للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


المقال الثالث
المرحلة الثانية من مراحل الصلح
في إدارة المشيخة والمعاهد الدينية

في مساء يوم الأحد السادس عشر من جمادى الآخرة (وأكتوبر) التقيت في
احتفال وزير دولة الأفغان المفوض بعيد جلوس ملكهم (صاحب الجلالة محمد نادر
خان) بأصحاب الفضيلة شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية ونقيب السادة
الأشراف وشربت الشاي معهم على مائدة واحدة، وجرى في حديثنا ذكر الصلح،
فقلت: إن الشيخ الدجوي قد نقض الصلح في أثناء عقده بتوزيعه لرسالته البذيئة
قال المفتي: ولكنك أنت لا تنقضه، قلت: وهل يكون الصلح من طرف واحد؟
وسألت شيخ الجامع هل اطلعت على الرسالة؟ قال: لا، فأخرجتها من جيبي
وقرأت له بعض الأبيات التي تخاطبني بالكلب والخنزير والوجه المقذور، وقلت
أهكذا تكون آداب علماء الدين؟ فامتعض وامتقع ووجم، وقال المفتي إن مثل هذه
الرسالة لا تؤثر في مقامك من العلم والدين وسعة الصدر، أو كلامًا بمعنى هذا،
قلت ولكنها تحط من قدر علماء الدين وشرفهم الذي يجب على الأستاذ الأكبر أن
يحافظ عليه، وأما أنا فأتمثل فيها بقول المتنبي:
فذاك ذنب عقابه فيه
فلا أجازي على هذه السيئات بمثلها، ولا يستطيع عدو أن يبلغ من مجترحها ما
بلغته منه، ولكن لا يسعني بعد اليوم السكوت عن رد المطاعن والتهم التي افتريت
علي، وقد أكثر الناس من مطالبتي بذلك مشافهة ومكاتبة ونشرًا في الجرائد.
قال المفتي: إنني أرسلت إلى الشيخ الدجوي صديقًا له يكلمه في وجوب
الإمساك عن نشر الرسالة ووعدته بأن أدفع ثمن نفقة طبعها للطابع ونعود إلى إتمام
الصلح، قلت: إن الطابع لها هو ابن الشيخ الدجوي في المطبعة التي أنشأها له
والده؛ وإن هؤلاء لا يصدقون، وأنا لا يهمني نشرها ولا جمعها، ولا يهمني نقض
الدجوي للصلح ولا وفاؤه به؛ وإنما يهمني شيء واحد وهو أن تنشر لي مجلة
مشيخة الأزهر ما أفند به التهم التي نشرتها له، وأنا على شرطي من اجتناب
الطعن والهجو الشخصي.
وفي اليوم التالي كتبت مقالي الأول وأرسلته إلى الجرائد فنشرته في ٢٠ و٢١
من الشهر، فلما قرأه شيخ الأزهر اهتم بالأمر، فكلَّم المفتي في وجوب تداركه في
إبانه، وأخذه بربانه، قبل أن أبسط المسألة في الجرائد فيتسع الخرق على الراقع،
فكلَّمني المفتي بالمسرة وهو معه مبتدئًا بعتابي على النشر في الجرائد، فكان هذا
أول تجانف منه وتزاور عن موقف القسط الذي كان يقيم ميزانه، فطفقت أحتج
فقاطعني قائلاً إن الأستاذ الأكبر معي يدعوك إلى الاجتماع في إدارة المعاهد الدينية
يوم الأربعاء للنظر في المسألة فإذا قبلت فلك هنالك أن تدلي بكل ما عندك وننظر
فيه بالإنصاف، قلت: لا بأس وإني لمجيب، قال: وإني أرسل إليك السيارة عند
انتهاء الساعة العاشرة، ونرجوك أن تمسك عن النشر حتى نجتمع وننظر في الأمر.
اجتمعنا في الساعة العاشرة و٣٠ دقيقة، وكان في المجلس أصحاب الفضيلة
شيخ الجامع والمفتي ووكيل الأزهر والمعاهد الأستاذ الشيخ محمد عبد اللطيف
الفحام والأستاذ السيد الشنواني وهو نائب عن الأستاذ الدجوي الذي سافر إلى بلده
في الريف لحضور مأتم فيه.
