(تابع مالية الدولة) في سنة ١٨٩١ ابتُكر تدبير جديد لا يزال في معرض البحث، إذا تحقق رُجِيَ من ورائه خير كثير لمالية الدولة العثمانية ذلك هو تأصيل المبلغ الذي يتوفر مسانهة من تحويل الديون الممتازة، وهو ١٤٥٠٠٠ جنيه إنكليزي (تأصيله جعله رأس مال) ، ينشأ بهذا المبلغ السنوي قرض قدره ٢٩٠٠٠٠٠ جنيه إنكليزي بإصدار سهام عثمانية ممتازة بنفس السعر الذي أصدرت به سهام ٢٧ إبريل، أعني: أربعة في المائة من الربح، وواحدًا في المائة من أجر الاستهلاك تدفع قيمة هذه السهام في أربع وأربعين سنة. لما كان الفرعان من الدَّين العثماني المشار إليهما بحرفي (ت) و (ث) ، فيما تقدم مقدّرين بقيمة أقل من الفرعين السابقين لهما، كانت الهمة موجهة طبعًا لإيجاد طريقة استهلاك إضافية لتسديدهما؛ فلهذا القرض أخذ وكلاء الديون على أنفسهم أن يدفعوا فيما يطلب منهم سهامًا من هذين الفرعين، حرصًا منهم على أخذ السهام الممتازة الجديدة التي قيمتها ٨٠، وبما كانت تقتضيه سهام النوعين المذكورين في ذلك الوقت من الثمن الذي لم يغير في رأس مال حقيقي قدره ٢٣٢٠٠٠٠ جنيه إنكليزي يخرج من أيدي المتعاملين ١١٦٠٠٠٠٠ جنيه إنكليزي من الدَّين العمومي، هذا المبلغ لما كان للحكومة فيه بمقتضى اتفاق ٢٠ ديسمبر سنة ١٨٨١ واحد في المائة، أعني ١١٦٠٠٠ جنيه إنكليزي، فستكفي مصلحة الدين بسبب تأصيل مبلغ ١٤٥٠٠٠ جنيه إنكليزي مؤنة المطالبة السنوية بمبلغ ١١٦٠٠٠ جنيه إنكليزي. هذا العمل هو من الأهمية بحيث إن الحكومة العثمانية لا تتسرع في القطع بإجرائه، بل إنها لا تجزم به إلا بعد الإحاطة بجميع وجوهه، وتقدير كل الاعتبارات فيه. وقد استفادت السهام التركية أيضًا استفادة تُذكر من المزايا الناشئة من تحويل السهام الممتازة، فبلغ استهلاك هذه السهام من ٥٨ إلى ٧٢ في المائة، وحينئذ فالذي كان ينال في الاقتراع (يانصيب) على مبلغ ٦٠٠٠٠٠ فرنك - جائزة قدرها ٣٤٨٠٠٠ فرنك، صار يقبض - من الآن فصاعدًا - جائزة قدرها ٤٢٢٠٠٠ فرنك. لننظر الآن في تحويل قرض الدفاع بواسطة تأصيل جزء من الخراج الذي تأخذه الدولة من مصر. في سنة ١٨٨٧ كانت حكومة جلالة السلطان افتكرت في أن تحول القروض المختلفة المضمونة بهذا الخراج الذي تدفعه مصر للباب العالي إلا أنه قد مَنع من إنفاذ ذلك في حينه جملة موانع سياسية ومالية، ولكن عندما رأت جلالة السلطان أنه قد جاء الوقت المناسب لإنفاذه صَمَّم عليه في سنة ١٨٩١، وقد تُوجت مساعيه إلى الآن بالنجاح التام، إن قرض الدفاع الذي أُصدرت سهامه في سنة ١٨٨٧ - وهو آخر القروض المضمونة بالخراج المصري - يبلغ ٥٠٠٠٠٠٠ جنيه إنكليزي، وربحه خمسة في المائة وأجر استهلاكه واحد في المائة. في شهر فبراير سنة ١٨٩١ نقص أصل هذا القرض بسبب الاستهلاك إلى ٤٣١٦٥٢٠ جنيهًا إنكليزيًّا، وذلك في أثناء المذكرات الأولى بين الحكومة العثمانية ووكلاء الدائنين. انحط من الدفعة السنوية التي يضمنها هذا القرض - وهي ٢٨٠٦٢٢ جنيهًا إنكليزيًّا بمقتضى الإرادة السنية الصادرة في ٢ مارس سنة ١٨٩٢ الخاصة بتحويل القرض المذكور - مبلغ ١٤٠٣ جنيهات إنكليزية، نفقات وأجرة عمل (عمولة أو قومسيون) ومبلغ ٢٦٥٤٣ من أجل الاستهلاك وبقي بهذا النقص من أصل الدفعة ٢٥٢٦٧٦ جنيهًا إنكليزيًّا لتأصيله؛ فإذا جُعل ربحه ٤ في المائة كان الحاصل رأس مال قدره ٦٣٢٦٩٣٠ جنيهًا إنكليزيًّا، فبالثمن الذي أصدرت به تلك السهام - وهو ٩٠ - كان رأس المال الاسمي هذا يعطي رأس مال حقيقي وقدره ٥٦٨٥٢٣٧ جنيهًا إنكليزيًّا، وقد نقص هذا المبلغ بما سقط منه من أجرة عمل الضمانة (العمولة) وهي واحد في المائة على رأس المال الاسمي إلى مبلغ صافٍ وهو مبلغ ٥٦٢٢٠٦٨ جنيهًا إنكليزيًّا. من هذا المبلغ استغرق تحويل ما يوجد من سندات قرض الدفاع مبلغ ٤٣١٦٥٣٠ جنيهًا إنكليزيًّا، وينتج من ذلك للخزينة العثمانية ربح صافٍ قدره ٢٣٠٥٥٣٨ جنيهًا إنكليزيًّا، وتلك - بلا شك - نتيجة عظيمة لا تحتاج لشرح في تقدير القارئ إياها حق قدرها. (لها بقية) ((يتبع بمقال تالٍ))