الحكمة، وعلى آله، وصحبه هداة الأمة (وبعد) فقد جعلت هذا الجزء الثاني من محاضراتي خاصًّا بالكلام على الأحياء التسلقية من ميكروبات، وديدان، وغيرهما، وما ينشأ عنها من الأمراض المعدية، وأعراضها، وعلاجها، وطرق اتقائها - إلى غير ذلك من المباحث العالية الضرورية لحياة الأفراد والأمم. ولما كانت لغتنا العربية في أشد الحاجة إلى مثل هذه المباحث الراقية التي قتلها الإفرنج بحثًا وتمحيصًا - لم أقتصر في هذا الجزء على ما ألقي منها على طلبة مدرستنا (دار الدعوة والإرشاد) بل توسعت فيها بما سيكون - إن شاء الله - نافعًا حتى للخاصة، ونقلت إلى لغتنا الشريفة أهم ما كتبه الإفرنج في هذه المسائل راجيًا بذلك خدمة اللغة والأمة بإرشادها إلى ما يجب اتباعه لاتقاء شر تلك الأمراض التي تفني كثيرًا من الناس في كل يوم، وتضعف الأمم التي لم تلتفت إلى سنن الله تعالى فيها، وأهملتها إهمالاً شنيعًا. وقد جريت في هذا الجزء على طريقتي في الجزء الأول من التدقيق في التعريب، واختيار أوضح العبارات، وأقربها إلى تناول جمهور القراء ليسهل على كل مطلع على الكتاب فهم المراد منها، مراعيًا في كل ما أكتب نصوص الشريعة الإسلامية الغراء، وأساليبها، ممحصًا لها، وموفقًا بين تلك النصوص، وبين الحقائق العلمية، والله الهادي إلى أقوم طريق. *** البكتيريولوجيا Bacteriology علم الأحياء الدقيقة الخفية البكتيريولوجيا لفظ يوناني معناه علم البكتيريا، والبكتيريا معناها العِصِيّ (جمع عصا) ويراد بها غالبًا الأحياء الدنيئة النباتية، التي أكثرها مركب من خلية واحدة، وإنما سميت بذلك لكون شكل كثير منها مستقيمًا كالعصا، ولفظ ميكروب معناه الحي الدقيق [٧] ، والذي وضع هذا اللفظ شخص يسمى سيدللوت Sedillot في سنة ١٨٧٨م، ويطلق على جميع الأحياء الدنيئة سواء أكانت نباتية، أم حيوانية، أم في المنطقة التي بينهما، وجمهور العلماء يطلقون لفظ (البكتيريولوجيا) على علم الميكروبات كلها مع اختلاف أنواعها. أما علم البكتيريولوجيا الحالي فمؤسسه الحقيقي هو العلامة لويس باستور Pasteur Louis الفرنسي عاش بين سنة ١٨٢٢و١٨٩٥ واشتغل كثيرًا بالبحث في داء الكلب، والهيضة (الكوليرا) فهذا العلم تأسس في القرن التاسع عشر، وأما وما كتب فيه من قبل فلم يكن مما يعول عليه كثيرًا. وممن نبغ فيه أيضًا الأستاذ روبرت كوخ الألماني Koch Robert وكان من أعلم علماء عصره، واكتشف ميكروب الدرن، وبحث بحثًا دقيقًا في الهيضة، والطاعون عاش بين سنة ١٨٤٣ وسنة ١٩١٠ م. وقد عُرِفَ الآن أن الميكروبات هي السبب في أكثر الأمراض، والذي هدى الناس إلى العلم بهذه الأحياء هو المجهر (الميكروسكوب) ولكن اختراعه الذي كان في سنة ١٥٩٠ قد سبق علم البكتيريولوجيا ببضعة قرون، ولم يكن في ذلك الوقت مرتقيًا إلى حيث يكشف لنا عن أكثر هذه الأحياء الدنيئة، وأقوى أنواعه الآن ما يكبر الشيء ١٠٠٠٠ ضعف. كيفية دراسة