ذكرنا في مقالنا الآنف الأمر الأول من الأمور التي تؤخذ على المؤلف وهو (تردده أو إنكاره بعض الحقائق التاريخية البديهية في موضع. وتشبثه بتحقيق بعض الظنون والتخرصات في موضع آخر اعتمادًا على أوهام وتخيلات قامت بذهنه فقط) ومَثَّلنا للشق الأول من هذا الأمر وأدحضناه بما عرفه القراء. والآن نمثل للثاني ونأتي على بقية الأمور التي تؤخذ على المؤلف، فنقول: مثال الثاني - أنه عندما تكلم على دولة النبط في بطرا نقل عن التوراة وعن كاتر مير الفرنسي وعن كوسين دي برسفال وعن آخرين ما يفيد أن الأنباط ليسوا عربًا , وأنهم آراميّون أتوا من الشرق فأجلوا الأدوميين عن بطرا واحتلوها , ثم رفض كل هذه النصوص والآراء وغيرها من النصوص التي لم يذكرها مما جاء في السفر الأول من أسفار المكابيين وفي تاريخ يوسفيوس من غير أن يذكر برهانًا واحدًا على نقضها، واستنبط هو بنفسه أنهم عرب، وذكر لذلك دليلَيْنِ: الأول أن اليونان حيثما ذكروهم سموهم عربًا (ولعله يعني تقسيمهم جزيرة العرب إلى عرب بترية في الشمال وسعيدة في الجنوب) . والثاني أن أسماء ملوكهم عربية. وهما دليلان يتضاءلان أمام النصوص التاريخية، ولا سِيَّمَا إذا كان ثمة ما يجعل هذين الدليلين ينعكسان على غير مراد المؤلف، فيكونان حُجَّةً عليه لا له. ونحن ننفي أولاً هذين الدليلين ثم نأتي بأدلتنا الوجودية على آرامية النبط، أما الدليل الأول فإن تسمية اليونان لسكان الشمال العربي من جزيرة العرب بالعرب البترية هي تسمية جغرافية، كما أننا نسمي ما وراء أسوان بالسودان، مع أن أكثرهم عرب لا زنوج، وكما نسمي الصحراء الشرقية من مصر الصحراء العربية مع أن سكانها من البشارية والبجاة، لا يعرفون العربية. على أن جميع ما عرف من حروب القائد اليوناني أنتيفونوس وابنه ديمتريوس أنه وجد حولهم قبائل يظاهرونهم ويستجيبون لصراخهم، ويؤيد ذلك ما نقله حضرة العلامة المفضال جبر ضومط عن يوسفيوس (جزء ثالث. مجلد ٣٣ مقطتف) على أن سِفْر المكابيين من التوراة سماهم نبطًا وجعل العرب أحلافًا لهم حينما استعان بهم يهوذا المكابي، وهو كان معاصرًا لهم أيضًا. وأما الدليل الثاني - فإن ما عثر عليه من أسماء الملوك العربية لا يثبت أن الشعب عربي، فقد ثبت أن النبط في آخر أمرهم خضعوا للعرب وخصوصًا قضاعة، وأن الملوك الذين عاصروا منهم ملوك اليونان هم عرب حكموا أمة النبط، كما يستفاد من تاريخ يوسفيوس. وكما أننا لا نسمي الأمم الهندية إنجليزًا؛ لأن إمبراطور الهند إنجليزي، كذلك لا نسمي النبط عربًا؛ لأن ملوكها في بعض الأحيان كانوا عربًا، على أن هذه الأسماء لم تكن خاليةً من التحريف والصبغة الآرامية والعبرية، مع أننا عثرنا على كثير منها مكتوب بالخط النبطي نفسه لا اليوناني الذي مظنة التحريف، وأما كون لغة الكتابة عند النبط غيرَ لغةِ التخاطب، فهو مما لم يقم عليه دليل، وما كان أحوج المؤلف إلى ذكره لو وجده. أما أدلتنا على أن النبط ليسوا