للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الهدايا والتقاريظ

(مقدمة التفسير وتفسير الفاتحة ومسائل أفعال العباد والغرانيق وزيد وزينب)
الفاتحة يحفظها كل مسلم؛ لأنها جزء من صلاته، وينبغي له أن يفهم معناها
وفهمها من كتب التفسير يصعب على غير العلماء؛ لأنها ممزوجة بالاصطلاحات
العلمية والإعراب، وقد فسرها الأستاذ الإمام مفتي الديار المصرية تفسيرًا دينيًّا
خالصًا يسهل على كل قارئ فهمه، ونشرنا تلخيص ذلك في المنار.
ومسألة إسناد أفعال العباد إليهم تارةً، وإلى الله تعالى تارةً أخرى من أعظم
المشكلات الاعتقادية، وقد فسر الأستاذ الإمام الآيات التي توهم التناقض فيها بما
يرفع الإشكال ونشرناه في المنار.
ومسألة الغرانيق التي هي أكبر الشبهات على الوحي، ومسألة زيد وزينب
التي هي أكبر مطعن للمخالفين على النبي صلى الله عليه وسلم، قد اضطرب في
تفسير الآيات التي اتخذت شبهة في المسألتين المفسرون، ففسرها الأستاذ الإمام في
مقالتين نشرتا في المنار أيضًا.
وقد رأيت أن يُطبع تفسير الفاتحة، وتفسير الآيات المتعلقة بهذه المسائل على
حدة ليعم نفعه، فأنفذت ذلك، وساعدني على الطبع والنشر صديقي الفاضل الشيخ
أحمد عمر المحمصاني، ويُطلب الكتاب من إدارة المنار، ومن سائر المكاتب
الشهيرة، وثمنه قرشان ونصف قرش.
***
(كتاب غاية البيان، لما به ثبوت الصيام والإفطار في رمضان)
أهدانا هذا الكتاب الوجيز من تأليفه الأستاذ الفاضل الشيخ محمود محمد
خطاب السبكي أحد المدرسين في الجامع الأزهر، ألَّفه لبيان أن الكتاب والسنة وما
صح عن الأئمة هو أن الصيام والإفطار إنما يكونان برؤية الهلال، أو إكمال العدة
وأنه لا يجوز العمل بقول الحاسب والمنجم، وقد أورد النقول من كتب الفقه في
المذاهب الأربعة حتى كتب الشافعية الذين يقول بعضهم: إن للمنجم والحاسب العمل
بعلمه في حق نفسه فقط، وجاء المؤلف بما يضعف هذا القول الذي اعتمده بعض
الفقهاء، وقد قرَّظ الكتاب جماعة من علماء المذاهب الأربعة وأولهم شيخهم الأكبر
شيخ الجامع لهذا العهد.
***
(الرسالة البديعة - في الرد على من طغى فخالف الشريعة)
وأهدانا الأستاذ المذكور هذه الرسالة أيضًا في الرد على أهل الطرق الذين لم
يوافقوا في ذكرهم الكتاب والسنة، وهي جواب سؤال عرض عليه، وقد وافقه في
الجواب جماهير علماء الأزهر، وفي مقدمتهم شيخهم الأكبر لهذا العهد، وكان
يومئذ شيخ السادة المالكية، وقد بيَّن في هذه الرسالة أحكام الإنشاد في الذكر
والسماع والرقص والطبول والدفوف والمزامير التي يستعملونها، وشدد النكير على
ذلك، وذكر بعض شبهاتهم على إباحة هذه البدع وبيَّن بطلانها، وذكر أيضًا بدعهم
في تشييع الجنائز، ثم شرب الدخان في مجالس القرآن وغيرها، ثم تكلم في البدع
والعادات القبيحة المحرمة التي يأتيها الناس في ليلة الزفاف، وقد ذكر أمور غريبة
جدًّا ما كنا نظن قبل قراءتها أنه يوجد في البشر مثلها، فهي مما يستحي الإنسان،
لا سيما المسلم من سماعه أو قراءته، فكيف انتهى الناس في التسفل إلى فعله.