الميكروبات: لدراسة الميكروبات تُوضع على لوح من الزجاج، ثم تثبت بإحدى الطرق المشهورة في هذا الفن، ثم تُلون بألوان مخصوصة لإظهارها جيدًا، وإن كان يمكن رؤيتها حية بدون تلوين، وطريقة ذلك أن يُصنع لوح سميك من الزجاج به حفرة صغيرة (تقعير) في وسطه، ثم يؤتى بلوح آخر رقيق جدًّا، وتُوضع نقطة من السائل الذي فيه الميكروب على هذا اللوح، ثم تُغَطَّى الحفرة بهذا اللوح الرقيق، بحيث تكون النقطة متجهة إلى الأسفل، أي تكون في تجويف الحفرة المغطاة باللوح الرقيق، ويسمي علماء هذا الفن هذه الطريقة (بطريقة النقطة المعلقة) وفائدتها أن تحفظ السائل من التبخر، وتوجد هواء محيطًا به لتنفس الميكروب وبهذه الطريقة يمكن مراقبة نمو الميكروب وحركاته - إن كان متحركًا - وغير ذلك. أما المادة الملونة، فهي تكون غالبًا مما يسمى بالأنيلين (aniline) وهي كلمة برتغالية معناها النيلة، وتلك المادة من مستخرجات قطران الفحم الحجري وسميت بذلك لأنها صنعت في أول الأمر من النيلة التي تستخرج من ورق شجرة معروفة، وعيدانها، ومادة الأنيلين هذه بتأكسدها يُستخرج منها ألوان عديدة كالأخضر والأصفر ... إلخ. تعريف الميكروبات: أكثر ميكروبات الأمراض أحياء بين عالمي الحيوان، والنبات؛ ولكنها أميل إلى النباتية منها إلى الحيوانية، وهي في الغالب مركبة من خلية واحدة لا نواة [٨] لها، ومحاطة بغلاف من السللولوز [٩] ؛ ولكنها خالية من مادة الكلوروفيل مطلقًا؛ ولذلك اختلفت الميكروبات عن النباتات العالية، فلا يمكنها تحليل غاز ثاني أكسيد الفحم الموجود في الهواء، فهي في ذلك تشبه المواد الفطرية المركبة من عدة خلايا نباتية، وأيضًا بعض الميكروبات يمكنها أن تركب مواد أزوتية عضوية من مثل النوشادر، وحامض النيتريك، وهي مواد غير عضوية، فأشبهت بذلك النبات شبهًا عظيمًا، وغايرت الحيوان بذلك، وبغلافها السللولوزي، ومنها طائفة تأخذ الأزوت الضروري لها من الهواء. والمواد العضوية منسوبة إلى أعضاء النبات والحيوان؛ لأنها تتولد بواسطة هذه الأعضاء، مثال ذلك غرقئ (زلال) البيض والسكر وغيره. وأما المواد غير العضوية، فهي التي توجد في الكون بدون واسطة النبات، أو الحيوان كملح الطعام. فترى من هذا أن أهم مميزات النبات عن الحيوان أنه يمكنه توليد المواد العضوية من المواد غير العضوية مباشرة، والحيوان لا يمكنه ذلك البتة، وهو في غذائه مضطر إلى أكل النبات، ولتوضيح ذلك نقول: يوجد في الأرض أملاح تسمى النيترات أي يوجد فيها النيتروجين (الأزوت) والأكسجين متحدين معًا ومع معدن من المعادن كالبوتاسيوم مثلاً، فإذا صُب عليها الماء ذابت فيه؛ فيمتصها النبات، ويتغذى بها، ويحولها إلى مواد زلالية؛ وبذلك يمكنها أن تعيش بالاستقلال عن سائر الأحياء الأخرى، وفي الهواء آثار من مادة النوشادر، وهي مركبة من النيتروجين، والهيدروجين، وسهلة الذوبان في الماء؛ فتذوب في ماء المطر، وتسقط