بقية خطبة صدر الدين أفندي مقصودف النائب المسلم في الدوما (٢)
بناءً على ما ذكر أولاً- أي بناء على وجود الجامعة الإسلامية - تفكر جمعية الشورى فيما يأتي: (١) تخصيص إعانة نقدية للمبشرين ولجمعيات نشر المعارف الروحية (كجمعية براتستوا ستوتوي غوري مثلاً) في ولايات ضواحي (إيدل) حيث الناس خليط من المسلمين. (٢) زيادة شعبة مخصوصة في قزان لتعليم أساليب اللغة المحلية حتى يقدر التلاميذ على التفاهم بها، فضلاً عن دروس الألسنة الشرقية الموجودة الآن في الجمعية العلمية (الأكاديمية) الروحية في قزان، وبعبارة ثانية وجوب إعانة جمعية المبشرين. (٣) أن يقبل في هذه الشُّعبة من أتم مدة مدرسة من المدارس الثانوية الروحية والملكية فضلاًعن الذين يستحقون الدخول في جمعية المبشرين بناء على القوانين العمومية. (٤) الذين يتمون مدة شُعبة جمعية المبشرين هذه يقدَّمون على غيرهم في أن يعينوا معلمي اللسان والديانة في المدارس الثانوية الروحية ويكون لهم الحق أيضًا في أن يكونوا قسيسين أو مبشرين في الأماكن التي يوجد فيها أقوام من غير الروس. (٥) بما أن الشعبة الموجودة الآن في قزان تؤدي الاحتياجات الدينية والأخلاقية في ضواحي نهر (إيدل) فيجب أن تخصص لها إعانة لشراء وترتيب بناية خاصة بها (كل هذه في الإعانة للمبشرين، ومع هذا تدَّعي أنها من التدابير والأسباب لمقاومة الجامعة الإسلامية) . (٧) لأجل تمكن الأرثوذكس من مقاومة الإسلام يجب: (أ) تعليم الديانة الإسلامية في دور المعلمين التابعة للكنيسة مع الاعتراضات عليها من طرف الديانة النصرانية. (ب) نشر تاريخ المسلمين الإجمالي، ونشر كتب للرد على العقائد الإسلامية وإعطاء الجوائز للذين يجيدون ما يكتبون فيما ذكر. (٨) تمكين الجمعية (الأكاديمية) الروحية في قزان من نشر مجلة أو جريدة في روح النصرانية يفهمها العامة للتأثير في غير قوم الروس بواسطة المطبوعات تأثيرًا مدنيًّا ودينيًّا، وتخصيص إعانة لهذا الغرض تزيد على ٢٠٠. ٣ روبل. (٩) يجب أن يسكن الرؤساء الروحيين في الولايات الشرقية التي يكثر فيها المسلمون أو في الأماكن التي يكثر فيها المهاجرون بين المسلمين والمهاجرين. (١٠) يجب لتقوية الخدمة الدينية والمدنية في المحلات التي يوجد فيها المسلمون: (أ) أن يعمل الروحييون والمأمورون الملكيون بعد أخذهم الرخصة محاضرات دينية موافقة لروح الكنيسة الأرثوذكسية لأجل الكبار والصغار. (ب) افتتاح دور الكتب (الكتبخانات) قرب المكاتب. (ج) تحسين معيشة الخدمة الروحيين في القرى بتعيين مرتبات مقننة لهم، وذلك في المحلات التي يوجد فيها أقوام من غير الروس. (وهذا أيضًا منح إعانة وتدبير ضد الجامعة الإسلامية؟) (١١) إخراج الفنون التي لا تعلق لها بالديانة من مكاتب ومدارس المسلمين ومن جملتها اللغة الروسية، فلا يعلَّم فيها غير الديانة الإسلامية وأن يُسلَّم تفتيش تلك الأمور إلى نظارة المكاتب العمومية. (بعد معارضة من حزب اليمين وكلام مع الرئيس) قال: أرجوكم أيها الأفندية أن تصبروا أيضًا دقائق معدودة. فأنا لا أقرأ لكم قرارات الجمعية الشورية بتمامها بل أقتصر على كُبراها. ومن قراراتها ترك