***
(تحفة الأبصار والبصائر - في كيفية السير مع الجنازة إلى المقابر)
وأهدانا هذا الأستاذ أيضًا هذه الرسالة له، وموضوعها معروف من اسمها
وعليها تقريظ شيخ الأزهر الأسبق الأستاذ الشيخ حسونة النواوى وأشهر شيوخ
الأزهر ومنهم الأستاذ شيخ الأزهر لهذا العهد، وسنقتبس شيئًا منها أيضًا إن شاء
الله تعالى، وإننا نشكر لهذا الأستاذ الهمام عنايته بالكتابة فيما ينفع الناس، وهم في
أشد الحاجة إليه، ونسأل الله أن ينفع به وبتآليفه.
***
(كتاب محك النظر)
من الترقي في العلم اليوم انتداب بعض الفضلاء لطبع كتب الأئمة الأولين من
علماء الإسلام، ومن هذه الكتب (محك النظر) في المنطق للإمام الغزالي وهو
يخالف كتب الفن التي بين أيدينا في ترتيبه وتقسيمه وتعبيره وأسلوبه؛ فإنه يتكلم
على التصديقات قبل التصورات؛ لأنها المقصود الأهم ويقسم الكلام فيها إلى ثلاثة
فنون: الفن الأول في السوابق، وفيه فصول في الألفاظ والمعاني والقضايا
وأحكامها، والفن الثاني في محك القياس من المقاصد، وهو طرفان أحدهما في نظم
القياس، والثاني في محك النظم وشرطة، والثالث في مادة القياس ... إلخ.
أما أسلوبه فأسلوب الكتاب البلغاء وحسبك أن تقول أسلوب الغزالي المعهود
في الإحياء وغيره من القوة والسهولة والبيان والبسيط والتمثيل، أذكر من بيانه
قوله في تعريف اليقين: (أما اليقين فلا تعرفه إلا بما أقوله، وهو أن النفس إذا
أذعنت للتصديق بقضية من القضايا وسكنت فلها ثلاثة أحوال (أحدها) أن تتيقن
وتقطع به، ويضاف إليه قطع ثانٍ، وهو أن يقطع بأن قطعه به صحيح، ويتيقن
بأن يقينه لا يمكن أن يكون فيه سهو ولا غلط ولا التباس، ولا يجوز الغلط لا في
تيقنه بالقضية، ولا في تيقنه الثاني بصحة يقينه، ويكون فيه آمنًا مطمئنًا قاطعًا
بأنه لا يتصور أن يتغير فيه رأيه، ولا أن يطلع على دليل غاب عنه، فيغير
اعتقاده، ولو حكي نقيض اعتقاده عن أفضل الناس، فلا يتوقف في تجهيله وتكذيبه
وخطأه، بل لو حكي له أن نبيًّا مع معجزة - كذا ولعل الأصل ذا معجزة - قد
ادعى أن ما تيقنه خطأ ودليل خطأه معجزته، فلا يكون له تأثير بهذا السماع، إلا
أن يضحك منه ومن المحكي عنه، فإن خطر بباله أنه يمكن أن يكون الله قد أطلع
نبيه على سر انكشف له - لعله به - نقيض اعتقاده، فليس اعتقاده يقينًا) اهـ،
ومثَّل ببعض اليقينات البديهية، فأنت ترى أن هذا البسط ضروري في كتب التعليم
وتعلم أن الذين لا يأخذون العلم بمثل هذا الإيضاح يكون علمهم دائمًا مبهمًا مظلمًا
لا تنكشف به الحقائق، ألا ترى أن أكثر الذين يتعلمون المنطق بكتب المتأخرين
المبهمة الموجزة لا يفرقون بين الظن واليقين، وأن أحدهم يتوهم أن سكونه للتسليم
بقول فلان العالم وثقته به عين اليقين، وهو مع ذلك إذا ثبت له أن ذلك العالم رجع
عن ذلك القول يرجع هو عنه أيضًا، وذلك شأنهم في العلم والدين فأين علم اليقين
وحق اليقين.
وغاية ما أقول في تقريظ هذا الكتاب: إنه ينبغي لكل طالب علم أن يطالعه
ليميز بين العلم الحي الذي تتغذى منه العقول وبين غيره، وقد طُبع على نفقة
الفاضلين الشيخ محمد بدر الدين النعساني الحلبي، والشيخ مصطفى القياني
الدمشقي، ويُطلب من المكاتب الشهيرة في مصر.