للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


أقوال الجرائد اليومية في الاحتفال بالمنار

علمنا أن بعض قراء المجلة في غير هذا القطر يحبون أن ننشر في المنار
أقوال الجرائد المصرية في الاحتفال بالمنار، فرأينا أن نوافي المحب ولو ببعض ما
يحب. وقد كتبت الجرائد الشهيرة شيئًا في ذلك قبل الاحتفال وبعده ولكننا لم نحفظه
بل لم نطلع على كل ما كتب.

فمما كتب قبل الاحتفال ما جاء في العدد ٢٢١ من (الجريدة) الصادر في ٢١
شوال:
عيد المنار
تهنئ (الجريدة) هذه المجلة العلمية التي كم لها من موقف مشهور في الدفاع
عن الحقائق العلمية والمذاهب المتينة في أبواب الشرع الشريف. وكم لها من
التنبيه الرشيد على وجوب التمسك بالآداب العالية ونبذ التقاليد التي ما أنزل الله
بها من سلطان.
نهنئ العلم وفن الكتابة في شخص مجلة المنار التي فتح الله عليها بالثبات
النادر لأمثالها في الشرق فإنها ستتم بعد الغد السنة العاشرة من عمرها. وندعوا لها
بطول البقاء قائمة على خدمتها الإرشادية حاملة على الدخائل التي ظن القوم أنها من
الدين وليست منه في شئ. ولا شك في أن من يقف مثل هذا الموقف غير المألوف
عند العوام كما وقف السيد محمد رشيد رضا نفسه على خدمة الحق من غير مبالاة
يصادف مصاعب - لولا الثبات - تذهب بعزيمة القائم بها. فمن يعلم مقدار هذه
الصعوبات كما نعلم لا يتردد في أن يزف التهنئة للمنار بمناسبة هذا العيد.
ولقد كان زميلنا الأستاذ إسماعيل بك عاصم أول الشاعرين بهذا الواجب فإنه قد
نوى الاحتفال بهذا العيد، إذ دعا إلى منزله أصحاب المجلات العلمية وكتابها في مساء
الخميس ٢٢ شوال سنة ١٣٢٥ الموافق ٢٨ نوفمبر عام١٩٠٧ فنسأل للمنار أن
يحييه الله أعواما كثيرة ونشكر ثبات منشئه على الحق وفضل المحتفل على حسن
اعتداده بإقامة منارات العلم والعرفان.
ثم كتب في (الجريدة) بعد الاحتفال ما يأتي (نقلا عن العدد الصادر في ٢٦
شوال) :

الاحتفال بمجلة المنار
للعقلاء كلمة واحدة على أن الديانات مُصلحة للنفوس وناحية بها مناحي الخير،
وكذلك اتفقوا على أن الديانات الثلاث المعروفات في ديارنا هذه لا تضاد بينها في
الحقيقة ونفس الأمر، وإنما يوجد في كل متأخرة منها عن أختها بعض زيادات
اقتضاها تدرج الإنسان أو بعض تفاسير لما غمض من نصوص ما قبلها.
لا خلاف في هذا بين أولي الألباب من أصحاب هذه الديانات على تخالف
رسومها الظاهرة وتقاليدها في تلقين العقائد التسليمية، كما لا خلاف بينهم في أن
التقاليد التي هي في كل دين بعيدة عن أصله وغريبة عن طبعه هي مضرة بأهله
وأن مقاومتها وإزهاق روحها يُعد إصلاحا كبيرا في الأمم يستحق القائمون به أعظم
شكر وأجزل مكافأة أدبية.
ولدينا الآن مثال جديد على ما قدمنا، فإن حضرة الأصولي الفاضل إسماعيل بك
عاصم خطر في باله خاطر شريف وهو أن يقوم بخدمة جليلة للإصلاح بتكريم أهله
ووجد من المناسب لهذا أن يقيم احتفالاً لمجلة المنار الإصلاحية بإتمامها عقدًا من
العمر (عشر سنين) فدعا لمنزله حضرات أصحاب المجلات العلمية ومحرريها
مساء يوم الخميس فلبوا دعوته وانتظم في منزله عقدهم، فيهم المسلمون والمسيحيون
والموسويون. وقدم لهم مائدة فاخرة، وبعد الطعام قام فألقى خطبة بليغة حتى إذا أتمها
قام حضرة العالم الفاضل منشئ المنار فأجابه بكلمات في منتهى البلاغة فزاد رفعته
في أعين الحاضرين ذلك التواضع الذي اشتملت عليه هذه الكلمات. وتلاه حضرة
الدكتور يعقوب أفندي صروف منشئ المقتطف فذكر في خطبته مثل ما قدمناه من
فوائد الديانات إذا أُحسن تفسيرها والقيام بها حق القيام، ونوّه كثيرا بفضل منشئ
المنار وحسن خدمته الإنسانية بخدمته الدينية.
