علم القراء أن من سُنَّتِنَا نَشْر ما يُنْتقَد على المنار، والجواب عنه إمَّا بالاعتراف بخطئنا، وإمَّا ببيان خطأ المُنْتَقِد، وليس من هذه السُّنَّة أن نَحْفِل بمطاعن السفهاء أو الحاسدين، أو أعداء الإصلاح الدجَّالين، فإن مطاعنهم ليست انتقادًا وليس فيها شيء من العلم، وإنما يفترون كذبًا ويخلقون إفكًا، ويحرفون الكلم عن مواضعه؛ فيجعلون الكفر إيمانًا والإيمان كفرًا، ويُزَينون جَهْلَهم بالشعريات والجدليات، ويحمون أنفسهم بما لا يخوض مثلنا فيه ولله الحمد، وقد يكون من يَبْهَتنا بمثل ذلك ممن اشترك في المنار من السنة الأولى واستفاد منه، وأكل علينا قيمة الاشتراك عِدَّة سنين، واستحيينا من مطالبته لادعائه صحبتنا، وقد يكون ممن لا يقرأ المنار ولا يعلم شيئًا مما فيه. مثال ذلك قول بعضهم: إن صاحب المنار يناظر الله (عز وجل) ويُسَاميه ويقاسمه سلطانه على النفوس وسيطرته على القلوب.. ويطاوله في كتابه، وإنه كَذَّبَ كتاب الله واتخذه هزوًا ولعبًا (وحسبك بهذا مروقًا من الدين وخروجًا عليه) . أما زعمه الأول (منازعة الله تعالى وتَقدّس في ألوهيته) فلم يأت عليها بشبهة، وأما الثانية المتعلقة بالقرآن العظيم؛ فقد ذكر لها شبهة لا يقولها إلا مثله وهي: أننا نقلنا منذ أربع عشرة سنة أن بعض أدباء مصر قال في وصف مقدمة كتابنا الحكمة الشرعية: كدنا أن لا نميز بين كلامها وما فيها من آيات القرآن لولا الحفظ. لو كان مثل هذا مما يشتبه على من شم رائحة العلم باللغة العربية لرددنا عليه - لا بأنه من باب الغلو الشعري في التشبيه الذي قاعدته أن المشبه به أبلغ وأعلى من المشبه، ولا بأن حاكي الكفر ليس بكافر إذا فرضنا أن هذا كفر أو خطأ، ولا بأن عدم التمييز بين كلام البشر وبعض كلام الله المقتبس فيه لغير الحافظ لا يعده أحد من فقهاء المسلمين كفرا، ولا طَعْنًا في القرآن لأنه قد يكون من الجهل بالإعجاز أو يكون ذلك المقتبس قليلا لم يبلغ القدر الذي قال علماء العقائد إنه معجز، ومن كفر من يخطئ بمثل هذا فإنه يُكَفِّر أكثر المسلمين، ولا سيما الأعاجم والأميين - بل كنا نورد بعض الآيات الكريمة من الكتاب المجيد في استعمال مادة كاد استعمالاً لا يقدر القاذف المُكَفِّر أن يفسره بمثل ما فسر به كلمة ذلك الأديب، كقوله تعالى: {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً} (الإسراء: ٧٣-٧٤) . كاد معناها المقاربة ومن قارب الشيء لا يحكم عليه بأن تلبس به بل يحكم بأنه لم يتلبس به، وقد يكون ذكر المقاربة للتمهيد إلى نفي الشيء في مظنة وقوعه بحسب العادة أو ما من شأنه أن يخطر بالبال لا لإثباتها بالفعل، ولذلك قال بعض المفسرين: إنه صلى الله عليه وسلم ما ركن إليهم ولا قارب الركون. ومعنى عبارة ذلك الأديب المصري (وهو إبراهيم بك اللقاني رحمه الله تعالى) أن تلك المقدمة بليغة بحيث يمكن للمبالغ في مدحها أن يقول لولا الحفظ لقاربت أن لا أميز بينها وبين ما فيها من الآيات المقتبسة حقيقة أو ادعاء على سبيل المظنة، وحاصله أنه ما قارب، فكيف يكفر هو ومن نقل كلامه. من قبيل هذا الطعن ما شنع به بعض الدجالين من أعداء الإصلاح علينا وعلى شيخنا الأستاذ الإمام، وشيخه حكيم الإسلام، ويتجرأ به على رمينا بالكفر والدعوة إليه ويطعن في أنسابنا ويستدل على ذلك بأوهامه وأحلامه، التي يصورها له الشيطان في يقظته ومنامه، ومن الناس من تصور لهم أحلامهم أفضل البشر، بما يناسب اعتقادهم (أي الرائين) من الصور، كما تريهم طواغيتهم بصور نورانية، وهياكل قدسية، وقد بلغ بعض الصالحين أن بعض مبغضيه رآه بصورة مظلمة، فقال إنما رأى صورة نفسه في مرآتنا الصافية، ومثله