طيّر البرق إلينا من أيام خبر اقتراح كتشنر باشا لورد الخرطوم وسردار الجيش المصري فتح اكتتاب لجمع مائة ألف جنيه لإنشاء مدرسة كلية في الخرطوم باسم غوردون باشا الإنكليزي الذي هلك فيها. ولم يكد يلج الخبر المسامع ويجول في المجامع حتى جاء في إثره خبر آخر مع البرق بأن الفرنساويين هبوا لمجاراة الإنكليز في هذا، ولابد أن ينشئوا في الخرطوم وغيرها من بلاد السودان مدارس متعددة باسم فشودة ومرشان أو بأسماء أخرى، لئلا يستأثر الإنكليز بنشر نفوذهم السياسي والديني والأدبي في تلك البلاد الواسعة، فهل يوجد في أغنياء المصريين أو المسلمين من يبذل المال للمحافظة على دينهم ولغتهم وآدابهم وتنميتها وهي موجودة كما يسعى أولئك لإيجادها وهي مفقودة؟ إن كان في العالم الإسلامي أغنياء لهم غيرة على دينهم ولغتهم وآدابها فإننا نرى آثارهم في مجاراة الأوروبيين بمثل هذه الأعمال، وإن كانوا لا يقلدونهم إلا بالترف ولوازمه من المنكرات والفواحش فلهم اللعنة ولهم سوء الدار.