ثم خطب الأديب توفيق أفندي عزوز صاحب المفتاح فأجاد ثم الأديب سيد
أفندي محمد صاحب المجلة المدرسية وذكر في خطبته ما لاقاه السيد رشيد من
الصعوبات في نصرة الحق وقال: إن مخالفي المنار قد انتفعوا به. وانتهت هذه
الحفلة بإجماع الحاضرين وهم نحو عشرين فاضلا على أن ما قام به حضرة
إسماعيل بك من تكريم العلم على هذه الصورة يستحق أعظم شكران، فخرجوا وهم
بلسان واحد يلهجون بالثناء ويتحدثون باهتمامه بالعلم والعلماء.
ونحن نشارك بشكر حضرة الفاضل إسماعيل بك ونتمنى أن تسري وتعم هذه
الروح الشريفة، روح تكريم العلم بتكريم رجاله، ونرجو أن يكون عمل حضرته
فاتحة جميلة لأمثاله.
جاء في عدد الأهرام الذي صدر في غد يوم الاحتفال ما نصه:
حفلة أدبية
أقام أمس في داره العامرة حضرة الكاتب الفاضل والمحامي المشهور إسماعيل
بك عاصم مأدبة شائقة؛ إكرامًا لحضرة العالم العامل السيد رشيد رضا واحتفالاً بمرور
عشر سنوات كاملة على مجلته المشهورة (المنار) وقد دعا إلى الحفلة أصحاب
المجلات المصرية ومحرريها، وألقى عليهم خطبة نفيسة ذكر فيها مآثر السيد رشيد
في مباحث مجلته الزهراء التي هي أكبر أمثلة الاجتهاد المنافي للتقليد الجامد في
الدينيات والدنيويات، وتطرق من ذلك إلى ذكر خصال المومى إليها لكريمة من فضل
وفضيلة وآداب وبُعد نظر وإلى معاشرته إياه مدة ثماني سنوات متوالية. وبيَّن
ضرورة احتفاء الأمة بأصحاب المجلات الراقية بها ووجوب تنشيطها لهم وما
يطالبون به ويرجون له إزاء ذلك من كشف الحقائق وتأييدها الإصلاح الوطني
والاجتماعي وجاء في أواخر الخطبة قوله:
(ومن أبدع ما رأيناه أن سعادة العالم الفاضل أحمد فتحي باشا زغلول استشهد
في مقدمة ترجمته لكتاب (الإسلام) المطبوع في سنة ١٣١٥ في الصحيفة
السابعة بشذرات من فاتحة أول عدد من المنار فهي حينئذ قد شبت في مهدها وحازت
الثقة عند أكابر الأمة منذ نشأتها.
ونحن نثني على حضرة الداعي والمدعو ونسأل الله أن يكثر من هذه الأريحية
في صدور وجهائنا وفضلائنا.
وجاء في جريدة الظاهر ما نصه:
أرسل إلينا حضرة عزتلو الأصولي البارع إسماعيل بك عاصم المحامي
الشهير خطبته التي ألقاها في الحفلة التي أعدها أخيرا في داره للعلماء والكتاب
أصحاب المجلات المصرية ومحرريها بإتمام مجلة المنار للسنة العاشرة من عمرها.
وقد افتتحها حضرته بمقدمة أمل فيها أن تكون الحفلة فاتحة لأمثالها في المستقبل، ثم
استطرد منها إلى ذكر مجلة المنار وخدمتها العلمية والدينية وأخلاق صاحبها وعلمه
وأدبه مبينا أن تقدير العاملين تنفع الأمة - وخدمتها وتشجعهم على أعمالهم حسًّا ومعنًى
مما يزيد في رقي البلاد وتقدمها. وختمها بالشكر على الذين أجابوا الدعوة وحضروا
الحفلة، فنشكره أجل شكر على حسن صنيعه هذا ونرجو أن يقتدي به أدباء الأمة
وأفاضلها لتكون الفائدة أعم والنفع أتم.
وجاء في المؤيد الذي صدر في ٢٥ شوال ما يأتي:
احتفل حضرة القانوني الفاضل عزتلو إسماعيل بك عاصم المحامي ليلة الجمعة
في داره بالعباسية بدخول مجلة المنار في سنتها العاشرة احتفالا شائقا دعا إليه أرباب
المجلات المصرية. وبعد الطعام خطبهم حضرة المحتفل في فضل المجلات،
واستطرد إلى ذكر المجلة المحتفل بها وعدَّد فضل صاحبها. فأجابه حضرة
صاحب المنار بعبارات الشكر وأثنى على رصفائه الحاضرين أطيب الثناء، ثم قام
بعض أرباب المجلات وخطبوا أيضا بما يناسب. وقبيل منتصف الليل انصرف
المدعوون داعين لصاحب المنار ومجلته ومثنين على مروءة صاحب الدعوة ووفائه
ومتواعدين أن يجتمعوا في خلال هذا الشتاء اجتماعات أخرى للبحث فيما ينفع البلاد
ويرقي شأن العلم فيها.