إلى الأرض؛ فيتغذى بها النبات أيضًا، ويولد منها مواد زلالية. وأما الحيوان فإذا منعت عنه المواد الزلالية؛ فإنه يهلك بسرعة. وعليه فأصل الوجود الحيواني متوقف على النباتات، وهي لا شك خُلقت قبله، ولنرجع إلى ما كنا فيه: أشكال الميكروبات: للميكروبات أشكال عديدة أهمها: (١) الشكل الباسيلي: أي المستطيل، وكلمة باسيل (Bacillus) لاتينية معناها العُصَيَّة (تصغير عصا) وذلك لأن ميكروبات هذا النوع تحاكي خطوطًا مستطيلة صغيرة جدًّا، فإذا قيل باسيل الدرن فمعناه عصبات الدرن، أي ميكروبه الذي شكله مستطيل. (٢) البزور (cocci) : وميكروبات هذا الشكل كنقط صغيرة، وهذه النقط قد يلتصق بعضها بجانب بعض؛ فيتكون منها خيوط تسمى البزور السلسلية [Streptococci] ، وقد تجمع مثنى مثل ميكروب الالتهاب الرئوي، والروماتزم والالتهاب السحائي الوبائي، والسيلان إلا أن هذا الأخير شكل بزوره كلوي (أي كشكل الكلية) ، وقد تجتمع رباع، وقد تجتمع على أشكال غير منتظمة؛ فيتكون منها ما يسمى بالبزور العنقودية (Staphylococci) . والبزور المربعة توجد عادة في القيء الناشئ من تمدد المعدة، والبزور الأخرى السلسلية، والعنقودية توجد في الالتهابات، والخراجات، ونحو ذلك، وأشدها خطرًا البزور السلسلية؛ فإنها هي التي تُحْدِث المرض المعروف بالحُمْرَة وهو من الأمراض المعدية الفتاكة، وتوجد أيضًا في بعض التهابات الرحم العفنة عقب الولادة. (٣) الشكل الحلزوني (spirilla) :وميكروبه يكون دقيقًا مستطيلاً ملتويًا على نفسه كالثعبان، ومن هذا الشكل ميكروب الهيضة (الكوليرا) ، وهذا الميكروب كثيرًا ما يُشاهد مقسمًا إلى قطع صغيرة كل قطعة منها تشبه الضمة، أو الشولة؛ ولذلك يسمونه بالباسيل الضمي (Comma) ، فإذا اجتمع من هذا الميكروب اثنان مثلاً؛ فقد يتكون منهما شكل يشبه حرف (s) . ومن الشكل الحلزوني أيضًا ميكروب الزهري، وميكروب الحمى الراجعة. والجمهور يعد الآن بعض الحلزونيات من نوع الحيوان لا من نوع النبات، وهو الراجح. وبعض الميكروبات لها أهداب (Flaglla) تتحرك بها فمثلا ًميكروب الحمى التيفودية له أهداب عديدة تبلغ ٨ أو ١٢، وطول كل منها نحو من ضعف طول الميكروب نفسه، وهو يتحرك بهذه الأهداب حركة شديدة، ولضمة الكوليرا هدب أو اثنان في طرف واحد منها، وكذلك الأشكال الأخرى قد يكون لبعضها أهداب. ويقال: إن لميكروب الحمى الراجعة أربعة أهداب، اثنان في كل طرف، ولا فرق بين طرف وطرف في هذه الميكروبات، بل يمكنها أن تسير بأي شاءت. تربية الميكروبات: والميكروبات يمكن تربيتها تربية صناعية، ويسمى ذلك في اصطلاح هذا العلم (زرع الميكروب) أو إنباته لأنها نباتات كما قلنا. ومن السوائل المستعملة في تربية الميكروب المرق، واللبن، والبول، ومصل الدم. وأما المياه الجيدة فقد شوهد أن الميكروبات لا تعيش فيها أكثر من ١٤ إلى ٤٠ يومًا، وربما كان ذلك لقلة المواد المغذية