للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الحج في هذا العام

بلغ عدد حجاج هذا العام ٢٢٥ ألفًا بالرغم من أنوف الملاحدة والمبتدعة
والروافض الذين بثوا الدعاية لمنع الحج , وكان منهم ألوف من الشيعة الإيرانيين ,
وغيرهم بالرغم من حكومتهم التي منعت الحج رسميًّا، وقد كان الأمن العام
والخاص على أكمله كما ثبت بالتواتر , وقد بلغنا أن حجاج الشيعة كانوا في غاية
الغبطة والهناء , وقال من سبق لهم الحج منهم: إن الشيعة لم يكونوا مكرمين
أحرارًا في موسم كهذا الموسم , ففي سبيل الله ما سيلقون من ظلم حكومتهم , وعقابهم
على أداء ما فرضه الله عليهم، فقد بلغنا أنها أمرت بنزع أملاكهم , وعقارهم من
أيديهم، وسكت لها علماء الشيعة الأعلام على ذلك! !
وقد ظهر للعيان خطأ الحكومة المصرية فيما فعلت من تخويف المصريين من
الحج , وزعمها أنهم يستهدفون للخطر؛ لعدم خروج المحمل وحرسه معهم، وقام
البرهان الحسي على أن ذلك الحرس لا حاجة إليه؛ لأن الأمن في الحجاز أتم
وأكمل منه في مصر , بل هو هنا مختل معتل أعيا أمره الحكومة , والشكوى عامة.
هذا , وإننا ننتقد ما كتبه بعض الحجاج في الجرائد من ذم الحجاز بحرارته ,
وطرز مبانيه القديمة , وغلاء بعض الحاجات والأجور فيه , فإنهم يجهلون أن
الحج تقشف ينافي الترفه , والتنعم شرعًا , وأن أهله فقراء , وحكومته فقيرة , وأن
المسلمين كانوا يقضون في سبيل الحج عدة أشهر , وينفقون ألوفًا كثيرة , ويعدون
ذلك أفضل ما أنفقوا طول عمرهم , فمن لم يفقه هذا؛ فهو لم يحج , ولم يعرف
الحج، ومن لم يرض به؛ فليحج مع الملاحدة الفاسقين إلى منتزهات أوربة ,
ومعاهد الخلاعة فيها , ولا يدعي الإسلام.