وجاء في جريدة مصر في غد يوم الاحتفال ما نصه:
الاحتفال الأدبي الكبير
دعا حضرة الأصولي الفاضل عزتلو إسماعيل بك عاصم المحامي الشهير
مساء أمس إلى حفلة أدبية أقامها في منزله بالعباسية لحضرات أصحاب المجلات
العلمية الأدبية لمناسبة دخول مجلة المنار في سنتها العاشرة وتمهيدًا لموالاة هذه
الاجتماعات الأدبية لتكون واسطة في زيادة التآلف والتعارف بين جماعة المشتغلين
بالصحافة. فلبي دعوته جميع أصحاب هذه المجلات إلا واحدًا أو اثنين اعتذرا عن
عدم الحضور لأسباب قسرية، فكان عدد الحاضرين منهم لا يقل عن العشرين وكلهم
من كبار رجال الصحافة المشهورين، وهم أصحاب المقتطف والهلال والمفتاح
والمنار والمقتبس ومجلة سركيس والهدى وحكمت ومرآة العلوم ومجلة الاجتهاد
التركية.
ولما انتظم عقد اجتماعهم أخذوا يتبادلون عبارات التحية والمودة ويتباحثون في
ما يرقي شأن مهنتهم ويعلي مكانتها، ثم دعاهم حضرة المحتفل الفاضل إلى قاعة
الطعام التي كانت في أبهى زخرفها وزينتها، حيث اجتمعوا حول مائدة فاخرة على
الطراز الأوربي، فتناولوا ما لذ وطاب. ثم انبرى الخطباء منهم وهم
حضرات إسماعيل بك عاصم والدكتور يعقوب صروف وفارس نمر صاحبا المقتطف
وتوفيق أفندي عزوز صاحب مجلة المفتاح والسيد أفندي محمد صاحب مجلة الهدى
والمجلة المدرسية فتكلموا بما يناسب المقام، فهنأوا المحتفل به على تقدم مجلته
وارتقائها وأثنوا على حضرة إسماعيل بك عاصم الذي كان واسطة عقد هذا الاجتماع
وتمنوا جميعا أن تكثر بينهم مثل هذه الاجتماعات الأدبية المفيدة. ثم نهض حضرة
الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة المنار فأثنى على المحتفلين به جميعا وأظهر لهم
خجله من احتفائهم به وإكرامهم له عن غير جدارة واستحقاق بعبارات كلها في منتهى
البلاغة وحسن التعبير. ومن ثم انصرف الجميع وكلهم ألسنة تلهج بالشكر والثناء
على صاحب هذه الحفلة بعد أن قرروا إعادة مثل هذا الاحتفال الصحافي مرة في كل
شهر لما ينجم عن ذلك من الفائدة والنفع.
وجاء في المقطم الذي صدر في غد يوم الاحتفال ما نصه:
أولَمَ حضرة الخطيب الشهير والأصولي الفاضل إسماعيل بك عاصم مساء
أمس وليمة فاخرة في منزله بالعباسية لحضرات أصحاب المجلات العلمية والأدبية في
هذه العاصمة - احتفالاً بدخول مجلة المنار الغراء في سنتها العاشرة ومد لهم مائدة
مزدانة بالأثمار من دمشق الشام وحلب وبيروت ولبنان وأدار الندل - هو
بضمتين خادم الدعوة - عليها ما لذ وطاب من الطعام المتعدد الألوان , ولما انتهى
المدعوون من العشاء وقف سعادة الفاضل صاحب الدعوة وسط جمع كله من رجال
العلم وأرباب القلم، وخطب عليهم خطبةً غراء رنانةً نشرناها برمتها في هذا العدد
ليطلع القراء الكرام عليها , ثم وقف حضرة العالم الفاضل السيد رشيد رضا
المحتفل به ورد على تلك الخطبة ردا كله اتضاع واحتشام بكلام قل ودل ووقع في
النفس وقعا حسنا، وتلاه آخرون من المدعوين فخطبوا في مدح المحتفل والمحتفل به
وأظهروا فوائد مجلة المنار وشهدوا بالفضل لصاحبها المفضال.
ثم اتفق المدعوون على أن يجتمعوا للأنس والسمر وتوثيق عرى المودة
والصداقة مرارا في هذا الشتاء ويبحثوا في غضون ذلك عن أحسن الطرق التي
تتجه مساعيهم فيها لخير الجمهور ونفع أهل القطر.
وجاء في جريدة المنبر الصادرة في ٢٧ شوال ما نصه:
فاتنا أن نشير إلى الاجتماع الأدبي الذي عقده في منزله مساء الخميس الماضي
حضرة صاحب العزة إسماعيل بك عاصم المحامي الشهير، احتفالا بإتمام مجلة المنار
الغراء للسنة العاشرة من سني حياتها. لقد كان جامعا لنخبة أهل الفضل من أصحاب
المجلات المصرية ومحرريها، حافلا بالشائق والمعجب من الآراء والأفكار وقد
استهل الاحتفال حضرة صاحب الدعوة بخطبة في إطراء حضرة المحتفل وفي شؤون
أخر،ثم خطب على إثره بعض المدعوين في تكريم حضرة الأستاذ النافع صاحب
المنار وتأثير المجلات العلمية في ترقية الأفكار والآراء. فنحن نثني على حضرة
المحتفل ونتمنى للمنار ولسائر المجلات النافعة الحياة والثبات.