للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


البابية البهائية في بلاد العرب

كان بلغنا أن الشيخ محمد الخراشي المصري سافر من مصر إلى العراق، ثم
كتب إلينا في أواخر العام الماضي (عام ١٣٤٤هـ) أنه قصد الكويت فالبحرين
وأنه يجاهر بدعوة المسلمين إلى الديانة البهائية، فنحذر إخواننا مسلمي العرب
هنالك من هذا الداعية المضل فالواجب أن يفروا منه فرار السليم من الأجرب؛ لئلا
يفتن بعض الضعفاء عن دينهم أو يشككهم فيه، ولا يغرن أحدًا منه ادعاؤه للإسلام،
وما كان من انتسابه إلى الأزهر ومدرسة الدعوة والإرشاد، فهو قد تقلب وتذبذب،
وذهب مع أهوائه كل مذهب، حتى انتهى أمره إلى البهائية، وإن أدري أعقيدة
دينية أم مصلحة دنيوية؟ ثم لا يغرنهم مع ادعائه للإسلام ادعاؤه أن البهائية
إصلاح وتجديد له، وأن البهاء زعيم هذا الدين هو المهدي أو المسيح المبشر به،
فالحقيقة أن البهائية مشركون قد اتخذوا البهاء إلهًا يعبدونه، وهم يحرفون القرآن
والتوراة والإنجيل في مواضع يزعمون بتأويلاتهم الباطنية أنها تدل على هذه الديانة
وزعيمها البهاء. وليعلموا أن رجلاً مصريًّا اغتر بدعاية الخراشي وأمثاله فانتحل
البهائية وادعى أنها لا تنافي الإسلام، فحكمت إحدى المحاكم الشرعية -وقد رفع إليها
أمره- بارتداده وخروجه من الملة المحمدية وفرقت بينه وبين زوجه، ولعل هذا
الحكم هو سبب فرار الخراشي من مصر.
هذا وإن للبهاء كتابًا سماه الكتاب الأقدس زعم أنه عارض فيه القرآن الحكيم
المعجز للبشر إلى يوم الدين، ولكنه أودعه من الأنباء عن المستقبل ما أظهرت
الأيام كذبه وبطلانه، ولأجل هذا وغيره من مخازيهم أخفى زعماء البهائية نسخ هذا
الكتاب فلا يطلعون عليه أحدًا، وبلغنا أنهم مجتهدون في جمع كل ما طبع منه حتى
إذا ما تم لهم ذلك أحرقوا هذه النسخ كلها، وحذفوا منه كل ما ظهر بطلانه، وما
يحتمل ظهور بطلانه في المستقبل، ثم يزيدون فيه بعض المسائل الجديدة المقبولة
في عالم المدنية ويطبعونه وينشرونه، ويدعون أن البهاء هو الذي قال بها كما كان
يفعل ولده عباس أفندي الملقب بعبد البهاء، وكان وهو المنقح المشذب المنظم لهذا
الدين، المتصرف فيه بما تقتضيه شؤون العالم الحديثة.
كنا أول من صرح في مصر بأن البهائية دين جديد بني على أساس نحل
الباطنية، وكان داعيتهم الوحيد أبو الفضل الجوزقاني يأبى التصريح بذلك بل ينكره
أمام جمهور الناس، كما أن خليفة البهاء ولده و (عبده) عباس أفندي كان ينكر
ذلك ويصرح في القطر المصري بأنه مسلم سني، ولكنهم يصرحون بذلك لمن
يضلونه بعد أن يثقوا بأنه ثابت على دينهم، كما كان سلفهم من الباطنية الأولين
يفعلون.
بل قد صرح عباس نفسه بأن دينهم جديد فيما كتبه إلى جمعية لاهاي، ففي أول
ص ١٦ من ترجمة كتابه هذا بالعربية التي نشرها أحد دعاتهم بمصر وهو الشيخ
فرج الله زكي الكردي ما نصه:
(فالجميع يجدون في تعاليم بهاء الله منتهى آمالهم ورغائبهم، فمثلاً يجد أهل
الأديان في تعاليم بهاء الله تأسيس دين عمومي في غاية الموافقة للحالة
الحاضرة) .. . إلخ
فالبهائية شر من (الأحمدية) القاديانية؛ لأنهم اتخذوا زعيمهم (غلام أحمد
القادياني) نبيًّا ومسيحًا لا إلهًا ولم ينسخوا من الشرعية المحمدية إلا أحكامًا قليلة
كالجهاد وما يتعلق به دهانًا للإنكليز، كلهم أعداء للإسلام كافرون به مضلون لأهله.