قول الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله تعالى في هذا المعنى: (ذا مِن صفانا رأوا أوصافهم فينا) على أن غير واحد من أهل العلم والصلاح قد رأوا الأستاذ الإمام رحمه الله تعالى رؤى صالحة تمثل ما كان عليه من كمال العلم والعرفان، واستغراق الأوقات في خير الأعمال، فهل نعتد برؤى الصالحين، أم بأحلام سيئي الاعتقاد من الدجالين، الذين تشهد عليهم ألسنتهم بأنهم ينطقون عن الهوى، كما نبين لك ذلك بالأمثلة الآتية: فمما قاله من أشرنا إليه في الأستاذ الإمام: أن تفسيره للقرآن كان يبدي فيه آراءه وهي إما فسق وإما كفر! ! ولكن كيف كان يُقِرّ هذا الفسق والكفر علنًا علماء الأزهر، فهل أجمعوا على الفسق والكفر، وانفرد ذلك الشاعر الدجال بالإيمان والتقوى؟ ومن قال هذا القول في تفسير الأستاذ الإمام الذي كان يلقيه في الأزهر على مسمع الجم الغفير من العلماء والطلاب لا يُستغرب منه أن يقول: إن صاحب المنار جوز الكفر لتلاميذ المدرسة الكلية الأمريكانية ببيروت في جزء شهر شعبان سنة ١٣٢٧ ومن راجع ذلك العدد يرى فيه أننا شددنا عليهم في مسألة مشاركة النصارى في حضور عبادتهم وذكرنا لهم اتفاق العلماء على حظر ذلك وعدِّه من الردة بشرطه، ونصحنا لهم بأربع: ١- مطالعة الكتب التي تبين حقيقة الإسلام والنسبة بينه وبين النصرانية. ٢- مطالعة الكتب التي تعارض كتبهم الدينية ككتاب أضرار تعليم التوراة والإنجيل. ٣- المواظبة على الصلوات الخمس لا سيما مع الجماعة وعلى الصيام وسائر أعمال الإسلام. ٤- ما أمر الله به من التواصي بالحق والتواصي بالصبر و.. إلخ (راجع ذلك في ص ٦٣٩ م ١٣) . فإذا كان هذا هو تجويز الكفر فما هو الإسلام والإيمان؟ هل هما نشر الخرافات الممهدة لدعوة الدجال؟ *** نقد الروايات وحديث سجود الشمس واستئذانها بالطلوع هذان مثالان أو أمثلة من مطاعن الدجالين الذين يملي عليهم الجهل والهوى ما يكتبون، ولا يميزون بين ما هو بديهي البطلان وما يمكن أن تقوم عليه الشبهة، ومن النوع الثاني تحريفهم لكلام لنا في نقد الروايات نذكره ثم نبين حقيقة معناه، وما قالوه فيه. وهذا نصه بعد بيان مكان أحاديث الآحاد من الدين، وهل تفيد الظن أو اليقين: (ولا شك في أن كثيرًا من الأحاديث المروية في دواوين المحدثين المشهورة تفيد هذا النوع من العلم واليقين ولا يعقل أن يكون كل ما رواه المسلمون عن النبي صلى الله عليه وسلم غير موثوق به بل لا يعقل أن تكون أكثر روايات التاريخ التي اتفق عليها المؤرخون كاذبة، فكيف يكون أكثر ما رواه المحدثون واتفقوا على تصحيحه كاذبًا وهم أشد تحرِّيًا وضبطًا من المؤرخين، واحتمال خطأ بعض الرواة العدول ووقوع ذلك من بعضهم لا يمنع الثقة بكل ما يروونه، كما أن مجرد تعديل المحدثين لهم لا يقتضي قبول كل ما رووه بغير بحث ولا تمحيص. فالجامعان الصحيحان للبخاري ومسلم هما أصح كتب الحديث متنًا وسندًا لشدة تحري الشيخين فيهما (رضي الله عنهما وجزاهما خيرا) ومع هذا لم يتلقهما المحدثون بالقبول تقليدًا لهما وثقة مجردة بهما، بل بحثوا ومحصوا وجرحوا بعض رواتهما وبينوا غلط بعض متونهما كتغليط مسلم وغيره لرواية شريك عند البخاري في حديث المعراج، وتغليطهم لمسلم في حديث خلق الله التربة يوم السبت (وتقدم ذكرهما) وفي حديث صلاة الكسوف بثلاث ركعات وثلاث سجودات، وفي حديث طلب أبي سفيان بعد إسلامه أن يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة ويتخذ معاوية كاتبًا. ومن دقق النظر في تاريخ رجال الصحيحين ورواية الشيخين عن المجروحين منهم يرى أكثرها في المتابعات التي يراد بها التقوية دون الأصول التي هي العمدة في الاحتجاج، ثم إذا دقق النظر فيما أنكروه عليهما مما صححاه من الأحاديث يجد أن أقوالهما في الغالب أرجح من أقوال المنازعين لهما لا سيما البخاري فإنه أدق المحدثين في التصحيح ولكنه ليس معصومًا من الغلط والخطأ في الجرح والتعديل. وجملة القول في الصحيحين أن أكثر رواياتهما متفق عليها عند علماء الحديث لا مجال للنزاع في متونها ولا في أسانيدها والقليل منها مختلف فيه، وما من إمام من أئمة الفقه إلا وهو مخالف لكثير منها، فإذا جاز رد الرواية التي صح سندها في صلاة الكسوف لمخالفتها لما جرى عليه العمل، وجاز رد رواية خلق الله التربة يوم السبت.. إلخ لمخالفتها للآيات الناطقة بخلق السموات والأرض في ستة أيام وللروايات الموافقة لذلك، فأولى وأظهر أن يجوز رد الروايات التي تتخذ شبهة على القرآن من حيث حفظه وضبطه وعدم ضياع شيء منه (كالروايات في نسخ التلاوة ولا سيما لمن لم يجد لها تخريجًا بدفع الشبهة كالدكتور محمد توفيق صدقي وأمثاله كثيرون) ومثلها الرواية في سحر بعض اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم ردها الأستاذ الإمام ولم يعجبه شيء مما قالوه في تأويلها لأن نفس النبي صلى الله عليه وسلم أعلى وأقوى من أن يكون لمن دونه تأثير فيها، ولأنها مؤيدة لقول الكفار {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} (الفرقان: ٨) وهو ما كذبهم الله فيه بقوله بعده {انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً} (الإسراء: ٤٨) . ومثل هذا وذاك ما خالف الواقع المشاهد كرواية السؤال عن الشمس أين تذهب بعد الغروب؟ والجواب عنه بأنها تذهب فتسجد تحت العرش وتستأذن الله تعالى بالطلوع إلخ، وقد سألنا عنه بعض أهل العلم من تونس ولما نجب عنه لأننا لم نجد جوابًا مقنعًا للمستقل في الفهم. فالشمس طالعة في كل وقت لا تغيب عن الأرض طرفة عين كما هو معلوم بالمشاهدة علمًا قطعيًّا لا شبهة فيه، فإذا قلنا إنها يصدق عليها مع ذلك أنها ساجدة تحت العرش لأنها خاضعة لمشيئة الله تعالى، ولأن كل مخلوق هو تحت عرش الرحمن - إن لم تكن التحتية فيه حسية لأن الجهات أمور نسبية لا حقيقية فهي معنوية - إذا قلنا هذا أو إنه تمثيل لخضوعها في طلوعها وغروبها وهو أقرب فهل ينطبق على السؤال والجواب انطباقًا ظاهرًا لا مراء فيه؟ اللهم لا. ولكن هذا النوع من الحديث على ندرته في الصحيح قد يخرج بعضه على أنه من باب الرأي في أمور العالم والأنبياء لا تتوقف صحة دعوتهم ونبوتهم على العلم بأمور المخلوقات على حقيقتها ولم يقل أئمة الدين إنهم معصومون فيها كما يدل عليه الحديث الصحيح في تأبير النخل ولكن يستثنى الإخبار عن عالم الغيب فهم معصومون فيه. زعم ذلك الدجال أن في هذه العبارة تصريحًا بصحة رواية حديث سجود الشمس وإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتكذيبًا له اللهم (سبحانك هذا بهتان عظيم) واستنبط من ذلك الجزمَ بكفر صاحبها! ! والعبارة بعيدة من هذا الزعم، كبعد ذلك المحرِّف عن الإخلاص والعلم، إذ الكلام في الرواية التي ترد لعلة في متنها وإن صح بحسب صناعة تعديل الرجال سندها، ومعنى رد الرواية عدم تسليم إسنادها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابي ومثلنا لذلك بما رد من هذه الروايات لمخالفته لما جرى عليه العمل بالإجماع، وما ردًّ لمخالفته للقرآن (ومن هذا القبيل رد المفسرين لرواية الصحيحين في سبب نزول {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (النساء: ٨٨) كما ترى في تفسير هذا الجزء) وبما رد منها لكونه شبهة على القرآن. ثم قلنا (ومثل هذا وذاك ما خالف الواقع كرواية السؤال عن الشمس أين تذهب؟ أي ومثل ما خالف العمل وخالف ظاهر القرآن بحيث يعد شبهة عليه ما خالف الواقع، وقد عبرنا في هذه المواضع بلفظ الرواية للأشعار بعدم تسليم كون هذا حديثا. ثم أشرنا إلى الوقف في معناه بقولنا: إننا لم نجد جوابًا مقنعًا للمعترض، وهذا بصرف النظر عن مسألة الرواية. ثم قلنا (ولكن هذا النوع من الحديث على ندرته في الصحيح قد يخرج بعضه على أنه من باب الرأي في أمور العالم) إلخ أردنا بهذا النوع ما لا ينطبق على الواقع المحسوس الذي لا نزاع فيه. قلنا هذا النوع ولم نقل هذا الحديث نفسه، وقلنا (قد يخرج) وكلمة قد هنا تشير إلى قلة هذا وعدم الجزم به، وقلنا (بعضه) ولم نجعل ما هو موضع البحث من هذا البعض، وإنما مثلنا له بحديث تأبير النخل الذي جعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم تمهيدًا ليبين للناس أنهم أعلم بأمور دنياهم وأن الأنبياء لم يبعثوا ليعلموا الناس الزراعة والصناعة بدقائقها وتفصيلاتها بل ليعلموهم الدين. ثم بعد هذا كله استثنينا من هذا النوع الإخبار عن عالم الغيب وقلنا إن الأنبياء معصمون فيه، نعني أنه إن صح عنهم وجب تصديقهم فيه للإشارة إلى أن هذه الرواية التي هي محل البحث قد تكون من المسائل الغيبية. فقد رأيت أيها المنصف المستقل في الفهم، الذي يخاف الله أن يكفر عباده المؤمنين به بغير علم، أن أصل كلامنا في رد تلك الرواية وعدم تسليم صحتها، وأن عبارتها تشعر مع ذلك بالوقف في معناها (ولا سيما في حال روايتها بالمعنى كما هو الأغلب في مثلها ونبهنا على هذا في موضع آخر) وتشير إلى أنه يجوز أن تكون من باب الكلام عن عالم الغيب الذي نسلم به ما لم يكن محالًا، فأين هو الجزم بصحة الرواية وتكذيب مضمونها مع الاعتراف بإسنادها إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ ؟ وهب أننا جزمنا بصحة الرواية وخرجناها على الرأي في الأمور الدنيوية كحديث تأبير النخل الثابت في الصحيح فهل يعد هذا كفرًا مع قوله صلى الله عليه وسلم في ذلك الحديث (أنتم أعلم بأمر دنياكم) وروى مسلم في صحيحه والنسائي في سننه عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر) وروى أحمد وابن ماجه من حديث طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الظن يخطئ ويصيب ولكن ما قلت لكم قال الله فلن أكذب على الله) وعلم السيوطي على هذا الحديث في الجامع الصغير بالصحة، فلو فرض أنني جعلت الحديث الذي هو موضع البحث من قبيل تأبير النخل، وكان جعله من قبيله غير ظاهر فقصارى ما يمكن أن يقال إنني أخطأت في الفهم. على أنني لم أجعله من هذا القبيل كما علمت. هذا وإننا قد نبهنا مرارًا على أن بدعة التكفير قد أحدثها غلاة المبتدعة بتكفيرهم من يخالف بدعتهم وإن مما امتاز به أهل السنة (عدم تكفير أحد من أهل القبلة) وقد اشتهر أن العمدة عندهم في التكفير هو جحود شيء مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة ممن نشأ بين المسلمين ولم يكن حديث عهد بالإسلام أي أن يجحده عالمًا به أو جاهلاً غير معذور بجهله، واشترطوا أيضًا أن يكون غير متأوِّل، فإن من جحد ذلك الشيء بتأويل ظهر له لا يكون كافرًا، ولكن أين هؤلاء المجازفون من العلم والفقه ومن السنة وأهل السنة. إننا لم نقصد بما ذكرنا هنا الرد والمناظرة، وإنما قصدنا التذكير والعبرة، ليتذكر العاقل المنصف أن تصدي أمثال هؤلاء للكلام والكتابة في الدين، هو أكبر مصائب المسلمين، والتمهيد به لبيان ما انتقد على المنار في هذا العام بنوع من الاستدلال، سواء كان من حسن الظن أو سيئه وموعدنا بيان ذلك الأجزاء الآتية.