للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


عقد النكاح
وصيغة الطلاق عند أعراب فِلَسْطِين

(س٧٧ و٧٨) من صاحب الإمضاء.
صاحب الفضيلة مولانا الحجة السيد محمد رشيد رضا المحترم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. وبعد:
فإني أرجو من فضيلتكم الإجابة على ما يأتي، فالحاجة الشرعية ماسّة إلى ذلك
ولكم منا عظيم الشكر ومن الله تعالى جزيل الأجر والثواب:
(١) إن طريقة عقد النكاح عند الأعراب في قضاء بئر السبع هي أن
يخطب الرجل المرأة التي يريدها إلى أهلها، وبعد الاتفاق على السياق يأخذ ولي
أمر المرأة عودًا ويناوله الخاطب قائلاً له: هاك قصلة فلانة (ويسميها) بسنة الله
وسنة رسوله، فيأخذ الخاطب العود أو القصلة ويضعه في عقاله أو يحفظه معه،
فيصير هذا عقدًا صحيحًا في عادتهم ثم يبني عليها وتقيم معه إقامة الأزواج. فهل
هذه الطريقة عقد صحيح لأن الأصل في العقود الصحة ولأن الأعمال بالنيات كما
يؤخذ من تحقيق شيخ الإسلام ابن تيمية في الصحة من كتابه القياس في الشرع
الإسلامي. أم هو عقد فاسد يجب على القاضي الحكم بين هذين الزوجين بالتفرقة؛
لأنهما لم يأتيا بالألفاظ المذكورة في كتب الفقه لعقد النكاح.
(٢) إذا أراد رجل من الأعراب المذكورين أن يطلق زوجة قال لها: كفيل
فراقك فلان ويسميه، وهذا عندهم طلاق بائن لا يقوله إلا من قصد عدم البقاء مع
زوجه؛ ولذلك تتزوج بعد ذلك بمن تشاء فلا يعارضها زوجها الأول. فهل هذا يعد
طلاقًا لأن قوله لها: كفيل فراقك فلان كناية بمنزلة حبلك على غاربك.. إلخ أم أن
هذا مجرد وعد بالطلاق ولا تعتبر نيته الفراق بهذه الجملة؟ .
كتبت هذا والناس عندنا ينتظرون فتواكم الشافية؛ لأن هذه مسائل واقعة بكثرة
في هذه النواحي والسلام عليكم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... المخلص
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... حافظ البطة
(ج) العبرة في العقود كلها وفي حل عقود الزواج، والطلاق ما يتعارف
عليه الناس فيما بينهم، ويعد إيجابًا وقبولاً في عرفهم، لا بألفاظ لا يفهمونها بلغتهم
ولا عرفهم، والألفاظ التي اعتمدها الفقهاء في صحة العقود أو وقوع الطلاق ليست
تعبدية وإنما وجد الأئمة أهل اللغة يستعملونها فيها فبنوا أحكامهم عليها، وقد قال في
القواعد الشرعية التي جعلت مقدمة لمجلة الأحكام العدلية الشرعية: إن العبرة في
العقود (بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني) وهي قاعدة صحيحة، وقد حقق
الموضوع شيخ الإسلام في قواعده وكتاب القياس الذي ذكرتموه يغنيكم عن إطالتي
فيه والله أعلم.