للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


التقريظ

(الحصون الحميدية لمحافظة العقائد الإسلامية)
طبع في هذه السنة كتاب مسمى بهذا الاسم من تأليف الشيخ حسين الجسر
الشهير صاحب الرسالة الحميدية. وطريقة المؤلف في باب الإلهيات هي طريقة
السنوسي التي جرى عليها المتأخرون الذين كتبوا على عقيدة السنوسي الصغرى
وعلى الجوهرة وآخرهم الباجوري فهو يذكر من صفات الله تعالى ما هو سلبي
كالقِدَم والبقاء ومخالفة الحوادث , وما هو وجودي , وما هو في عرفهم واسطة بين
الموجود والمعدوم وهو الوجود. ويعرف الصفات بما عرفوها به , ويذكر لصفات
المعاني من التعلق ما ذكروا حتى قولهم: إن السمع والبصر يتعلقان بجميع
الموجودات.
ولكنه أطال في باب النبوات أكثر مما أطالوا , فذكر أشهر معجزات الأنبياء
واستدل على كل واحدة منها بالدليل المعروف , وهو أنها جائزة عقلاً إذ لا يترتب
على فرض وجودها محال , وكل جائز في العقل فقدرة الله صالحة للتعلق بإيجاده ,
وقد أخبر الصادق أن ذلك وقع فوجب التصديق به , وزاد عليه إيضاحًا وردًا لشُبه
أهل العصر.
ثم إنه يذكر من هذه المعجزات ما جاء به القرآن , وما روي في أحاديث
الآحاد حتى ما لا يرتقي منها إلى درجة الصحة كحديث حبس الشمس أو ردّها
بدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم وبدعوة يوشع بن نون عليه السلام. قال: إن
الإيمان بذلك هو الموافق لشأن المسلمين والأسلم لهم في دينهم فنحن نؤمن به
ونصدق.
أقول: إن مسألة رد الشمس له صلى الله عليه وسلم قد ورد في رواية ضعيفة
من أحاديث المعراج , وورد في رواية أقوى منها في مناقب علي كرم الله وجهه ,
وهذه الرواية وثقها الطحاوي في مشكل الآثار , وتبعه القاضي عِيَاض في الشفاء ,
وقد تكلم فيها بعض الحفاظ بل أوردها ابن الجوزي في الموضوعات , وتعقبه في
اللآلئ , وهذا نص الرواية من حديث أسماء بنت عميس: كان رسول الله صلى
الله تعالى عليه وسلم يوحى إليه , ورأسه في حجر علي فلم يصلِّ علي العصر حتى
غربت الشمس , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: صليت؟ قال: لا،قال:
(اللهم إن كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس) قالت أسماء:
فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت، رواه الجوزقاني عنها وقال: إنه
حديث مضطرب منكر , وقال ابن الجوزي: موضوع وفضيل بن مرزوق
المذكور في إسناده قال ابن حبان: يروي الموضوعات , ورواه ابن شاهين من غير
طريقه , وفى إسناده أحمد بن محمد بن عقدة رافضي رمي بالكذب، ورواه ابن
مردويه عن أبي هريرة مرفوعًا وفي إسناده داود بن فراهيج مختلف فيه وقد وثقه
قوم.
