للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


فتاوى المنار

وظيفتا القضاء والإفتاء وحكم من سُئِلَ فلم يُجِبْ
بسم الله الرحمن الرحيم
س (٤٠ و٤١) من صاحب الإمضاء في بيروت
حضرة صاحب الفضل والفضيلة سيدنا ومولانا العالم العلامة الأستاذ الجليل
السيد محمد أفندي رشيد رضا صاحب مجلة المنار الغراء حفظه الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإني أرفع لسيادتكم ما يأتي راجيًا
التكرم بالإجابة عليه:
١ - هل وظيفة القضاء والإفتاء قديمة في الإسلام أم حديثة فإن فريقًا من الناس
يقول: إنها قديمة، والفريق الآخر يقول: إنها حديثة فما هو القول الصحيح؟
٢ - ما حكم الله تعالى ورسوله في القاضي والمفتي والعالم إذا سُئِلُوا عن
سؤال شرعي ولم يجيبوا عنه مطلقًا سواء كان السؤال تحريريًّا (خطيًّا) أو (شفهيًّا)
تفضلوا بالجواب ولكم الأجر والثواب.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... السائل
... ... ... ... ... ... ... عبد الحفيظ إبراهيم اللاذقي
(ج) القضاء بين الخصوم من ضروريات الاجتماع التي لا تقوم بدونها
حكومة، ومِن ثَمَّ صار منصبًا يقلد منذ صار للإسلام حكم، وصار له أتباع
يختصمون إلى حكامه، وكان عمال النبي صلى الله عليه وسلم يحكمون بين الناس،
وولى صلى الله عليه وسلم معاذًا على اليمن وأذن له بالحكم باجتهاده فيما ليس فيه
نص من كتاب الله ولا سنة من رسوله، وولاية القضاء معروفة مشهورة في كتب
السنة والفقه فراجع كتاب الأحكام في صحيح البخاري وغيره من كتب السنة والفقة
والتاريخ ومن المشهور في ذلك كتاب عمر رضي الله عنه في القضاء لقاضيه شريح.
وأما الإفتاء فقديم أيضًا، وكان علماء الصحابة يفتون بعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ولكن الإفتاء لم يكن في عهد السلف (وظيفة) تُقَلَّد لإفراد معينين
كما نَعرف في دول الإسلام الأخيرة، ولا أذكر الآن أيها كان السابق إلى ذلك.
وأما حكم الله تعالى في العالِم إذا سأله سائل عن شيء من أمر دينه فهو ما
بيَّنه تعالى بقوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ
تَكْتُمُونَهُ} (آل عمران: ١٨٧) فكتمانه العلم بما يجب اعتقاده أو العمل به شرعًا،
وبما يحرم فعله شرعًا محرمٌ على العالم بالحكم، ولا سيما إذا سئل عنه ولم يكن
ثَمَّ عالم آخر يقوم مقامه، وكان السلف الصالح يكرهون السؤال عما لم يقع ولم
يحتج السائل ولا غيره إلى العمل به ولا يرون حرجًا في عدم الجواب عنه، وقد
صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره السؤال، وينهى عنه، فما القول في
السؤال عما لا فائدة فيه أو السؤال عن شئون الدنيا التي لا يتعلق بها حكم شرعي
احتيج إليه للعمل به؟ وفروع هذا الباب كثيرة يضيق وقتنا الآن عن التطويل فيها
فنكتفي بهذا الإجمال الوجيز.
