الذي بلغ من قبل المشيخة الإسلامية إلى النواب والقضاة والعلماء الراسخين والمشايخ العارفين [١]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فلما قضت إرادة الله تعالى في الأزل أن تصلح الأرض للعمران، استخلف في مهابطها الإنسان القادر على تدبير أموره الشخصية والاجتماعية بعقله الذي وهبه إياه، كما دل عليه قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ} (الأنعام: ١٦٥) الآية، وجعل ما تحتويه أرضه التي تقله وسماؤه التي تظله خاضعًا لمنافعه، كما قال جل من قائل: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} (الجاثية: ١٣) الآية، وجعله مكلفًا؛ لأنه ذو عقل وإرادة، هما قوتان فعّالتان يقدر بهما أن يستعمل القوى الطبيعية؛ لقضاء حاجاته، وتحسين أعماله في حياته الدنيا. ولكن أعماله مرتبطة بأعمال غيره، لا يستطيع أن يأتي بنظمها، ما لم تتحد الآمال وتتبادل المنافع، فقد علم الله - تعالى - أن الإنسان ألعوبة لهوى نفسه الأمارة، لا يتملص من أشراكه التي نصبته له بالسهل، وأن العقل الابتدائي قاصرعن استنباط الشرائع الكافلة لسعادة البشر، فأرسل بفضله أنبياءه يوضحون له أحكام المصالح العامة وقواعدها التي يعجز العقل الابتدائي وحده عن استنباطها، ويعلمونه أن السعادة كل السعادة في الإيمان واتباع طريق العقل، وقد تمت حجة الله البالغة، وظهرت حكمة التكليف، فالحائدون بعد ذلك عن المنهاج المستقيم الذي أضاءه لهم الهادي الأمين مطرودون من رحمته، ومبعدون عن دائرة الهدى، كما وصفهم تعالى بقوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} (البقرة: ١٧١) الآية، نعم.. قد تمت حجة الله بخلقه العقول فينا وإرساله الأنبياء الهادين إلينا، فإن ضللنا بعد ذلك كنا من الظالمين، ومن هنا يعلم السر في اتفاق الأئمة على أن إصلاح العالم ليس بواجب على الله [٢] ، وتقريرهم أن نصب الإمام واجب على الأمة. ولما كانت المطالب الاجتماعية مما لا يكلفها الواحد المعين، بل الجماعات كما دلت عليه صدور بعض الآيات القرآنية، كقوله تعالى: (يا أيها الناس) (يا أيها الذين آمنوا) الآية، فلا تصح الإمامة التي هي من أهمها إلا بالبيعة الشرعية العامة، وبيعة الناس لرئيس حكومتهم بالطوع والرضا مشروط صحتها بتمسك ذلك الرئيس بحبل الله المتين، واتباع شرائعه، وقوانين عباده المرعية. مما يدل على أن كل أحد من المسلمين مكلف بمراقبة ما يأتيه ومسئول عن حكومته، يجب عليه أن يشرأب إلى استطلاع أعمال رجالها ويراقبهم، حتى إذا رأى معروفًا قد غفلوا عنه ذكرهم به، أو منكرًا كاستعمال نفوذهم خلاف الشرائع الربانية ومنافع العباد نهى عنه وِفْقَ وصفه تعالى في قوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ} (آل عمران: ١١٠) الآية، وحديث نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) الحديث [٣] . كان الخليفة بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام هو الصديق الأكبر بإجماع الأمة، وبعده باتفاقها على العمل بوصية الصديق هو الفاروق الأعظم، وأحال الفاروق أمر نصب الخليفة على الشورى، فوقع اختيار أهل الشورى على ذي النورين عثمان رضي الله عنهم، وبعد شهادته، اتفق جمهور الصحابة في المدينة على استخلاف عليّ كرم الله وجهه فبايعوه، وقد امتدت الفتوح الإسلامية في زمن هؤلاء الأربعة الموسومين لطهارة سيرتهم بالخلفاء الراشدين إلى مشارق الأرض ومغاربها. ولكن الأغراض المتصادمة واختلاط الأقوام العربية بالطوائف الأعجمية بعدهم بدل الطوع والرضا في أمر البيعة بالكره والجبر، فلم تنتخب رؤساء الحكومة على النحو الذي أمرت به الشريعة المطهرة إلا الشواذ منهم، حتى