بدأ الأشياخ الكلام بعتابي على النشر في الجرائد فقلت: هل من العدل
والإنصاف أن يُطلب مني السكوت عن الدفاع عن نفسي وبيان حقي في مسألة
تداولتها الصحف اليومية، وتناولتها أيدي جميع طبقات الأمة، وكثر تساؤل الناس
كيف يسكت صاحب المنار عن الرد على التجني عليه وبهته بأفحش البهائت في
دينه وعلمه وأدبه؟ والقاعدة الأصولية أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة،
وهو قد تجاوز الحاجة معي إلى الضرورة، فإلى متى يُنتظر مني أن أسكت وقد
سكتُّ أكثر من شهر ونصف؟ قال المفتي لا نقول إنه لا حق لك في البيان؛ ولكني
لم أفهم منك في دار سفارة الأفغان أنك عزمت على الرد في الجرائد، وقد تعرضت
في مقالك للكلام في الأزهر، ولا يصح أن نجعل الأزهر مضغة في الأفواه بخوض
الجرائد فيه وأنت تحرص على كرامته مثلنا.
قلت: نعم، ولكن اللوم كله على مشيخة الأزهر فالطعن علي قد ظهر في
مجلتها في أول الشهر الماضي، ثم تكرر في أول هذا الشهر بعد السعي من قبلها
في الصلح وكان من أمر نقض الصلح ما علمتم، فأنا أصارحكم هنا بأنني لا أبالي
بطعن الشيخ الدجوي ولا بتكفيره لي، ولا بنقضه للصلح، ولا برسالته البذيئة التي
ذكرت لكم بدار سفارة الأفغان رأيي فيها، وفيما يجب على مشيخة الأزهر تجاه
صدور مثلها عن رجل من كبار علمائها الرسميين، وخاطبت شيخ الأزهر مصرحًا
له بما كنت أفعله لحفظ شرف الأزهر لو كنت في منصبه؛ ولكنني لا أنشر هذا ولا
ما أقمت عليه الدليل من حرصي على كرامة فضيلته واجتنابي مشايعة الجرائد على
خوضها فيه.
وقلت: إن السيد عاصمًا قال للذي يبيع الرسالة البذيئة في الأزهر: إنني
أطلب مائتي نسخة لإرسالها إلى الخارج فأين أجدها؟ قال: عند فضيلة الأستاذ
الدجوي، فخطر في بالي أنه ربما كان يريد نشرها في الخارج لأجل فضيحة
الأزهر بها؛ ولكن فاعل هذا الانتقام يدخل في عموم {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ
الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} (النور: ١٩) فلهذا نهيته عنه.
ثم قلت: ولكن الذي أباليه وأهتم به محصور في مجلة المشيخة، هذه المجلة
التي أقمت الدليل في تقريظي لها على أنني أتمنى لو يكون توفيقها لخدمة الإسلام
والمسلمين أكبر وأتم مما وفقت له في المنار؛ لأن خدمة المنار لا يُرجى أن تتجاوز
عمري وقد دخلت في سن الشيخوخة ولم يبق من العمر إلا قليل، ومجلة نور
الإسلام تابعة لهيئة إسلامية غنية يرجى بقاؤها، وأقسمت على صدقي في شعوري
هذا، وكادت تغلبني الدموع على الكلام، فدعا لي الشيخ الأكبر ومن معه بطول
العمر ودوام التوفيق.