مكاتب المتنصرين من التتر [*] على حالها الحاضرة وعمل هيئة شورية مركبة من الروحيين ووكلاء نظار المكاتب ينظرون في شئونها. (٢٠) جعل أمثال هذه المكاتب الواقعة في محلات يكثر فيها المسلمون تحت نظارة إدارة الأمور الروحية الأرثوذكسية. ومن قراراتها أيضًا أنه نظرًا لكثرة عدد النفوس التي تحت نظارة الإدارة الروحية الإسلامية ولعدم إمكان التوفيق بين تسليم شئون المسلمين كافة إلى إدارة واحدة وبين منافع الدولة ومنافع الدولة ومنافع شعوب المسلمين أنفسهم يجب تسليم إصلاح الإدارة الروحية إلى الوزارة الداخلية وهي تقوم بإصلاحها بتأسيس إدارات روحية إسلامية متعددة في محلات متعدة (وبعد استراحة المجلس استأنف الكلام صدر الدين أفندي مقصودف) فقال: أيها الأفندية! قرأت لكم قبل الاستراحة اللائحة التي تبحث في التدابير ضد الجامعة الإسلامية، ولعل تلك القرارات بقيت في خاطر أحد منكم ولم تذهب جميعها من بَالكم، وأريد الآن توجيه أنظاركم إليها ثانية ولا سيما مادة واحدة منها وهي المادة ١١ التي قيل فيها (إخراج الفنون التي لا تعلق لها بالديانة، من مكاتب ومدارس المسلمين ومن جملتها اللغة الروسية فلا يُعلَّم فيها غير الديانة الإسلامية وأن يسلم تفتيش تلك الأمور إلى نظارة المكاتب العمومية. أيها الأفندية! إنهم قد صدروا هذه القرارات بمقدمة أتوا فيها بالأدلة على ضرورة انفاذها جاء فيها: (بناءً على أن المعلومات الدينية ضرورية لعلماء المسلمين الدينيين بصفة أنهم أمة لها كيان ومشخصات كغيرها ترى الجمعية الشورية دوام بقاء مكاتبهم ومدارسهم الدينية من غير شك إلا أنه يجب إرجاع هذه المدارس إلى حالتها الدينية المحضة، فالجمعية ترى جعل حد فاصل بين العلوم الدينية وغيرها من الفنون مما لا بد منه. وشئون التعليم الديني في تلك المدارس تسلم إلى نظارة العلماء الروحيين من المسلمين، ولا يتداخل فيها رجال الحكومة، ومع ذلك يجب أن لا يترك سبيل لتعليم الفنون العمومية فيها. وبناء على النظام المصدق من طرف القيصر في ٢٦ مارس سنة ١٩٠٧ كان قد جعل تعليم الروسية إجباريًا في مكاتب ومدارس المسلمين وأعضاء الجمعية الشورية تذاكروا أيضًا في هذه المسألة، على أن جعل تعليم اللغة الروسية إجباريًّا في المكاتب والمدارس كان قد بُني على مقصد معين وهو إدخال مكاتب المسلمين الموجودة الآن في تلك المكاتب العمومية. وأنى لنا بالتأكد من صحة هذا المقصد؟ وإذا هو حصل فإن مكاتب المسلمين تخرِّج طلابًا لهم وقوف على المعارف العمومية الحقيقية وهذا ليس بمطلوب قط، ثم إن جعل تعلم اللغة الروسية إجباريًا في المدارس الإسلامية لم يحُز قبولاًعند المسلمين وعدوه تحاملاًعلى الدين وعملاً ًيُراد به الذهاب بمشخصاتهم أو تحويلها إلى مشخصات روسية قَسْرًا. فبناءً على ما تقدم ترى الجمعية وجوب محو اللغة الروسية (الموجودة الآن) في المكاتب والمدارس الإسلامية وأن لا يؤذن للمسلمين فيما بعد بإدخال اللغة الروسية في مكاتبهم ومدارسهم) . انظروا أيها الأفندية! بعد ما سمعتم هذه القرارات التي حازت القبول من رجال الحكومة الذين يريدون الاحتفاظ بمنافع الدولة ترون أننا بطبيعة