(كتاب العلم والعلماء ونظام التعليم) كتاب صدر من عهد قريب وكتب عليه أنه السِّفر الأول من أسفار (التعاليم الإسلامية) مؤلفه الشيخ محمد بن إبراهيم الأحمدي الظواهري أحد علماء الدرجة الأولى بالأزهر والمدرس فعلاً في الجامع الأحمدي بطنطا وهو من النابتة الجديدة الأزهرية التي فطنت لسيئات النظام القديم (أي عدم النظام) في الأزهر , وفساد طريقة التعليم فيه، وشعرت بحاجة المسلمين إلى إصلاح ذلك وإلى العناية بوضع طريقة جديدة للتعليم الإسلامي ولتربية المسلمين، وإلا كانوا حرضًا أو كانوا من الهالكين. وهذا الكتاب مؤلف من تسعة أبواب أولها في العلماء وفيه بيان وظائف العلماء وأقسام التعليم وأبحاث في الأخلاق والإرشاد والعبادة والنفوذ والتأثير (والتنَوُّر) العام والجرائد والمجلات، وبيان حال العلماء اليوم وما يجب عليهم , وطريقة نيل العالمية ومرتبات العلماء. وثانيها في المدارس الدينية ونظامها ومعارف طلابها ومعيشتهم وآدابهم وعقائدهم ونتيجة تعلمهم ومدة دراستهم والإصلاح وطرقه فيهم. وثالثها في العلوم وفيه الكلام في الفقه والتفسير وسبب التهاون فيه والحديث وثمرات علمه وكيفية الاشتغال به، والتوحيد والبلاغة والدعوة الإسلامية إلخ ورابعها في طرق التعليم ونظامه وفيه بيان إهمال العلماء في أمر التعليم وإهمال المشيخة في التعليم وعيوب طريقة الأزهر وطرق إصلاح التعليم. وخامسها في تعليم الجمهور وهو تعليم المدارس الأميرية والأهلية وتعليم العامة والبعثات العلمية. وسادسها في التعليم الابتدائي وبيان تقصيرنا فيه. وسابعها في الإرشاد وطرقه والوعظ والخطبة. وثامنها في طرق تنفيذ الإصلاح وفيه الكلام على المكافآت وعلى كساوي التشريف. وتاسعها في الإدارة الدينية وفيه الكلام على الإدارة الدينية ومشيخة الجامع الأزهر واقتراح مؤتمر إسلامي ومجتمع عام للعلماء، وخاتمة الكتاب في بيان مبدأ مؤلفه أي رأيه ومشربه. تلك أبواب الكتاب وجل مسائله ويسرنا جدًّا أن نرى من أثر النهضة الجديدة مدرسًا أزهريًّا يتكلم في المسائل العامة ويبحث معنا في حال المسلمين ويشعر مع عقلاء الأمة بموقف الأمة المحفوف بالأخطار وبوجوب السعي في تلافي ذلك ويعلن رأيه بكتاب ينشره بين الناس، فقد بحّ صوت الأستاذ الإمام من نداء الإيقاظ والتنبيه فرأينا عيون بعض تلامذته في الأزهر قد فتحت، وأعناقهم قد التفتت، ولكن ما زالت الألسنة ساكتة، والأقلام ساكنة، حتى سمع هذا الصوت الشديد، ورؤيت هذه الحركة العنيفة، أعني هذا الكتاب الذي أغلظ في الإنكار على ما يراه من المنكرات وأبرزها في أشنع صورة وأقبح منظر مما كنا نتحامى مثله في انتقادنا ولم نعدم مع ذلك من عدنا مشددين أو متحاملين. وقد دعا إلى انتقاد مسائل الكتاب شأن المخلص الباحث عن الحقيقة , ولكنه نهى عن انتقاد عبارته وهو يدعو إلى إصلاح القول كما يدعو إلى إصلاح العمل ويعلم أن العلم الإسلامي لا يرتقي إلا إذا ارتقت اللغة العربية وانتقاد العبارة وسيلة لارتقائها. وما ينبغي أن تكون عبارة مدرس من الدرجة الأولى وداع من دعاة إصلاح العلوم العربية إلا بمكانة يقل فيها الخطأ في الكلم والجمل والأسلوب والرسم وإننا لنهتم أولاً بالبحث في مسائل الكتاب , ثم نذكر ما نراه في عبارته بعد ذلك ونكتفي في هذا الجزء بذكر رأي المؤلف الذي جاء في خاتمة كتابه تنويهًا به. قال ما نصه بحروفه: (أرى