للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


أهم الأنباء والحوادث

الشقاق والقتال بين البلقانيين واستعادتنا لأدرنة:
الشعب البلغاري شعب وحشي شديد القسوة، وملكه فردينند قوي الطمع
والأثرة، فهذه الأخلاق قد أوقعت بين البلغاريين وحلفائهم الشقاق، فاتحدت
اليونان والصرب على البلغار، واستحر بينهم القتال. وافترصت رومانيا ذلك
فزحفت على أرض البلغار واقتطعت لنفسها ما تطمع فيه منها. فدارت الدائرة على
البلغار، ورأت دولتنا أنها أولى بانتهاز الفرصة فزحف جيشنا المرابط في شطالجه
على أدرنة مخترقًا الحد الذي حدده مؤتمر الصلح الدولي في لوندرة. فأنذرتها
إنكلترة عاقبة ذلك إن لم ترجع وتحترم معاهدة لوندرة، وإن لم يحترمها البلقانيون،
فكان هذا أول حظنا من مساعدة إنكلترة لنا في مقابلة ما بذله حقي باشا لها وهو
معظم ما تطمع فيه منا، ولكن الدولة لم تبال بالنذر؛ لعلمها أن دول أوربة لا تتفق
على مقاومتها بالقوة، ويبعد أن ينفرد أحد منها بعمل حربي في البلقان، وقد كان
هذا الانقلاب الأخير، بسعي عاهل الألمان، فرجحت بذلك كفة التحالف الثلاثي في
البلقان على كفة الاتفاق الثلاثي التي كانت هي الراجحة من قبل، ولله الأمر من
قبل ومن بعد، ينصر من يشاء وهو القوي العزيز.
* * *
عرض الأراضي المدورة وغيرها للبيع:
قلنا من عدة أشهر: إن الاتحاديين إذا تمكنوا من السلطة يبيعون كل ما يمكن
بيعه للأجانب من أرض المملكة ومنافعها، وقد صدقت الأيام قولنا هذا كما صدقت
غيره، فقد عرضت الحكومة المركزية زهاء ستة ملايين فدان مصري من
الأراضي المدورة التي عمرها عبد الحميد وغيرها للبيع من الأجانب في ساعة
العسرة المالية التي لا يشتري أحد فيها أرضًا في البلاد العثمانية إلا أن تكون بعشر
معشار ما تستحقه من الثمن، وهذا أكبر خطر على الولايات العربية التي فيها معظم
هذه الأرض؛ ولذلك قامت قيامة الفلاحين وأصحاب الأملاك، لا السياسيين،
وطفقوا يكتبون المحاضر البرقية والبريدية يستغيثون بالحكومة أن تكف عن بيعها
للأجانب، وأن تقسمها وتبيعها للأهالي. وألف أهل البصرة جمعية للسعي في
مقاومة هذا البيع، وهم يجتهدون في تعميمها في البلاد فعسى أن تصغي الحكومة
إلى استغاثة الأمة، وأن تسلك في بيع هذه الأراضي للأهالي ما سلكته الحكومة
المصرية في بيع أراضي الدائرة السنية، وسنعود إلى هذا في الجزء الآتي إن شاء
الله تعالى.