عربًا وأنهم خليط من الأدوميين القدماء ومن الآراميين الذين جاءوا مع بُخْتَنَصَّرَ ومن اليهود ومن العرب، فهي: (١) ما هو مشاع مستفيض عن العرب قبل الإسلام وبعده أن النبط غير العرب، وأنهم كانوا يعيرون العربي بأنه نبطي، واعتبر كثير من الفقهاء أن نداء العربي بِيَا نبطيُّ قَذْف وسبّ، ناهيك بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لا تكونوا كنبط السواد إذا سئل عن نسبه قال: أنا من بلد كذا. (٢) أن لغتهم لغة خاصة بهم تخالف العربية وتنال حظًّا من الآرامية وحظًّا من العبرية وحظًّا من العربية. بل فيها كثير من اليونانية. (٣) أن جميع النصوص التاريخية من التوراة في إشارة أرميا وحزقيال وفي أسفار المكابيين ما يفيد أن النبط غير العرب، وأن الإله انتقم من الأدوميين وضربهم بغارة بختنصر، فدمر عليهم وأورث الأرض من بعدهم الكلدانيين الذين جاءوا معه من بابل، وأن النبط كانوا في بعض أدوارهم أحلافًا ليهوذا المكابي، وأنهم استأجروا جيوشًا من العرب يظاهرونهم، وهذا يدل على أن المستأجر غير الأجير. (٤) ما جاء في تاريخ يوسفيوس من أن النبط بقوا مستقلين عن العرب إلى أيام الإسكندر مانيوس بن أرستو بولوس بن يوحنا هركاتوس بن سمعان أخي يوناتان ويهوذا المكابي اليهودي، فإنه بعد وفاة هذا الملك أخضعهم العرب وقام منهم عليهم عدة ملوك، كانوا يسمون تارةًَ ملوك النبط وتارة ملوك العرب، وإن كانت الجنسية متميزة بينهما، وبقوا كذلك إلى أن استولى عليهم الرومان سنة ١٠٥ م. (٥) حقق كل من كاتر مير الفرنسي وكوسين دي برسفال وغيرهما من علماء الآثار أن سكان بطرا بعد الأدوميين هم أمم نازحة من العراق وبابل، ولا ينطبق ذلك إلا على زمن بختنصر، إذ سكان بطرا قبل بختنصر لم يعرفوا إلا باسم الأدوميين، وبعده لم يعرفوا إلا باسم النبط، من أنه من الثابت أن بختنصر أباد الأدوميين تحقيقًا لوعيد حزقيال وأرميا النبيين، مع أن الله ينزل عليهم بلاءه ويجعل جبال عيصو خرابًا وميراثًا لذئاب البرية، وأنه حارب العرب حتى كاد يفنيهم، فلو كان النبط عربًا لما استبقاهم فيها، فظهر من ذلك أن الأنباط بقايا القبائل الآرامية التي أسكنها بختنصر في بطرا ليكونوا حراسًا ونقلة لتجارة بابل؛ لأن فتوحاته كانت كلها تجارية، ثم امتزجوا بغيرهم من اليهود والعرب، وما يرى في لغاتهم من الألفاظ العربية لا يربو على ما يوجد في العربية المضرية من الألفاظ العبرية. على أن المؤلف لما أحس بضعف دليله عن تبريره تلك الحلية التي هاجها في أكثر من خمس صفحات من كتابه مع تيقنه أن المكتوب من آثارهم ليس عربيًّا، زعم بلا دليل أن لغة تخاطبهم غير لغة كتابهم، ثم رجع وقال: (على أننا لا نظن اللغة العربية التي كان يتفاهم بها النبطيون هي نفس اللغة العربية التي عرفناها في صدر الإسلام، ولا بُدَّ من فرق بينهما اقتضاه ناموس الارتقاء) . هذا مع علمنا أن النبط دخلوا في حوزة الرومان في أوائل القرن الثاني