أقول: وما ورد في حبس الشمس ليوشع ضعيف أيضًا , وهو معارض لهذا ,
فإنه ورد بصيغة الحصر , ولعل غرض شيخنا صاحب الحصون الحميدية من
اختيار التسليم بكل ما ورد من الخوارق للأنبياء وغيرهم وإن لم يتواتر بل وإن لم
يصح سنده في الآحاد عدم فتح باب إنكار الجزئيات لئلا يفضي بقوم إلى إنكار أصل
الخوارق من المعجزات والكرامات. فهو يقول: ما دمنا نؤمن بقدرة الله تعالى على
كل شيء فلا ينبغي لنا أن ننكر شيئًا يُؤْثر عن أصفياء الله تعالى , وإن كان مخالفًا
لسننه فهو واضعها وهو الذي يغيرها إن شاء الله متى شاء على يد من شاء. هذا
رأيه , وإننا نورد عبارته في بيان دفع ما يرد على هذه الخارقة بعد التصريح
بإمكانها قال (ص٩٧) :
(وإن قيل: على فرض تسليم القول بالهيئة الجديدة , وأن الأرض هي التي
تدور؛ لو وقفت الأرض عن حركتها أو انعكست حركتها يلزم أن يبقى ماء البحر
آخذًا بحركة الاستمرار فكان يفيض على اليابسة ويغرق أهلها - قلنا: إن القادر
على إيقاف الأرض أو عكس حركتها هو قادر على سلب حركة الاستمرار من ماء
البحر وجعله تابعًا للأرض في وقوفها وعكس حركتها فلا يفيض حينئذ على اليابسة ,
ولا يلتفت إلى قول بعض الملحدين: إنه ليس من حكمة الخالق تعالى أن يوقف
ذلك الجسم الكبير المبني حركته على ناموس عظيم في الكون وهو ناموس الجاذبية
كما يقول أهل الهيئة الجديدة لأجل غرض واحد من البشر (وهو محمد أو يوشع)
عليهما السلام؛ لأنا نقول: لم يكن ذلك الصنع منه تعالى لأجل مجرد غرض واحد
من البشر، وإنما هو لحكمة بالغة وهي إظهار المعجزة الخارقة للعادة التي ينشأ
عنها اهتداء ألوف من الخلق , ويرجعون بذلك من الكفر الذي يهلك نفوسهم إلى
الإيمان الذي يحييها الحياة الأبدية , وينشأ عنها تثبيت ألوف وتمكينهم بالإيمان ممن
آمنوا قبل ذلك , ويبقى ذكرها ونقلها بين الخلق يتحدث بها الجيل بعد الجيل ,
وينتفع بنقلها من أراد الله تعالى هداه ويتصور بها عظمة قدرته تعالى وعجيب
أعماله. فهذه الحكمة العظيمة توازي في العظمة حصول تلك الخارقة وتفوقها ,
ويليق بها أن تحصل تلك الخارقة لأجلها. على أن ذلك الملحد نظر إلى مجرد
عظمة تلك الخارقة , ولو قابلها بعظمة قدرة الله تعالى لما وجدها شيئًا يُذكر , وهذه
الخارقة وغرض واحد من البشر عند الباري تعالى على حد سواء في أن كلاً منهما
تحت تصرفه ومشيئته , ولا يعظم شيء منهما لدى عظمته , وإن كان في نظرنا
القاصر أننا نجد الفرق بينهما عظيمًا وهما عند الله سيان في الجواز والإمكان.
ثم إنه في بعض الروايات التي نقلت تلك المعجزة ما يفيد أن الرسول طلب
وقوف الشمس أو إعادتها فلا يقال: على فرض تسليم رأي الهيئة الجديدة بدوران
الأرض أنه كان الصواب في حق ذلك الرسول أن يطلب وقوف الأرض أو عكس
حركتها عوضًا عن طلب ذلك في الشمس؛ لأنا نقول على فرض تسليم ذلك فلا
مانع من أن يكون الرسول يعلم حقيقة الأمر , ولكنه طلب ذلك في الشمس بناءً على
الظاهر والجاري في رأي الشعب والمألوف بينهم في الاستعمال والله سبحانه يعلم
المقصود من طلبه , ولا يكون ذلك غلطًا من الرسول , وهكذا نرى أهل الهيئة
الجديدة يجرون في كلامهم على ظاهر ما يبدو لأهل لغتهم ويجري في استعمالهم
فيقولون: طلعت الشمس وغربت وهم يعتقدون وقوفها وحركة الأرض , ولم
نسمعهم يقولون: طلعت الأرض أو وصلت الأرض لمقابلة نور الشمس أو فارقته ,
وكل ذلك منهم على حسب الشائع في الاستعمال , وظاهر ما تعطيه المشاهدة إذا
علمت ما قررناه , واندفعت عنك تلك الشبه بما حررناه , فاعلم أننا معشر المسلمين
آمنا بهذه المعجزة إذ لا مانع يمنع من وقوعها والله قادر على إيجادها معجزة مؤيدة
لرسله الكرام يهدي ويثبت بها الألوف من الأنام) اهـ بحروفه.