على الإجمال أننا معشر العلماء في نقص كثير وتقصير كبير وإهمال زائد في أداء ما توجبه علينا للأمة وظيفتنا الدينية من التعليم والإرشاد وغرس المبادئ الشريفة وتأسيس الملكات الكمالية والتفنن في سبيل إعلاء كلمة الدين وترقية الشعوب الإسلامية إلخ إلخ , وإننا قد بلغنا في هذا النقص والتقصير حدًّا لم يبق للعلماء معه رفعة ولا احترام ولا للأمة الإسلامية شائبة قوة ولا تقدم ولا ارتقاء في حال من الأحوال. وإن من الواجب التنبيه إلى هذا الأمر الخطير والمبادرة إلى الخروج من هذا النقص والتقصير والنهوض بالأمة الإسلامية وتخليصها من هذا الخطر الذي أحدق بها بالإرشادات العالية والتربية المفيدة. أرى أن الأمة قد فاقت العلماء الحاضرين في كثير من مراتب الاستكمال والترقي العقلي وأنه قد فُقدت صفة التناسب بينهما حتى لم يعدوا مؤثرين عليها (كذا) وكان الواجب أن يكونوا دائمًا هم الفائقين ليكون له سلطان على القلوب وتأثير في العقائد والأميال والأعمال. أرى وجوب البحث والتدقيق والتدبير في معرفة ما هو كمالنا لنسارع إلى التحقق به ومعرفة ما هي وظيفتنا وما هي واجباتها حتى نوصل الليل بالنهار في طريق القيام بها وإتقانها. أرى وجوب البحث في معرفة ما هي الغاية التي يدعو إليها الإسلام وما هي المبادئ والأحوال التي ينبغي أن يكون عليها المسلم في العصر الحاضر لكي نرشد الناس إليها. أرى وجوب استئصال ما هو متفشٍّ بين الأمة والعلماء من العقائد الفاسدة والآراء السخيفة. أرى وجوب التفاني في عتق الأمة من رق الأوهام وتخليصها من النقائص التي لا تكاد تتناهى. أرى أن أجزاء الكمال الإسلامي قد تفرقت وتشتتت فكان منها شيء عند الصوفية وشيء عند العلماء وشيء عند (المتنورين) من طبقات الأمة {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (المؤمنون: ٥٣) وكان منها ما فر من أيدي الأمم الإسلامية وحل عند الأمم الغربية وما لا يكاد يوجد من يتصف به. وأرى أن العالم الكامل هو من يأخذ بأطراف هذا الكمال أو بتعبير مشهور من يمزج الحقيقة بالشريعة , ثم يمزج هذا المجموع بخلاصة التقدم الغربي والتمدن الحديث ويجمع صفات الكمال المتفرقة في الأمم والأفراد. (يستمد في علمه من العقل المفكر والنقل الصحيح والوجدان العالي الحاصل من التقرب إلى الجناب الأقدس. لا يقدس العادة ولا يثق بفكره، يبشر وينذر ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ويتفنن في أساليب الدعوة وطرق الإرشاد، يبحث عن اللب ولا يقف مع القشور، يلاحظ مقاصد الشريعة وأسرار التشريع، يقدم الأصول على الفروع والحاجيات على التحسينيات. يقرب المعقول من المنقول. يصفح ويسامح ويصافي سائر الطوائف والفرق الإسلامية ولا يجادلهم إلا بالتي هي أحسن (كأهل الكتاب) ويبذل الجهد في إحياء الجامعة الدينية وإماتة المميزات الخلافية وترقية الأمة الإسلامية , ويبث في العالم مبدأ إسلاميًّا عاليًا هو المبدأ الذي جاء سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم ليعطيه لسائر الأمم. يسعى في سبيل سعادة الدارين وعمارة النشأتين. يجتهد في سبيل تربية أبناء المسلمين وتقويمهم وإرشادهم , ويسلك في التربية والتعليم والإرشاد الطرق الصحيحة والأساليب العالية. لا تفتر له همة ولا يتراخى له عزم في سبيل الوصول إلى تلك الغاية السامية والمطالب العالية والدعوة