الحال ننتهي إلى البحث والتفكير فيما يلي: نحن مسلمي روسيا لسنا تحت إدارة حكومة دنيوية تدير شئونها بالعقل والروية بل نحن تحت نظارة المبشرين الذين لا ينظرون إلينا بعين العداوة، لأن رجال الحكومة يأتمرون بأمر المبشرين في إدارة شئوننا في جميع الأوقات فكأننا محكومون بحكومة (إكليريكية) . موضوع قرارات الجمعية التبشيرية في قزان وقرارات رجال الحكومة في العاصمة واحد وهو وجوب إعانة جمعية المبشرين ومنع تعليم تقويم البلدان والتاريخ ولغة الروس وغيرها من الفنون في مكاتب ومدارس المسلمين وعدم الإذن بافتتاح مكاتب أخرى. كل هذا لمقاومة الجامعة الإسلامية على ادعائهم فتفضلوا أرونا أي قرار من تلكم القرارات يُفهم منه مقاومة الجامعة الإسلامية. كلا! ليس هناك شيء لمقاومة تلكم الجامعة بل كلها لمقاومة الإسلام نفسه أولاً ولمقاومة رُقيّ المسلمين ثانيًا. انظروا أيها الأفندية! بسبب تلكم اللوائح من المبشرين وتلقينا تهم المستمرة أيقنت وزارة الداخلية بوجود حركة (الجامعة الإسلامية) وأرسلت التعليمات اللازمة إلى الولادة والمأمورين الآخرين لمقاومة هذه الحركة، فأخذ الولاة وغيرهم من المأمورين يبحثون عن الجامعة الإسلامية، وأخذوا يرون في كل شخص ظلها، وكل مأموري الإدارة أخذوا يجدون في نيل قصب السبق للعثور على مركزها فبدأت التفاتيش والحبس والنفي وسبق في هذا الأمر مأمور ولاية (وياتكة) وامتازوا به على غيرهم. فتشوا عن مركز الجامعة الإسلامية حتى عثروا عليه. لو كان الأمر بأيديكم فأين كنتم تفكرون وجود مركز هذه الجامعة؟ هم وجدوه في مدرسة دينية في قرية فقيرة تسمى (بوبي) بولاية وياتكة، وامتازوا به على غيرهم. فتشوا عن مركز الجامعة الإسلامية حتى عثروا عليه. لو كان الأمر بأيديكم، فأين كنتم تفكرون وجود مركز هذه الجامعة؟ هم وجدوه في مدرسة دينية في قرية فقيرة تسمى (بوبي) بولاية وياتكة، ومن الصدفة كان معلموها يعلمون تقويم البلدان والتاريخ ولغة الروس فضلاًعن العلوم الدينية. عندما سمعت إدارة الشرطة في وياتكه بتعليم الفنون الجديدة في هذه المدرسة أخذت تفكر: لا بد من وجود شيء في هذه المدرسة، يعلمون في مدرسة إسلامية اللغة الروسية وتقويم البلدان باختيارهم وبنفقاتهم الخصوصية! فلا بد من وجود الجامعة الإسلامية هنا. وأخذت تستفهم الأئمة في القرى المجاورة لقرية بوبي عن شئون المدرسة، وهل الأئمة في قرية بوبي يشتغلون بالجامعة الإسلامية أم لا؟ والذين يخالفون تدريس اللغة الروسية وتقويم البلدان من الأئمة، وكذلك الجهلة أجابوا باحتمال وجود الجامعة الإسلامية فيها وقالوا: إنهم يعلمون التلاميذ جريان الأرض حول الشمس ودورانها حول محورها. وهل للأرض محور؟ وذلك لا شك من علامة الجامعة الإسلامية (كل هذا مكتوب في سِعاية من السعايات المقدمة للحكومة) . صدقت إدارة الشرطة في وياتكه أقوال أعداء أئمة بوبي وشرعت في إبلاغ الأمر إلى المقامات العالية. وسلم هؤلاء السيئي البخت إلى المحكمة. وكانوا أولاً سجنوهم من غير تفتيش من المحكمة، ولكن باشروا الآن العمل في المحكمة حتى لا يعد أمرهم هذا شيئًا خارجًا عن حد اللياقة ليس إلا. يقولون: إن ذنب هؤلاء الأئمة اشتغالهم بالجامعة الإسلامية كأنهم نشروا من قرية بوبي فكرة الجامعة الإسلامية في أنحاء روسيا جمعاء. وهم منذ سنة ونصف في سجن بلدة ساربول ولا يعلم أحد متى يكون الحكم عليهم [١] . نحن تيقنا من الآن بسقوط الجامعة الإسلامية التي ظهرت من جانب الموظفين والمبشرين وتيقنا أن سيعلم الناس جميعًا أنه لا يوجد بين المسلمين حركة ما سوى حركة الاجتهاد في الارتقاء والتقرب من مدنية الروس. وأطال الخطيب في آراء المحافظين على القديم من المسلمين وسعايتهم بالنشء الجديد الطالب للارتقاء والتحكك بمدنية الروس وأتى على ذكر الحاج طلاشي الشركسي صاحب مجلة مسلمانيين التي كان يصدرها في باريس وذكر تناقضاته بتهويله بالجامعة الإسلامية تارةً وبوضعه أساسًا وإبدائه النصائح لتأسيس بنيانها وإيجادها تارةً أخرى، واستشهد بالعدد ٣٧٥ من جريدة ريج الروسية ثم قال: والحاصل أيها الأفندية أنه قد أتى دور الحبس والتفتيش وإقفال المكاتب بسبب سعايات جهلة من المسلمين وغيرهم ممن اتخذوا السعاية مهنة لهم. ابتدأت هذه الأمور في زمن اسطالبين ولا تزال مستمرة إلى الآن وتنفذ على الدوام تدابير الجمعية الشورية. والذين ينظرون معي إلى هذا الأمر متجردين من الغاية والتحيز يقتنعون ببطلان هذه السياسة وأنها تنافي منافع الدولة كما أنها توجب الوهن لبناء كيان دولة الروس أمتين. أنتم باتهامنا بهذه الجامعة تقطعون علينا طريق العلم والمدنية بعد أن أخذنا نستيقظ لانتهاجها الآن، وكثير من الناس يعرف عاقبة هذه السياسة السوءى. أيها الأفندية! أنتم تغلطون غلطًا فاحشًا تجلبون به ضررًا عظيمًا إلى مستقبل روسيا. ولا حاجة بي إلى الاستدلال على صداقة المسلمين لدولتهم؛ إذ هي معلومة لكل أحد من قديم الزمان، وهذا كلام صحيح وتلكم الصداقة قد استمرت إلى الآن كما يعرف الجميع ولو لم يتخذوا سياسة أخرى لكانت كذلكم إلى ما شاء الله. ولكن قد توجد أشياء توقع الاضطرابات بين أصدق التبعة، وقد تخرج العقول الصحيحة عن محجة الصواب، ونلقي الخوف وعدم الأمن بين أشد التبعة سكونًا وهدوءًا. أيها الأفندية َ! إذا نفوا إمامًا في قرية بلا سبب وأقفلوا مدرسة في قرية ثانية وصادروا كتبًا دينية في ثالثة وتكرر أمثال هذا كل يوم فلا شك في كونها تولد أفكارًا سيئة في رءوس الأهالي غير مطلوبة لنا ولا للحكومة. أيها الأفندية! أقول لكم علنًا: إن مسلمي روسيا لا توجد بينهم حركة وآمال تضر دولة الروس وتخالف منافعها (يصيح بعضهم من الوسط: صحيح) (مقصودف:) إذا كانوا يقدرون على تنفيذها فليثبتوا مدعاهم على هذا المنبر سواء كانوا من وكلاء الحكومة أو من النواب. أيها الأفندية! أكرر قولي: إنه ليس فينا فكر ولا حركة ضد الدولة ولكن لنا طلب واحد وهو أن نكون أحرارًا وذوي حقوق كاملة في الدولة الروسية الكبيرة. نحن لا نشك في وصولنا إلى هذا المقصد: إذ لا يمكن لأمة عددها ٢٠ مليونًا أن تبقى في ضيق أبديّ مهما كانت التدابير المقاومة لها، ولا بد من أن يظهر الحق والعدالة في وقت من الأوقات وسوف نكون أحرارًا وذوي حقوق كاملة مع مشاهدة سرور الروس الذين لا يقاومون الحق في وقت من