لها فيها. ويمكن تربيتها أيضًا على الجلاتين، وهو مادة تستخرج بغلي العظام، والأنسجة الضامة كالأربطة وغيرها، وكلمة جلاتين إيطالية معناها الفالوذج، ويمكن تسمية هذه المادة في لغتنا (بالودك) ، وهي مادة تشبه المواد الزلالية في تركيبها، أي أنها تشتمل على النيتروجين. ومن المواد الصلبة أيضًا التي تُرَبَّى عليها الميكروبات، ما يسمى (بالأجار أجار) (Agar-agar) وهو صمغ يستخرج من نباتات بحرية تنبت في الشرق كاليابان وجاوة، ومن هذه المواد أيضًا البطاطس، وغرقئ البيض المسلوق (زلاله) . والميكروبات المرضية تحتاج في نموها إلى حرارة مثل حرارة الإنسان تقريبًا (أي نحو ٣٥ - ٣٩) ؛ ولذلك تُوضع في آلة مخصوصة تسمى آلة التفريخ (Incubator) تكون الحرارة فيها مرتفعة إلى درجة مخصوصة. ومن الميكروبات ما يحتاج لأكسجين خالص، أي غير متحد بشيء كما في الهواء ليستنشقه، ومنها ما يضره الأكسجين الخالص ويمنع نموه. وهذه المسألة من أغرب مسائل العلم الطبيعي؛ فإن الناس كانوا يظنون أن الهواء ضروري لجميع الأحياء كضرورة الماء لها، وقد ظهر بطلان ذلك، ومن آيات بيان القرآن للحقائق أنه قال: {وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (الأنبياء: ٣٠) ولم يقل في موضع ما منه إن الهواء ضروري للأحياء ومن الميكروبات ما يعيش في الهواء، وفي غير الهواء، وهذا النوع هو والنوع الذي يضره الأكسجين يمكن زرعه (تربيته) في الفراغ. ومن أمثلة ما لا ينمو في الهواء باسيل التيتانوس، وهو مرض يحدث من دخول هذا الميكروب في أي جرح في الجسم؛ فيصاب الجسم بالتشنج الذي يبتدئ بتقلص عضلات العنق، وبانقباض الفكين حتى لا يمكن للإنسان أن يفتح فاه؛ ولذلك يسمى هذا المرض بالعربية الكُزاز، وميكروبه يعيش في الطين، والوحل، والأتربة المختبئة في الأماكن المظلمة، وتعريض هذا الميكروب للهواء يضعفه ويمنع نموه، أما ميكروب الدفتيريا مثلاً (التي منها الخناق) فإنه يعيش في الأكسجين، وفي غيره. تولد الميكروبات: وأشهر طرائق توالد الميكروبات اثنتان: الطريقة الأولى: الانقسام: - وهي عامة في الجميع - فتنقسم كل خلية منها بالعرض [١٠] إلى اثنتين والاثنتان إلى أربع، وهلم جرّا. والطريقة الثانية: تكون بتولد حبيبة (Sqore) في داخل كل ميكروب، وبعدها ينفلق الميكروب، وتبقى هذه الحبيبة قابلة للنمو مرة أخرى. وهذه الطريقة تحصل في بعض الأشكال الباسيلية، وفي قليل من الحلزونية. والحبيبات تقاوم درجة الغليان (١٠٠ سنتيجراد) لمدة تختلف من خمس إلى عشر دقائق، وهي تقاوم المواد المطهرة كالسليماني، والفنيك مقاومة كبيرة؛ ولذلك يجب أن تكون نسبة السليماني إلى الماء أكبر من النسب المعتادة لإبادة حبيبات تلك الميكروبات، وكذلك يجب إبقاء الشيء المراد تطهيره في المحلول مدة طويلة. وطريقة التوالد الأولى تكثر الميكروبات، والثانية تُبْقِي النوع فقط، ولا تكثره. ((يتبع بمقال تالٍ))