دعا صديقنا صاحب السعادة أحمد شفيق باشا وكيل جمعيتنا (الرابطة الشرقية) رهطًا من أهل العلم والأدب للاجتماع في نادي الرابطة للتشاور في تكريم أحمد شوقي بك لنبوغه في الشعر؛ فلبوا دعوته , واستحسنوا اقتراحه , وأنشؤوا لجنة للسعي لتنفيذه اختاروه رئيسًا لها، واختاروا أحمد حافظ بك عوض صاحب جريدة كوكب الشرق سكرتيرًا عامًّا لها , وقرروا نشر ذلك في الجرائد، ولم يلبثوا بعد نشره أن أقبل عليهم المحبذون يطلبون الدخول في زمرتهم كالعادة، حتى زاد عدد اللجنة على الخمسين، وألفت منهم لجنة تنفيذية تولت نشر الدعوى، وقررت جعل هذا الاحتفال ذريعة لمؤتمر عام لترقية الأدب العربي واللغة. وقد أرسل إلى اللجنة كثير من القصائد والخطب في موضوع الاحتفال , وخطب وأبحاث علمية أدبية (محاضرات) لأجل المؤتمر، وكان صاحب المنار عضوًا في اللجنة التنفيذية , ثم في اللجنة العلمية التي نظرت فيما أرسل؛ فجعلته أقسامًا ثلاثة، قسمًا يتلى في جلسات الأسبوع الذي سمي أسبوع شوقي , وقسمًا ينشر في الكتاب الذي يؤلف في هذا الموضوع , وقسمًا يطرح ويهمل. واشترك في هذا الاحتفال سورية , وفلسطين , ولبنان بإرسال وفود منها، والناديان العربيان اللذان في جزيرة البحرين , وثغر بمبي (الهند) بإرسال هديتين نفيستين، خيرهما نخلة من الذهب على أرض من حجر الكهرباء حملها خمسة عثاكيل بسرها من اللؤلؤ - وهي من نادي جزيرة البحرين , وقد أعجب بها كل من رآها , وأثنى على الذوق العربي , والجود العربي. وجاءتنا خطبة نفيسة من أحد علماء المغرب الأقصى باسم أهل العلم والأدب في ذلك القطر، وقصائد من أقطار أخرى. وكان بدء الاحتفال يوم الجمعة ٢٧ شوال الموافق ٢٩ إبريل (نيسان) في دار الأوبرة الملكية برعاية جلالة الملك , ورياسة الشرف لدولة سعد باشا زغلول , فألقى صاحب المعالي محمد فتح الله باشا كلمة لدولته في شأن اشتراكه في الاحتفال , واعتذاره بضعف البدن عن الحضور - وكان خطباء الحفلة ٣: رئيسها أحمد شفيق باشا، والأستاذ محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي بدمشق ووفده الرسمي , والآنسة إحسان أحمد حفيدة المرحوم الشيح علي الليثي الشهير , وهي أول فتاة عربية مصرية برزت في محفل أدب للرجال , وخطبت فيهم في هذا العصر. وكان شعراؤها شبلي بك ملاط شاعر لبنان ووفده , ومحمد حافظ بك إبراهيم شاعر مصر , وخليل بك مطران شاعر القطرين، وختمت الحفلة بقصيدة شكر لشوقي نفسه , وتلاها حفلات أخرى في الجمعية الجغرافية الملكية , وجمعية الاقتصاد السياسي والجامعة المصرية وجمعية الرابطة الشرقية ومسرح التمثيل العربي , وكازينو الجزيرة , وكرمة ابن هاني (أي: دار أحمد شوقي بك) , وختمت هذه الحفلات بدعوة محمد شوقي بك الخطيب العضو في مجلس النواب لضيوف مصر في هذا الاحتفال , وأعضاء لجنته إلى قصر المرحوم المنشاوي في بلدة القرشية , وأعد لهم في جنينة المنشاوي الكبرى موائد الطعام , والمثلوجات في ظلال تلك الأشجار التي تجري من تحتها الأنهار، وهنالك ألقيت الخطب والقصائد في الموضوع، ثم انفض الجمع.