للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


إعذار تلو إنذار لهاضمي حقوق المنار

من كان عاجزًا عن أداء ما عليه من حق المنار عجزًا لا يرجى زواله فليعتذر
إلينا نجعله في حلٍّ منه، ومن أنظرنا إلى ميسرة ننظره، ومن صالحنا على بعضه
دون بعض نقبل منه، ومن طلب تقسيطه عليه أجبناه، ومن لم يجبنا إلى شيء من
ذلك شكوناه إلى الله {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} (آل عمران: ٤) إن قراء المنار
لأحق المسلمين بالوفاء وأداء الحقوق ولا سيما حق من وقف حياته ويبذل نفسه
وماله في خدمة دينهم بما لم يقم بمثله غيره كقيامه، بل هم أولى المسلمين بأن
يبذلوا في تأييد هذه الخدمة فوق ما هو حق عليهم، وإنهم ليعلمون ما ينفقون في
سبيل شهواتهم، وإنهم ليعلمون ما يتبرع به أصحاب الأديان الباطلة من الملايين في
دعوتهم إلى دينهم، والطعن في دينهم أفضل الأديان، وفي كتابهم أصح الكتب
المنزلة وأهداها، وفي سيدهم بل سيد ولد آدم محمد رسول الله وخاتم النبيين
ورحمته للعالمين صلى الله عليه وسلم، أفليس من العجيب أن يهضم أحد منهم حقه،
وتلجئه ضرورة العسرة أن يذكرهم بربهم وكتابهم ووجدانهم فلم يستجب له إلا
أقلهم؟ فمنهم من استبرأه فأبرأه ومنهم من شكا العسرة فأنظره، ومنهم من حط عنه
بعض ما عليه وقضى بقيته، فأي عذر للآخرين.