***
بدعة دعاء ليلة نصف شعبان والاحتفال فيها
س٤٢ من صاحب الإمضاء في مجدل عسقلان (فلسطين)
سيدي الفاضل المحترم علامة العصر السيد محمد رشيد رضا أدامه الله آمين،
بعد التحية الوفية، أعرض لقد جرت عادة الناس في هذا البلد بإحياء ليلة النصف
من شعبان في كل سنة قبل صلاة العشاء في المسجد وإنهم يدعون الله (عز شأنه)
بصيغة دعاء نصف شعبان المعلومة التي من جملتها: (اللهم إن كنت كتبتني عندك
في أم الكتاب شقيًّا أو أو إلخ فامح اللهم بفضلك من أم الكتاب شقاوتي إلخ؛ لأنك
قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على نبيك المرسل: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ
وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ} (الرعد: ٣٩) وذلك بعد صلاة ركعتين بنية طول
العمر وغيرها، وقراءة سورة يس ويكررون العمل ثلاثًا، فهل ورد ذلك عن النبي
صلى الله عليه وسلم أو عن الخلفاء الراشدين أو هو بدعة؟ وهل في ذلك حرج
على الداعي وحرمة؟ وما الذي يجدر بالمسلم لإحياء ليلة النصف من شعبان،
وماذا يناسب من صيغ الدعاء في تلك الليلة؟ أفيدونا مأجورين ولحضرتكم من الله
جزيل الثواب سيدي.
... ... ... ... ... ... ... ... يوسف محمود الشريف
(ج) الاحتفال المعروف بإحياء ليلة نصف شعبان بدعة فصَّلْنا القول فيها
وفي دعائها المعروف في الفتوى الرابعة من فتاوى الجزء السادس عشر من مجلد
المنار السادس، وفي باب الانتقاد على المنار من آخر الجزء ٢٤ من ذلك المجلد،
فراجعهما تجد فيهما كل ما تحتاج إلى معرفته، ومنه أن الله تعالى لم يشرع
للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في سنته عملاً
خاصًّا بهذه الليلة، فَيَحْسُن فيها كل ما يحسن في غيرها من عبادة ودعاء بشرط أنه
لا يعتقد فاعله ولا يقول بأنه مشروع فيها وحدها؛ لأنه يكون حينئذ شرعًا لم يأذن
به الله، بل افتراء على الله.
***
بدع خاصة بزيارة سيدنا الحسين رضي الله عنه
س (٤٣- ٤٦) ومنه: حضرة السيد الفاضل العلامة محيي السنة صاحب
المنار حفظه الله آمين.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد إنني في بلد راجت فيه الخرافات،
وكثر فيه المبتدعون حتى أصبح المنكر بينهم معروفًا والمُنْكِر لخرافاتهم ممقوتًا،
ولا وازع لهم من عقل ولا زاجر من دين، يتبعون أهواءهم، ويصرون على اتباع
المنكر عنادًا وكبرًا، لكن في القوم من إذا أقيم له الدليل على فساد ذلك الابتداع
يرجع إلى الصواب ولا يتبع سبيل المضلين، وإنني لا أجد لإرشاد قومي أنجح من
إرشاد المنار فأرجو أن تتكرموا بالجواب على ما يأتي من الأسئلة بما أتاكم الله من
العلم لأتقدم للقوم بتلك الدرر النفيسة لعلهم يرشدون.