ثم قلت: إنه ليحزنني أن يخيب أملي وأمل كل من أعرف من فضلاء
الأزهريين وغيرهم في المجلة، بل زارني من لم أكن أعرف من الخطباء الذين
يطوفون في البلاد لبث الوعظ والإرشاد من قبل المشيخة، فسمعتهم يقولون إن هذه
المجلة أوقعتنا في مشكلة، فنحن ننهى الناس عن البدع ولا سيما بدع المقابر
والموالد، ثم تجيء مجلة المشيخة والمعاهد تدافع عن هذه البدع وتتأول لفاعليها بما
يعد أعمالهم هذه مشروعة (وذكرت من أقوال أرقى علماء الأزهر فيها ما لا حاجة
إلى إذاعته في الصحف الآن) حتى انتهى أمرها إلى نشر المقالتين الأخيرتين في
الطعن علي، ولا شك في أنه طعن بسوء النية لما فيه من الافتراء والبهتان
وتحريف الكلم في النقل، ولم يترك كاتبهما شبهة ولا خاطرًا يرى أنه يثبت للناس
فيه جهل صاحب المنار إلا وكتبه ونشره، حتى أنه يذكر أصغر الأمور التافهة مع
التكفير وكبائر الموبقات كتجهيله لصاحب المنار بالنحو لاستعماله كلمة القبوريين
وإظهاره لحجته بإيراد قول ابن مالك: (والواحد ذاكر ناسبًا للجمع) .
ولا يجهل مثله أن شرط امتناع النسبة إلى الجمع ألا يكون علمًا أو جرى
مجرى العلم كالجزائري والمقابري والأنصاري والكرابيسي والمصاحفي، وذكرت
أمثلة أخرى من أنساب العلماء والمحدثين، وقلت إن كلمة القبوريين جعلت علمًا
على المفتونين ببدع القبور وقد استعمل العلماء هذا في كثير من الكتب المطبوعة
ومن أشهرها كتاب (صيانة الإنسان) الذي رد به أحد علماء السند على الشيخ
أحمد دحلان في طعنه على الوهابية ويعاد طبعه الآن.
ومن الغريب أنه اتهمني بأنني أحل الربا بإفتائي بجواز الانتفاع بالرهن؛ وإنما
كانت فتواي بهذا نقلاً لعبارة كتاب المغني في المسألة، وهو أجلّ كتب الفقه أو من
أجلّها ولم أزد عليها إلا قولي: ومنها يعلم الحكم في المسألة، وأرى جميع علماء
الأزهر يأكلون الربا، والله تعالى قد توعد آكلي الربا بأشد الوعيد لا من ينقل قول
أئمة الفقه في الرهن وغيره.
قال المفتي: وهل مال الحكومة كله أو أكثره من الربا؟ قلت: إنني لا أعني
مال الحكومة المختلط؛ وإنما أعني أن المخصص لميزانية الأزهر والمعاهد الدينية
من ميزانية الحكومة العامة يوضع في البنك الأهلي، ويضاف عليه من الربا مثل
ما يضاف على سائر ميزانية الحكومة، ومشيخة الأزهر تسحبه من البنك كسائر
مصالح الحكومة، فهل كنت أنا الذي أفتيت مشيخة الأزهر بهذا؟ وجرى كلام آخر
في حكم المال المختلط من حرام وحلال لا محل لبسطه هنا، وعلمت منه أن المفتي
لا يأخذ من الأزهر راتبًا.
ثم قال الأستاذ الأكبر إننا اجتمعنا هنا لنضع حدًّا لهذا النزاع والمطاعن بصلح
ثابت نمنع به نشر هذه الردود في الجرائد لأنها تُزري بالعلماء.
قلت: إنني أكرر ما قلته مرارًا وهو أن لي الحق أن أنشر في مجلة نور
الإسلام وفي الجرائد ردًّا على التهم التي افتريت علي ملتزمًا فيه ما وعدت به من
تلقاء نفسي قبل الاجتماع لعقد الصلح وبعده من اجتناب الطعن الشخصي في الشيخ
الدجوي، وإذا رضيت المشيخة بعزو تلك التهم إلى المجلة من دون ذكره فإنني
أرضى بهذا، وقد غيَّرت مقدمة المقال الذي كنت أرسلته إلى رئيس تحريرها بهذه
الصفة وأخرجته من جيبي وقرأت لهم أكثرها، فوافقوني على النشر في مجلة نور
الإسلام بعد اطلاعهم على ما أكتبه ورؤيته موافقًا لما اشترطته على نفسي فيه وعدم
نشر شيء في الجرائد ولا كتابة ما يُعد طعنًا على الأزهر.