ظهرت سلاطين آل عثمان. فلما ظهرت شجرة آل عثمان التي يصدق عليها قوله تعالى: {أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} (إبراهيم: ٢٤) وجعلت هذه تحمي في وارف ظلها عرش السلطنة والخلافة، اقتفى سلاطينها في حكومتهم خطوات الخلفاء الراشدين، ومشوا على آثارهم يهدمون صروح الظلم ويحيون ما انطمس من معالم الدين، وكانوا - والحق وضَّاح - يستحبون الرضا، فلم يكرهوا الناس على بيعتهم، وقد أرسلوا إلى البلاد قضاة من العلماء، ففرقوا بين القضاء والتنفيذ، ورعوا معاهد العلم حتى نبغ فيها عدد كبير من الأعلام، وسعوا بإشاراتهم قضية الفتوى؛ لفصل المصالح حسب ما تقتضيه الأحوال العصرية، مطبقين بذلك قوى الحكومة الثلاثة على حكمتي الشرع والعقل؛ ليكون حملة القدرة التشريعية ناسًا من أهل العلم والتقوى المالكين لمراقبة الحكومة التي هي نتيجة هذا التآلف المشروع الطبيعية، وأحالوا التنفيذ والإجراء على الوزراء والأمراء، وحل الخصومات وفصلها بالحكم والقضاء على القضاة والنواب الفضلاء، والمراقبة والإفتاء على المفتين من فطاحل العلماء المظهرين لقابلية الاستقلال في شعب الاجتهاد، فقويت حكومتهم، واستحكمت عراها، حتى انقادت لها طوعًا عناصر الأمة العثمانية المختلفة كافة. هذا ما كانت عليه الحكومة العثمانية في عصورها الغابرة. ولكن الدهر قُلّب، فإنَّ وَضْعَ دولتنا الجغرافي، وسعة بلادها، وظهور المفسدين من الطوائف الجلالية وأطماع الدول المجاورة، كلها أسباب ولدت في سني حكومتنا الأخيرة محاربات دامية، واختلافات داخلية شاع من جرائها الفقر وعم الوهن، فوق ما أورثت الأمراض الوبائية المتعاقبة من فتور العزم، حتى انطمست معاهد العلم شيئًا فشيئًا وانطفأ سراجه الوهاج، وشاع مكانه الجهل الأسود، والضلال المبين، وكادت دولتنا تنقرض المرة بعد الأخرى - لا سمح الله. تبين مما قدمناه من وجوب نصب الإمام شرعًا على الأمة، وكون الخطاب الرباني عامًّا لكل الناس، وكون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مكلفًا بهما كل أحد من المسلمين، إن الأمة هي الحاكمة [٤] وإن صنوفها المؤلفة لها متضامنة بالتسلسل، بحيث يجب على كل صنف منها أن يرقب غيره من الصنوف، وإذا تكاسل صنف عن أداء وظيفته الخاصة به، قَوَّمَتِ الصنوف الأخر المعوج؛ لأنها هي المكلفة مما هو نتيجة الارتباط المتسلسل الشرعية، ولذلك قال الشارع: (لا طاعة للمخلوق عند معصية الخالق) [٥] ، وقال: (إنما الطاعة في المعروف) الحديث [٦] ، ومما يؤيد وجوب ذلك التضامن أمره تعالى العام في قوله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً} (الأنفال: ٢٥) الآية، وعليه فإذا أبدينا أقل غفلة عن الائتمار بأمره هذا، اختل نظام الإدارة، وانحلت روابطها. ولا يستنبطن أحد مما أوردناه أن لكل صنف من الناس أن يتداخل في مصالح الحكومة، فذلك غير صحيح، بل الواجب أن تكون الحكومة الدستورية التي تراقب أعمالها من قبل جماعة مصطفاة من عموم الأمة مصونة من كل يد تمتد للمداخلة فيها، إذا أمرت الناس وجب عليهم أن يلبوا فيجيبوها بقولهم: سمعنا وأطعنا. ولما كانت الدولة العثمانية التي بنت قوانينها على أساس الشرع الرصين، وركبت قوى حكومتها من سياسة التوفيق بين الحكمة الشرعية والعقلية، لا يتطرق إلى أصلها الزلزال بسهولة. حافظت حتى في أزمنة الجهل المطبق على شكلها بفضل رجال من أهل العلم والتقوى، راقبوها ولم يطأطئوا من خشية الله رؤوسهم لسلطان الجبابرة الظالمين، فهي وإن كانت في كل زمن معرضة للاضمحلال الذي نبهنا الله تعالى لاجتناب أسبابه، بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} (الرعد: ١١) الآية، ستبقى مدى