***
الأسئلة
إن المبتدعة أحدثوا (علمًا) جعلوه لسيدنا الحسين رضي الله عنه، واحتفلوا
به في شوارع المدينة، واختلطت النساء بالرجال في الاحتفال بلا تستر رافعات
أصواتهن بأنواع الغناء، وصار الناس يتمسحون بالعلم بقصد التبرك والاحترام،
وترك الغالب من المحتفين الصلوات الخمس المفروضة لهوًا بهذا العلم، وزار
الناس (سيدنا الحسين) في مقامه بجهة عسقلان حافين من حول (العلم) يكبرون،
وأهل الطرق (الدراويش) منهم يطبلون، ويضرب بعضهم بعضًا بالسيوف
إظهارًا لما لهم (بزعمهم) من الأسرار والكرامات، وزعم بعض المنتسبين (للعلم)
أن إحداث هذا العلم للتودد لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، واستدل على هذا
بآية {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى} (الشورى: ٢٣) فهل ذلك
من المحدثات المنكرة والبدع المنهي عنها؟ وهل -والحالة هذه- يجب على المسلم
درء هذه المفاسد مهما كلَّفه الأمر؟ وماذا يكون جزاء أهل المدينة، ولا سيما العلماء
إذا سكتوا على هذا المنكر؟ وماذا يقال في حق مبتدعيه، وفيمن يرى أن التودد
لأهل البيت المطهرين يكون بمثل تلك الخزعبلات؟ أفيدونا ولكم الشكر والثواب
والله يحفظكم
... ... ... ... ... ... ... ... يوسف محمود الشريف
(ج) كل هذه المذكورات من البدع التي لا تَخْفَى على من له أدنى إلمام
بدين الإسلام، والسكوت عن الإنكار على مرتكبيها حرام، وقوله تعالى: {قُل لاَّ
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى} (الشورى: ٢٣) استثناء منقطع،
ومعنى الآية قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين المعاندين لك: إنني لا أسألكم على
تبليغ دعوتي ربي بتلاوة كتابه أجرًا، ولكنني أسألكم أن تودوني لقرابتي منكم، وما
تعظمون من صلة الأرحام، فلا تؤذوني ولا تصدوني عن تبليغ دعوة ربي، وهذا
معنى ما فسر الآية به ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنه كما بينته بالتفصيل
والروايات من قبل، والروافض يزعمون أن الله تعالى أمر رسوله بهذه الآية أن
يطلب من أمته أجرًا على تبليغ الدين خلافًا لما ورد عنه وعن غيره من النبيين في
الآيات المتعددة، وسرى هذا المعنى الباطل إلى أذهان كثير من أهل السنة كما بيناه
من قبل، وراجع التفاسير المأثورة كتفسير ابن كثير تلق فيها صحة ما قلناه وهو
الموافق لعقيدة الإسلام.
أما درء مفاسد هذه البدع بالفعل فيجب إذا لم يترتب عليه ما هو أكبر منه
إفسادًا، واختلف اجتهاد العلماء في قدر ما يجب احتماله من الأذى في هذه السبيل،
والأصل في هذا حديث (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه،
فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن
الأربعة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأما حكم السكوت عن إنكار هذه
المنكرات كغيرها حيث تقع فهو أن جميع المسلمين العالمين بذلك يأثمون بترك
الإنكار، ولكن إذا قام بعضهم بما يجب منه سقط الإثم عن الباقين - وأما ما يقال
في مبتدعي ما ذكر إلخ فهو أنهم مبتدعون جاهلون، وشرهم من يتأول لهم ويجعل
هذه البدع القبيحة التي شوهت الإسلام في نظر الأجانب والمستقلين من المسلمين
الذين يصدقون أنها منه، ولا سيما تأويل من جعل لها أصلاً من كتاب الله بتحريف
آية المودة في القربى تبعًا للروافض الذين يلكونها بألسنتهم متبجحين بأنهم هم أهلها
الذين يؤدون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أجرته على تبليغ وحي ربه خلافًا لما
أمره كما أمر من قبله من رسله بأن يبلغوه لأممهم من عدم سؤالهم عليه أجرًا، ومن
حصر سؤال الأجر بكونه من الله وحده كما تراه في سورة يونس وهود والفرقان،
وفي خمس آيات من سورة الشعراء وسبأ وص، فإن مثل هؤلاء المتناولين يكذبون
على الله تعالى بإدخال البدع في دينه وتحريف كلامه بأهوائهم وبمشاركة أنفسهم له
عز وجل في شرع الدين: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (الشورى: ٢١) وهل أفسد عوام أقوام الأنبياء وأتباعهم إلا أدعياء العلم بالتأويل
والتحريف لما جاءوا به؟
***
حكم الزوج الذي يدَّعِي خلع زوجته
س ٤٧ من صاحب الإمضاء في بندر النقل (جاوه) تأخر نشرها لمرضنا.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
حضرة الأستاذ الجليل المحترم صاحب الفضل والفضيلة السيد محمد رشيد
رضا صاحب مجلة المنار الغراء، حفظه الله ونفعنا وجميع المسلمين بعلومه.