قلت: إنه ليس من دأبي الطعن على الأزهر ولا على أحد؛ ولكن الكتابة في
إصلاح التعليم والتربية في الأزهر وغيره من أهم مقاصدي التي أنشأت المنار
لأجلها وهذا معروف فيه منذ ٣٥ سنة.
قال المفتي: هذا صحيح ولا يطالبك أحد بترك الكتابة في الإصلاح؛ ولكن إذا
عرض لك أن تكتب في إصلاح التعليم في الأزهر فنقترح عليك أن تعرض رأيك
أولاً على الأستاذ الأكبر للتشاور فيه، ثم تكتب ما تتفقان عليه - أو قال ما يقرب
من هذا - وكانت هذه هي الكرة الثانية التي تَحَيَّزَ فيها فضيلة المفتي إلى جانب
المشيخة بما فيه هضم لحقي في حرية الكتابة، وهي لا تقل عندي عن حرية الرقبة.
وقد تذكرت بمناسبتها ما رواه لي المرحوم الأستاذ الشيخ أحمد إدريس عضو
المحكمة الشرعية العليا عن الأستاذ الإمام في أنه قيل له في الإسكندرية: نرجوك
أن تمنع صاحب المنار من الطعن في السلطان والدولة العلية؛ فإن هذا من السياسة
وهي ليست من موضوع مجلته الدينية، فقال لهم الأستاذ الإمام: إنني والله لا
أعرف أحدًا من الناس أشد استقلالاً في الرأي من صاحب المنار، وكيف أقول له
هذا وهو يعلم كما أعلم أن دين الإسلام دين سياسة لا دين عبادة فقط، وكل ما يمكن
أن أقوله له في هذا الموضوع إنني رأيت كثيرًا من محبي المنار يسوءهم الانتقاد
فيه على الدولة، وإنني أنا أظن أنه غير مفيد لما يرجوه منه، أو ما هذا معناه.
بيد أنني أعتقد أن المفتي حسن النية فيما قال، وأنه يريد به الاتصال بيني
وبين شيخ الأزهر للتعاون على خدمة الإسلام، فأجبته بما يفهم منه رد اقتراحه
بالفحوى، وهو أن رأيي قد يخالف رأي الأستاذ الأكبر في هذا الإصلاح، وأنني
ذكرت لفضيلته منذ أشهر رأيي فيما أنتقده على تعليم الأزهر للعقائد وما يجب من
الإصلاح له بدار الدكتور عبد الحميد سعيد بحضور كثير من أهل العلم والرأي فلم
يرده ولم يقبله، ولعلك تذكر إذ التقينا في هذا المكان العام الماضي وعاتبني الأستاذ
الأكبر على عدم زيارتي له قائلاً إننا إخوان ومقصدنا في خدمة الإسلام واحد وإن
كنا نختلف في بعض المسائل وذكرت أنت - الخطاب للمفتي - أن من الضروري
أن نجتمع ونتعاون على خدمة الإسلام، ولعلك تذكر أيضًا أنني اعتذرت يومئذ
للأستاذ الأكبر عن عتابه اللطيف المتواضع بأنني رجل صاحب شغل كثير فلا أجد
فراغًا للزيارات؛ ولكن فضيلته إذا دعاني في أي وقت لأجل عمل أو تشاور في
خدمة الإسلام - وهو شيخ العلماء ورئيسهم - فإنني أمتثل أمره.
ففهم الشيخان بل الأشياخ الثلاثة من هذا الجواب أن هذا الاقتراح لا يعقل أن
يقبل، وظللنا متفقين على أن أرد على التهم وحدها، وأن يُنشر ردي في مجلة نور
الإسلام بشرطه؛ ولكن الأستاذ الوكيل قال إن الرد على تلك المسائل كلها بالتفصيل
يطول واقترح الاكتفاء بمقالة واحدة، قلت: لا يمكن دحض التهم بمقالة ولا ثنتين
ولا ثلاث.