الدهور مضمونة بالاستقامة التي هي جزء من الضمان الإلهي، حسب قوله تعالى: {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقاً} (الجن: ١٦) الآية. كان لَعَمْرُ الحق عهد الاستبداد المنصرمة أيامه السود، قد شوه وجهي الدولة الأصلي والفرعي مدة ثلث قرن، حتى أفل من كل آفاقها العدل، وانْحَلَّ ما أبرمه الشرع، واختل النظام، وشاع الظلم والجبر والفوضى، وتَنَفَّرَتْ قلوب الرعايا من الحكومة، ونجم الشقاق والنفاق بين العناصر المختلفة، واستحالت الأودَّاء الأجانب أعداء يعملون للإيقاع بها، ويضيقون عليها، يريدون بذلك تمزيقها، وكادت جامعتنا العثمانية تتهور بسرعة في حفرة اضمحلالها. هنالك هبت من مكامن حفظ الرحمن فئة هم الفرقة الناجية؛ حزب الله الغالبون، استقتلوا في سبيل الحرية وقوفًا في وجوه الجبابرة المعاندين يكبرون ويجاهدون وفي أيديهم راية {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} (محمد: ٧) الآية، فأنقذوا بما أتوه من السعي المحمود ذكره المملكة من الخطر المحدق الذي كان يهددها، والوطن من الخراب الملم، وفكوا أغلال الحيف من أيدي [٧] الأمة، وكسروا قيود الاستعباد وسلاسلها من أرجلها، وسروا فؤادها ببشارة قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} (الفتح: ١) الآية، مثبتين بأعمالهم هذه التي سيحمدها التاريخ، وتغني بنشائدها الأحفاد صدق حديث المخبر الصادق (لا تجتمع أمتي على الضلالة) [٨] شكر الله سعيهم، والحمد لله على دين الإسلام، ولم يكن عفو الأمة العثمانية المتبعة لحكم قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} (المائدة: ٩٥) وقول نبيه الكريم: (العفو زكوة الظفر) [٩] عن طواغي الاستبداد أولي الصحف السود؛ ليثبطهم في مواقفهم، بل جرأهم على إبداء ما انطووا عليه من الفطرة السيئة، كلما وجدوا فرصة تساعدهم، حتى تمكنوا بما بثوه من الدسائس وزينوه من الحيل أن يورطوا المملكة في ورطة؛ هي والعياذ بالله أعظم من كل الورطات الغابرة، فكانوا مصداقًا لقوله تعالى: {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الرعد: ٣٣) الآية. ولكن أبطال الحرية أولياء الله المقسمين بكتاب الله المبين على نصر شريعته، وإحياء سنن سيد رسله، والمحافظة على قوانين عباده، ثاروا كالأسود من مرابضهم، يستصحبون في زحفهم الشرعي الفيلقين المنصورين الثاني والثالث، مدججين بسلاح الجهاد ومقدمين أمام صدقهم أمراء الحماسة، يأمون مقر الخلافة بسرعة محيرة حتى قهروا بسيوف بسالتهم جماعة الفئة الباغية مقاوميهم، وردوا كيدهم في نحورهم، وحفظوا بيضة الإسلام من أن تعبث بها أيدي الآثمين، فاستحقوا بذلك أن يسموا بمؤسسي الدولة ثانية، كما استحقت الفئة الباغية أن تلقى جزاءها، حتى صح فيهم قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ} (المائدة: ٣٣) الآية. وحينئذ اجتمعت أساطين الأمة الذين اصطفتهم عنها نوابًا يترجمون عن آمالها، وقرت آراؤهم الحرة على أن يطلبوا إلى المشيخة الإسلامية تذكيرهم بما ينطق به الشرع في مثل هذه الأحوال؛ لقمع الفساد الساري في جسم الدولة، فجمع شيخ الإسلام السالف علماء العاصمة الأعلام، وأصدر باتفاق أصواتهم فتوى شرعية خلع بها السلطان السابق، واستخلف مكانه بالبيعة الصحيحة العامة جلالة السلطان الحاضر محمد خان الخامس - أيده الله تعالى - فكانت البيعة المقبولة الشرعية التي قضت الأزمان الغابرة أن تكون نسيًا منسيًا، قد أوجدت بذلك مكانها. {الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (الأعراف: ٤٣) أما سيئات العهد السابق التي يعجز القلم عن إحصائها فهي معلومة لكل أحد، نستغني عن تفصيلها بحمد