إلى هذه المبادئ ونشر تعاليمها بين الناس سرًّا وعلانية. أكبر همه أن يعلي قدر المسلمين ويرفع من شأنهم ويرشدهم إلى ضروب لسعادات الدنيوية والأخروية وأن يظهر في الكون مبدأً إسلاميًّا عاليًا وأمة مسلمة جديدة وطبقة أخرى كاملة تضع غاية التصوف في فؤادها , ونهاية العلوم في رأسها , وتحمل لواء الدين الإسلامي باليد اليمنى ولواء التقدم المدني باليد اليسرى وتسير بسم الله في حرب الأهواء السخيفة والآراء الضعيفة والأخلاق الناقصة والفرق المبتدعة والمارقة من الدين، مؤيدة بالنصر معززة بجنود الحق {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ} (آل عمران: ١٢٦) . هذا رأيي ومذهبي أبنته ليكون إما مبدأً عامًّا وإما مشروع مبدأ عام يُعدِّله أهل العقول الكاملة والأفكار الصحيحة. ولو أن كلاًّ يبدي ما يكنُّ خاليًا من كل تعصب ملتزمًا للآداب طالبًا للحق قابلاً له ولو من أصغر صغير؛ لأمكن للناس أن يبلغوا من غايات الكمال ما لا يكاد يخطر بالبال.) اهـ * * * (الخواطر العراب في النحو والإعراب) نوهنا في الجزء السابع بهذا الكتاب قبل تمام طبعه، فالقراء قد عرفوا أنه تأليف جبر أفندي ضومط م. ع أستاذ العربية في الكلية الأمريكانية ببيروت , وعرفوا أن أسلوبه جديد يسهِّل علم النحو على طلابه، ويدخلهم إليه من أقرب أبوابه، وقد سألَنا عنه غير واحد من المشتغلين فنبشرهم بأنه قد تم طبعه ونشره فكانت صفحاته ٣٣٤ , وهو أمثل كتب التعليم التي رأيناها، يفيد قارئه نحوًا وإعرابًا، ومعاني وآدابًا، بما فيه من الأمثلة المختارة والشرح والتمرين. وعبارة الكتاب كعبائر كتاب العصر سهولة وأسلوبًا لذلك لا تخلو مما عساه ينتقد على المعاصرين , ولعل بعض ذلك على قلته مبني على أن المؤلف يرى صحته , فقد صحح في كتابه بعض ما ينتقده العلماء بحسب القواعد أو السمع كما فعله في باب العدد. ولا يعرف فضل الكتاب إلا بالاطلاع عليه أو بإيراد نموذج منه ولعلنا نورده في جزء آخر. * * * (النوادر المُطربة) كتاب لطيف الحجم جمعه من كتب الأدب إبراهيم أفندي زيدان وجعله خمسة أقسام: النوادر المطربة، محاسن المحبوب، وصف الشعر، الغزل، منظومات لجامعه. وأتبع هذه الأقسام بملحق في الشجاعة والتهديد والأسلحة وطلب الثار والتحذير من الحرب والهزيمة والفرار، وكلها نوادر وحكم وأفاكيه وملح نثرية وشعرية، وإليك ثلاثة أمثلة وجيزة من ذلك: (١) قال مقاتل بن مسمع لعباد بن الحصين: لولا شيء لأخذت رأسك. قال: نعم، ذلك الشيء سيفي. وقال: تواعداني لتقلتني نمير ... متى قتلت نمير من هجاها (٢) نظر فيلسوف إلى رامٍ تذهب سهامه يمينًا وشمالاً فقعد في موضع الهدف وقال: لم أر موضعًا أسلم من هذا. (٣) قيل للكاتب: إلام تدل بهذه القصبة؟ فقال: هو قصب، ولكنه يقطع العصب، إن القلم يقطع قضاء السيف، ويفسخ حكم الحيف، ويؤمن مسالك الخوف. والكتاب يطلب من مؤلفه من مكتبة الهلال بالفجالة. * * * (لا يعنيني) خطاب ألقاه في حفلة أدبية في بيروت جرجي أفندي نقولا من بضعة أشهر , ونشرته جريدة المناظر المفيدة لما حواه من تشنيع أمور الإهمال الفاشي في بلادنا وإهمال الأمور العامة , ثم طبعته على حدته لتعميم فائدته , وأهدتنا نسخة منه فنشكر لها ذلك كما نشكر لها إهداءها كتاب الفيلسوف تولستوي في الدين , وقد أخذه منا صديق قبل مطالعته فأضاعه ولذلك لم نتمكن من تقريظه.