ثم اقترح الأستاذ الأكبر أن يكتب الأستاذ الدجوي اعترافًا منه بخدمة السيد
رشيد رضا للإسلام يمضيه ويُنشر في المنار، ويكتب السيد رشيد اعترافًا مثله
بخدمة الأستاذ الدجوي للإسلام يمضيه وينشر في مجلة نور الإسلام! ! ! وكانت
هفوة من الأستاذ الأكبر.
قلت: يا سبحان الله أأكون أنا صاحب الحق المعتدى عليَّ وأكلَّف أن أزكي
الجاني الطاعن تزكية تُنشر في المجلة التي نُشر فيها بهتي بالتكفير والجهل، كأنني
أقول لقرائها إنه مصيب فيما كتب، وتذكرت ما لم أكن أذكر من قول الشاعر:
ولم أر هضمًا مثل ظلم ينالنا ... يساء إلينا ثم نؤمر بالشكر
وقول الآخر:
وتذنبون فنأتيكم ونعتذر
ولكن الأستاذ فطن لهفوته فقال بل يُنشر كل من الاعترافين في المجلتين، وفي
الجرائد الرسمية وبهذا ينتهي كل القيل والقال، أو ما هذا معناه.
قلت: قد عرفتم رأيي في الأستاذ الدجوي، وإنني لا أرى خصمًا لي فيما نحن
فيه إلا مجلة المشيخة، وإن حقي الشرعي عليها وحق قرائها أن تنشر لي ما أرد به
على ما نُشر بشرطي المقبول عندكم، وحسبي ألا أطعن فيه على شخص الدجوي
فهل أُكلَّف أيضًا أن أزكيه؟ فإن كانت المشيخة ترى من الحق والعدل أن يكتب
شيئًا يكفر به عن مطاعنه فذلك شأنها أو حق عليها، وإن كتب ما أراه مبرئًا لي فقد
أكتب خيرًا مما كتب.
ودارت أحاديث أخرى في بعض مسائل الطعن ومسألة البدعة في الأذان وأمر
الأستاذ الأكبر السيد الشنواني أن يجمع نسخ رسالة الطعن من الأزهر والمطبعة
والمكاتب ويأتي بها كلها إلى إدارة المعاهد لتحفظه فيها، فقلت: إلى متى؟ قال
الأستاذ المفتي: هذه النسخ يجب إتلافها وحرقها، ثم انصرفنا، وقد علمت أن أمر
الأستاذ الأكبر بجمع الكتاب ووضعه في إدارة المعاهد لم ينفذ وهو لا يزال يُباع في
مطبعة الدجوي وفي بعض المكاتب؛ ولكن أعطيت المشيخة ٢٧٠ نسخة منه
{فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} (الحشر: ٢) [١] .
ولم يكتف الأستاذ الدجوي بهذا، بل عاد إلى الطعن علي برسالة نشرها في
جريدة الجهاد (٢٣ من الشهر) فأرادت المشيخة أن تستأنف معي قطع مرحلة ثالثة
للصلح، لمنعي من النشر في الجرائد وأن تكون حكمًا بين الخصمين وتكررت
مخاطبتها لي بذلك مرارًا بالمسرة (التلفون) لأجل الاجتماع في إدارة المعاهد فأبيت،
ثم بعرض صحيفة لإمضائها فاستنكفت، وكان جوابي في كل مرة عين ما قررته
في المرحلة الثانية وصرحت لفضيلة الأستاذ الوكيل من قبله بأن التنازع إنما هو
بيني وبين المشيخة، فلا يصح أن تكون هي الخصم والحكم، وأن الصلح بيننا إنما
يكون بأن تنشر لي في مجلتها ما أرد به على تهمها بالشرط الذي تكرر ذكره، وأما
الشيخ الدجوي فهو من رجالها الموظفين فلها حكمها في عمله وفي كفه عن عداوته،
أو إطلاق عنانه، وهي المسئولة عنه عند الله وفي عرف عباده، والعاقبة للمتقين،
ولا عدوان إلا على الظالمين {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ} (الروم: ٤٧) .
((يتبع بمقال تالٍ))