ولا يحسبن القارئ أن الأستاذ المؤلف يحكم بأن من أنكر هذه المعجزة كأولئك
الحفاظ الأعلام يعد ملحدًا لتعبيره عن المعترض بلفظ الملحد , فإنه لم يقل أحد من
المسلمين بكفر من ينكر أي حديث من أحاديث الآحاد وإن صح سنده , فكيف
يكفرون من ينكر حديثًا ضعيفًا أو منكرًا باعتراف حفاظ الحديث أنفسهم. وإنما
يكون المنكر ملحدًا إذا كان ينكر قدرة الله تعالى على فعل تلك الخارقة أو أي ممكن
من الممكنات. والمؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يعتقد بشيء ثبت
عنه عنده ثم ينكره لعظمته , وإنما أنكر الأئمة كثيرًا من الأحاديث لعلة في رواتها
أو روايتها أو متنها ككونه لا يتفق مع الثابت القطعي فمن أنكر حبس الشمس أو
رجوعها لعلة من ذلك لا يعد ملحدًا ولا مبتدعًا ولا عاصيًا ولا منحرفًا عن سبيل
المسلمين لا سيما إذا لاحظ مع ضعف الرواية أن مثلها مما يشتهر وتتوفر الدواعي
على نقله , فلما لم يروها أهل النقد من المحدثين كالشيخين وأصحاب السنن ومثل
مالك وأحمد ترجح عنده أن من جرح رواتها ولم يقبلها من المحدثين هو المصيب
دون من قبِلها.
ثم إن ما ذكره الأستاذ مؤلف الحصون الحميدية من الحكمة في وقوع هذه
الخارقة لم تؤيده رواية الحديث فيها إذ لم يرد أن كافرًا آمن لأجلها أو ضعيف إيمان
ثبت برؤيتها. ولا شك أن هذه الخارقة هي أعظم الخوارق الكونية التي نُقلت لأنها
إبطال لسنة الله في نظام العالم العلوي والسفلي فهي أعظم من إحياء الميت ومن
انقلاب العصا حية ونحو ذلك، فلو تحدى بها لرجي أن يظهر ما قاله من الحكمة
ولكن لم ينقل راوتها أنه وقع بها التحدي، نعم إن واضع السنن لنظام الكون
باختياره قادر على تبديلها أو تحويلها أو إزالتها إذا وافق ذلك حكمته، ولكن النظام
الثابت بالمشاهدة اليقينية وبالنقل اليقيني الناطق بأن سنن الله لا تتبدل ولا تتحول
وأن الشمس والقمر بحسبان، وأن لا تفاوت في خلق الرحمن، لا يصدق في دعوى
تغييره وتبديله قول فلان عن فلان، في رواية مطعون فيها من المحدثين، فهي لا
تفيد الظن فضلاً عن اليقين.
وإننا نعيد القول بأن مؤلف الحصون الحميدية لم يقصد بفتح باب التوجيه لكل
ما ورد من الخوارق ومن أمور الغيب التي ذكرها في باب السمعيات - وإن لم
يرتقِ الوارد فيها إلى درجة الصحة بل وإن كان قولاً مشهورًا لبعض العلماء لم يرد
فيه شيء عن المعصوم - إلا لأجل حماية القطعي الثابت من آيات الله ومن خبر
الوحي الثابت عن عالم الغيب؛ لئلا ينتقل العاصي ومن أمثاله ممن لا علم لهم
بحقائق الدين من إنكار ما لم يثبت باليقين إلى إنكار ما ثبت به وصار معلومًا من
الدين بالضرورة فيكفر؛ إذ الذي قطع به علماء العقائد أن المؤمن لا يحكم بكفره إلا
إذا جحد شيئًا مجمعًا عليه معلومًا من الدين بالضرورة. والدليل على هذا الجحد إما
القول وإما الفعل الذي ينافيه كالسجود للصنم اختيارًا.
