(قرارات الجمعية الإسلامية الكبرى في بومباي في شأن الحجاز والإسلام) (جاءتنا برقية من ببمبي باللغة الإنكليزية في هذا الموضوع أوسع مما نشر في بعض الجرائد فيه فترجمها لنا بالعربية مترجم ضعيف العربية فصححناها بإيضاح لا يخرج عن المعنى وهذا نص الترجمة) . التأمت الجمعية الإسلامية الكبرى في بومباي في يوم السبت الموافق ٢٣ أكتوبر في الساعة التاسعة الزوالية بشارع ريبون تحت رئاسة الحاج عبد الغني وقد حضرها مولانا مولوي إسماعيل الغزنوي فبين للجميع حقيقة الأحوال الحاضرة في أراضي الحجاز المقدسة بصورة واضحة جلية للغاية وقد ألم الشعب بالأعمال الشائنة التي اقترفها (إخوان علي) [*] المشهورون في الحجاز خلال حجهم الأخير (التي أثارت الهنود عليهم عند عودتهم إلى الهند) وقد فند الخطيب انتقادات كثيرة باطلة أذاعوها ونصح للمسلمين عامة بأن يفكروا في ذلك النزاع المشترك وسوء عاقبتهم لئلا يقعوا في مخالفة أصول الإسلام القطعية ويهدموا بعض أركانه الاجتماعية ويحلوا رابطة وحدته ويقطعوا رحم إخوته ثم وافق المجتمعون على القرارات الآتية بالإجماع: ١- تعلن جمعية الإسلام في بومباي استنكارها لأعمال مؤتمر (لكهنو) الذي تكلم في مسألة الحجاز باسم مسلمي الهند وهو لا يمثل الهند كلها ولا جمهور مسلميها. ٢- هذا الاجتماع العام لجمعية مسلمي بومباي الذي يبحث في شأن المصالح الإسلامية في الهند يقرر أنه بنعمة ربهم وبالمساعي المشكورة الخاصة التي بذلها ابن السعود في تأمين جميع الطرق في الحجاز قد صار أداء الحج والزيارة سهلاً ميسورًا لكل مسلم فيجب على المسلمين أن يذهبوا إلى الحجاز فرقًا فرقاً ليؤدوا الفريضة ويجعلوا بيت الله وحرمه مثابة لهم ويتعاونوا على عمرانه وفلاح أهله ويغلقوا أبواب الفساد وطرقه التي يدعو إليها المفرقون الداعون إلي هدم هذا الركن الإسلامي العظيم بترك الحج والسعي إلى خراب المسجد الحرام بيت الله عز وجل. ٣- تقدر جمعية إسلام بومباي مساعي لجنة الخلافة قدرها بما كان من دعوتها إلى الوحدة الإسلامية التي بها كسبت الشهرة الواسعة في زمن قصير وتذكرهم بأن عليهم أن يستمسكوا بعروة سياسة الوحدة ولا يجعلوا للتفرقة سبيلاً وعلى لجنة الخلافة أن تحاسب (إخوان علي) على ما جنوا به على نفوذ لجنتهم وما افتاتوا عليها به بتصريحاتهم في كراشي ودهلي وبومباي قبل نشر تقرير وفدهم الرسمي وهي تصريحات ذات تبعة عظيمة وتود هذه اللجنة أيضًا، إن ترجع لجنة الخلافة عن التقريرات المعارضة وغير الصحيحة التي نشرت باسم بعض المندوبين فإذا لم تفعل فإنها تقضي على نفوذها الذي لم يبق منه إلا القليل. ٤- توجه هذه اللجنة النظر إلى الثقة المعطاة للمستر محمد علي والمستر شوكت علي وتسجل معارضتها لها في أعمالهما إثارتهما الاختلاف بين أهل الإسلام وإلحاق الأذى بأراضي الحجاز المقدسة وترفع صوتها بعذلهما وتؤكد لهما أن هذه الأعمال خطر على الزعامة يودي بها. ٥- تقدم هذه اللجنة شكرها الخالص لصاحب العظمة الملك عبد العزيز بن سعود لجعله بلاد الحجاز آمنة مطمئنة لأهلها وللحجاج، كذلك تشكر له حكمته وسيرته في حادثة (مِنى) التي دلت على شجاعته وحلمه وطول أناته وتقديره لتكافل العالم الإسلامي وذلك دليل على شدة عنايته بالشؤون الإسلامية فتؤكد هذه اللجنة لصاحب العظمة إخلاص كل مسلم صادق