للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تعديل كتاب الصلاة في إنكلترا

جاء في جريدة الأخبار ما يأتي:
جاء في جريدة الطان بعددها المؤرخ في ١٤ ديسمبر (سنة ١٩٢٨) أنه
انعقد مجلس اللوردة في جلسة تُعَدُّ من أعظم الجلسات شأنًا منذ نهاية الحرب إذ
اقترح فيها رئيس أساقفة (كانتربري) التصديق على النص المُعَدَّل لكتاب
الصلوات. وقد ذكر في أثناء كتابه أنه لم يقع أدنى تبديل أو تغيير في عقيدة
الكنيسة الإنكليزية، وجُلُّ ما هناك أن عبارات دعائية قد أضيفت لأجل الملك
ولأجل الأموات , وكذلك بعض أنظمة تتعلق بحفظ الأشياء المقدسة.
فاقترح اللورد هانفورد رفض الاقتراح وقال اللورد (دنبيغ) إن أعضاء
المجلس الكاثوليكيين لا يشتركون في هذه المناقشة فتأجلت الجلسة إلى الغد اهـ.
(الأخبار) سبحان الله ما زالوا يقولون لنا: إن الأمم المتمدنة قد فصلت الدين
عن السياسة فصلاً تامًّا، وإن أمور الدين إذا اختلطت بأمور الدنيا أفسدتها، ولذلك
جميع الحكومات الراقية في هذا العصر (لا ييق) أي لا دينية، وأن هذا كان سبب
رقيها، وقد كانت هذه الدعوى أعظم ما تمسكت به حكومة أنقرة وتابعها عليه أذنابها
بمصر فليخبرونا الآن ما مدخل (كتاب الصلوات) بمجلس اللوردة وأي فصل هنا
بين السياسة وبين الدين، وليخبرونا هل حكومة إنكلترة خارجة عن كونها (لا ييق)
بسبب طرح قضية الصلوات في مجالس الحكومة، وعلى فرض أن الحكومة
الإنكليزية غير (لا ييق) وأن حكومة أنقرة هي حكومة (لا ييق) بمعنى الكلمة،
فهل صارت حكومة أنقرة أرقى في سلم السياسة والاجتماع من الحكومة البريطانية؟
أخبرونا أيها (اللاييق) أثابكم الله، أو فاخرسوا واخجلوا واعلموا أن بين
الدين والسياسة صلات لا تنقطع، وإن كان كل منهما منفصلاً عن الآخر في دائرة
اختصاصه، فهناك أمور عامة لا بد للسياسي الحكيم أن يأخذها بنظر الاعتبار،
وإن تعظيم شعائر الدين والاهتمام بتثبيت العقيدة لن يضرا شيئًا رقي الأمم وانتظام
الحكومات بل يساعدان على سير الانتظام واستمرار الترقي بما يكفلانه من تمكين
دعائم الأخلاق وعدم إقلاق ضمائر الأفراد الذين تتركب منهم الأمة، فإذا كانت
حكومة أنقرة تريد أن تحارب الدين الإسلامي فلتتخذ لها برهانًا على عملها المنكر
غير قضية الاقتداء بالأمم المتمدينة.