والكتاب يُطلب من المكتبة الأزهرية وثمن النسخة منه أربعة قروش صحيحة.
* * *
(البائنة أو بحث في الدوطة)
الدوطة كلمة إفرنجية مشهورة معروفة المعنى وهي ما يأخذه الرجل من المرأة
التي يتزوجها كما هي عادة الإفرنج ومقلديهم! وقد وضع سليم أفندي عواد رسالة
في هذه المسألة بيَّن فيها أن لفظ (البائنة) العربي يؤدي معنى الكلمة عند الإفرنج،
ثم عرف الدوطة وبين سببها وذكر تاريخها عند اليونان والروم وأحكامها في
قوانين الإفرنج وكيف تملك وتورث، والرسالة تطلب من المؤلف في الإسكندرية.
* * *
(الروايات الشهرية)
هذا اسم لقصص يصدرها يعقوب أفندي الجمال كالمجلات الشهرية، وقيمة
الاشتراك السنوى فيها ٥٠ قرشًا في القطر المصري و٢٠ فرنكًا في غيره. والقصة
تناهز مائة صفحة من الشكل الثالث ونعني بالشكل الثالث ما كان دون المنار وهو
الشكل الثاني. وثمن النسخة الواحدة منها ستة غروش. وهي تطلب من صاحبها
في عزبة الزيتون بضواحي مصر.
* * *
(رواية الملك كورش الفارسي)
قصة أدبية غرامية تاريخية للكاتبة العربية المشهورة (زينب فواز) طبعت
على نفقة أمين أفندي هندية وتطلب منه.
* * *
(الطبيب المصري)
قصة أدبية أخلاقية تاريخية ألفها محمد أفندي الهراوي من عمال نظارة
المعارف، ولم نتمكن من قراءتها ولا قراءة سابقتيها لنبدي فيها رأيًا فاكتفينا
بالتعريف بفضل الكاتبين والمؤلفين والناشرين. وثمن النسخة من هذه القصة ثلاثة
قروش.
* * *
(مجلة المجلات)
عادت مجلة المجلات الشهيرة إلى السفور بعد احتجاب طويل شق على
عاشقي فوائدها، وقد صدر العدد الأول من سنتها الحاضرة (وهي السادسة) في
أول يناير من هذا العام الميلادي مفتتحة برسم الأستاذ الإمام وبترجمة له بعد خطبة
السنة، وفيه كثير من الفوائد العلمية والأدبية والصور فنرجو لها العمر الطويل،
ونثني على صاحبها (محمود بك حسيب) الثناء الجميل والمجلة شهرية يتألف
العدد منها من ٦٤ صفحة وقيمة الاشتراك فيها ٨٠ قرشًا في مصر و٢٥ فرنكًا في
غيرها.
* * *
(الإخاء)
مجلة عمومية أدبية لصاحبها محمود أفندي الكاشف وكانت من قبل جريدة،
وهي مؤلفة من ١٦ صفحة، وقيمة الاشتراك فيها ٥٠ قرشًا في مصر، و٢٥ فرنكًا
في خارجها فنتمنى لها الثبات ودوام الانتشار والارتقاء.
* * *
(الصالح)
جريدة أسبوعية يصدرها في القاهرة محمد علي بك نصوحي الصيدلي وهي
معتدلة كصاحبها فنتمنى لها الرواج ونرجو لها الثبات.
* * *
(الإرشاد)
جريدة أسبوعية يصدرها في القاهرة الشيخ علي الجرجاوي وقد اشتهرت
بالمدافعة عن الأوقاف فنتمنى لها العمر الطويل والخدمة النافعة.