له في الهند. ٦- تدعو الجمعية العامة الإسلامية ببومباي بإجماع الآراء جميع المسلمين أن يكونوا يدًا واحدة وقلبًا واحدًا في المحافظة على نفوذ الإسلام وتعلم الأشخاص أولي الهوس أنهم انقادوا لأهوائهم ببث الخلاف بين المسلمين بالرغم مما بذلناه من مجهودات كبيرة وفي النهاية ترجو اللجنة من ناصح الملك الحكيم أجمل خان ومولانا أبو الكلام أن يفرجوا الأزمة وينقذوا المسلمين من شقاقهم المهلك. وقد فُضَّت اللجنة في ساعة متأخرة من الليل شاكرة للرئيس بما قام به. ... ... ... ... ... ... ... ... ... سكرتير اللجنة ... ... ... ... ... ... ... ... ... محمود حصري *** (معاهدة إيطالية يمنية) خرج الإمام يحيى حميد الدين صاحب اليمن من عزلته السياسية السلبية التي ورثها عن سلفه الأئمة السابقين، وعقد مع الدولة الإيطالية معاهدة سياسية اقتصادية وهو الآن يجلب الأسلحة والذخائر الحربية والطيارات من إيطالية بل يجلب رجال الطليان أيضًا يستخدمهم في تعليم الطيران وغيره مما يرى حكومته محتاجة إليه. قد مهد رجال إيطالية في مستعمرتهم (الإريترة) السبيل لهذه المعاهدة في مدة طويلة وقدموا لجلالة الإمام هدايا كثيرة قبل إقناعه بها ولما وقع عليها ظهرت أمارات السرور والابتهاج في بلادهم ورددتها جرائدهم من حيث إن إنكلترا أطلقت يدا إيطالية في بلاد اليمن، والله أعلم. قد تكون عبارات مواد المحالفة غير منذرة بالخطر القريب على اليمن وقد يكون الذين انتقدوا اشتمالها على تقديم إيطالية على جميع الدول فيما تحتاج إليه اليمن من أوربة مبالغين في انتقادهم وفي عدهم هذا منافيًا للاستقلال. ولكن في مثل هذه المسألة قواعد عامة أثبتها التاريخ (منها) أن التدخل التجاري مقدمة للتدخل السياسي فالتدخل العسكري، (ومنها) أن القوي يأخذ بالمعاهدة ما له وما ليس له مضاعفًا والضعيف لا يستطيع أن يأخذ إلا ما يعطيه القوي لمصلحة القوي لا لمصلحتة (ومنها) قول البرنس بسمارك قطب سياسة أوربة في عصره المعاهدات حجة القوي على الضعيف، ومنها قولهم: إن التجارة تتبعها الراية، وهل كان سبب استيلاء الدولة البريطانية على الهند واستيلاء الدولة الهولندية على جاوه وما حولها إلا عاقبة تأليف شركتين تجاريتين في القطرين الغنيين فنسأل الله وقاية هذا القطر العربي وحفظه وحسن العاقبة له فإنه لم يبق لنا بعد فوات زمن النصح والإنذار إلا الدعاء والابتهال. *** (الموسيو علي عبد الرازق ينزع العمامة ويودعها ويفتري على الأستاذ الإمام وعلينا) موسيو علي عبد الرازق صاحب كتاب (الإسلام وأصول الحكم) المعروف الذي طرد بسببه من حظيرة علماء الأزهر ومن منصب القضاء الشرعي بقرار من هيئة كبار علماء الأزهر الذين كان أهون ما قالوه في كتابه: إنه لا يصدر مثله عن مسلم - فضلاً - عن عالم , ونفذت ذلك الحكومة - نزع عمامته في فرنسة واستبدل بها البرنيطة في أوربة كالمعتاد وعزم ألا يعود إلى العمامة ولم يتركها ساكتًا بل كتب مقالة ودعها بها، واحتقرها فيها، هي وأهلها علماء الدين الذين كان قد قال في دينهم وشرعهم شرًّا مما قال في عمامتهم الآن. كتب هذه المقالة من باريس وأرسلها إلى جريدة السياسة لسان حاله وحال جمعيته المعلومة فنشرتها له مغتبطة بها. لم يكتف موسيو علي عبد الرازق بفعلته وجنايته على الإسلام من قبل وسوء قيله