بعد التحية اللائقة بمقامكم الشريف وجزيل السلام ورحمة الله وبركاته.
أرفع لفضيلتكم السؤال الآتي راجين التكرم منكم بالإجابة عليه سريعًا ولكم منا
جزيل الشكر، ومن المولى عظيم الثواب والأجر.
وهو: ما حكم من قال: طلقت زوجتي فلانة من عقدي طلقة خلعية بعوض
قدره ربع ربية، وأخرج من جيبه قطعة نقود من ذات ربع ربية، ثم ردها في
الحال إلى جيبه، وقال: استلمت العوض بحضور قاض وشهود، مع أن العوض
خرج من جيبه ورجع إلى جيبه، فهل هذا طلاق خلعي يا حضرة الأستاذ أم غير
خلعي.
فإذا قلتم بأنه غير خلعي، فما الدليل في ذلك من مذهب الإمام الشافعي رضي
الله عنه، وما حكم من أفتى بأنه خلعي، وسبَّب بفتواه حرمان الزوجة من نصيبها
في إرث زوجها.
هذا مع إعلامكم أن الفتوى رفعت إلى الحكومة المستعمرة هنا، والحكومة
أعادت المسألة إلى المفتي هذا، وهو أحد موظفي القضاء بهذا البلد؛ ليتأملها ثانيًا
فأصر على كونها صحيحة، وقد حدثت ضجة بين أهالي الزوجة وورثة الزوج.
والمسألة إلى الآن في يد المحكمة لم يُبَتَّ في أمرها: فالرجاء من فضيلتكم
الجواب الشافي لا زلتم ملجأ للمسلمين، حرِّر في بندر النقل جاوا في ٢٥ ربيع
الأول سنة ١٣٤٧ (تأخر نشرها لمرضنا) .
... ... ... ... ... ... ... ... عمر بن صالح قوبان
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... باوزبر

(ج) إن قصد الزوج بما ذكره عنه السائل إنشاء خلع بقوله ذاك فهو جاهل،
والخلع لا ينعقد به؛ لأنه لا بد أن يكون باتفاق بينه وبين الزوجة بأن تبذل هي
العوض؛ إذ الأصل في مشروعية الخلع قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ
اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (البقرة: ٢٢٩) وههنا لم توجد زوجة بذلت
لزوجها شيئًا طلقها في مقابله لا بنفسها ولا بوكيل شرعي عنها، ولا حاجة إلى دليل
غير هذا من مذهب الشافعي ولا غيره من أئمة الفقه، ومن المعلوم أن الشافعية
يُعَرِّفُونَ الخلعَ بمثل ما قاله شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في المنهج: هو فُرْقَة
بعِوَض لجهة زوج وأركانه: ملتزم، وبضع وعوض وصيغة وزوج إلخ، ولهذه
الأركان شروط لا تصح بدونها ولم يوجد في واقعة السؤال إلا زوج ادعى بذل
العوض، فلا حاجة إذًا إلى بيان تلك الشروط، ولكن الظاهر أنه لم يقصد إنشاء
الخلع، بل أخبر بأنه وقع منه أمام قاض وشهود، فإن ثبت هذا وجب تنفيذه، وإذا
كانت القضية قد رفعت إلى المحكمة الشرعية فلا بد أن تطلب المحكمة ذلك القاضي
والشهود الذين ادعى الزوج إيقاع الخلع بحضورهم، وتبني حكمها على ما تقتضيه
شهادتهم (وقد تأخر الجواب عن هذه الفتوى وغيرها بسبب مرضنا) .
***
الأكل في بيت المرابي وشراء أوراق يانصيب
س (٤٨و٤٩) من صاحب الإمضاء في سورابايا (جاوه) .
سيدي المحترم محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار.
ليس لي أمر سوى الدعاء لكم بدوام معاليكم وانتظار ما يرد من نحو ناديكم،
فالذي أرجوه منكم الجواب على هذين السؤالين في مجلتكم المحترمة.
