نشرت (المورننج بوست) في ٨ فبراير التلغراف التالي لمكاتبها الباريسي وهو: (ظل الأمير فيصل يتكلم في مجلس العشرة عشرين دقيقةً، فكان أوجز المندوبين الذين سمع المجلس أقوالهم، وكان وقع كلام الأمير شديدًا في نفوس أعضاء المجلس حتى قال أحد هؤلاء الأعضاء: إن وقع كلامه كان كوقع كلام المسيو فنزيلوس، وكان الأمير يتكلم بالعربية، والكولونيل لورنس يترجم كلامه إلى الإنجليزية , ثم ينقل ترجمان كلام هذا إلى الفرنسوية، وكان الأمير يتكلم ببلاغة وحكمة وفاز فوزًا كبيرًا؛ لما ذكَّر سامعيه بأن مملكته دامت في عالم الوجود تسع مائة سنة. وخلاصة أقواله: أن والده ملك الحجاز لا يطلب أن يضم شبرًا واحدًا من الأرض إلى مملكته، ولكنه يطلب للعرب - ويريد بالعرب الشعوب التي تتكلم العربية - حق تعيين مصيرهم بحسب نظام التوكيل الدولي , وهو النظام الذي يعتقد أن البريطانيين مستعدون لتطبيقه على عرب الحجاز (؟) ولكنه لا يصر على توكيل دولة دون أخرى , ولا ينطق باسم عرب أفريقية، ولا يعارض الفرنسويين إلا حيث يحتمل أن يعارض الفرنسويون في مطالب الذين كانوا حلفاء دول الاتفاق أكثر من ثلاثة أعوام. ومما هو جدير بالذكر هنا أن فيصلاً طَلَب العِلم في الآستانة في حكم عبد الحميد وقضى أعوامًا في مدارسها , فهو لا يجهل تاريخ السياسة الأوربية الحديث، والصحف الفرنسوية تراعي قواعد اللياقة والمجاملة معه إذا استثنينا بضع جرائد لا يعتد بها. وليس ثمة تنافر جوهري بين مصالح إنكلترا ومصالح فرنسا، ولكن يجب حل هذه المسألة بأسرع ما يستطاع , وعندي أن هذا هو تعليل قرار المجلس الفجائي على أن يسمع أقوال الأمير. وقد وصفت جريدة (الغلوي) الأمير فيصلاً بقولها: إنه عميل للحكومة البريطانية , ذكي غيور , وقالت: إنها مقتنعة بأن المستر لويد جورج سيخفف من حدته، واهتمت به الصحف الأخرى، ولكنها اهتمت أيضا بالكولونيل لورنس اهتمامها بالأمير. وحادَثَ الأمير فيصل مندوب جريدة إكسلسيور، فأشار إلى الأقوال غير الصحيحة التي قالها الصحافيون الفرنسيون والبريطانيون عنه وعن المسألة العربية بالإجمال , ثم قال: (إن الحجاز لا يطمع بالتوسع وبسط السيادة ولا يرمي إلى ملك الشرق الأدنى , ولا يروم فتح البلدان) ثم قال: (وجل ما أطلبه هو تطبيق قاعدة الدكتور ولسن الخاصة بحق الشعوب في تعيين مصيرها على العرب في آسيا الصغرى، إن تحرير العرب لا يلاشي النفوذ الموجود، أو الذي يسعون لإيجاده في سورية , ولكنه يرقي هذا النفوذ بالطرق السلمية باجتناب كل نزاع قد ينشأ عن مقاصد ضم الأملاك المستور بستار كثيف أو شفاف، فالعرب يطلبون أن يعاملوا كما يُعامَل اليونان والصربيون والبلغاريون الذين خلُصوا مثلهم من استبداد الترك) اهـ.