في مشخصات علمائه اليوم لعلمه بأن كلامه لا قيمة له عند غير الملاحدة والزنادقة فأراد أن يجعل له قيمة عند غيرهم فافترى على حكيم الإسلام شيخنا الأستاذ وعلينا كانت إحدى الفريتين ناقضة للأخرى. أراد أن يحتج لإلقائه العمامة إذ لم تعد لائقة به بعد طرد علماء الأزهر إياه من جماعة علماء الإسلام فزعم أن الأستاذ الإمام كان يحتقر العمائم ويكرهها ولما لم يكن له دليل ولا شبهة على زعمه إلا محاولة استنباطه ذلك من أحد الأبيات التي نظمها الإمام رحمه الله تعالى في مرض موته فلم يجد بدًّا من إيراده وهو: ولكنه دين أردت صلاحه ... أحاذر أن تقضي عليه العمائم ثم لما كانت هاته الأبيات متضمنة لأمل الأستاذ الإمام - قدس الله سره - في تلميذه ومريده محمد رشيد رضا صاحب المنار الإسلامي بقوله فيها: فبارك على الإسلام وارزقه مرشدًا ... رشيدًا يضيء النهج والليل قاتم وكان صاحب المنار أول من أثار علماء الأزهر والعالم الإسلامي على كتاب موسيو علي عبد الرازق الذي هاجم به الإسلام وحاول فيه هدم شريعته وتشويه محاسن تاريخه افترض ذكر بيت العمائم للانتقام منه بزعمه أنه هو الذي نظم تلك الأبيات المشهورة التي نشرتها الجرائد المصرية يوم وفاته ونسبها إلى أستاذه وعزا ذلك إلى الثقات، ومَن هؤلاء الثقات؟ ولماذا لم يسمع لأحد منهم صوت إنكار من سنة ١٣٢٣ التي توفي فيها الأستاذ الإمام إلى هذه السنة ١٣٤٥؟ كذب موسيو علي عبد الرازق في زعمه أن الأستاذ الإمام كان يحتقر العمامة فلو كان يحتقرها لتركها ولكنه لم يتركها في سفر ولا حضر وقد رغب إليه بعض كبراء حكومته في تركها ليزول باستبداله الزي الإفرنجي بها المانع من ارتقائه إلى منصب الوزارة فلم يقبل وإذا كان الجامدون من حملة العمائم قد جنوا على الإسلام بتقصيرهم فيما يجب عليهم من النهوض به ومقاومتهم للمصلحين فيه فليس الذنب في ذلك لعمائمهم كما لا يخفي بل من المجرب أن أكثر المعممين ولو من غير علماء الدين أبعد من غيرهم عن ارتكاب الفواحش والمجاهرة بالمنكرات والمعاصي. نحن قد سررنا بما فعله الموسيو علي عبد الرازق وبما كتبه سررنا بنزعه للعمامة؛ لأن من العار على المسلمين أن يطعن في دينهم من يتزيا بزي علمائهم وسررنا بما ظهر من عدم تنزهه عن الكذب الصريح الذي هو شر الرذائل على الإطلاق لا لذاته فإننا نستاء من كل رذيلة، بل لأن خصمنا في ديننا لا قيمة لآدابه ولا ثقة بروايته، بل أقول والحق ما أقول: إن هذا السرور ليس إلا تعزية لنا عن خسارة شخص كنا نرجو أن يكون صديقًا لنا وعونًا على مقاومة رذائل الإلحاد ومفاسد التفرنج في أمتنا فظهر لنا أننا لم نخسر بضياع أملنا فيه شيئًا ومن حسن الحظ أن أكثر هؤلاء الملاحدة فساق فجار مجان سكيرون مقامرون وليس فيهم من له قيمة أخلاقية إلا نفر معدودون على أنهم مراءون مذبذبون. ذلك وإننا لا ندري ماذا يضع علي عبد الرازق على رأسه بعد عودته من أوربة إلى مصر فإذا أصر على لبس البرنيطة فإن لقبه سيكون موسيو أو مستر وإذا لبس الطربوش فسيكون لقبه أفندي، وكل من اللقبين أهون علينا من تحليه بلقب الشيخ ولكن هذا يسوء أصدقاءه خصوم الإسلام من الإفرنج ومن ملاحدة الترك المتفرنجين أو (المتغربين) كما يقولون عن أنفسهم لأن مزيته عندهما أن يطعن في الإسلام ويصد عنه وهو شيخ معمم. *** (تناصر ملاحدة