(١) هل يجوز لمسلم أن يأكل في بيت مسلم مرابيًا (كذا) .
(٢) هل يجوز لكل مسلم أن يشتري أوراق أو ورقة اليانصيب الذي نسميه
هنا (لتري) وهل هو حرام أم حلال أفيدونا، ولكم الأجر والثواب.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... سالم منجي
(ج) أما الأكل في بيت المرابي من كسبه الحرام فلا تفعله إن لم يكن له
كسب سواه، بناء على القول بأن الحرام يتعدى فاعله إلى غيره ممن يعلم أن كسبه
حرام، وأما إذا كان له كسب سواه فيعد الأكل منه من الشبهة التي لا يقطع بحرمتها
والاحتياط بتركها أولى، وفي المسألة مباحث فرعية تختلف باختلاف الزمان
والمكان والأحوال، فمن ذلك مباحث الضرورة وحكم ما إذا طبق الكسب الحرام
الأرض أو قطرًا منها فقد أباح العلماء فيها الأكل من المال الحرام بما يزيد على سد
الرمق الذي أباحوه في حالة الاضطرار كما ذكره الشاطبي في الاعتصام، ونقلنا
عنه في موضوع المصالح المرسلة (ص ٨٤٨من مجلد المنار الحادي عشر) ولنا
في مسألة أكل الحرام من الربا والقمار وإرثه والعقاب عليه في الآخرة فتوى طويلة.
(س٢٣و٢٤) نشرًا في صفحة ٣٤٠-٣٤٤ من مجلد المنار فينبغي أن
تراجعوهما عن سؤالين للوقوف على التفصيل في جواب سؤالكم.
وأما أوراق (اليانصيب) فهي من القمار الذي هو نوع من أنواع الميسر
المحرم، فلا يجوز للمسلم شراؤها، والله أعلم.
***
أي الرجلين خير: من يعمل لأمته أو من يعمل لنفسه؟
(س٥٠) من محمد أفندي جمعة الخياط وتاجر الجوخ في ميناء طرابلس
الشام.
جناب حضرة الأستاذ المعظم وفخر هذا الزمان وبهجته الأوحد السيد رشيد
أفندي رضا الأفخم، بكل احترام ألثم وجهك الطاهر، وأياديكم المباركة، طالبًا منه
تعالى أن يمتع الإسلام بطول حياتكم آمين.
وبعد فإن أحد شبان طرابلس قال قولاً ورفعه إلى سماحتكم فأنكرت عليه ذلك
وبادرت بتحريري هذا مبينًا لسماحتكم قول ذاك الشاب وهو أن الرجل الذي يخدم
أمته، وهو تارك الصلاة خلفه ظهريًّا خير من الرجل الذي لا يخدم ملته، وهو
محافظ على الصلاة مجاهد نفسه، أسترحم تصحيح الخبر على صفحات مجلتكم
لقطع دابر المفسدين، والله من وراء القصد. إن الخبر تقرر من الشاب حتى إلى
بعض العلماء ناسبًا تلك الفتوى إلى سماحتكم مولاي.
... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد جمعة الزيلع
(ج) لا أذكر أنني كتبت فتوى في هذا الموضوع فأراجعها وكان ينبغي لكم
أن تسألوا المدَّعِي لذلك في أي جزء أو صفحة من أي مجلد من المنار نشرت هذه
الفتوى، وأما الذي أعتقده فهو أن الذي يصلي ويجاهد نفسه أفضل ممن لا يصلي
ولا يجاهد نفسه فإن تارك الصلاة مستحلاًّ لتركها كافر بإجماع المسلمين وفي كفر
تاركها مع الاعتقاد بوجوبها خلاف بين الأئمة، وإن الذي يخدم أمته خير لها ممن لا
يخدمها سواء أصلى أم لم يصل ولكنه إذا كان لا يصلي لا يكون خيرًا لنفسه بل هو
شر لها، وخير منهما من يخدم أمته ويؤدي فرائض دينه.