الله تعالى على زوالها , وأما عهد الدستور الجديد فهو عهد المحاسن والارتقاء؛ ذلك لأنه أحيا ركنًا من أركان الشرع المبين، كان الطاغون المتسيطرون قد هدموه، وهذا حسن ابتداء لنا فيه خير فأل. ولا يخفى أن حصول الراحة والسعادة في الملك لا يتيسران إلا باتباع الرعايا للقوانين المرعية هنالك تمامًا، والقوانين المرعية إذا لم توزع الحقوق والوظائف بين سكنة المملكة على التساوي المطلق لا تضمن الراحة والسعادة المطلوبتين. ولكن القوانين العدلية والإدارية في دولتنا العثمانية مبنية - والحمد لله - على أساس الشرع الرصين، فالمساواة المطلوبة بين الرعية مكفولة؛ إذ به لا يعدل عنها لاختلاف الدين، كيف والأخبار المأثورة تسطع كنور الهدى مصرحة بذلك في كتبنا الدينية، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لهم ما لنا وعليهم ما علينا) الحديث [١٠] ، وكل وظيفة في نظر الشرع مقابل حق، فلا يجوز أن يحمل أحد وظيفة، ويحرم من حقه؛ لأن ذلك ظلم محض، يجب أن ينزه الله - تعالى- عنه، وهل يتصور أن ينطق دين الله بحكم فيه أقل حيف؟ ألم تذكر كتب السير أن فخر الرسل - صلوات الله عليهم - قد استشار كثيرًا ممن لم يكونوا مسلمين، حتى ولا داخلين في ذمة المسلمين، واستعان بهم في حروبه وغزواته [١١] . وقد نص الله - تعالى - في كتابه المبين بقوله: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ} (آل عمران: ١٠٤) الآية على وجوب مراقبة الحكومة من قبل منتخبي الأمة كما قدمناه. ولما كانت الطوائف غير المسلمة بعض عناصر الدولة، كان اشتراكهم في هذه المراقبة موافقًا لصالح المملكة، وعليه فإن مجلس المبعوثين اليوم أصح مثال لمقتضى الشرع، والمشروطية أوضح تمثال [١٢] للخلافة الكبرى الإسلامية. لقد حصحص - لَعَمْرِي - الحق، ووضح الصبح لذي عينين، فما على الحكومة بعد اليوم إلا أن توزع الحقوق بالمساواة بين الرعايا وتقلد الوظائف كل من رأت فيه أهلية منهم، ولا على الرعايا إلا أن يحسنوا معاشرة وطنييهم من سائر الطوائف، ويراعوا حقوقهم من كل وجه كما يأمرهم به الدين، وقد نطق الكتاب بنجاة الصلحاء من النصارى، وشهد بمودتهم للمسلمين، وهو قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً} (المائدة: ٨٢) الآية. وصرحت الكتب الفقهية بلزوم صيانة دينهم وأرواحهم وأموالهم من التعرض. أفبعد هذا يضطهدهم المضطهدون؟ كلا.. فإن ذلك خزيًا في الدنيا، ونكالاً في الآخرة، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب: ٢١) الآية. وقال سيد الرسل المبعوث لإتمام مكارم الأخلاق: (تخلقوا بأخلاق الله) [١٣] الحديث , ومن أخلاق الله - تعالى - العدل والإحسان إلى خلقه كافة بدون استثناء، فلا يجوز بعد ذلك معاملة المسلمين لوطنيهم من الأمم السائرة بالفظاظة والغلظة؛ لأن في ذلك مخالفة صريحة لرضى الله وسنة رسوله الكريم، والمخالفون داخلون في زمرة الخاسرين الذين قال الله تعالى في حقهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (المائدة: ٣٣) الآية [١٤] . فنحن ننبه المسلمين على أن عقاب مثل أولئك المخالفين المعتدين مقرر عند الحكومة، ونوصي الناس بحسن المعاشرة فيما بينهم واجتناب ما يلقيه إليهم الأشرار أولو الغايات الفاسدة من دواعي التفرقة والخلاف. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... شيخ الإسلام ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... كتبه الفقير ... ... ... ... ... ... ... ... سرى زاده محمد صاحب ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... عفي عنهما تنبيه أثبت توقيع الشيخ في النسخ المطبوعة منقولاً عن خطه بالزنكوغراف.