الترك وملاحدة مصر) (وتنويه الصحف التركية بعلي عبد الرازق وطه حسين) لما ظهر كتاب موسيو علي عبد الرازق فرح به ملاحدة الترك وقرظوه وأثنوا على مؤلفه بل ترجموه بلغتهم التركية ونشروه في جرائدهم الإلحادية؛ لأنه جاء معززًا لرفضهم الشريعة الإسلامية والخلافة الصورية وتأسيسهم حكومة لا دينية ولهؤلاء الملاحدة عناية بنشر الإلحاد في جميع البلاد الإسلامية ويرجون أن يكون السبق في اتباعهم للبلاد المصرية (خيب الله رجاءهم) . ولما ظهر كتاب الدكتور طه حسين في هذا العام أكبروه وقرظوه وأنكروا على الذين ردوا عليه وجهلوه وكانت حجتهم حجة جمعية الإلحاد والزندقة هنا وهي (حرية الرأي) ، فإذا كان أولئك الملاحدة يحترمون حرية الرأي حقيقة لذاتها فلماذا يخصون هذا الاحترام برأي الكفر دون رأي الإيمان وبدعاة الإلحاد دون المدافعين عن الإسلام؟ قد احترموا رأي علي عبد الرازق وطه حسين في الطعن في الإسلام وخلفائه وعلمائه وفي تكذيب كتاب الله ورسوله أيضًا فهلا احترموا رأي علماء الإسلام ونصراء الإيمان الذين كتبوا ما يعتقدون وأما ذانك فقد طعنا في الإسلام مطاعن لا يعتقدانها كلها فما قالاه ليس رأيًا لهما بل افتراء يريدون به تقليد ملاحدة أوربة وإرضاء أمثالهم. ثم لماذا لا يحترم ملاحدة الترك رأي المؤمنين الثابتين على الإسلام من قومهم ولا يسمحون لهم بإظهار رأيهم في هذا الكفر والإباحة للفواحش والإعراض في قوانين حكومتهم والاستقباح للبس البرنيطة ولو في خاصة أنفسهم؟ بل تجبرهم حكومتهم على ما تريد من ذلك ومن عارض تسوقه إلى محكمة الاستقلال فتحكم عليه إما بالصلب والنكال وإما بالسجن في السلاسل والأغلال. *** (مسجد الضرار في لندن للمسيحية القاديانية الملقبة بالأحمدية) {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (التوبة: ١٠٧) . أراد الدجال غلام أحمد القادياني الهندي أن يكون في الأمة الإسلامية والملة المحمدية كالمسيح عيسى ابن مريم في الأمة الإسرائيلية والملة الموسوية فادعى أنه هو المسيح الذي ينتظر ظهوره اليهود والنصارى والمسلمون فأظهر هذه الدعوى ونشر الدعاية لها وتوسل إلى ذلك بإرضاء حكومة الهند البريطانية وحملها على مساعدته بموالاته لها وزعمه أنه هو الذي يقنع المسلمين بسقوط فرض الجهاد وما يتعلق به وبالرضاء بسلطانهم في الهند وقد رددنا عليه في حياته بما أظهر بهتانه حتى بنفس مماته فإنه كان رد علينا في كتابة (الهدى والتبصرة لمن يرى) فزعم أنه قد جاءه الوحي بأن صاحب المنار (سيهزم فلا يرى نبأ من الله الذي يعلم السر وأخفى) [١] يعني أن الله تعالى وعده بأن ينتقم له منه ولكنه مات ولم تقر عينه بموتنا ولا بمصيبة يفسر بها وحيه الشيطاني. وقد وجد له دعاة في الهند بما جمعوا من الثروة بهذا الدين الجديد، ثم بثوا دعوتهم في بلاد الإنكليز وقد أسسوا لهم مسجدًا لإقامة دينهم وهدم دين الإسلام في لندن عاصمة الدولة البريطانية واحتفلوا في خريف هذا العام بفتحه، وقد دعوا الأمير فيصلاً السعودي لحضور هذا الاحتفال ليكون اعترافًا منه بإسلامهم فرفض الدعوة بأمر برقي جاءه، وهو في لندن من والده الإمام عبد العزيز ملك الحجاز وسلطان نجد وقد نشر في الجرائد الإنكليزية وغيرها عن هذه الطائفة ما يحثو التراب في أفواه من يدعون أنهم مسلمون ولعلنا ننشر بعضه بعد.