للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


جمعية ندوة العلماء في الهند

كنا فرحين مغبوطين بفضل الله على المسلمين بتأليف هذه الجمعية وخدمتها
العالية للإسلام والمسلمين، حتى جاءتنا جرائد الهند الأخيرة بما أحزن قلوبنا
وأبكى عيوننا من وقوع الشقاق بين العلماء المؤلفين لهذا الجمعية، فأَوَّاه، إلى متى
يفتك في هذه الأمة الحسد والخلاف؟!
الفضل الأكبر في تأليف الجمعية ونجاحها للشيخ شبلي النعماني؛ فهو العالم
المصلح الذي تشهد له تصانيفه وآثاره، فبسعيه وجدت، وبهمته ثبتت واستقرت
ووثقت بها الأمة فأمدتها، والحكومة فساعدتها، وقد حسده على ما آتاه الله من
فضله بعض العلماء الذين أعوزهم مثل عمله وعقله، وأعياهم مثل عمله
وسعيه، فلجأ إلى السلاح الذي أهلك هذه الأمة؛ وهو الخلاف الذي يكبره ويمده
الحسد والبغي: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَاتُ بَغْياً
بَيْنَهُمْ} (البقرة: ٢١٣) فاتهموه بالاعتزال وترك الصلاة، كما اتُّهِمَ من قبل
المصلحان العظيمان في هذه البلاد، وقاوموه فيما توخاه من تسهيل أساليب التعليم
الإسلامي؛ كما قاوم أمثالهم أمثاله من المصلحين، منتصرين للكتب المعقدة
التي ألفوها.
هذا مجمل ما بلغنا من أمر هذه الجمعية، فنسأل الله تعالى أن ينزع ما في
قلوب الحاسدين من غل، ويطهرهم من الحسد والبغي، فيتذكروا أن في الخلاف
والتفرق الهلاك، وفي التآلف والتعاون النجاة والسعادة، فحسب هذه الأمة ما فعل
فيها الخلاف من إضعافها وتمزيقها وإزالة عزها وسلطانها، إلى متى إلى متى، إنما
يتذكر أولو الألباب.