للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: لأحد فضلاء المسلمين من سنغافورة


لقب حاكم المسلمين
لصاحب الإمضاء

رأيت في بعض جرائد الآستانة كلامًا عن الخلافة، واتهام خديوي مصر
بالسعي في التلقب بها، إلى نحو ذلك، ولا أدري أي عقل صبياني يقبل تلك
المفتريات الباردة! إن لقب الخلافة لقب شريف، وله شروط، والخلفاء الحقيقيون
الذين هم خلفاء بدون شك، قد مضوا - رحمهم الله تعالى - كما في الحديث
المشهور (الخلافة بعدي ثلاثون ثم يكون ملكًا عضوضًا) وفي رواية (ملكًا وجبريةً)
انتهى باللفظ أو بالمعنى، فمن كان بعد ذلك من عُلُوج أُمَيَّة، أو فُسَّاق بني العباس،
فليسوا خلفاء بل هم ملوك، ولم يستثن إلا من استقام على الطريقة المُثلى، ولم
تغن عنهم قرشيتهم شيئًا، ولا ديلمتهم.
ثم ماذا جنى المسلمون من لقب الخلافة؟ إنهم لم يجنوا غير الافتراق والقلاقل
ومنذ استشرى سلاطين آل عثمان لهذا اللقب، فتحوا على أنفسهم أبوابًا من التعصب
بدون مقابل، قل لي: أي فائدة حازوها بهذا الاسم الضخم؟ أي مملكة افتتحوها بهذا
اللقب؟ أي حق استحقوا بهذا المنصب؟ إنني لا أعرف شيئًا، وما أراهم استفادوا
غير نفرة مجانين الملوك، وزيادة التفريق الذي أودى بنا. السلطان مفروضة طاعته
في المعروف، حرام الخروج عليه لغير سبب مسوغ. كل هذا معلوم، فماذا يجب
غير هذا له، لو كان خليفة مستكمل الشروط؟! إننا لو أردنا أن نقتصر لأقل ملوك
المسلمين الآن، على ما كان لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ثم شكوا في
استحقاقهم له وأرجعوه، لم يقبل أحد منهم ذلك، مع أن أعلاهم كعبًا لا يقوم
للمسلمين بعشر معاشر ما قاما به. لا أقول: إن ذلك الأوان مساوٍ للوقت الحاضر،
يكفي فيه ما كفى في ذاك، لا بل أقول بعد مراعاة الأزمنة والأحوال.
إذًا يجب النصح والمساعدة لسلطان المسلمين، على كل أحد منهم بما قدر
عليه، سواء سماه أمير المؤمنين أو الخليفة أو السلطان كذا، أو إمبراطورًا أو ملكًا
أو فلان بن فلان بلا فرق. ومن المحسوس أنه ليس للمسلمين سلطان أحق وأولى
بالاعتبار من السلطان عبد الحميد خان - زاده الله توفيقًا - فالنصح له بعد النصح لله
وكتابه واجب، وكذا الدعاء له. لكن لا على نحو ما يفعله الجهلة، وخطباء
المنابر في الدعاء، أو بأن يقدموا أمامه ما يكون سببًا لعدم قبوله من المبالغات
والنعوت الكاذبة، وما يدل على الخيلاء والأبهة والكبرياء، فكل ذلك بدعة، روجها
الوسواس الخناس عليهم، وعمل بها علماء السوء عباد الدرهم والدينار. والتواضع
والخضوع والصدق في الدعاء، والاتباع فيه لما جاء عن سيد المرسلين من أعظم
أسباب قبوله. هذه آرائي أعرضها للتمحيص، وأقترح على خطباء المنابر أن لا
يزيدوا على قولهم عبدك الفقير إليك فلان، وكأني بهم إذا عملوا بإخلاص، وقد رأوا
علامات الإجابة، والله الهادي.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... سنغافورة
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... س. س. ي