الأوقات ولا يخاف من هذا غير رجال الحكومة والمبشرين. حقًا أنه لا يوجد بين معيشتنا المحلية وبين دولة الروس شيء يخالف بعضه بعضًا. نحن نطلب دائمًا تقدم الدولة وعظمتها والمشي مع أحرار الروس في أعمال الدولة العمومية جنبًا لجنب ولكن اتركونا أحرارًا لنعيش في الدنيا على مقتضى قوميتنا المنعقدة منذ قرون عديدة محافظين على ما أوصى وترك أسلافنا لنا من الأشياء المقدسة الموجودة في أمتنا (تصفيق من اليسار) اهـ. ... ... ... ... ... نقلاًعن محاضر جلسات مجلس الدوما *** خطاب مقصودف أفندي في الجلسة الختامية لمجلس الدوما (تمهيد لمراسل جريدة (وقت) (قال) : معلوم أن سكان ولايات ترسكان وصحراء قزاق كانت قد محيت حقوقهم في انتخابات الدوما بنظام ٣ يونيو سنة ١٩٠٧ فلم يدخل منهم ولا نائب واحد في الدورة الثالثة لمجلس الدوما، ومعلوم أن سكان تلك الولايات عبارة عن المسلمين وذلك النظام باقٍ للآن، وتبين اليوم أن المراد بقاؤه إلى ما شاء الله من غير تبديل ولا تغيير، وعلى ذلك فكر حزب المسلمين في الدوما بمناسبة آخر أيام اجتماعاته في بعث هذه المسألة - مسألة حرمان إخوانهم في تركستان وصحراء قزاق من حقوقهم المدنية المحضة - أملاً بالحصول على أي سبب لإلغاء ذلك النظام فبعد افتتاح الجلسة اقترب صدر الدين أفندي مقصودف من الرئيس واستأذنه بالكلام في هذه المسألة المهمة بمناسبة اليوم الأخير ولكن لم يؤذن له، وكذلك كانوا قد استأذنوه من غير جدوى قبل افتتاح الجلسة. ولما لم يبق أمل في إلقاء بعض الكلمات في هذه المسألة على مسامع النواب أخذ صدر الدين أفندي مقصودف نوبة للكلام وصعد المنبر بمناسبة لائحة مقدمة للدوما بطلب مليون روبل للترميم والإصلاح في بناء الدوما، وقصد من هذه الفرصة بيان وجود خلل في بناء مجلس الدوما المعنوي بقطع النظر عن البناء الحسي، ومنه طلب إرجاع حقوق المسلمين في ولايات تركستان وصحراء قزاق في انتخابات الدوما، ولكن حصلت ضوضاء وجلبة من ناحية حزب اليمين وحزب أكتوبر [٢] ومنعوه من الكلام. وبالاختصار مضى هذا القسم من الجلسة كما يأتي: بعد ما تليت اللائحة التي يطلب فيها مليون روبل لتعمير بناء الدوما صعد المنبر صدر الدين أفندي مقصودف وشرع في الكلام فقال: أيها الأفندية! توجد شقوق عظيمة ومهمة جدًّا في نفس الدوما لا في البناء فقط وقد وقع المسلمون في واحد منها وانضم عليهم جانباه فخنقهم وأرى أني مضطر لبيان هذه الحالة لكم قبل التفرق والسفر. أيها الأفندية! في غضون خمس سنين سن الدوما ونظر قوانين كثيرة جدًّا في شئون أهالي صحراء وولايات تركستان، ولم يكن لهم وقتئذ وكلاء ينظرون في تلك القوانين فهذه الأعمال في الدوما قد تمت من غير حضور وكلاء ونواب عن الأقوام الذين نفذت فيهم تلك القوانين. (الرئيس - يوقف صدر الدين أفندي مقصودف عن كلامه ويأمره بالرجوع إلى الكلام في تعمير بناء الدوما فقط) . مقصودف - (يستمر في كلامه) : نحن المسلمين نعد هذه الحال خارجة عن الدرجة الطبيعية. (ضوضاء وجلبة من حزب اليمين والوسط والرئيس يُسكت مقصودف أيضًا ويرجوه أن يتكلم في التعمير فقط. أما صدر الدين أفندي مقصودف فلعله لم يكن يسمع كلام الرئيس أو أنه كان يريد إتمام كلامه، ولذلك استمر في خطبته ولكن لكثرة الأصوات كان يتعذر السماع) . مقصودف - (يجد في الاستمرار) فهذا الخلل ... لم يسمع. من اليمين - تكلموا في التعمير فقط. ماذا وجدتم أيضًا من الخلل؟ (صياح) . الرئيس - ينبه الخطيب ثالثة ويصرح باضطراره إلى منعه من الكلام إذا لم يرجع إلى موضوع المسألة. مقصودف - (يستمر في كلامه) : نظام ثالث يونيو لكم.... لا يسمع. وانبعثت أصوات هائلة في الدوما واقترب النائب بور يشكيويج من المنبر يصيح ويخاطب صدر الدين أفندي بكلمات لا تُسمع، والرئيس يطلب النزول عن المنبر والخطيب لا يسمع ويتقرب منه معاون رئيس الشرطة ويقف النواب كلهم على أقدامهم في الصفوف الأمامية هم ويصيحون وأيديهم تمتد نحو المنبر والخطيب واقف على المنبر ينتظر السكون. ثم شرع في خطبته من جديد يريد أن يتكلم بحدة زائدة ولكن اشتدت الأصوات أيضًا بين النواب، وفي النهاية منعه الرئيس من الكلام منعًا وأمره بالنزول ولكنه لم يلتفت إلى شيء من ذلك وبقي ثابتًا على المنبر ينتظر السكون ليتم كلامه. ولما رأى تطلوع محمد ميرزا تفكيلف رئيس حزب المسلمين احتمال استفحال الأمر صعد المنبر ونزل بالخطيب. يقول صدر الدين أفندي: مقصودف: إنه كان ما كان منه بسبب ازدياد الغضب. ويظهر أن الرئيس غضب جدًّا من هذه الحال فقال: نحن نجلس اليوم في الجلسة الأخيرة ومع هذا لا يمكنني السكوت عن عضو من أعضاء الدوما يخل بالنظام وتدبير الرئيس - لذلك أعرض لكم إخراج مقصودف من جلسة اليوم. وما أتم الرئيس كلامه حتى طلع صدر الدين أفندي مقصودف المنبر بعد أخذ الإذن - وهذا يسمى في اصطلاح الدوما صعود المنبر لأجل بيان المراد، وكل واحد من النواب له ذلك الحق في مثل هذا الوقت - وقال: أيها الأفندية! تعلمون جميعًا أن حزب المسلمين لم يأت شيئًا من النزاع والجدال في الدوما في غضون خمس سنين مضت. وما كان حزب المسلمين في وقت من الأوقات مانعًا من أعمال الدوما في شيء، فإذا أنا خرجت اليوم عن طوري المعتاد فليس هذا من غير سبب. نحن لا نقدر أن ننظر في هذا الأمر نظر الهدوء، وقد كنا أردنا - بناء على إشارة وجداننا - أن نلقي عليكم بعض كلمات بالإخلاص ومن أعماق القلوب عن حالة إخواننا المسلمين سيئي البخت الذين صاروا منسيين ومطروحين في المكان القصيّ ولكن لم يتيسر لنا ذلك. أنتم تقدرون من غير شك على إخراجي من الدوما، ولكنه يكون منكم ظلمًا عظيمًا، لأننا إذا كنا أصدقاء لإخواننا المسلمين في دائرة الوجدان كذلك ما كنا مقصرين في وقت من الأوقات في الخدمة والصداقة لحكومة روسية (تصفيق حادّ من اليسار ولعن من اليمين) - ويظهر أن كلمات صدر الدين أفندي مقصودف أقنعت الرئيس جيدًا فقال: بعد كلام مقصودف هذا أرى أنه يجوز تركه من غير إخراج والاكتفاء بدعوته إلى الترتيب (التصفيق المستمر من جميع النواب) . قال المكاتب: وهذه الواقعة وإن كانت قد تُلقيت بفتور من النواب قبل التفاتهم ولكن في الآخير صارت حسنة وزال ما في القلوب من سوء التفاهم وكثير من النواب المستنيرين من المسلمين وغير المسلمين صافحوا صدر الدين مقصودف وهنئوه.