(الأعمال الحسابية) يوجد في تعريفة الرسوم بعض الالتباس، وظهر ذلك في العمل، ولكثير من القضاة عليها انتقادات تحتاج إلى النظر كما جاء في المادة (٢٣) من تلك التعريفة من أن الإبراء من الدًّين أو من الدعوى بمعلوم يؤخذ عليه الرسم في المائة واحد، ثم صدر منشور النظارة بأن الإبراء من مؤخر الصداق يؤخذ عليه خمسة قروش، ثم تلاه منشور آخر بأن الخمسة قروش تؤخذ فيما إذا زاد المبلغ الذي حصل فيه الإبراء عن ألف قرش، وإلا فيؤخذ ثلث الخمسة قروش، ثم صدر منشور ثالث يقضي بأنه إذا حصل خلع أخذ رسم الخلع خمسة قروش ولم يؤخذ على الإبراء شيء. ومما لاحظه القضاة أن المادة (٦) قضت بأخذ رسم الأيلولة، فلو جاءت الأيلولة غير مقصودة كما لو حصلت في ضمن عقد بيع مثلاً لعقارات موروثة، فإنه يؤخذ رسم الأيلولة ورسم البيع معًا، وهو خلاف ما عليه المحاكم المختلطة. وفي المادة الرابعة ما يفيد أن الرسم يؤخذ على كل حجة أو سند يطلب تحريره , فمقتضاه أنه إن لم يطلب لا يؤخذ عليه رسم، مع أن أوامر النظارة تقضي بأن يؤخذ الرسم في مبدأ الأمر حتى رسم التحرير. ومما لوحظ أن جميع المواد التي ذكر فيها للرسم بداية ونهاية ووكل تحديد ذلك للكاتب يفتح بالضرورة بابًا للفساد يجب سده، وعلى كل حال فيجب النظر في التعريفة والمنشورات ووضع اللائحة على وجه يكفل العدل من جهة، ويرفع الالتباس ويسد أبواب الفساد من جهة أخرى، ولن تعدم النظارة وسيلة للتعجيل في أقرب وقت ممكن. (تقييد القاضي في كل ما يرد إليه) رأيت في بعض المحاكم أن القاضي يرد إليه طلب أو تُقدم إليه شكوى، وربما من خصائصه أن ينظر فيها، ولكنه يجد في ذلك مشقة عليه فيدفع الطالب أو المشتكي بقوله: (اذهب إلى جهة كذا) أو (إن هذا لا يعنيني) ويكثر تردد صاحب الحاجة لأن الأمر مما يعني القاضي، فالذي أراه أن كل ورقة تقدم إلى القاضي في أي من الشؤون يقيد ملخصها في دفتر يُنشأ لذلك ويكتب فيه ما رآه القاضي حتى لو اشتكى الطالب إلى مقام أعلى أمكن أن يعرف خطأ القاضي من صوابه. (تشكيل المحكمة) بعد ما شرط في القاضي أن يكون كفؤًا لعمله لم يكن من معنى لبقاء لقب المفتي، ثم إذا رأينا أن القاضي لا بد له من مستشار يرجع إليه في المشكلات وجب أن يكون ذلك المستشار أرقى علمًا ومكانة ومُرتبًا من القاضي، فيكون مفتي المديرية أسمى موظف شرعي فيها، ثم إن كان هذا شأنه وأطلق له إبداء الرأي فيما يرفع إليه من الأسئلة وجب أن لا يفوض إليه النظر في القضايا التي سبق له إبداء الرأي فيها، لكن لا شيء من ذلك بواقع، فإن المفتي قد يكون أنزل درجة في العلم من قاضي المديرية أو المحافظة، ثم إن كان يفوقه في العلم فهو أقل منه راتبًا لا محالة، ثم إن اللائحة الجديدة قد جعلت له حق الحكم ولم تمنعه إلا من الإفتاء فيما هو منظور أمام المحاكم بالفعل، ولم تنص على ما أفتى فيه قبل نظره، ثمّ هو عضو من أعضاء المحكمة الكلية في المديريات أو المحافظات، فإن كانت صفة الإفتاء تجعل لرأيه امتيازًا على رأي غيره عدّ وجود غيره معه لغوًا , وإلا فما بقاء هذه الصفة؟ ثم إذا حكم مفردًا في قضية كيف يصح استئنافها، والحاكم هو صاحب الرأي الأعلى في بيان الأحكام الشرعية؟ أما فيما يتعلق بغير المتقاضين أمام المحاكم الشرعية إذا احتاجوا إلى فهم حكم شرعي في نازلة، فهم لايرضون بما دون إفتاء مفتي الديار المصرية كما هو مشاهد , فلم يبق من وظيفة المفتي في المديرية أو المحافظة إلا إبداء رأيه في القضايا الجنائية عندما تريد أن تحكم بالإعدام، وهي وقائع قليلة يصح أن تعدل لها مادة في قانون تحقيق الجنايات بأن يقال: (بعد أخذ رأي أكبر موظف شرعي في المديرية أو المحافظة، أو يحول ذلك على إفتاء الديار المصرية) وغاية ما يلاحظ فيه أن إرسال القضايا من محكمة قنا وردَّها يحتاج إلى أن يزاد في الزمن المحدد للحكم بالإعدام أسبوع وإبقاء الجاني أسبوعًا في عالم الأحياء، ولا ينشأ عنه ضرر ما. فالذي أراه حذف هذا اللقب من المديريات والمحافظات، وعد الجميع قضاة وأعضاء محكمة، فإن كان لابد من بقاء وظيفة الإفتاء في الأطراف، فليقِل العدد وليكن للإسكندرية والبحيرة مفتٍ يقيم بالإسكندرية وآخر للمنوفية والغربية يقيم بطنطا، وثالث للدقهلية والشرقية والقليوبية يقيم بالزقازيق، ورابع للجيزة والفيوم وبني سويف يقيم بالفيوم، وخامس للمنيا وأسيوط يقيم بها، وسادس لما بقي من الوجه القبلي يقيم بقنا، وليُنَطْ بهؤلاء المفتين إبداء الرأي فيما يرفع إليهم عند إرادة الصلح وعدم التخاصم أمام المحاكم، وما تستفتيهم فيه الحكومة، وللقضاة أن يستشيروهم فيما يشكُل من الأحكام، وعلى هذا يجب أن يكونوا من مشاهير العلماء، ومنهم ينتخب قضاة المديريات والمحافظات الذين يسمون رؤساء المحاكم إذا أرادوا الدخول في سلك القضاة. ثم ألاحظ ما لاحظه سماحة قاضي مصر من أنه إذا غاب عضو من أعضاء المحكمة العليا فلرئيس المحكمة أو من يقوم مقامه أن ينتدب من يتم به عددهم من أعضاء محكمة مصر الكبرى ممن لم يسبق له نظر في القضية، فإن لم يتيسر ذلك انتدبته نظارة الحقانية بعد أخذ رأي القاضي إلى آخر ما نص عليه في المادة التاسعة من اللائحة، ولا حاجة لجعل الانتداب لسعادة ناظر الحقانية من أول الأمر تسهيلاً للعمل، فقد يحتاج للانتداب يوم الجلسة والخصوم حضور والتأخير يضر بمصلحتهم، فمن الواجب أن لا يلجأ لرأي النظارة إلا عند الضرورة وحيث يقتضي الانتداب انتقالاً من محكمة أخرى. ثم لابد أن يباح لرئيس المجلس إذا حصل له مانع من الحضور أن ينتدب أحد العضوين بدون إذن الحقانية للسبب الذي ذكرناه، وكذلك يجب أن يباح له أن ينتدب أحد العضوين للقيام بعمل أحد قضاة المراكز عند تغيبه إذا دعت الحاجة إلى ذلك لجواز أن لا يتيسر انتداب أحد قضاة المراكز للقيام بعمل مركز آخر، ويتيسر انتداب عضو من أعضاء المحكمة. هذا ما ألاحظه الآن على طريقة تشكيل المحكمة إلى أن ينظر في عدد القضاة والأعضاء ويستقر الرأي على توزيع الأعمال، فتتغير طريقة التشكيل في المديريات على وجه يوافق ذلك التعديل. (تابع ويتبع) ((يتبع بمقال تالٍ))