بعد الميلاد، وإننا نروي كثيرًا من شعر العرب وأمثالهم منذ القرن الرابع من الميلاد، مما يظهر لنا تمام الإظهار أن هذه اللغة العربية الفصيحة بإعرابها واشتقاقها وكثرة أساليبها التي لا تتناهى قد تكونت بهذه الصورة قبل ذلك بكثير أي وقت ما كان النبط نبطًا، بل قبل هذا الوقت، ولا سِيَّمَا إذا علمنا أن اللغة العربية هي لغة أهل بادية، وهم أبعد الناس عن الانقلابات اللغوية، كما يصرح بذلك حضرة المؤلف في أكثر من موضع من كتابه. (٦) إن النبط الذين كانوا في الشرق في صحراء الكوفة وعلى ضفاف الفرات وبقوا متميزين عن العرب إلى ما بعد الإسلام بنحو مائة وخمسين سنةً، هم يشبهون نبط الشام من أكثر الوجوه، بدليل أن ما وجد من آثارهم ومعبوداتهم وخطوطهم يدل على أنهم من عنصر واحد، وأطلال تدمر والخط التدمري صِنْو النبطي تشهد بذلك، فإن كان نبط الشام خالطوا قضاعة، فنبط العراق خالطوا لخمًا وجذامًا وبكرًا وتغلبَ وعبادًا. ومن أمثلة الشق الثاني، وهو تشبثه بتحقيق بعض الظنون إلخ، أنه عندما تكلم على دول اليمن ذكر من بينها دولة، زعم أن العرب لم تعرفها، وهي أهل (معين) ، وقَفَّى على إثر ذلك بأن استظهر أنها أمة قديمة جدًّا تبتدئ أخبارها منذ أربعين قرنًا قبل الميلاد لعثورهم على أثر قديم من آثار بابل ذكر فيه بالخط المسماري: (أن زام سين حمل على مغان وقهر ملكها معنيوم) واستنتج أن مغان هذه هي مغان طور سيناء، وأن الميم في (معنيوم) للتنوين، وبالطبع يعتقد أن اللفظ حرف واختزل حتى صار (معينًا) ، وكذلك نقل عن سفر الأخبار (أن الله أعان عزريا على الفلسطينيين وعلى العرب المقيمين بجوار بعل وعلى المعونيين) أي المجاورين طبعًا للفلسطينيين، وكل هذه الحوادث حدثت في برية الشام والأمة يمانية. أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقل يماني ولو كان الشبه بين لفظين يكفي أن يبنى عليه تاريخ أُمّتين، لقد حقّ لنا أن نقول على التاريخ العفاء. ثم اقتضب الكلام ورأى رأيًا أخيرًا، أنهم من جالية الآراميين، أتوا من العراق في هذه العصور السحيقة واستعمروا اليمن، ثم أشكل عليه الأمر بأن المعينيين لو كانوا من العراق لكتبوا بالخط المسماري، مع أن آثارهم مكتوبة بالخط المسند المشتق من الفينيقي، فلم يَرَ حَلاًّ لهذا المشكل سوى ادعائه بأنهم استبدلوا بالخط المسماري الخط الفينيقي لسهولة هذا الأخير في نظره! ! ! ولكن كل هذه العراقة في القدم لم تمنعه من وصفهم في موضع آخر أنهم كانوا معاصرين للسَّبَئبِيِّين الذين لم تبتدئ دولتهم على رأيه إلا في القرن الثامن قبل الميلاد، ونقل عن اليونان في صفحة (١١٦) أن هذه الأمم وغيرها كانت متعاصرة، وأن عاصمتهم (مأرب) ثم يتشبث في موضع آخر بأن القحطانيين السبئيين كانوا بعد المعينيين، أو أنهم ورثتهم أو أنهم حبشان أوانهم عمالقة جاءوا من مصر، هذا إلى اضطرابات وتناقضات توقع طالب التاريخ في حيرة وارتباك، يهون عليه معهما نبذ كل هذه التخرصات، والاعتقاد بأن كل هذه الأمم كانت قبائل متجاورة في مخاليف متقاربة أعظمها مأرب. الأمر الثاني من الأمور التي تؤخذ على المؤلف - تناقض عبارات كتابه في عدة مواضع. منها ادعاؤه أن أسماء ملوك حمير لم يكن بينها أسماء عدنانية، حتى قال في صفحة (١٦٦) لم نجد لذلك أثرًا في الآثار المنقوشة، ثم نقل في صفحة (١٥٩) أثرًا عظيمًا لأبرهة الحبشي، وفيه يسمي ولاته من حمير وأقْيالهم يزيد وكبشة ومرة وثمامة وحنشًا ومرثدًا كما تقدم. ومنها تناقضه في أن الجبائيين لم يعرفهم العرب، بل عرفهم اليونان وحدهم ثم ذكر في صفحة (١٣٤) أن الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب، قال: (جبأ مدينة المفاخر وهي لآل الكرندي من بين ثمامة آل حمير الأصغر) مع أن اليونان لم يذكروهم بأكثر من أنها قبيلة تجارية. ومنها تناقضه في استظهار أن السبئيين حبشان، ثم ذكر في صفحة (١٣٦) أن المعينيين القادمين من العراق نقلوا معهم حضارة العراق ونظام حكومته، وقسموا اليمن إلى محافد وقصور، وطمعوا في جيرانهم وأخضعوهم، وأنشئوا الدولة المعينية والسبئية والحميرية. ومنها تناقضه في أن المعينيين لم تعرفهم العرب، مع أنه نقل في صفحة (١١١) عن الهمداني في كتاب الإكليل، أن (محافد اليمن براقش ومعين، وهما بأسفل جوف الرحب مقتبلتان، فمعين بين مدينة نشان وبين درب شراقة) وروي أن مالك بن حريم الدلاني يقول فيها: ونحمي الجوف ما دامت معين ... بأسفله مقابلة عرادا وفيها وفي براقش يقول فروة بن مسيك: أحل يحابر جدي عطيفًا ... معين الملك من بين البنينا وملكنا براقش دون أعلى ... وأنعم إخوتي وبني أبينا ومنها تناقضه في أن العرب لم يعرفوا دولة النبط في الشام، ثم ذكر في عدة حوادث أنهم عرفوها خصوصًا في صفحة (٧٩) ، حيث نقل عن ابن خلدون وحمزة الأصفهاني معرفتهما لنبط الشام، وأن بطرا كانت تسمى بعد الإسلام الرقيم، ولهم فيها شعر، هذا إلى مناقضات كثيرة لا تسع سردها ولا تفصيلها هذه المجلة. الأمر الثالث من الأمور التي تؤخذ على المؤلف، جسارته على وضع الأسماء والتقسيمات التاريخية مع ضعف الاستظهار، كتقسيماته أدوار تاريخ العرب، وكتسميته الأمة التي سماها استرابون اليوناني جرهيين، بالقرييين، نسبة إلى قرية، وهي اسم اليمامة قديمًا، وهم الذين قال فيهم استرابون: (إنهم أغنى أهل الأرض، ويكثرون من آنية الذهب والفضة، ويزينون جدران منازلهم بالعاج والذهب والفضة والأحجار الكريمة) ، فمتى كان أهل اليمامة أغنى أهل الأرض؟ ومتى كان لهم جدران تزين بالذهب والفضة والأحجار الكريمة؟ ! ! أليس كلام استرابون أشبه بالخرافات التي تقال عن مدينة شداد بن عاد (إرم ذات العماد) التي يبكت حضرة جرجي أفندي زيدان جهلة مؤرخينا على ذكرهم لها! ولكنه لا يبكت استرابون، بل لم يكتف بقوله حتى حرف لفظه (جرها) بلفظ (قرية) وجعل أهلها دولة لم تعرفها العرب وفتح بابًا لها خاصًّا في كتابه، ورسمها على المصور الجغرافي! ! الأمر الرابع من الأمور التي تؤخذ على المؤلف، ارتياب القارئ في تهجينه أخبار العرب في حوادث الفخر والغلبة، كفتوحات شمر يرعش وأسعد ذي كرب في آسيا وأفريقس في أفريقيا وحسان بن تبع. وتصديقه خرافات استرابون وهيريدوت، مع أنهما لم يدخلا بلاد العرب ولم يرياها. واقرأ ما نقله عن استرابون في صفحة (١٣٨) تتحقق صدق ما نقول، وهذا نصه: وذكر استرابون ضربًا من الاشتراكية عند أولئك العرب غريبًا في بابه، فبعد أن أورد اشتراك كل عائلة بالأموال والمتاع بين أفرادها، وأن رئيسها أكبر رجالها سنًا، قال: والزواج مشترك عندهم، يتزوج الإخوة امرأة واحدة، فمن دخل منهم إليها أولاً ترك عصاه بالباب، والليل خاصّ بأكبرهم، وهو شيخهم، وقد يأتون أمهاتهم، ومن تزوج من غير عائلته عوقب بالموت. كان لأحد ملوك العرب ابنة بارعة في الجمال، لها ١٥ أخًا، كل واحد منهم يهواها حتى ملتهم، واحتالت على منعهم بعصا اصطنعتها تشبه عصيّهم، وكان لكل منهم عصا عليها علامته. فكانت إذا خرج أحدهم من عندها حمل عصاه ومضى، فتضع هي مكانها العصا التي اصطنعتها على مثالها، فيتوهم سائر الإخوة أنه لا يزال عندها، وقد يجيء أحد يتفقد الباب، ولما يرى العصا بجانبه يرجع، فتبدل العصا الأولى بعصا مثل عصاه وهكذا. فاتفق مرة أن الإخوة كانوا جميعًا في ساحة، ورأى أحدهم بباب أخته عصا، وليس من إخوته أحد غائبًا، فظن فيها السوء فشكاها إلى أبيها، ولما اطلع على عذرها برأها. هذه حكاية استرابون، ولم نذكرها إلا لغرابتها، ولا نعلم مقدار ما فيها من الصحة. اهـ يذكر هذه الحكاية هنا بالتفصيل ويعتذر بهذا العذر، مع أنه عندما يقتضي المقام شيئًا صحيحًا تاريخيًّا عن العرب يدمجه ويجمل فيه ويحيل القارئ على الكتب الأخرى! . الأمر الخامس سوء التعبير من الوجهة الدينية في عبارات الكتاب، كقوله في صفحة (١٠) أقدم المصادر العربية المدونة عن تاريخ العرب وأقربها إلى الصحة القرآن (؟) . الأمر السادس من الأمور التي تؤخذ على المؤلف أنه أغفل مدة حكم الفرس على اليمن بعد ذي يزن، فلم يذكر أحدًا من عمالهم مع أن عمال كسرى استمروا يحكمون اليمن إلى الإسلام، فكان آخرهم باذان، الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم ثم صارت اليمن إلى الإسلام. الأمر السابع من الأمور التي تؤخذ على المؤلف، كثرة شكه وتردده وتناقضه في أكثر الحوادث، حتى إنه لا يرى المطلع على كتابه خبرًا مبرهنًا على صحته بدليل مقنع، ويظهر ذلك ظهورًا بينًا في آرائه الخاصة واجتهاداته التاريخية. الأمر الثامن من الأمور التي تؤخذ على المؤلف، تخريجه الأعلام تخريجًا غريبًا، قال: إن اسم امرئ القيس يظنه محرفًا عن مرقس! ! وأن اسم الحارث ربما كان ترجمة جيورجيوس، واسم صخر، ترجمة بطرس! ! إلخ ما ذكر من التخريج. الأمر التاسع اختصاره التاريخ جدًّا، وهو أحد العيوب التي عابها على مؤرخي العرب، فلم يسلم هو منها، والكمال لله وحده.