تَوهَّم بعض مؤرخي المسلمين وعلمائهم أن ذا القرنين المذكور في القرآن الكريم هو إسكندر المكدوني , وهذا غلط فاحش ووهم لا شبهة عليه، فذو القرنين من كُنى ملوك اليمن العرب المعروفين بالأذواء كذي يزن وذي نواس وذي الكلاع، والإسكندر رجل يوناني، وذو القرنين مختلف في نبوته، وإسكندر مقطوع بكفره وضلالته، وذو القرنين كان في زمن أحوال العمران فيه مخالفة لأحواله في زمن الإسكندر المكدوني، كما يُعلم مما قصه الله علينا من أخباره، فإنه طاف مشارق الأرض ومغاربها بأسباب طبيعية كانت متبعة في ذلك العصر، فإنه يقول: فأتبع سببًا حتى إذا بلغ كذا، ثم أتبع سببًا حتى إذا بلغ كذا، والراجح أنه كان قبل الإسكندر المكدوني بآلاف من السنين بحيث طمس أثر ذلك العمران، فعسى أن لا يغتر الناس بما يرونه في كتب التفسير والتاريخ، وفي الجرائد من هذا الوهم، وإننا نتعجب من مثل أصحاب (المقتطف) و (الهلال) كيف يكنون إسكندر المكدوني بذي القرنين مع رسوخ أقدامهم في علم التاريخ، ولعلهم فعلوا ذلك لمجرد مجاراة بعض مؤرخي الإسلام، أو لرأي لهم آخر في المسألة، والله عليم بذات الصدور.