من عجائب حِكم القرآن وعلومه أن كل زمان يظهر منها ما لم يكن ظاهرًا فيما قبله كظهوره فيه، كما فصلناه في تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ} (الأنعام: ٦٥) ، ومن هذا القبيل قوله تعالى بعد الأمر بالإيفاء بعهد الله من سورة النحل: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} (النحل: ٩٢) إلى قوله: {وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} (النحل: ٩٤) الآية، الأيمان بالفتح: العهود والمواثيق، والدَّخَل بالتحريك: ما دخل الشيء من أسباب الفساد، كالخديعة والحيلة، والعبارات التي يراد تأويلها، وتحريفها عن ظواهرها في العهود وسنبين ذلك بالتفصيل إن شاء الله تعالى.