للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الهدايا والتقاريظ
(سياحة في غربي أوربا)
سافر في العام الماضي إلى أوربا صديقنا الفاضل الوجيه العاقل عزتلو نسيم
بك خلاط من أعيان طرابلس الشام، وكتب رحلة في ذلك سماها (سياحة في غربي
أوربا) طُبعت في مطبعة المقتطف، وأهديت إلينا نسخة منها، وقد قرأنا منها جملة
صالحة فألفيناها من أنفع ما كُتب في بابها، وأجلَّه فائدة.
ذلك أن من الناس من لا يكتب إلا في وصف الظواهر التي يشاهدها، فإذا
أحسن الوصف فهو كالمصور الذي لا يستطيع أن ينفخ الروح في الصورة التي
يصورها، ومنهم من همه ذكر المعايب، وانتقاد المثالب، ومنهم المغرم بالإغراب،
والإتيان بما يثير الدهشة والإعجاب، ومنهم المؤرخون الكاذبون الذين يفتنون
الناس بالتحيز إلى قوم وجعل سيئاتهم حسنات، والتحامل على آخرين بإبراز
حسناتهم في صور السيئات، وأفضل الكلام في التاريخ ما كان صدقًا لا كذب فيه ولا
مبالغة، وكان مقرونًا بالتنبيه إلى وجوه العبرة باستحسان الحسن، واستقباح القبيح
لذاتهما ومقارنة الحوادث بذكر الأسباب والنتائج، وهذه هي الخطة التي اختارها
صديقنا في الكلام عن سياحته، فنحث على مطالعتها والاستفادة منها.
***
(الجامعة)
أتمت هذه المجلة الغراء السنة الثانية، وصدر الجزء الأول من السنة الثالثة
طافحًا بالمقالات التاريخية والأدبية والمباحث العلمية والتهذيبية، وقد استقل بها
محررها الفاضل فرح أفندي أنطون وجعلها شهرية، ورفع قيمة الاشتراك، فجعلها
خمسين غرشًا أميريًّا في السنة، وكان أربعين غرشًا؛ لكنه زاد في مادة المجلة
فجعلها تسع كراسات، ويليها كراسة القصص (الروايات) فصفحاتها بذلك بعدد
صفحات المنار، فما جاء فيها من أنها (أرخص المجلات العربية) يصح بتأويل
أنها من أرخصها، وذلك معهود مستعمل.
وإننا نتمنى لصديقنا منشئها كمال التوفيق والنجاح، ولمجلته الرواج الذي
تستحقه؛ لينتفع الناس بها، ويستمر هو على الكتابة والتأليف الذي خُلِق له؛ فإن من
أعظم أسباب تأخرنا أن الذين استعدوا لأن تنتفع البلاد بأقلامهم لم تستعد البلاد لأن
تنفعهم بها، وتغنيهم عن الاشتغال بغيرها؛ ولذلك ترك أكثرهم المحابر والأقلام
واشتغلوا بتحصيل الرزق، وتركوا التأليف والتحرير للجاهلين الذين يفسدون بما
يكتبون ولا يصلحون {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة: ١٥٦) .
***
(المرأة)
مجلة نسائية علمية فكاهية لحضرة منشئتها البارعة أنيسة عطا الله فعسى أن
تصادف رواجًا؛ لتكون عونًا على انتشار العلم والأدب في النساء، فالعلم خير كله.